مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 231

(92)
جلسة 24 من مارس سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر ومحمد بدير الألفي - المستشارين.

القضية رقم 1082 لسنة 15 القضائية

"موظف" - ترقية "تأديب".
ترقية الموظف بعد انقضاء فترة حرمانه من الترقية لتوقيع جزاء عليه - ليست ترقية وجوبية - جهة الإدارة تسترد سلطتها التقديرية في إجراء الترقية أو عدم إجرائها بعد زوال المانع عنها - عدم جواز الادعاء بوجود قرار سلبي بالامتناع عن الترقية - عدم جواز القياس على حالة حجز الدرجة المنصوص عليها في قانون العاملين بالدولة - عدم استحقاق تعويض - أساس ذلك - مثال.
إن المادة 24 من لائحة نظام موظفي إدارة النقل العام لمنطقة الإسكندرية تنص على أنه "لا تجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف، ولا تجوز ترقية موظف وقعت عليه عقوبة من العقوبات التأديبية المبينة فيما يلي إلا بعد انقضاء الفترة المحددة أمام كل منها: 1 - ثلاثة أشهر في حالة الخصم من المرتب من ثلاثة أيام إلى سبعة أيام.
2 - ...... 3 - ...... 4 - ...... 5 - .......
ومن حيث إنه وفقاً لصريح نص المادة 24 سالفة الذكر لا تجوز ترقية الموظف الذي وقع عليه لذنب اقترفه إحدى العقوبات التأديبية وذلك خلال المدد المنصوص عليها في هذه المادة - ولكن يثور الخلاف في الواقع في الميعاد الذي تتم فيه الترقية بعد انقضاء المدد المحظور الترقية خلالها.
ومن حيث إن المادة 24 وكذا المواد الأخرى التي احتواها اللائحة المشار إليها لم تتضمن أي حكم أو قاعدة تنظيمية توجب على الإدارة ترقية الموظف - الذي وقعت عليه عقوبة تأديبية - بمجرد انقضاء المدد التي حددتها المادة المذكورة، ومن ثم فإن كل ما يترتب على انقضاء هذه المدد هو زوال المانع الذي يحول دون ترقيته، ويسترد بعدها صلاحيته للترشيح للترقية شأنه في ذلك شأن أي موظف لم يسبق توقيع أية عقوبة تأديبية عليه، ذلك أن كل مدة من المدد المشار إليها ولئن كانت في الواقع حداً أدنى لا يجوز قبل مرورها النظر في ترقيته إلا أنها ليست حداً أقصى تجب ترقيته بعدها، كما أن من المسلم أن للإدارة دائماً حق اختيار الوقت المناسب لإجراء الترقية، وأن مجرد توفر شروط الترقية في الموظف مع وجود الدرجات المالية لا يولد له الحق في الترقية إليها بقوة القانون، بل أن الأمر مع ذلك متروك لتقدير الإدارة حسبما تراه متفقاً مع حاجة العمل وصالحه وبغير إساءة استعمال السلطة، ولذلك فإنه لا وجه للنعي عليها بعدم إجرائها الترقية مع توفر شرائطها، وبعبارة أخرى ليس صحيحاً القول بأن ثمة قراراً سلبياً يكون قد نشأ بامتناعها عن إصدار قرارها بالترقية، لأنه لا يمكن مساءلة الإدارة في هذا الشأن إلا إذا امتنعت عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين أو اللوائح، وهو ما لم يتحقق في حالة المدعي، ولذلك فإن حق الموظف لا يتولد إلا حينما تمارس جهة الإدارة سلطتها بإصدارها قرار يغفل ترقيته ويشمل الآخرين من هم أحدث منه في الأقدمية وأقل منه كفاية، وذلك رغم زوال المانع من الترقية، إذ في هذه الحالة وحينئذ فقط يحق له مخاصمة هذا القرار والطعن فيه فيما تضمنه من تخطيه في هذه الترقية.
ومن حيث إن الثابت - حسبما جاء في دفاع الإدارة ولم يجحده المدعي - أنه لم يصدر خلال الفترة ما بين 2/ 8/ 1961 - تاريخ انقضاء الثلاثة أشهر من تاريخ توقيع العقوبة عليه - و1/ 5/ 1962 تاريخ ترقيته، لم يصدر أي قرار بالترقية إلى الدرجة 36/ 50 جنيهاً، وأن قرار ترقيته كان في أول حركة ترقيات أجرتها الإدارة بعد تركه في الترقية التي تمت في 27/ 4/ 1961 بترقية زملائه، الأمر الذي من أجله يكون نعي المدعي على تصرف الإدارة إزاءه في غير محله، ومن ثم لا يكون له أصل حق فيما يطالب به من إرجاع أقدميته في الدرجة المشار إليها إلى 2/ 8/ 1961، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلبه الأصلي يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه ويكون الطعن عليه في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه لا وجه بعد ذلك للقول بالاسترشاد بالحكم الذي أوردته المادة 104 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، والتي تنص على أنه "في حالة الخصم من المرتب لغاية خمسة عشر يوماً... تحجز الدرجة للموظف الذي له حق في الترقية إليها بالأقدمية المطلقة، على ألا تزيد مدة حجز الدرجة على سنة" - لا وجه لذلك إذ فضلاً عن أن لائحة نظام موظفي إدارة النقل العام لمنطقة الإسكندرية هي الواجبة التطبيق فقط دون غيرها من أحكام وردت في قوانين أو لوائح أخرى فإن هذه اللائحة لم تتضمن نصاً مماثلاً لنص المادة 104 والتي لا تجد مجالاً لإعمالها إلا حيث تكون الترقية بالأقدمية المطلقة فقط، ولا يسري حكمها في حالة الترقية بالاختيار، والثابت أن الترقية إلى الدرجة 36/ 50 بالإدارة المذكورة كان يشترط فيها حصول الموظف على تقدير ممتاز، أي أنها كانت بالاختيار للكفاية، وذلك طبقاً للقاعدة التي سارت عليها.
ومن حيث إنه متى تبين أن المدعي غير محق في طلبه الأصلي بإرجاع أقدميته في الدرجة 36/ 50 جنيهاً إلى 2/ 8/ 1961 - للأسباب التي قام عليها قضاء هذه المحكمة على النحو المبين سابقاً - فإنه لا يكون له بالتالي أي حق في طلبه الاحتياطي الخاص بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة تراخي الإدارة في ترقيته في التاريخ المذكور، إذ أن من المسلم أن الحق في التعويض - وهو ثمرة أو نتيجة مسئولية الإدارة - لا ينشأ إلا حيث تكون الإدارة قد أخطأت أو كان تصرفها غير مشروع، ومتى ثبت أنها لم تتحيف بالمدعي، كما أنها لم تخطيء في حقه فإن طلب التعويض يكون مفتقداً إذن لركن أساسي من أركان المسئولية - وهو ركن الخطأ - والذي لا تقوم المسئولية دون توفره، ومن أجل ذلك يكون هذا الطلب غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه كذلك، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر هذا الطلب - وهي ما لا توافق عليه هذه المحكمة - فإنه يتعين لذلك تعديل هذا الحكم إلى رفض الطلب المذكور بدلاً من القضاء بعدم الاختصاص بنظره.