مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 268

(103)
جلسة 13 من إبريل سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة، محمد صلاح الدين السعيد، أبو بكر محمد عطية، محمود نور الدين العقاد - المستشارين.

القضية رقم 170 و171 لسنة 17 القضائية

أ - مجلس الدولة "اختصاص" - "قرار إداري" "ماهيته".
قرار اللجنة المشكلة لحصر تجار القطن والسماسرة - قرار إداري نهائي يجوز مخاصمته بدعوى الإلغاء - أساس ذلك.
ب - قرار إداري "قرار تنظيمي عام" عدم وجوب التظلم منه.
قرار اللجنة بحصر تجار القطن والسماسرة تمهيداً لتدبير أعمال لهم ليس قرار تعيين مما يجب التظلم منه قبل رفع دعاوى الإلغاء - بيان ذلك.
جـ - قرار إداري "سلطة تقديرية".
حصر بعض تجار القطن والسماسرة الذين يقتضي الأمر تدبير أعمال لهم - استبعاد البعض الآخر - لا مخالفة فيه للقانون لأنه من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة - بيان ذلك.
إنه يبين من استظهار أوراق الدعوى أن نظام التسويق التعاوني للقطن بدأ بصدور القانون رقم 88 لسنة 1962 في شأن محصول القطن الذي نص في مادته الأولى على أنه "اعتباراً من أول الموسم القطني 62/ 1963 تتسلم لجنة القطن المصرية الأقطان الناتجة من محصول موسم 62/ 63 والمواسم التالية له بالأسعار التي تحدد قبل بداية كل موسم بقرارات يصدرها وزير الاقتصاد ويحدد وزير الاقتصاد بقرارات منه شروط وأوضاع ومواعيد تسليم الأقطان إلى لجنة القطن المصرية" وقد جعل هذا القانون لجنة القطن المصرية هي المختصة بتسلم الأقطان وبيعها سواء للتصدير أو للاستهلاك المحلي، وقد أثر هذا التنظيم على نشاط تجار القطن وسماسرته في الداخل وإن كان قد سمح لهم حسبما أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 88 لسنة 1962 سالف الذكر - أن يمارسوا نشاطهم في تجميع الأقطان الزهر من المنتجين وحلجها ثم تسليمها إلى اللجنة مما يحقق لهم ربحاً تجارياً معقولاً، ثم ما لبثت أن صدرت في سنة 1963، 1964 قرارات اللجنة الوزارية للزراعة والري واللجنة الوزارية للتنمية الزراعية بالعمل بنظام موحد لتسويق القطن تسويقاً تعاونياً ببعض المحافظات وبنظام آخر في غيرها، وفي سنة 1965 أصدر نائب رئيس الوزراء للزراعة والري القرار رقم 20 بنظام شامل للتسويق على مستوى الجمهورية، وقد أدى تطبيق هذا النظام إلى غل يد تجار وسماسرة القطن عن مزاولة نشاطهم وفي ظل هذه الأوضاع أصدر وزير الاقتصاد قراره رقم 68 لسنة 1964 بتشكيل لجنة برئاسة مدير عام المؤسسة المصرية العامة للقطن تضم مندوباً عن كل طوائف تجار القطن الشعر وتجار القطن الزهر والسماسرة، لحصر طوائف تجار القطن بنوعيه والسماسرة في الداخل وإعداد البيانات اللازمة عنهم وتدبير أعمال لهم، على أن ترفع اللجنة توصياتها في هذا الشأن إلى وزير الاقتصاد، وقد انتهت اللجنة إلى وضع قواعد تنظيمية عامة يتم وفقاً لها حصر طوائف تجار وسماسرة القطن الذين يجرى تدبير أعمال لهم، من مقتضاها أن يكون هؤلاء التجار والسماسرة مقيدين بسجل تجار وسماسرة القطن قبل أول أغسطس سنة 1962 (تاريخ العمل بالقانون رقم 88 لسنة 1962 المشار إليه) وأن تكون أعمارهم دون الخامسة والستين وأن لا يتجاوز دخلهم الشهري نصاباً معيناً، وإذا كانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن وزير الاقتصاد اعترض على هذه القواعد بعد إبلاغها إليه - الأمر الذي يفيد إقراره لها - فإن الثابت أن هذه القواعد وضعت موضع التنفيذ من كل الجهات المعنية، فقد أبلغتها وزارة الإدارة المحلية للمحافظات بالكتاب الدوري رقم 15 لسنة 1965 المؤرخ 9 من فبراير سنة 1965 طالبة إعداد كشوف بالتجار والسماسرة الذين تتوافر فيهم الشروط التي وضعتها اللجنة وأولها أن يكون التاجر أو السمسار مقيداً في سجلات هيئة تنظيم تجارة الداخل في كل محافظة حتى أول أغسطس سنة 1962، وقد أقرتها لجنة الخطة بجلستها المنعقدة في 29 من يوليه سنة 1965 حين وافقت على تعيين ثلاثة آلاف من تجار وسماسرة القطن المسجلين بسجلات هيئات تنظيم تجارة الداخل في كل محافظة حتى تاريخ أول أغسطس سنة 1962 كما تضمنها كتاب نائب رئيس الوزراء للزراعة والري رقم 10/ 1/ 4390 المبلغ إلى المؤسسة العامة للائتمان الزراعي والتعاوني في 31 من يوليه 1965.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن قرار اللجنة المطعون فيه هو قرار إداري نهائي مما يجوز الطعن فيه أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، ومن ثم يكون الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى لا أساس له، كذلك الشأن بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية القرار المطعون فيه.
2 - إن قرار اللجنة المطعون فيه قد انطوى - على ما سلف البيان - على قواعد تنظيمية عامة في شأن حصر طوائف تجار وسماسرة القطن الذين يجرى تدبر أعمال لهم، فهو بهذه المثابة لا يصدق عليه أنه قرار إداري نهائي صادر بالتعيين في الوظائف العامة، كما لا يصدق عليه هذا الوصف إذا ما نظر إليه بحسب مآله لأنه لم يصدر متضمناً قواعد عامة في شأن حصر طوائف يجرى تعيينهم في وظائف عامة، وإنما صدر متضمناً قواعد عامة في شأن حصر طوائف يجرى - في ظروف استثنائية خاصة تدبير أعمال لهم ليست بالضرورة وظائف عامة، ومن ثم فإنه لا يندرج في عداد القرارات التي يوجب قانون مجلس الدولة التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرتها أو إلى الهيئات الرئاسية قبل الطعن فيها أمام القضاء الإداري، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه غير قائم على سند من القانون خليقاً بالرفض.
3 - إن المدعين أقاموا دعواهم طعناً على القرار الصادر من اللجنة المشكلة بموجب قرار وزير الاقتصاد رقم 68 لسنة 1964 سالف الذكر، بمقولة إن القواعد التي تضمنها في شأن حصر طوائف تجار وسماسرة القطن الذين يجرى تدبير أعمال لهم، قد مست مراكزهم القانونية الثابتة لهم بمقتضى القانون رقم 181 لسنة 1960 في شأن تنظيم تجارة القطن في الداخل والذي قيدوا بمقتضى أحكامه في سجلات طوائف تجار وسماسرة القطن.
ومن حيث إن مهمة حصر تجار وسماسرة القطن، التي أنيطت باللجنة المشار إليها، لا يمكن أن يكون المقصود منها حصر جميع تجار وسماسرة القطن الذين وردت أسماؤهم في السجلات الخاصة بهذه الطوائف والمعدة تنفيذاً لأحكام القانون رقم 181 لسنة 1960، لأن هؤلاء التجار والسماسرة محصورون فعلاً لقيدهم في هذه السجلات، ولو كان هذا هو المقصود، لما كانت هناك حاجة إلى تكليف اللجنة بإعادة حصرهم ولنص صراحة في قرار تشكيلها على أن مهمتها تدبير أعمال لتجار وسماسرة القطن المقيدين بالسجلات الخاصة بهذه الطوائف طبقاً لأحكام القانون رقم 181 لسنة 1960 ولكن الأمر كان مغايراً لذلك فقد كان المقصود من تكليف اللجنة حصر تجار وسماسرة القطن، حصر من ترى أنهم يستحقون تدبير عمل لهم من تجار وسماسرة القطن نتيجة تعميم نظام التسويق التعاوني، ومن ثم فقد كان طبيعياً أن تضع اللجنة قواعد تنظيمية عامة يتم وفقاً لها حصر تجار وسماسرة القطن الذين يتضح بمراعاة مختلف الظروف التي أحاطت بنظام التسويق التعاوني للقطن أنهم يستحقون فعلاً تدبير أعمال مناسبة لهم، فليس فيما وضعته اللجنة من قواعد لحصر تجار وسماسرة القطن الذين يجرى تدبير أعمال لهم أي مساس بالمراكز القانونية الثابتة لتجار وسماسرة القطن بموجب أحكام رقم 181 لسنة 1960، إذ أن لكل من الحصر الذي كان قائماً فعلاً تنفيذاً لأحكام القانون رقم 181 لسنة 1960 سالف الذكر وللحصر الذي أنيط باللجنة مجاله المختلف تماماً عن مجال الآخر، فالحصر الأول مجاله بيان من له حق مزاولة المهنة من التجار والسماسرة والحصر الثاني مجاله تدبير أعمال لمن رؤى ملاءمة تدبير أعمال لهم من هؤلاء التجار والسماسرة نتيجة غل يدهم عن مزاولة نشاطهم نتيجة تعميم نظام التسويق التعاوني، ومن ثم فليس صحيحاً أن اللجنة خرجت عن اختصاصها واغتصبت لنفسها سلطة التشريع فيما لا تملكه حين وضعت قيوداً من شأنها استبعاد فريق من تجار وسماسرة القطن من الحصر الذي وضعت أسسه وقواعده، لأن ذلك كان من صميم عمل اللجنة إذا ما فهمت مهمتها على الوجه السابق بيانه والذي ولا يمكن أن يستقيم تكليفها بحصر تجار وسماسرة القطن الذين يجرى تدبير أعمال لهم إلا على أساسه.
ومن حيث إن ما ينعاه المدعون على القرار المطعون فيه من أنه استبعدهم من طوائف تجار وسماسرة القطن الذين رؤى تدبير عمل لهم، دون وجه حق، ليس له سند من القانون ذلك أنه لا يوجد ثمة نص يلزم جهة الإدارة بتدبير عمل لتجار وسماسرة القطن الذين غلت يدهم من ممارسة نشاطهم نتيجة تعميم نظام التسويق التعاوني، وإذ كانت جهة الإدارة قد اتجهت إلى تدبير عمل لمن رأت استحقاقهم فقد كان ذلك بمحض إرادتها ودون أي التزام من قبلها، فلا تثريب عليها إن هي وضعت من القواعد ما يكفل أن يكون حصر طوائف التجار والسماسرة الذين يجرى تدبير عمل لهم مقصوراً على من قدرت أنهم جديرون به فعلاً نتيجة تعميم نظام التسويق التعاوني بأن كانوا مقيدين في سجلات تجار وسماسرة القطن قبل أول أغسطس سنة 1962 تاريخ العمل بالقانون رقم 88 لسنة 1962 السابق الإشارة إليه، فالأمر كله مرجعه إلى الملاءمات المتروك تقديرها لجهة الإدارة في حدود الإمكانيات المتاحة لها بما لا معقب عليها في هذا الشأن.