مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 442

(149)
جلسة 29 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة - نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

القضية رقم 281 لسنة 14 القضائية

استيراد - رسوم الاستيراد - حالات ردها.
القانون رقم 159 لسنة 1958 بفرض رسم الاستيراد - قرار وزير الاقتصاد رقم 357 لسنة 1958 بطريقة رد رسوم الاستيراد - الحالات التي عددها لرد الرسوم لم ترد على سبيل الحصر وإنما على سبيل التمثيل - حق مؤدي الرسم في استرداده يتوافر بقيام السبب الخارج عن إرادته الذي من شأنه تعذر استيراد البضائع المرخص بها - أساس ذلك - مثال.
إن القانون رقم 159 لسنة 1958 يفرض رسم استيراد والذي يحكم الواقعة مثار المنازعة ينص في المادة الأولى منه على أن يفرض رسم استيراد بواقع 9% من القيمة الإجمالية لما يرخص في استيراده من بضائع ويعين بقرار من وزير الاقتصاد والتجارة كيفية تحصيل الرسم" وينص في المادة الثالثة منه على أن "يرد الرسم إذا تعذر على مؤديه استيراد البضائع المرخص له في استيرادها بسبب لا دخل له فيه وينظم وزير الاقتصاد والتجارة بقرار منه طريقة رد الرسم". ونصت المادة الأولى من قرار وزير الاقتصاد والتجارة رقم 357 لسنة 1958 بطريقة رد الرسم المقرر بالقانون رقم 159 لسنة 1958 على أن "يرد الرسم المقرر بالقانون رقم 159 لسنة 1958 إذا تعذر على مؤديه استيراد البضائع المرخص له في استيرادها لسبب لا دخل له فيه خلال مدة سريان الترخيص وذلك في الحالات الآتية....." ومفاد هذه النصوص أن الواقعة المنشئة لاستحالة رسم الاستيراد هي الترخيص بالاستيراد وأن حق مؤدي الرسم في استرداده منوط بتعذر استيراد البضائع المرخص له في استيرادها بسبب لا دخل للمرخص له فيه وإذا كان القرار رقم 357 لسنة 1958 سالف الذكر قد حدد بعض حالات أجاز فيها رد رسم الاستيراد لمؤديه إذا تعذر عليه استيراد البضائع لسبب لا دخل له فيه خلال مدة سريان الترخيص وكان القانون رقم 159 لسنة 1958 سالف الذكر لم يخول وزير الاقتصاد والتجارة سلطة تحديد الحالات التي يتعذر فيها على مؤدي الرسم استيراد البضائع المرخص له في استيرادها لسبب لا دخل له فيه، فإن مؤدى ذلك أن الحالات التي ساقها القرار الوزاري المذكور لا تنطوي على ثمة حصر لكل الحالات التي قضى القانون برد رسم الاستيراد فيها، وبهذه المثابة فإنها لا تعدو أن تكون مجرد أمثلة، ومن ثم فإن حق مؤدي الرسم في استرداده يتوافر بقيام السبب الخارج عن إرادته والذي من شأنه أن يتعذر عليه استيراد البضائع المرخص له في استيرادها إعمالاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 159 لسنة 1958 سالف الذكر دون التقيد بالحالات التي عددها القرار الوزاري رقم 357 لسنة 1958.
ومن حيث إن الثابت من استقراء الأوراق على التفصيل السابق أن المدعي تقدم إلى الإدارة العامة للاستيراد بوزارة الاقتصاد بطلب الترخيص له في استيراد أسماك محفوظة من يوغوسلافيا ولحم بقري محفوظ من الصين الشعبية وذلك في 30 من نوفمبر سنة 1960 وقيد الطلبان في هذا اليوم برقمي الوارد 2188، 2192 على التوالي على ما هو ثابت من ختم الإدارة المذكورة على طلبي الاستيراد المشار إليهما وكان طلبي الترخيص المشار إليهما قد قدما بناء على العرضين المقدمين إلى المدعي من شركتي التصدير في 10 من نوفمبر سنة 1960 بالنسبة للترخيص الأول و15 من أكتوبر سنة 1960 بالنسبة للترخيص الثاني وإذ كان الأمر كذلك وكانت الإدارة المذكورة لم ترخص له في استيراد البضائع سالفة الذكر إلا في 17 من إبريل سنة 1961 أي بعد انقضاء أكثر من أربعة أشهر ونصف، وذلك رغماً عما تضمنته فاتورة الشراء المبدئية الصادرة من الشركة اليوغوسلافية إلى المدعي بأن يكون التسليم في أقرب وقت ممكن وهي الفاتورة التي على أساسها تقدم المدعي طالباً الترخيص له في استيراد الأسماك المحفوظة من يوغوسلافيا وأرفقها بطلبه هذا، فإن جهة الإدارة تكون في الواقع من الأمر قد تراخت في إصدار الترخيصين المشار إليهما تراخياً يجاوز الأمد المعقول، أخذاً في الحسبان أن أمور الاستيراد تتطلب بطبيعتها سرعة البت، على نحو لا يسوغ معه أن تظل مراكز المستوردين والمصدرين معلقة في الوقت الذي تتقلب فيه الأسعار العالمية ويتغير فيه العرض من المنتجات بين يوم وآخر. وقد ترتب على تراخي الجهة الإدارية أن صدر الترخيصان المشار إليهما في الربع الثاني من سنة 1961 وكان المنتج من الأسماك المحفوظة واللحم البقري المحفوظ قد نفذ على ما جاء بكتاب شركة يوغوربيا وسفارة الصين الشعبية سالف الذكر، ولا غناء فيما أثير من أن هذين الكتابين صدرا بصدد الترخيصين الممنوحين للمكتب الشرقي للتجارة (شفيق زنانيري) ومن ثم فلا يجوز الاحتجاج بما تضمناه من بيانات في شأن المدعي، لا غناء في ذلك أن هذين الكتابين صدرا على التفصيل السابق بمناسبة ترخيصين مماثلين للترخيصين الخاصين بالمدعي من حيث نوع البضاعة وجهة الاستيراد وتاريخ الإصدار وتاريخ صلاحية كل منهما، وإذ تضمن هذان الكتابان أنه لم يكن ثمة فائض من البضائع المرخص باستيرادها يسمح بشحنه إلى مصر في سنة 1961 فإن المدعي يكون على حق في طلب الإفادة بما تضمنه هذان الكتابان من وقائع يتوافر معها العذر المبرر لطلب رد رسم الاستيراد المحصل منه لسبب لا دخل له فيه، وهو على ما سلف البيان تراخي جهة الإدارة في إصدار الترخيصين منذ 30 من نوفمبر سنة 1960 إلى الربع الثاني من سنة 1961 التي تعذر فيها على الجهة المصدرة في كل من يوغوسلافيا والصين الشعبية تقدير البضائع المرخص باستيرادها لعدم وجود فائض منها. وبهذه المثابة فإنه يصبح غير ذي موضوع الإدعاء بأن المدعي لم يستعمل ترخيص الاستيراد خلال ستين يوماً من تاريخ إصدارهما وفقاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد، لأنه سواء اعتد بتاريخ انقضاء مدة الستين يوماً المذكورة أو انقضاء تاريخ مفعولهما بالنسبة لوصول البضاعة المشار إليها في الترخيصين وهو 16 من ديسمبر سنة 1961، فإن كلاً من هذين التاريخين قد وضع خلال النصف الثاني من سنة 1961 التي كان من المتعذر فيها على جهتي التصدير تصدير البضائع المرخص باستيرادها على ما سلف البيان، ومن ثم فإنه ما كان يسوغ للجهة الإدارية أن تلزم المدعي بأداء رسوم الاستيراد عن الترخيصين المشار إليهما وترفض طلب إعفائه منها، ومن ثم يكون قرارها في هذا الشأن قد صدر بالمخالفة للقانون.