مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1993 إلى آخر سبتمبر سنة 1993) صـ 1711

(176)
جلسة 11 من سبتمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ علي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد وأحمد حمدي الأمير والسيد محمد العوضي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2203 لسنة 37 القضائية

المحكمة الإدارية العليا - الطعن في أحكامها - دعوى البطلان الأصلية. (مرافعات).
الفقرة الخامسة من المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 يكون القاضي غير صالحاً لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدلى بشهادة فيها - مفاد عدم صلاحية القاضي هو أن الإفتاء أو المرافعة أو الكتابة في الدعوى تدل على الميل إلى جانب الخصم الذي حصل الإفتاء أو الكتابة لمصلحته كما أن فيه إظهاراً لرأي القاضي وقد يأنف من التحرر منه - منع القاضي من نظر الدعوى التي أدلى فيها بشهادة يتمشى مع أن القاضي لا يجوز له أن يقضي بناء على معلوماته الشخصية - علة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى التي سبق نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي كشف عنه عمله المتقدم ويأنف من التحرر منه فيتأثم قضاؤه - أحكام المحكمة الإدارية العليا هي خاتمة المطاف فلا يجوز الطعن فيها إلا بدعوى البطلان في حالتين: إذا انتفت عن الحكم صفته القضائية كأن يصدر من مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية أو أن يقترن بعيب جسيم يفقد الحكم معه صفته ومقوماته - إذا كان ما سبق أن أفتى به المستشار وقت أن كان رئيساً لإدارة الفتوى قبل أن ينضم لتشكيل المحكمة الإدارية العليا هو تحديد سعر الصرف هل يحسب من تاريخ وقوع الضرر أم تاريخ صدور الحكم فإن هذا الرأي لا يتعلق بأصل استحقاق الطاعن في التعويض عن النقل المفاجئ المقرر للعاملين بوزارة الخارجية وهو أمر سابق ومنبت الصلة عن كيفية حساب التعويض مقوماً على أساس سعر الصرف - نتيجة ذلك: فقدان شرط عدم الصلاحية الذي يحول دون نظر الطعن - الحكم برفض الطعن - تطبيق


إجراءات الطعن

بتاريخ 2/ 5/ 1991 أودع الأستاذ/ محمود محمد فهمي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد مصطفى خالد حمدي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2203/ 37 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية بجلسة 31/ 12/ 1989 في الطعن رقم 3517 لسنة 32 ق عليا المقام من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 30/ 6/ 1986 في الدعوى رقم 3925 لسنة 38 ق المرفوعة من الطاعن والذي قضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن أولاً بقبول الطعن شكلاً ثانياً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه - ثالثاً بالنسبة للموضوع التصدي لموضوع الطعن والحكم برفض وتأييد حكم محكمة القضاء الإداري الصادر لصالح الطاعن بجلسة 30/ 6/ 1986 في الدعوى رقم 3925/ 38 ق مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 14/ 3/ 1992 ثم تداول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 29/ 5/ 1993 وفيها قررت إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 10/ 7/ 1993 المسائية لنظره بهيئة أخرى وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 7/ 5/ 1984 أقام مصطفى خالد حمدي الدعوى رقم 3925 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية طالباًًًًً الحكم بمنحه منحة تعادل مرتب ثلاثة أشهر بفئة الخارج وفوائدها التأخيرية منذ تاريخ الاستحقاق وقال شرحاً لدعواه إنه نقل بتاريخ 25/ 4/ 1977 من القاهرة إلى نيروبي - مكتب التمثيل التجاري - وتسلم عمله في أول سبتمبر 1977 وبتاريخ 3/ 7/ 1979 نقل من نيروبي إلى طوكيو وتسلم عمله في أواخر عام 1977 وبتاريخ 6/ 8/ 1980 صدر القرار بنقله من طوكيو إلى القاهرة نقلاً مفاجئاً يخضع لأحكام القرار الجمهوري رقم 913 لسنة 1970 ومن ثم يستحق مرتب ثلاثة أشهر بفئة الخارج.
وبجلسة 30/ 6/ 1986 قضت محكمة القضاء الإداري بأحقية المدعي في صرف منحة تعادل مرتب ثلاثة أشهر بفئة مرتبه في الخارج عملاً بأحكام القرار الجمهوري رقم 913/ 1970 والفوائد المستحقة على ذلك اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية الحادثة في 7/ 5/ 1984 حتى تاريخ السداد وإلزام جهة الإدارة المصروفات وإذا لم ترفض الجهة الإدارية المدعى عليها هذا الحكم فقد طعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا وقيد طعنها برقم 3517 لسنة 32 ق عليا طالبة الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وبجلسة 31/ 12/ 1989 أصدرت هذه المحكمة حكمها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات وأقامت قضاءها بعد أن أشارت إلى المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 913/ 1970 ومحضر مجلس شئون السلك بشأن قواعد نقل أعضاء السلك التجاري التي أقرها المجلس في جلسته رقم 9 من مايو 1979 والمعتمدة من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية - إلى أن المدة المقررة لعمل أعضاء السلك التجاري بالخارج هي أربع سنوات إلى أنه صدر القرار عاماً بنقل كل من أمضى ثلاث سنوات بالخارج من إعطائه مهلة ثلاثة أشهر للتنفيذ وشمل ذلك المدعي ضمن من سرت في شأنهم هذه القاعدة ومتى استبان أن جهة الإدارة وإن نقلت المدعي قبل قضائه المدة المقررة قانوناً إلا أنها منحته مهلة ثلاثة أشهر لتنفيذ النقل أي أنها قد هيأت له وأزالت عنه عنصر المفاجأة وأتاحت له ذات المدة المنصوص عليها في القرار الجمهوري رقم 913/ 1970 سالف البيان ومن ثم لا يعتبر هذا النقل مفاجئاً وينتفي فيه مناط استحقاق منحه الثلاثة أشهر.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أنه تبين للطاعن أن السيد الأستاذ المستشار/ ...... قد اشترك في هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه حاول كونه قد سبق أن أفتى في موضوع الطعن وقت أن كان رئيساً لإدارة الفتوى لوزارات المالية والاقتصاد والتموين والتأمينات وذلك بالفتوى رقم 998 الصادرة بتاريخ 18/ 11/ 1987 ملف رقم 16/ 1/ 2266 ومن ثم يكون الحكم قد شابه بطلان جوهري ينحدر به إلى درجة الانعدام الأمر يبطل الحكم ويعدمه مما يتعين القضاء بذلك والتصدي لموضوع الدعوى وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 3915/ 38 ق هذا بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه قد خلا من ذكر أي مستند يسعف المحكمة فيما قررته من أن جهة الإدارة منحت المدعي ثلاثة أشهر لتنفيذ النقل وأضاف الطاعن أنه على افتراض إلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المشار إليه فإنه يستفيد من أحكام القانون رقم 96/ 1986 بالتجاوز عن استرداد ما صرف بغير وجه حق من مرتبات أو أجور أو بدلات أو رواتب إضافية.
ومن حيث إن المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية: - 1 -...... 2 -......... 3-......... 4 -....... 5-.......، إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها.
ونص المادة 147 منه على أن يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى.
ومن حيث إن علة عدم صلاحية القاضي في الأحوال المنصوص عليها في البند (5) من المادة 146 من قانون المرافعات هي أن الإفتاء أو المرافعة أو الكتابة في الدعوى تدل على الميل إلى جانب الخصم الذي حصل الإفتاء أو الكتابة لمصلحته كما أن فيه إظهار لرأي القاضي وقد يأنف من التحرر فيه ومنع القاضي من نظر الدعوى التي أدلى فيها بشهادة يتمشى مع أن القاضي لا يجوز له أن يقضي بناء على معلوماته الشخصية وعلة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى التي سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي كشف عانه عمله المتقدم ويأنف من التحرر منه فيتأثمه قضاؤه.
ومن حيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا هي خاتمة المطاف وأعلى محكمة طعن في القضاء الإداري وأحكامها باتة فلا يجوز قانوناً إن يعقب على أحكامها ولا تقبل الأحكام الصادرة منها الطعن بأي طريق من طرق الطعن إلا إذا انتفى عنها صفة الأحكام القضائية بأن يصدر الحكم من مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية أو أن يقترن الحكم بعيب جسيم يفقد الحكم معه وظيفته ومقوماته وتقوم على أساسه دعوى البطلان الأصلية. ومن حيث إنه عما أثاره المدعي في دعوى البطلان الماثلة من أن السيد الأستاذ المستشار محمد محمود الدكروري عضو هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم في الطعن رقم 3517/ 32 ق عليا بجلسة 31/ 12/ 1989 سبق أن أفتى في موضوع الطعن وقت أن كان رئيساً لإدارة الفتوى لوزارات المالية والاقتصاد والتموين والتأمينات فالثابت من مطالعة الفتوى الصادرة من الإدارة المذكورة بالكتاب رقم 998 بتاريخ 18/ 11/ 1987 والموقعة من السيد الأستاذ المستشار المذكور والموجهة إلى رئيس القطاع المشرف على مكتب السيد الدكتور وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أن موضوعها إبداء الرأي حول المنحة المشار إليها في قرار رئيس الجمهورية رقم 913/ 1970 والتي قضت محكمة القضاء الإداري بجلستها المنعقدة في 30/ 6/ 1986 بأحقية الوزير المفوض السيد/ مصطفى خالد حمدي (المدعي) في صرفها هل تحسب مقومه على أساس سعر الصرف الذي كان سائداً وقت وقوع الضرر في سبتمبر 1980 أم على أساس سعر الصرف وقت صدور الحكم وانتهى الرأي فيها إلى حساب المنحة المذكورة مقوماً على أساس سعر الصرف الذي كان سائداً في تاريخ صدور الحكم بينما الثابت أن المنازعة التي تناولها الطعن رقم 3517/ 32 ق عليا فإنها ينصب حول أحقية المدعي في صرف منحة تعادل مرتب ثلاث أشهر بفئة مرتبة في الخارج عملاً بأحكام القرار الجمهوري رقم 913/ 1970 لنقله المفاجئ بالقرار الوزاري رقم 128/ 1980 الصادر في 6/ 8/ 1980 وإذا كان الأمر كذلك وكانت الفتوى المشار إليها قد اقتصرت على بيان حكم القانون حول سعر الصرف الذي يتم على أساسه حساب المنحة المحكوم بها لصالح المدعي في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 30/ 6/ 1986 في الدعوى رقم 3925/ 38 ق وهو ما يتعلق بكيفية حسابها عند الصرف وهو أمر مستقل وقائم بذاته يختلف عن موضوع المنازعة التي تصدى لها الطعن رقم 3517/ 32 ق عليا والخاص بأحقية المدعي في هذه المنحة طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 913/ 1970 وهو ما يتعلق بأصل الاستحقاق فيها وهو أمر سابق ومنبت الصلة عن كيفية حسابها ومتى كان ما تقدم فإن السيد المستشار/ محمد محمود الدكروري لم يبد رأياً في المنازعة التي تصدى لها الطعن المشار إليه وبالتالي لم يقم به سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات سالفة البيان يحول دون اشتراكه في نظر الطعن رقم 3572/ 32 ق عليا ومن ثم فإن الحكم الصادر في الطعن المذكور لا يلحقه البطلان من هذا الوجه أما ما ساقه المدعي من أسباب أخرى فإنها تتعلق بتأويل القانون وتطبيقه وتهدف إلى إعادة مناقشة وأقام عليه قضاء الحكم المطعون فيه الأمر الذي لا تتوافر معه شرائط دعوى البطلان الأصلية إذ ليس فيما ذكره المدعي مما يجرد الحكم من أركانه الأساسية وفقد صفته كحكم الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.