مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 433

(147)
جلسة 25 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسين عوض بريقي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إبراهيم حسين صالح خليفة وسعد زغلول محمد أبو عوف ويحيي توفيق الجارحي وعبد الفتاح صالح الدهري - المستشارين.

القضية رقم 1338 لسنة 18 القضائية

إصلاح زراعي - استيلاء "وقف".
القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات - نصه على أيلولة ملكية الرقبة إلى المستحق في الوقف إذا ثبت أن الاستحقاق بعوض - استبعاد نصيب المستحق من دائرة الاستيلاء لدى الواقف - أساس ذلك. مثال.
إن أول قانون وضعه المشرع لتنظيم الوقف وشئونه هو القانون رقم 48 لسنة 1946 وبالرجوع إليه يبين أنه نص في المادة 11 منه على أن "للواقف أن يرجع في وقفه كله أو بعضه كما يجوز له أن يغير في مصارفه وشروطه ولو حرم نفسه من ذلك على أن لا ينفذ التغيير إلا في حدود هذا القانون.
ولا يجوز له الرجوع ولا التغيير فيما وقفه قبل العمل بهذا القانون وجعل استحقاقه لغيره إذا كان قد حرم نفسه وذريته من هذا الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة له أو ثبت أن هذا الاستحقاق كان بعوض مالي أو بضمان حقوق ثابتة قبل الواقف..." وقد ألغي نظام الوقف على غير الخيرات بالقانون رقم 180 لسنة 1952 الذي نص في المادة الثانية منه على أن "يعتبر منتهياً كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصاً لجهة من جهات البر". ونص في المادة الثالثة منه على أنه "يصبح ما ينتهي فيه الوقف على الوجه المبين في المادة السابقة ملكاً للواقف إن كان حياً وكان له حق الرجوع فيه....." ونص في المادة الرابعة على أنه استثناء من أحكام المادة السابقة لا تؤول الملكية إلى الواقف متى ثبت أن استحقاق من سيخلفه في الاستحقاق كان بعوض مالي أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف وفقاً لأحكام المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 السالف الذكر وفي هذه الحالة يؤول ملك الرقبة إلى من سيخلف الواقف من المستحقين كل بقدر حصته على الوجه المبين في المادة السابقة ويكون للواقف حق الانتفاع مدى حياته.
ويعتبر قرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض أو ثبوت الحقوق قبله حجة على ذوي الشأن جميعاً متى صدر خلال الثلاثين يوماً التالية للعمل بهذا القانون" ونص في المادة العاشرة منه على أن "يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية" وقد تم نشره في 14 من سبتمبر سنة 1952.
ومقتضى ذلك أنه إذا كان الواقف حياً وقت العمل بقانون إلغاء الوقف تؤول إليه ملكية الوقف إلا إذا قرر بإشهاد رسمي في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ العمل بالقانون بأنه تلقى عوضاً مالياً مقابل الوقف فلا يكون للواقف حينئذ سوى حق الانتفاع مدى حياته ويعتبر هذا القرار الثابت بالإشهاد الرسمي حجة على ذوي الشأن جميعاً ولما كان القانون أطلق عبارة ذوي الشأن ولم يحدها بأي قيد أو استثناء بل أنه أردفها بلفظ جميعاً فإن هذه الحجة تشمل ولا شك الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فتكون مساحة الأرض الزراعية التي انتهى فيها الوقف خارجة عن ملكية الواقف داخلة في ملكية المستحقين الحاليين وقت إنهاء الوقف ويتعين مراعاة ذلك عند إعمال أحكام قوانين الإصلاح الزراعي فتخرج المساحات التي انتهى فيها الوقف والتي أقر الواقف أنه تلقى عوضاً مالياً مقابلها عن دائرة الاستيلاء لدى هذا الواقف.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المرحوم واصف بقطر بشارة كان قد أوقف أرضاً زراعية مساحتها 8 س 9 ط 56 ف بزمام ناحية الحمر والحبافوة مركز قوص (قنا) وذلك بموجب حجة محررة في 15 من نوفمبر سنة 1943 أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية وقد أنشأ الواقف هذا الوقف على نفسه أيام حياته ينتفع به جميع الانتفاعات الشرعية... ثم من بعده يكون وقفاً مصروفاً ريعه على كريمته الآنسة جوزفين ما بقيت على قيد الحياة......." مستند رقم 1 من حافظة مستندات المعترضة وأنه في 9 من أكتوبر سنة 1952 صدر إشهاد من محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية تحت رقم مسلسل 730 متتابعة 391 أقر فيه المرحوم واصف بقطر بشارة أنه "وقف وقفه المذكور على كريمته المذكورة من بعده نظير عوض مالي قدره ألفان من الجنيهات قبضت منها من أموال ملكتها بطريق التبرع لها من والدتها اسكندره باسيلي بشارة ومن جدها لأمها باسيلي بشارة" وأضاف أن هذا إشهاد منه بذلك طبقاً للمادة الرابعة من القانون رقم 180 لسنة 1952 - مستند رقم 2 من حافظة المعترضة وتنفيذاً للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 قدم المرحوم واصف بقطر بشارة إقراراً بملكيته الزراعية وأورد في خانة الملاحظات تحت الملاحظة رقم 4 إشارة إلى إنشاء الوقف المذكور وإلى إشهاده على نفسه بأنه تلقى عوضاً مالياً وإلى أنه بذلك تكون ملكية الرقبة قد آلت إلى كريمته جوزفين - صحيفة 151 من ملف الإصلاح الزراعي رقم 2/ 178/ 876 الخاص بالمالك المذكور وفي 8 من مارس سنة 1972 تلقت الآنسة جوزفين واصف بقطر بشارة أي الطاعنة كتاباً برقم 1783 من تفتيش المساحة بالأقصر مكتب الإصلاح الزراعي بشأن المساحة موضوع النزاع انتهى فيه إلى أن هذه المساحة تعتبر زائدة في ملك الواقف وكان ملزماً بتقديم إقرار جديد خلال شهرين من تاريخ الزيادة وكان واجباً عليه أن يتصرف في تلك الزيادة إلى صغار الزراع وقد تم الاستيلاء الفعلي بالطبيعة وأنه إذا كان لديها اعتراض فلتتقدم به إلى اللجنة القضائية - مستند رقم 3 من حافظة المعترضة.
وبإنزال حكم المبادئ المتقدمة على واقعة الدعوى ترى المحكمة بأن الواقف المذكور وقد أشهد على نفسه بإشهاد رسمي في الموعد المحدد قانوناً لإجرائه أنه كان قد تلقى عوضاً مالياً عن هذا الوقف فإن ملكية الرقبة تؤول في الحال إلى المستحقة الوحيدة في الوقف وهي الطاعنة وبذلك تصبح مالكة للمساحة موضوع النزاع منذ 14 من سبتمبر سنة 1952 تاريخ انتهاء الوقف فيها ولا يسوغ للإصلاح الزراعي أن يعتبر هذه المساحة داخلة في ملك الواقف إذ أنه ملزم بالأخذ بالإشهاد وبنتائجه فهو حجة على جميع ذوي الشأن بما فيهم الإصلاح الزراعي كما تقدم.
من أجل ذلك كله يتعين اعتبار المساحة المذكورة داخلة في ملكية الطاعنة منذ 14 من سبتمبر سنة 1952 ولما كانت قد احتفظت بها في إقرارها المقدم منها تنفيذاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 ثم في إقرارها المقدم منها تنفيذاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 فإنه يتعين إخراجها من دائرة الاستيلاء عليها.