مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 370

(130)
جلسة 19 من مايو سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر ومحمد بدير الألفي ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

القضية رقم 592 لسنة 16 القضائية

( أ ) دعوى - دعوى الإلغاء ودعوى التسوية - عاملون مدنيون بالدولة "أقدمية". المنازعة في تحديد الأقدمية من المنازعات المتعلقة بالمرتبات لا تتقيد بمواعيد الإلغاء مثال.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - تعيين - نقل.
التكييف القانوني لإلحاق العامل يتوقف على صياغة قرار الإلحاق والإجراءات التي أثبتت في شأن التفسيران التشريعيان رقما 1، 5 لسنة 1965 لا ينطبقان في حالة التعيين المبتدأ - بيان ذلك - ومثال.
1 - إن طلبات المدعي حسبما هو واضح من عريضة دعواه - تتحدد في اعتباره منقولاً إلى الجهاز المركزي للمحاسبات في الدرجة السادسة وحساب أقدميته في هذه الدرجة من تاريخ شغله لوظيفة من ذات الفئة ببنك بور سعيد اعتباراً من 1/ 7/ 1964 فإن مؤدى ذلك أن المدعي يهدف إلى حساب مدة خدمته السابقة ببنك بور سعيد بالدرجة السادسة في أقدميته في هذه الدرجة بالجهاز المذكور وهذا الطلب من المدعي هو في حقيقته وبحسب تكييف المدعي لدعواه من قبيل المنازعات الخاصة بالمرتبات إذ يتناول موضوعه تسوية حالته بضم مدة خدمته السابقة ببنك بور سعيد إذ لم ينصرف قصده قط إلى الطعن بالإلغاء في قرار تعيينه في الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم فالدعوى المعروضة على هذا الوضع هي من دعاوى التسوية لا الإلغاء ولا يخضع قبولها بالتالي للمواعيد المقررة للطعن بالإلغاء ولذلك يكون هذا الوجه من الطعن على غير أساس من القانون ويتعين رفضه.
2 - إن قرار إلحاق المدعي بالجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 77/ 10/ 1964 هو قرار بتعيينه في هذا الجهاز وليس نقلاً إليه من بنك بور سعيد فإنه يبين من الرجوع إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1439 لسنة 1964 بشأن تشكيل وتنظيم الجهاز المركزي للمحاسبات أنه ينص في المادة 6 منه على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لرئيس الجهاز أن يعين في غير أدنى الدرجات كما يجوز له أن يقرر منح العاملين به عند التعيين في أدنى الدرجات مرتبات تزيد على أول مربوط الدرجات التي يعينون عليها بحيث لا يتجاوز نهاية مربوط الدرجة وذلك متى كانوا حاصلين على مؤهلات إضافية تتفق وأعمال الوظيفة أو كانت لهم خبرة سابقة من نوع العمل الذي يعينون فيه كما يبين من مطالعة قرار نائب رئيس الجمهورية ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 26 لسنة 1964 الصادر بتاريخ 7/ 10/ 1964 بتعيين المدعي في هذا الجهاز أنه أشار في ديباجته إلى الاطلاع على المادة السابقة ونص في مادته الأولى على تعيين المدعي بالدرجة السادسة الفنية العالية وبمرتب شهري قدره 36.250 جنيهاً وقد نصت المذكرة المؤرخة 4/ 10/ 1964 المقدمة من وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات إلى رئيس هذا الجهاز بشأن تعيين موظفين في غير أدنى الدرجات على أنه قد عرض على لجنة شئون الأعضاء الفنيين بالجهاز بتاريخ 4/ 10/ 1964 أمر تعيين المدعي وآخرين للنظر في أمر تعيينهم فقامت هذه اللجنة ببحث الأمر من جميع نواحيه ورأت أن يعين المذكورين بالجهاز في الدرجة التي يعادل مربوطها ماهية كل منهم الحالية مع منحه فيها مرتبه الحالي مزيداً بمقدار علاوة واحدة من علاوات الدرجة المعين فيها وذلك تشجيعاً لهم على الالتحاق بالعمل بالجهاز ويبين مما تقدم أن إلحاق المدعي بالجهاز المركزي للمحاسبات هو في حقيقته تعيين مبتدأ له في هذا الجهاز وليس بنقل إليه من بنك بور سعيد يؤكد ذلك أمران: أولهما أن صياغة قرر تعيين المدعي ومذكرته الإيضاحية قاطعان في الدلالة على أن هذا القرار هو قرار تعيين وليس نقلاً والأمر الثاني أن للنقل شروطاً وإجراءات معينة يتطلبها القانون منها أولاً استمرار العلاقة الوظيفية بين العامل المنقول والجهة المنقول منها حتى تمام إجراءات النقل، وثانياً وجوب عرض أمر النقل على لجنة شئون العاملين بالجهة المنقول منها والجهة المنقول إليها وهو ما لم يتوافر في الدعوى المعروضة ذلك أن الثابت من الأوراق أن المدعي استقال من علمه ببنك بور سعيد في 17/ 10/ 1964 تاريخ تسلمه العمل بالجهاز المركزي للمحاسبات فضلاً عن عدم عرض أمر النقل على لجنة شئون العاملين بالبنك المذكور أو الجهاز المركزي للمحاسبات مما ينفي أن المدعي نقل من هذا البنك إلى ذلك الجهاز ومن ثم وتأسيساً على ما تقدم يكون التكييف القانوني السليم لواقعة إلحاق المدعي بخدمة الجهاز هو أن المدعي عين تعييناً مبتدأ به في غير أدنى الدرجات إعمالاً للرخصة المخولة لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بمقتضى المادة (6) من القرار الجمهوري رقم 1439 لسنة 1964 المشار إليه.
3 - ترتيباً على ما تقدم فإنه لا وجه لما استند إليه الحكم المطعون فيه إلى قراري التفسيرين التشريعيين رقمي 1، 5 لسنة 1965 الصادرين من اللجنة العليا لتفسير قانون العاملين المدنيين اللذين أجازا نقل العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها إلى جهاز الدولة الإداري للقول بأن هذين القرارين ينشأن المركز القانوني لمن يعين بوزارات الحكومة ومصالحها من العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها باعتبارهم منقولين لا وجه لذلك لأنه فضلاً عن أن قرار تعيين المدعي قد صدر في 7/ 10/ 1964 أي في تاريخ سابق على صدور القرارين المشار إليهما - ودون تعرض إلى بحث مدى قانونية القرارين المذكورين وتجاوزهما حدود التفسير فإن الاستناد السابق الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه يفتقر إلى الأساس القانوني السليم ذلك لأن الحالة المعروضة هي في حقيقة تكييفها القانوني الصحيح على ما سلف بيانه قرار بتعيين المدعي بالجهاز المركزي للمحاسبات تعييناً مبتدأ مما يخرج عن مجال إعمال القرارين التفسيريين السالفي الذكر الذي ينحصر مجالهما فيما نصا عليه من إجازة نقل العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها إلى جهاز الدولة الإداري بعد إذ كان ذلك غير جائز إعمالاً للمادة 41 من قانون نظام العاملين المدنيين ولا يعني هذا الحكم الوارد في القرارين المشار إليهما إلزام الجهات المذكورة بالتزام طريق النقل دون التعيين في جميع الأحوال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 551 لسنة 22 القضائية ضد الجهاز المركزي للمحاسبات بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 17 من يناير سنة 1968 طلب فيها "الحكم باعتباره منقولاً بالجهاز المركزي للمحاسبات في الدرجة السادسة وحساب أقدميته فيها من تاريخ شغله لوظيفة من ذات الفئة بالمؤسسة المصرية العامة للبنوك وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهاز المصروفات". وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بخدمة بنك بور سعيد سنة 1961 ثم انتدب للمؤسسة المصرية العامة للبنوك وإلى مكتب وزير الاقتصاد، والتحق بخدمة الجهاز نقلاً من بنك بور سعيد في 7/ 10/ 1964، واعتبر المدعي شاغلاً لوظيفة مصرفي ( أ ) بالفئة السادسة الفنية في 1/ 7/ 1964 طبقاً لجدول التقييم المعتمد لبنك بور سعيد ومن ثم فمن حقه أن ترجع أقدميته بالجهاز في هذه الدرجة إلى 1/ 7/ 1964 بدلاً من 7/ 10/ 1964. وقد رد الجهاز المركزي للمحاسبات على هذه الدعوى بمذكرة جاء فيها أن لجنة شئون العاملين الفنيين بالجهاز قررت بجلستها المنعقدة في 28/ 10/ 1967 اعتبار القرارات الصادرة بالتعيين في غير أدنى الدرجات قرارات تعيين وليست نقلاً، ومن ثم لا تحتسب الأقدمية إلا من تاريخ صدور قرار التعيين وفقاً لحكم المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1964 ولما كان المدعي يطلب تعديل أقدميته ويطعن في قرار لجنة شئون العاملين المعتمد محضرها في 28/ 10/ 1967 فيما تضمنه من اعتبار القرارات الصادرة بالتعيين في غير أدنى الدرجات قرارات تعيين وليست نقلاً، فمن ثم لا تحتسب أقدميته في الدرجة المعين فيها إلا من تاريخ صدور قرار التعيين.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة عن الجهاز المركزي للمحاسبات مذكرة تضمنت دفعاً بعدم قبول الدعوى شكلاً على أساس أن المدعي يطعن بالإلغاء في قرار تعيينه بالجهاز المركزي الصادر في 7/ 10/ 1964، وكان عليه أن يتظلم منه في خلال ستين يوماً ولكنه تظلم في 2/ 12/ 1965 أي بعد الميعاد، كما أنه أقام الدعوى في 7/ 10/ 1968 وكان أقصى ميعاد للرفض الضمني ينتهي في 20/ 4/ 1966. وعن موضوع الدعوى طلبت الإدارة المذكورة احتياطياً رفض الدعوى على أساس أن القرار الذي صدر كان بالتعيين ولا يحمل على معنى النقل لأن التفسير التشريعي رقم 5 لسنة 1965 لم يكن قد صدر عند صدور قرار التعيين، ومن ثم تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها.
وبجلسة 16 من إبريل سنة 1970 قضت محكمة القضاء الإداري "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة الفنية العالية إلى 30/ 6/ 1964 تاريخ تسكينه في الفئة المعادلة لها قبل تعيينه بالجهاز مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهاز المركزي للمحاسبات المصروفات". وأقامت قضاءها بالنسبة إلى الدفع على أن القرار التفسيري رقم (1) لسنة 1965 الصادر من اللجنة العليا لتفسير قانون العاملين المدنيين إذ نص في مادته الأولى على جواز نقل العاملين بالهيئات والمؤسسات العامة إلى وزارات الحكومة ومصالحها، فإنه ينشىء المركز القانوني لمن يعين بوزارات الحكومة ومصالحها من العاملين بالهيئات والمؤسسات العامة باعتبارهم منقولين. ولما كان المدعي يطلب استناداً إلى هذا النص المستحدث تعديل أقدميته في الدرجة السادسة التي عين عليها بالجهاز، فإنه لا يكون طاعناً على القرار الصادر بتعيينه في سنة 1964، قبل صدور القاعدة القانونية المنشئة لهذا المركز الجديد، ولا يعدو أن يكون طلبه إعادة تسوية حالته على مقتضى حكم هذه القاعدة الجديدة باعتباره مقولاً بالجهاز المركزي للمحاسبات في الدرجة السادسة، بمعنى إرجاع أقدميته فيها إلى تاريخ حصوله على الفئة المعادلة لها ببنك بور سعيد بعد التسكين طبقاً للجداول المعتمدة لوظائفه، ومن ثم لا يعتبر هذا الطلب طعناً بالإلغاء على قرار التعيين، ولا تعتبر دعواه التي يهدف منها إلى تعديل أقدميته طبقاً للقانون سوى دعوى تسوية لا يتقيد ميعاد رفعها بالمواعيد المقررة ولا بالإجراءات الواجبة لدعوى الإلغاء، ويتعين لذلك رفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً والحكم بقبولها باعتبار أنها دعوى استحقاق. أما بالنسبة لموضوع الدعوى فقد ذكر الحكم أن اللجنة العليا لتفسير قانون العاملين قد أصدرت القرارين رقمي 1، 5 لسنة 1965 ويقضيان باعتبار من يعين من المؤسسات العامة أو الشركات التابعة لها، بالجهاز الإداري للدولة مقولاً وليس معيناً، ويترتب على هذا الأثر استصحاب أقدمية المنقول في الفئة أو الدرجة المعادلة عند تعيينه بالجهاز المذكور. ولما كان يبين من القرار رقم 26 لسنة 1964 الصادر بتعيين المدعي، أنه روعي في إلحاقه بالجهاز المركزي للمحاسبات مدة خدمته ومرتبه السابقين، ولم يكن التعيين في أدنى الدرجات، فإن ذلك يؤكد أن المدعي كان مستوفياً لشروط النقل إلى الجهاز بالدرجة المعادلة. وإذ كان الجهاز المشار إليه قد اقتصر على دفع الدعوى موضوعياً بأن لجنة شئون العاملين قد أصدرت بتاريخ 28/ 10/ 1967 قراراً باعتبار القرارات الصادرة بالتعيين في غير أدنى الدرجات تعيين وليست قرارات نقل. ولما كان هذا القرار لا ينعطف بأثره على الماضي فيحكم التعيين الذي صدر في سنة 1964 بفرض أنه قرار سليم، فإنه في واقع الأمر هو قرار معدل للنصوص القانونية التي صدرت بالقرارين التفسيريين للجنة العليا لتفسير قانون العاملين المشار إليهما، وإن كانت لجنة شئون العاملين غير مختصة أصلاً في مجال التشريع، فإن قرارها المذكور يتضمن غصباً للسلطة إلى حد اعتباره قراراً منعدماً لا أثر له قانوناً، مما يتعين معه القضاء بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة إلى 30/ 6/ 1964 تاريخ حصوله على الفئة المقابلة لها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لسببين أولهما: أن حقيقة طلبات المدعي - في الدعوي المعروضة - هي طعن بالإلغاء في قرار تعيينه بالجهاز المركزي للمحاسبات في 7/ 10/ 1964 فيما تضمنه من اعتبار أقدميته في الدرجة السادسة راجعة إلى تاريخ صدوره بحيث تكون راجعة إلى 1/ 7/ 1964 وفقاً لوجهة نظره، فمن ثم فإن هذه الطلبات لا يمكن أن تكون من قبيل التسويات في شيء، وإنما هي من قبيل دعاوى الإلغاء ويتعين لذلك مراعاة المواعيد والإجراءات المتطلبة في هذه الدعاوى. وإذ كان الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في 7/ 10/ 1964 وعلم به المدعي فور صدوره باستلامه العمل، فكان يتعين عليه التظلم منه في ميعاد أقصاه 6/ 12/ 1964 إلا أنه تظلم بتاريخ 21/ 12/ 1965 أي بعد الميعاد. ويضاف إلى ذلك أنه كان يتعين على المدعي إقامة الدعوى خلال الستين يوماً التالية للرفض الصريح أو الحكمي لتظلمه أيهما أقرب تاريخاً أي في ميعاد أقصاه 20/ 4/ 1966 إلا أنه أقام الدعوى في 7/ 1/ 1968 أي بعد الميعاد أيضاً. أما السبب الثاني للطعن فيقوم على أن المادة 41 من القانون رقم 46 لسنة 1964 تقضي بأنه يجوز نقل العامل من وزارة أو مصلحة أو محافظة إلى أخرى أو مؤسسة أو هيئة إلى أخرى، ومؤدى هذا النص أن النقل الجائز نزولاً على حكمه هو الذي يكون بين الوزارات والمصالح الحكومية وليس من بينها النقل من المؤسسات أو الشركات إلى مصالح الحكومة. وفي ظل هذه المادة وما قررته من مبادئ ضد قرار الجهاز المطعون فيه بتعيين المدعي في الجهاز المركزي للمحاسبات وليس بنقله، ولا يمكن حمل هذا القرار على التفسير التشريعي رقم 5 لسنة 1965 الذي لم يكن قد صدر بعد وقد أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بهذا المبدأ بفتواها رقم 86/ 4/ 398 التي صدرت بجلسة 28/ 12/ 1966. ومن ثم وترتيباً على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه يكون صحيحاً في القانون إذ اعتبر أقدمية المدعي في الدرجة السادسة من تاريخ صدور قرار تعيينه في 7/ 10/ 1964 إعمالاً لحكم المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1964 ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قضى بغير ذلك.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجهي الطعن فإن الثابت من الأوراق أن طلبات المدعي - حسبما هو واضح من عريضة دعواه - تتحدد في اعتباره منقولاً إلى الجهاز المركزي للمحاسبات في الدرجة السادسة وحساب أقدميته في هذه الدرجة من تاريخ شغله لوظيفة من ذات هذه الفئة ببنك بور سعيد اعتباراً من 1/ 7/ 1964. فإن مؤدى ذلك أن المدعي يهدف إلى حساب مدة خدمته السابقة ببنك بور سعيد بالدرجة السادسة في أقدميته في هذه الدرجة بالجهاز المذكور، وهذا الطلب من المدعي هو في حقيقته وبحسب تكييف المدعي لدعواه من قبيل المنازعات الخاصة بالمرتبات إذ يتناول موضوعه تسوية حالته بضم مدة خدمته السابقة ببنك بور سعيد إذ لم ينصرف قصده قط إلى الطعن بالإلغاء في قرار تعيينه في الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم فالدعوى المعروضة على هذا الوضع هي من دعاوى التسوية لا الإلغاء ولا يخضع قبولها بالتالي للمواعيد المقررة للطعن بالإلغاء، ولذلك يكون هذا الوجه من الطعن على غير أساس من القانون ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني لهذا الطعن وهو أن قرار إلحاق المدعي بالجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 7/ 10/ 1964 هو قرار بتعيينه في هذا الجهاز وليس نقلاً له من بنك بور سعيد، فإنه يبين من الرجوع إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1439 لسنة 1964 بشأن تشكيل وتنظيم الجهاز المركزي للمحاسبات أنه ينص في المادة (6) منه على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لرئيس الجهاز أن يعين في غير أدنى الدرجات، كما يجوز له أن يقرر منح العاملين به عند التعيين في أدنى الدرجات مرتبات تزيد على أول مربوط الدرجات التي يعينون عليها بحيث لا يتجاوز نهاية مربوط الدرجة وذلك متى كانوا حاصلين على مؤهلات إضافية تتفق وأعمال الوظيفة أو كانت لهم خبرة سابقة من نوع العمل الذي يعينون فيه". كما يبين من مطالعة قرار نائب رئيس الجمهورية ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 26 لسنة 1964 الصادر بتاريخ 7/ 10/ 1964 بتعيين المدعي في هذا الجهاز، أنه أشار في ديباجته إلى الاطلاع على المادة السابقة ونص في مادته الأولى على تعيين المدعي بالدرجة السادسة الفنية العالية وبمرتب شهري قدره 36.250 مليمجـ. وقد نصت المذكرة المؤرخة في 4/ 10/ 1964 المقدمة من وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات إلى رئيس هذا الجهاز بشأن تعيين موظفين في غير أدنى الدرجات على أنه "قد عرض على لجنة شئون الأعضاء الفنيين بالجهاز بتاريخ 4/ 10/ 1964 أمر تعيين المدعي وآخرين للنظر في أمر تعيينهم فقامت هذه اللجنة ببحث الأمر من جميع نواحيه ورأت أن يعين المذكورين بالجهاز في الدرجة التي يعادل مربوطها ماهية كل منهم الحالية مع منحه فيها مرتبه الحالي مزيداً بمقدار علاوة واحدة من علاوات الدرجة المعين فيها وذلك تشجيعاً لهم على الالتحاق بالعمل بالجهاز". ويبين مما تقدم أن إلحاق المدعي بالجهاز المركزي للمحاسبات هو في حقيقته تعيين مبتدأ له في هذا الجهاز وليس بنقل إليه من بنك بور سعيد يؤكد ذلك أمران: أولهما أن صياغة قرار تعيين المدعي ومذكرته الإيضاحية قاطعان في الدلالة على أن هذا القرار هو قرار تعيين وليس نقلاً، والأمر الثاني أن للنقل شروطاً وإجراءات معينة يتطلبها القانون منها أولاً استمرار العلاقة الوظيفية بين العامل المنقول والجهة المنقول منها حتى تمام إجراءات النقل، وثانياً وجوب عرض أمر النقل على لجنة شئون العاملين بالبنك المذكور أو الجهاز المركزي إليها وهو ما لم يتوافر في الدعوى المعروضة، وذلك لأن الثابت من الأوراق أن المدعي استقال من عمله ببنك بور سعيد في 17/ 10/ 1964 تاريخ تسلمه العمل بالجهاز المركزي للمحاسبات فضلاً عن عدم عرض أمر النقل على لجنة شئون العاملين بالبنك المذكور أو الجهاز المركزي للمحاسبات مما ينفي أن المدعي نقل من هذا البنك إلى ذلك الجهاز، ومن ثم وتأسيساً على ما تقدم يكون التكييف القانوني السليم لواقعة إلحاق المدعي بخدمة الجهاز هو أن المدعي عين تعييناً مبتدأ به في غير أدنى الدرجات إعمالاً للرخصة المخولة لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بمقتضى المادة (6) من القرار الجمهوري رقم 1439 لسنة 1964 المشار إليه.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإنه لا وجه لما استند إليه الحكم المطعون فيه إلى قراري التفسيرين التشريعيين رقمي 1، 5 لسنة 1965 الصادرين من اللجنة العليا لتفسير قانون العاملين المدنيين اللذين أجازا نقل العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها إلى جهاز الدولة الإداري، للقول بأن هذين القرارين ينشأن المركز القانوني لمن يعين بوزارات الحكومة ومصالحها من العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها باعتبارهم منقولين، لا وجه لذلك لأنه فضلاً عن أن قرار تعيين المدعي قد صدر في 7/ 10/ 1964 أي في تاريخ سابق على صدور القرارين المشار إليهما، ودون تعرض إلى بحث مدى قانونية القرارين المذكورين وتجاوزهما حدود التفسير، فإن الاستناد السابق الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه يفتقر إلى الأساس القانوني السليم ذلك لأن الحالة المعروضة هي في حقيقة تكييفها القانوني الصحيح على ما سلف بيانه قرار بتعيين المدعي بالجهاز المركزي للمحاسبات تعييناً مبتدأ مما يخرج عن مجال إعمال القرارين التفسيريين السالفي الذكر الذي ينحصر مجالهما فيما نصا عليه من إجازة نقل العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها إلى جهاز الدولة الإداري بعد إذ كان ذلك غير جائز إعمالاً للمادة 41 من قانون نظام العاملين المدنيين ولا يعني هذا الحم الوارد في القرارين المشار إليهما إلزام الجهات المذكورة بالتزام طريق النقل دون التعيين في جميع الأحوال.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم، وإذ كان قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات رقم (26) لسنة 1964 هو قرار بتعيين المدعي بهذا الجهاز، وكانت الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 16 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964، فمن ثم فإن أقدمية المدعي في الدرجة السادسة الفنية العالية المعين عليها بموجب القرار المشار إليه تحتسب من تاريخ صدور هذا القرار في 7/ 10/ 1964 كما وأنه غني عن البيان أن حساب مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة لا يكون إلا بالنسبة لأولى درجات التعيين في السلم الوظيفي ومن ثم يكون طلب المدعي اعتبار أقدميته فيها من 30/ 6/ 1964 تاريخ تسكينه في الفئة المعادلة لها ببنك بور سعيد على غير أساس من القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد جانب الصواب وأخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.