أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 36 - صـ 142

جلسة 24 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ أحمد صبري أسعد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.

(34)
الطعن رقم 2070 لسنة 51 القضائية

(1) ملكية "حظر تملك الأجانب للعقارات". بطلان. بيع.
حظر تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء. المادة الأولى ق81 لسنة 76. الاستثناء. المادتان 2، 5 من ذات القانون. مخالفة ذلك. أثره. بطلان التصرف. للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
(2) دعوى "دعوى صحة التعاقد" "نطاقها". بيع. ملكية. بطلان.
دعوى صحة التعاقد. شرط قبولها. أن يكون البيع ناقلاً للملكية. مؤدى ذلك. اتساعها لبحث أسباب بطلان العقد.
(3) التزام "أوصاف الالتزام" "الشرط الواقف". قانون "كمصدر للشرط".
الشرط الذي يكون القانون مصدره. أثره. عدم قيام الحكم المشروط إلا عند تحققه. اعتبار الشرط في هذه الحالة من عناصر الحق ذاته. (مثال).
1 - مفاد نصوص القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات أن المشرع حظر تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء ما لم تتوافر إحدى الحالات الواردة بالمادة الثانية أو يتوافر في التصرف الشروط المبينة بالمادة الخامسة منه، وإلا كان التصرف باطلاً وتقضي المحكمة بالبطلان من تلقاء نفسها.
2 - دعوى صحة التعاقد تستلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها وهذا يقتضي أن يفصل قاضي الموضوع في أمر صحة البيع ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد ونفاذه.
3 - الشرط الواقف من شأنه أن يوقف نفاذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة فيكون الالتزام في فترة التعليق موجوداً، غير أن وجوده ليس مؤكداً، وأحكام هذا الشرط الواقف إنما تقتصر على الشرط الذي ينشأ عن إرادة الملتزم، أما إذا كان القانون هو الذي فرض الشرط وعلق عليه حكماً من الأحكام فذلك لا يعتبر شرطاً بمعناه الصحيح، إذ الشرط أمر عارض لا يلحق الحق إلا بعد تكامل عناصره فيضاف إليه ويمكن تصور الحق بدونه، وذلك بعكس الشرط الذي يكون القانون مصدره، لأنه في هذه الحالة يعد عنصراً من عناصر الحق ذاته ولا يتصور قيام الحق بدونه ومن ثم لا يوجد الحكم المشروط ولا يثبت إلا عند تحقق شرطه أما قبل ذلك فلا يثبت لأن الأصل أن الأثر لا يسبق المؤثر، لما كان ذلك وكانت موافقة مجلس الوزراء أمر اشترطه القانون رقم 81 لسنة 1976 لإمكان تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء فإن هذه الموافقة تعد من عناصر الحق ذاته لا يتصور قيامه بدونها. وبالتالي فإنه لا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يستجب لطلب الطاعن وقف الدعوى أو تأجيلها لحين حصوله على موافقة مجلس الوزراء وتقديمها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5577 سنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد الابتدائي المؤرخ 1/ 10/ 1975، وقال بياناً لها إنه بموجب هذا العقد باع له المطعون عليهم (شقة) في المنزل المبين بالأوراق لقاء ثمن مقداره 8000 ج، وإذ تقاعسوا عن التوقيع على العقد النهائي فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبطلب عارض من المطعون عليهم طلبوا الحكم ببطلان عقد البيع سالف الذكر، وبتاريخ 31/ 12/ 1980 حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وفي الطلب العارض ببطلان عقد البيع آنف الذكر، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1880 سنة 98 ق مدني، وبتاريخ 27/ 5/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول والسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن عقد البيع موضوع الدعوى عقد صحيح يرتب كافة الآثار المقررة قانوناً عدا نقل الملكية الذي يتوقف على موافقة مجلس الوزراء طبقاً لأحكام القانون رقم 81 لسنة 1976، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه العقد باطلاً على إطلاقه بحسبان أنه مخالف للقانون المذكور، مع كون طلب المطعون عليهم الحكم ببطلان العقد يعد إخلالاً منهم بضمان عدم التعرض له في المبيع فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن القانون رقم 71 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء بعد أن حظر في مادته الأولى اكتساب ملكية العقارات المبينة أو الأراضي الفضاء في جمهورية مصر العربية على غير المصريين سواء أكانوا أشخاصاً طبيعية أم اعتباريين أياً كان سببه عدا الميراث، واستثنى من هذا الحظر في المادة الثانية منه أن تكون ملكية العقار لحكومة أجنبية لاتخاذه مقراً لبعثتها الدبلوماسية أو القنصلية أو لسكنى رئيس البعثة بشرط المعاملة بالمثل أو كانت الملكية لإحدى الهيئات أو المنظمات الدولية، وكذلك الحالات التي يوافق عليها مجلس الوزراء والتي تتوافر فيها شروط معينة، رتب في المادة الرابعة منه البطلان جزاء لكل تصرف يتم بالمخالفة لأحكامه ومنع شهره وأجاز لكل ذوي شأن وللنيابة العامة طلب الحكم بهذا البطلان وأوجب على المحكمة أن تقضي به في تلقاء نفسها، ثم أردف في المادة الخامسة حكماً أبقى به على التصرفات التي تم شهرها قبل العمل به الحاصل بتاريخ 26/ 8/ 1976 صحيحة ومنتجة لآثارها القانونية ولم يعتد بالتصرفات التي لم يتم شهرها إلا إذا كانت قدمت بشأنها طلبات شهر إلى مأموريات الشهر العقاري أو أقيمت عنها دعاوى صحة تعاقد أمام القضاء أو استخرجت بشأنها تراخيص بناء من الجهات المختصة وذلك كله قبل 21/ 12/ 1975، مما مفاده أن المشرع حظر تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء ما لم تتوافر إحدى الحالات الواردة بالمادة الثانية أو يتوافر في التصرف الشروط المبينة بالمادة الخامسة المشار إليهما وإلا كان التصرف باطلاً وتقضي المحكمة بالبطلان من تلقاء نفسها، لما كان ذلك وكانت دعوى صحة التعاقد تستلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها وهذا يقتضي أن يفصل قاضي الموضوع في أمر صحة البيع ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد ونفاذه، لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات حكم محكمة الدرجة الأولى المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه أنه أقام قضاءه ببطلان عقد البيع موضوع الدعوى لمخالفته أحكام القانون رقم 81 لسنة 1976 إذ لم يقدم الطاعن ما يفيد صدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تملكه العين محل النزاع ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الطاعن في الدفاع، ذلك أن عقد البيع موضوع الدعوى نشأ صحيحاً معلقاً على شرط واقف هو موافقة مجلس الوزراء وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن طلب وقف الدعوى أو تأجيل نظرها لحين تقديم موافقة المجلس المذكور، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الشرط الواقف من شأنه أن يوقف نفاذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة فيكون الالتزام في فترة التعليق موجوداً، غير أن وجوده ليس مؤكداً، وأحكام هذا الشرط الواقف إنما تقتصر على الشرط الذي ينشأ عن إرادة الملتزم أما إذا كان القانون هو الذي فرض الشرط وعلق عليه حكماً من الأحكام فذلك لا يعتبر شرطاً بمعناه الصحيح، إذ الشرط أمر عارض لا يلحق الحق إلا بعد تكامل عناصره فيضاف إليه ويمكن تصور الحق بدونه، وذلك بعكس الشرط الذي يكون القانون مصدره، لأنه في هذه الحالة يعد عنصراً من عناصر الحق ذاته ولا يتصور قيام الحق بدونه ومن ثم لا يوجد الحكم المشروط ولا يثبت إلا عند تحقق شرطه، أما قبل ذلك فلاً يثبت لأن الأصل أن الأثر لا يسبق المؤثر، لما كان ذلك وكانت موافقة مجلس الوزراء أمر اشترطه القانون رقم 81 لسنة 1976 لإمكان تمليك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء فإن هذه الموافقة تعد من عناصر الحق ذاته لا يتصور قيامه بدونها، وبالتالي فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو لم يستجب لطلب الطاعن وقف الدعوى أو تأجيلها لحين حصوله على موافقة مجلس الوزراء وتقديمها ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.