مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1993 إلى آخر سبتمبر سنة 1993) صـ 1599

(162)
جلسة 14 من أغسطس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ علي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد وأحمد حمدي الأمير ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 1276 لسنة 36/ 110 لسنة 37 القضائية

دعوى الإلغاء - فوات ميعاد الطعن - أعضاء النيابة الإدارية (أقدميه) - طلب التعويض.
المادة 24 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة - المادة 38 من قرار رئيس الجمهورية 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية.
عدم التظلم والطعن في القرار في الميعاد القانوني يجعله حصيناً من الإلغاء - نتيجة ذلك:
ترتيب أقدمية الطاعن الجديدة نتيجة لتخطيه في وظيفة وكيل نيابة إدارية بالقرارين المطعون فيهما وما تلاهما من ترقية بعد هذا التخطي قد نسخت أقدميتة السابقة واستقرت بمقتضى القرارين الطعينين اللذين صاراً حصينين من الإلغاء - أساس ذلك: أنه ثبت للطاعن واستقرت له ولزملائه مراكز قانونية جديدة جعلته تالياً لمن رقوا إلى درجة وكيل نيابة إدارية بالقرارين المطعون فيهما وتلك المراكز تتأبى على التغيير أو الإلغاء لتحصنها - تكون الترقية بالأقدمية مع الجدارة - مفهوم الجدارة في تطبيق مفهوم نص المادة 38 من القرار الجمهوري المشار إليه لا يقتصر على كفاية العضو وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله، لكنه يتسع ليشمل مسلكه وانضباطه داخل نطاق العمل وخارجه - ما يأتيه العضو من سلوك غير لائق لا بد من أن ينال من جدارته وأهليته للترقية - أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ في جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع ويلحق صاحب الشأن ضرر من جرائه وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر - الأثر المترتب على ذلك: عدم أحقية المدعي في طلب التعويض في حالة عدم ثبوت الخطأ في جانب الجهة الإدارية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 10/ 3/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد نصر الدين عطية المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن الأستاذ/..... وكيل النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن على قرار رئيس الجمهورية رقم 96 لسنة 1990 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية لدرجة وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة حيث قيد الطعن برقم 1276/ 36 ق عليا ضد السيدين وزير العدل ورئيس هيئة النيابة الإدارية بصفتهما.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم:-
(1) بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية لدرجة "وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة" مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها ترقية الطاعن إلى هذه الدرجة اعتباراً من تاريخ موافقة المجلس الأعلى للنيابة الإدارية على ترقية من صدر القرار المطعون فيه بترقيتهم.
(2) بإلغاء قرار رئيس النيابة الإدارية بتعديل أقدميه الطاعن ووضع أقدميته بين زملائه المعينين معه بقرار رئيس الجمهورية رقم 156 لسنة 1981.
(3) بالتعويض المناسب عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء تخطيه في الترقية إلى درجة "وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة".
وقد تم إعلان الطعن قانوناً إلى المطعون ضدهما.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه لما ذكرت من أسانيد الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وفي يوم الخميس الموافق 1/ 11/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد صميده عبد الصمد المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن الأستاذ/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن على قرارات رئيس الجمهورية أرقام 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985، 285 لسنة 1989، 96 لسنة 1990 فيما تضمنته من تخطي الطاعن في الترقية حيث قيد الطعن برقم 110 لسنة 37 ق. عليا ضد السادة/ رئيس الجمهورية ووزير العدل ورئيس هيئة النيابة الإدارية بصفتهم.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن. وللأسباب الواردة به الحكم:
(1) (بصفة أصلية): بإرجاع أقدميه الطاعن في وظيفة "وكيل نيابة إدارية" إلى تاريخ ترقية زميله الأستاذ/...... المرقى إلى هذه الوظيفة بالقرار الجمهوري رقم 146/ 1985 وما يترتب على ذلك من آثار. و(بصفة احتياطية) إرجاع أقدميه الطاعن في وظيفة "وكيل نيابة إدارية، إلى تاريخ ترقية زميله الأستاذ/..... المرقى إلى هذه الوظيفة بالقرار الجمهوري رقم 397 لسنة 1985، وما يترتب على ذلك من آثار (2) (بصفة أصلية) إلغاء القرار الجمهوري رقم 285 لسنة 1989 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة"، وما يترتب على ذلك من آثار.
و(بصفة احتياطية) إلغاء القرار الجمهوري رقم 96 لسنة 1990 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة" وما يترتب على ذلك من آثار.
(3) إلزام المدعى عليهم بصفاتهم بتعويض الطاعن عن جميع الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء القرارات المطعون فيها - مع إلزام المدعى عليهم المصروفات في جميع الحالات.
وقد أعلن الطعن قانوناً إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه - لما ذكرته من أسانيد - استبعاد الطعن في القرار الجمهوري رقم 96 لسنة 1990 نظراً لإقامة طعن آخر عليه برقم 1276 لسنة 36 ق عليا والحكم: ( أ ) في طلبات الإلغاء (1) بعدم قبول الطعن في القرارين الجمهوريين رقم 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
(2) بقبول الطعن في القرار الجمهوري رقم 285 لسنة 1989 شكلاً ورفضه موضوعاً (ب) في طلب التعويض: بعدم قبوله لسقوطه بالتقادم بالنسبة للقرارين الجمهوريين رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985، ورفضه بالنسبة للقرار الجمهوري رقم 285 لسنة 1985 لانتفاء الخطأ.
وتدوول نظر الطعنين أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت المحكمة بجلسة 12/ 12/ 1992 ضم الطعن رقم 110 لسنة 37 ق. عليا للطعن رقم 1276 لسنة 36 ق عليا ليصدر فيها حكم واحد، ثم تحدد لإصدار الحكم في الطعنين جلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن يهدف بطعنيه الماثلين رقمي 1276 لسنة 36 ق، 110 لسنة 37 ق إلى إلغاء القرارات الجمهورية أرقام 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985، 285 لسنة 1989، 96 لسنة 1990 فيما تضمنه أولها وثانيها من تخطيه في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية وما تضمنه ثالثها ورابعها من تخطيه في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية عن الفئة الممتازة، مع تعويض الطاعن عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من جراء هذا التخطي.
ويقوم الطعن رقم 1276 لسنة 36 القضائية على أنه بتاريخ 26/ 2/ 1990 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 96 لسنة 1990 ناصاً في مادته السادسة على ترقية 14 عضواً من زملاء الطاعن أولهم/...... وآخرهم /....... إلى درجة وكيل نيابة من الفئة الممتازة، وتبين للطاعن أن هذا القرار لم يشمله بالترقية على الرغم من أن المرقين من زملائه المعينين معه بالنيابة الإدارية في درجة "مساعد نيابة" بالقرار رقم 156 لسنة 1981 الصادر في 10/ 3/ 1981 وأن الطاعن قد حاز أهلية وصلاحية الترقي إلى درجة "وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة" بعد أن أخطرته إدارة التفتيش بكتابها رقم 2445 في 23/ 12/ 1989 بتقدير كفايته عن عمله في الفترة 1/ 2/ 1989 حتى 30/ 4/ 1989 بدرجة متوسط وهي الدرجة المؤهلة للترقي إلى درجة وكيل نيابة من الفئة الممتازة.
ونعى الطاعن على قرار رئيس الجمهورية رقم 96 لسنة 1990 المطعون عليه بمخالفته لقانون هيئة النيابة الإدارية رقم 12 لسنة 1989 (بتعديل أحكام القرار بقانون رقم 117/ 1958) في مادته 38 مكرراً، 38 مكرراً 3 وقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل في مواده 49، 50، 124 ذلك (1) أن القرار الطعين تجاهل كلية أقدميه الطاعن بين زملائه المعينين معه في دفعة واحدة بالقرار رقم 156 لسنة 1981 - بل شمل بالترقية كلاً من..... و..... وهما معينان بقرار جمهوري آخر لاحق للقرار رقم 156 لسنة 1981 المذكور وكان يتعين لذلك أن يكون الطاعن سابقاً لهما في الترقية لهذه الوظيفة إذ تتوافر فيه شروط الصلاحية للترقية إلى درجة "وكيل نيابة من الفئة الممتازة" مع زملائه، كما أنه لم يخطر بأسباب هذا التخطي ليدافع عن أقدميته وأحقيته في الترقية آنذاك. (2) أن هيئة النيابة الإدارية ألغت أقدمية الطاعن بين زملائه المعينين معه بالقرار الجمهوري رقم 156 لسنة 1981، وعدلت أقدميته بوضعه في دفعة تعيين أخرى أحدث من دفعته كما أنها جعلت أقدميته العاشر بين زملاء هذه الدفعة الحديثة وذلك بغير إخطاره الأمر الذي نجم عنه إصابته بأضرار مادية وأدبية بالإضافة إلى أن تعديل أقدميه الطاعن على النحو السالف بيانه قد يكون هو السبب الوحيد في تخطيه في الترقي إلى درجة وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة بالقرار المطعون فيه رقم 96 لسنة 1990 - وخلص الطاعن من ذلك إلى طلباته السالفة الذكر.
وأضاف الطعن رقم 110 لسنة 37 القضائية المقدم من نفس الطاعن بإلغاء تخطيه في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية" بالقرارين الجمهوريين رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 ثم تخطيه في الترقي تبعاً لذلك في وظيفة "وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة" بالقرارين الجمهوريين رقمي 285 لسنة 1989، 96 لسنة 1990 وما يترتب على ذلك من آثار وكذلك تعويضه عما لحق به من أضرار مادية وأدبية وركن الطاعن في ذلك من حيث الشكل إلى أنه لم يعلن بالقرارين رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 - اللذين تخطياه في وظيفة وكيل نيابة إدارية، ولم يبلغ إليه هذان القراران بأي سبيل، ولم يعلم بها علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً إلا بمناسبة صدور القرار الجمهوري رقم 285 لسنة 1989 الصادر في 4/ 7/ 1989 فتظلم الطاعن من هذا القرار وكذلك من قرار تخطيه في الترقية لوظيفة وكيل نيابة بتاريخ 17/ 8/ 1989 ثم تقدم بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية ثم قيده برقم 11 لسنة 44 ق في 18/ 10/ 1989 حيث قبل هذا الطلب في 30/ 10/ 1990 وعندئذ أقام طعنه رقم 110 لسنة 37 ق في 1/ 11/ 1990 كما أن القرار رقم 96 لسنة 1990 صدر في 22/ 2/ 1990 وكان الطاعن قد قدم تظلمه إلى إدارة التفتيش الفني بالنيابة الإدارية برقم 288 في 19/ 2/ 1990 فور علمه بموافقة المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بتاريخ 30/ 1/ 1993 ثم أقام الطعن رقم 1276 لسنة 36 ق عليا في 10/ 3/ 1990 بغية إلغائه ومع ذلك فإن ميعاد الطعن على القرارين رقم 285 لسنة 1989، ورقم 96 لسنة 1990 فيما تضمناه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة من الفئة الممتازة" - لا يسري إلا من تاريخ صدور الحكم في دعوى إلغاء القرارين رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 إذ يظل الميعاد مفتوحاً حتى يتحدد مركز الطاعن بالنسبة للتخطي في ترقيته لوظيفة "وكيل نيابة".
وخلص الطاعن مما تقدم إلى القول بأن الطعن على كل من القرارين 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 وكذا القرارين رقمي 285 لسنة 1985، 96 لسنة1990 مقبول شكلاً.
وذكر الطاعن بصدد الموضوع أنه في 10/ 3/ 1981 عين مساعداً للنيابة الإدارية بموجب القرار الجمهوري رقم 156 لسنة 1981، وأبان شغله لهذه الوظيفة نسب إليه خطأ إجرائي يتعلق باتخاذ إجراء في إحدى القضايا دون عرضه على رئيسه حسبما تقضي به التعليمات، وأحيل بسبب هذا الخطأ إلى التأديب، وصدر في 10/ 2/ 1985 قرار مجلس التأديب بمجازاته بعقوبة "اللوم" وتخطى في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية" بمقتضى القرارين الجمهوريين رقمي 146 لسنة 1985 في 23/ 4/ 1985، 397 لسنة 1985 في 7/ 10/ 1985 - ولم يرق إلى الوظيفة إلا في 6/ 8/ 1986 بموجب القرار الجمهوري رقم 338 لسنة 1986 ثم صدر القراران الجمهوريان رقما 285 لسنة 1989 في 4/ 7/ 1989، ورقم 96 لسنة 1990 في 26/ 2/ 1990 وشملاً ترقية بعض وكلاء نيابة إلى وظائف وكيل نيابة من الفئة الممتازة ممن كانوا يلون الطاعن قي الأقدمية وقت تعيينه "مساعدا للنيابة" وذلك دونه ثم استعرض الطاعن أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية في مادته 33، والقانون رقم 12 لسنة 1989 المعدل له واللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 مكملة بالقواعد الخاصة بترقية أعضاء النيابة العامة وقانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 في مادته (79) وأضاف الطاعن أن الجهة الإدارية استندت في تخطيه في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية" وما استتبع ذلك من تخطيه لوظيفة "وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة" إلى سبق معاقبته بعقوبة "اللوم" بمقتضى قرار المجلس التأديبي الصادر في 10/ 2/ 1985. والواقعة المنسوبة إلى الطاعن وإن أدت إلى توقيع جزاء اللوم عليه، إلا أنها خطأ إجرائي لا ينطوي على مخالفة جسيمة ولا يتصل بمسلك الطاعن وحفاظه على كرامته فهي لا تبلغ حداً من الجسامة تنتقص من جدارته للترقية إلى الوظيفة الأعلى، ولا تسوغ تخطي الطاعن في الترقية إليها، وعليه فإن تخطي الطاعن في الترقية بمقتضى القرارين الجمهوريين رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 في غير محله ومخالف للقانون بل أن الأخير يعتريه كذلك عيب الاعتداد بذات العقوبة التي وقعت على الطاعن لتخطيه على الرغم من استنفادها أثرها في هذا المجال بتخطيه بالقرار رقم 146 لسنة 1985 وأن بطلان تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية" يؤدي إلى القرارين رقمي 285 لسنة 1989، 96 لسنة 1990 فيما تضمنه كل منهما من تخطيه في الترقية لوظيفة "وكيل نيابة من الفئة الممتازة" لارتباط هذه الترقية بتلك ارتباطاً لا يقبل التجزئة هذا فضلاً عن أن مسلك الإدارة على ذلك النهج يشكل خطأ من جانبها نجمت عنه أضرار مادية وأدبية حاقت بالطاعن يتعين جبرها وتعويضه عنها - ثم انتهى الطاعن إلى الطلبات السالف ذكرها.
ومن حيث إن هيئة النيابة الإدارية ردت على الطعنين بمذكرة إدارة التفتيش بها المؤرخة 6/ 3/ 1995 التي جاء بها أن السيد/ ........ - الطاعن - كان قد عين في النيابة الإدارية في وظيفة مساعد نيابة إدارية بتاريخ 10/ 3/ 1981 وتم تثبيته في هذه الوظيفة بتاريخ 1/ 1/ 1981 - وفي 12/ 11/ 1984 أحيل إلى مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية بتقرير اتهام ورد به أنه في خلال الفترة من 8/ 2/ 1984 وحتى 22/ 7/ 1984 إبان عمله بنيابة الإسماعيلية خرج على مقتضى واجبات وظيفته وسلك مسلكاً معيباً من شأنه المساس بضمان حيدة وسلامة التحقيقات بأن أجرى تعديلاً بالإضافة في محاضر التحقيق في القضية رقم 50 لسنة 1984 بخط يده جاء فيه إن المتسببة في تأخير خصم مبالغ.... هي....، ونسب هذه الإضافات إلى بعض المختصين بالمحاضر على خلاف الحقيقة. وأحدث شطباً وإضافة بغير مقتضى في محضر التحقيق وفي مسودة المفكرة الخطية.. إلخ، وبتاريخ 10/ 2/ 1985 قرر المجلس مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم مع التوصية بنقله إلى الجهاز الإداري للدولة أو إحدى الهيئات العامة وفي 31/ 3/ 1985 انعقدت اللجنة الخماسية بالنيابة الإدارية لإعداد مشروع حركة ترقيات شملت ترقية 38 مساعد نيابة إدارية لوظيفة "وكيل نيابة إدارية" وكان ترتيب الطاعن الرابع وقد وافقت اللجنة الخماسية على تخطيه لما نسب إليه من أمر مشين سلكه وعلى الأخص لشاغلي الوظيفة القضائية بما يفقده الأهلية للترقية ولما جوزي بسببه بعقوبة اللوم وفي 14/ 7/ 1985 بعد قرابة أربعة أشهر عرض على اللجنة الخماسية ترقية ثمانية مساعدين للنيابة الإدارية، إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية"، ورأت اللجنة تخطيه بسبب ما ثبت في حقه من مخالفات مشينة لمسلكه الوظيفي وقد وافق المجلس الأعلى للهيئات القضائية على ما انتهت إليه اللجنة الخماسية وبناء على ذلك صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 146 لسنة 1985 في 23/ 4/ 1985 بترقية ثمانية وعشرين مساعداً لوظيفة "وكيل نيابة إدارية" ثم قرار رئيس الجمهورية رقم 397 لسنة 1985 في 7/ 10/ 1985 بترقية ثمانية مساعدين "لوظيفة وكيل نيابة إدارية"، ثم رقى الطاعن به.
وحيث إنه بالنسبة للطعن في القرار الجمهوري رقم لسنة 1989 فإن هذا القرار صدر بتاريخ 4/ 7/ 1989 وتظلم منه الطاعن في 17/ 8/ 1989 ثم تقدم بطلب المساعدة القضائية مضمناً إياه الطعن في هذا القرار - في 18/ 10/ 1989 ولما صدر القرار بقبوله في 30/ 10/ 1990 فإنه بادر إلى رفع الطعن الماثل رقم 110 لسنة 37 ق في 1/ 11/ 1990 أي خلال الميعاد المقرر قانونياً ومن ثم يكون الطعن بالإلغاء في القرار الجمهوري رقم 285 لسنة 1989 المذكور مقبول شكلاً.
وحيث إنه بالنسبة للطعن في القرار الجمهوري رقم 96 لسنة 1990 وقد صدر بتاريخ 26/ 2/ 1990 وسلف أن تقدم الطاعن في 18/ 2/ 1990 بتظلم من تخطيه في الترقية بوظيفة "وكيل نيابة إدارية" من الفئة الممتازة بعد أن تبين له ذلك عند النظر في ترقية بعض وكلاء النيابة الإدارية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة" وانتهت إدارة التفتيش إلى حفظ هذا التظلم في 6/ 3/ 1990 وإخطار المتظلم بذلك وإذ أقام الطعن الماثل رقم 1276 لسنة 36 ق في 10/ 3/ 1990 فإن الطعن بإلغاء القرار الجمهوري رقم 96 لسنة 1990 المذكور يكون مرفوعاً وفقاً للإجراءات والمواعيد المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً.
لوظيفة "وكيل نيابة إدارية" بالقرار الجمهوري رقم 338 لسنة 1986 في 6/ 8/ 1986 ولم يتقدم سيادته بأي شكوى أو تظلم بسبب تخطيه في الترقية بموجب القرارين سالفي الذكر عام 1985 وبذلك تحددت له أقدمية جديدة بين زملائه بالنيابة الإدارية عام 1985 - وعند النظر في ترقية بعض وكلاء النيابة الإدارية إلى وظيفة وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة في 30/ 1/ 1990 تشكي المتظلم من تخطيه في الترقية إلى هذه الوظيفة ذاكراً في تظلمه المقدم منه بتاريخ 18/ 2/ 1990 إن كان يسبقهم عند التعيين في وظيفة "مساعد نيابة إدارية" قاصداً بذلك أن يفتح لنفسه موعداً جديداً للطعن في قراري رئيس الجمهورية رقمي 146، 397 لسنة 1985 بتخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل نيابة إدارية وأكدت مذكرة النيابة أن الطاعن لم يتقدم بأي تظلم أو طعن في هذين القرارين في المواعيد المحددة قانوناً الأمر الذي تستقر معه كافة المراكز القانونية لزملائه كما تثبت له أقدميه تالية لزملائه الذين عينوا في وظيفة وكيل نيابة إدارية بعد أن تم تخطيه في الترقية إلى هذه الوظيفة عام 1985 لما سلف بيانه لتخلص مذكرة النيابة الإدارية إلى عدم أحقية الطاعن فيما يطالب به في هذا الصدد.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى طلب إلغاء القرارين الجمهوريين رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 فإن المادة (24) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن. ويبين من ذلك أن المشرع قد جعل مناط بدء سريان ميعاد رفع الدعوى هو واقعة نشر القرار المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به ومن ثم إذا ما كان القراران المطعون فيهما رقم 146 لسنة 1985 قد نشر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم في 9/ 5/ 1985، ورقم 397 لسنة 1985 نشر بالجريدة الرسمية العدد 43 في 24/ 10/ 1985 وكان الطاعن وقت النشر يشغل وظيفة مساعد نيابة إدارية وعلى بينة لا شك فيها بأن القرارات الصادرة بتعيين وترقية أعضاء الهيئات القضائية تصدر بقرارات من رئيس الجمهورية وتنتشر بالجريدة ويسهل لمن في موقعه أن يتعرف على مضمونها في حينه وبهذه المثابة لا يقبل من الطاعن ما أبداه في صحيفتي طعنيه من أنه لم يعلم بما لحق أقدميته بتخطيته بالقرارين المذكورين المطعون فيهما. وإذ أن العلم اليقيني بالقرارات المطعون فيها يثبت من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة وللقضاء الإداري في أعمال رقابته القانونية من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الأثر الذي يمكن أن ترتبه عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره، وإذا أن وقائع الدعوى وظروف الحال وملابساته لا تدع مجالاً للشك في أن الطاعن قد تم اكتمال علمه اليقيني بالقرارين المطعون فيهما رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 من تاريخ نشرهما وكذا بترقيته في 6/ 8/ 1986 إلى (وكيل نيابة إدارية) بالقرار الجمهوري رقم 338 لسنة 1986 من تاريخ نشره بالجريدة من قرارات التعيين والترقية في وظائف الهيئة عامة وما يخصه منها بخاصة ولا يفترض في غير ذلك، ولا يقبل منه الادعاء بعكسه في موقعه هذا وإذ لم يتظلم الطاعن من القرارين المطعون عليهما المذكورين آنفاً إلا في 17/ 8/ 1989 ثم أقام طعنه رقم 110 لمدة 37 ق الماثل في 1/ 11/ 1990 فإنه يكون قد تظلم بعد فوات ستين يوماً من تاريخ علمه اليقيني بهذين القرارين ومن ثم يكون طلب إلغائهما غير مقبول شكلاً.
وحيث إنه من ناحية الموضوع فإن الطاعن يستند في طلبه إلغاء القرارين الجمهوريين رقمي 285 لسنة 1989، 96 لسنة 1990 المتضمنين تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل نيابة إدارية فئة ممتازة إلى بطلان سبق تخطيه في الترقية إلى وظيفة "وكيل نيابة إدارية بالقرارين رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985، والذين نجم عنهما إعادة ترتيب أقدميته متأخراً عن أقرانه على خلاف ما ورد بقرار تعيينه في وظيفة مساعد نيابة إدارية بمقتضى القرار الجمهوري رقم 156 لسنة 1981.
وحيث إنه تأسيساً على ما سلف بيانه فإن ترتيب أقدمية الطاعن الجديدة نتيجة لتخطيه في وظيفة وكيل نيابة إدارية بالقرارين رقمي 146 لسنة 1985، 397 لسنة 1985 المذكورين وما تلاهما من ترقية إلى وظيفة وكيل نيابة إدارية بالقرار الجمهوري رقم 338 لسنة 1986 بعد هذا التخطي قد نسخت أقدميته السابقة واستقرت بمقتضى القرارين المذكورين اللذين صارا حصينين من الإلغاء لعدم التظلم والطعن فيهما في الميعاد القانوني وعليه فقد ثبت للطاعن واستقرت له ولزملائه مراكز قانونية جديدة جعلته تالياً لمن رقوا إلى درجة وكيل نيابة إدارية بالقرارين سالفي الذكر رغم كونه معيناً معهم "مساعدة نيابة إدارية" في تاريخ واحد أو أسبق عليهم بمقتضى القرار الجمهوري رقم 156 لسنة 1981 وتلك المراكز تتأبى على التغيير أو الإلغاء لتحصنها.
ومن ثم يفتقد الطعن في القرارين الجمهوريين رقمي 285 لسنة 1989، 96 لسنة 1990 موضوعياً إلى أساس سليم من القانون ويتعين بالتالي رفض الطعن عليهما بالإلغاء بالطعنين الماثلين.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فإن ما نسب إلى الطاعن من مخالفات إدارية سلف سردها تنال من استقامة مسلكه، وهو يتقلد وظيفة في النيابة الإدارية يفترض فيه الالتزام بمقتضاها والامتثال لتقاليدها الأمر الذي يفتقد معه لشرط أساسي للترقية وهو شرط الجدارة حتى وإن حصل على تقرير الكفاية اللازم للترقية لأن ما نسب إليه ينال من مسلكه إلى ما دون الجدارة للترقية لذا استقر العرف القضائي في سائر الهيئات القضائية على أن الأهلية للترقية لا تشمل الكفاية الفنية فحسب، بل يشترط ألا يكون في سلوك العضو ثمة ما ينال من اعتباره نظراً لخطورة العمل القضائي وما ينبغي أن يتمتع به شاغله من ثقة واحترام.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1985 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية قد نص في المادة (28) بأنه تكون الترقية بالأقدمية مع الجدارة ولا جدال أن مفهوم الجدارة في تطبيق ذلك النص لا يقتصر على كفاية العضو وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله لكنه يتسع ليشمل مسلكه وانضباطه داخل نطاق العمل وخارجه، وما يأتيه من سلوك غير لائق لا بد من أن ينال من جدارته وأهليته للترقية وحيث إنه على هذا المقتضى فإن ما نسب إلى الطاعن من مخالفات على النحو السالف بيانه في مذكرة النيابة الإدارية التي لم يدحضها المدعي بدليل يشكل سبباً سائغاً لتخطيه في الترقية بالقرارين المطعون فيهما ولا ينال مما تقدم تخطي الطاعن للمرة الثانية بالقرار رقم 397 لسنة 1985 في الترقية إلى وكيل نيابة إدارية، ذلك لأن الظروف والملابسات إلى تخطي الطاعن من أجلها أول مرة ظلت قائمة ترتب أثرها إذ لم يستجد ما يغير من هذه الأسباب ويجعل الجهة الإدارية تعيد النظر فيها خاصة وأن حركة الترقيات التي تخطى فيها الطاعن لثاني مرة وقعت بعد أشهر قليلة من الحركة الأولى وفي ذات العام الذي جوزي فيه باللوم والتوصية بنقله إلى الجهاز الإداري للدولة أو إحدى الهيئات بعيداً عن الوظائف القضائية.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فلا ينهض عنصراً لخطأ في جانب الإدارة على تخطي الطاعن في الترقية على التفصيل السالف البيان وإذ أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها وهو وجود خطأ في جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع ويلحق صاحب الشأن ضرر من جرائه وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر. وبالتالي فإنه حيث لا خطأ لا مسئولية ومن ثم يتعين رفض طلبات المدعي بالتعويض عن القرارات المطعون فيها.
وحيث إنه تأسيساً على ما سلف بيانه فإن طلبات الطاعن جميعها في الطعنين تكون غير قائمة على أساس سليم من القانون متعيناً عدم قبولها تارة ورفضها تارة أخرى على النحو السالف بيانه تفصيلاً وحيث إن المادة 40 (مكرراً - 1) من القانون رقم 12 لسنة 1989 ببعض الأحكام الخاصة بالنيابة الإدارية تنص في عجزها على عدم تحصيل رسوم على هذه الطلبات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعنين شكلاً بالنسبة إلى طلب إلغاء قراري رئيس الجمهورية رقمي 146 لسنة 1985 و397 لسنة 1985، وبقبول الطعنين شكلاً فيما عدا ذلك من طلبات وبرفضهما موضوعاً.