أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 178

جلسة 12 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة دكتور مصطفى كيره، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح عبد العظيم، سيد عبد الباقي، الدكتور أحمد حسني.

(36)
الطعن رقم 420 لسنة 47 القضائية

(1) دعوى "سبب الدعوى" حكم "حجية الحكم" قوة الأمر المقضي.
المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها. شرطه. القضاء برفض دعوى المطالبة بنصيب في الربح تأسيساً على عقد شركة التضامن. لا حجية له في دعوى تالية - بين نفس الخصوم وعن ذات الطلب - استناداً إلى شركة الواقع.
(2) بطلان. خبرة. شركات.
قضاء الحكم المطعون فيه بأن الحكم الابتدائي بندب خبير لتحقيق استمرار شركة تضامن رغم انقضائها قد خالف نص المادة 528 مدني. لا يحول دون الاعتماد على التقرير لتقدير ربح شركة الواقع.
1 - إذا دفع بعدم جواز سماع الدعوى لسبق الفصل فيها، فليس يكفي لقبول هذا الدفع أن يكون موضوع هذه الدعوى هو موضوع الدعوى السابقة، بل يجب أن يتوافر مع وحدة الموضوع ووحدة الخصوم وحدة السبب، فإذا تخلف أحد هذه الشروط، امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي، ولما كان الحكم إذ رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها استند إلى أن المدعية - المطعون ضدها الأولى - طلبت في الدعوى الأولى رقم..... واستئنافها رقم...... الحكم لها بالربح تأسيساً على عقد شركة التضامن...... المبرم بين مورثها والطاعنين واستئثارهما بربح الشركة دونها بعد وفاة مورثها ورفض الحكم القضاء لها بالربح...... فإذا عادت المدعية وطلبت في الدعوى الثانية رقم...... واستئنافها رقم...... إلزام الطاعنين بذات نصيبها في الربح فسبب هذه الدعوى وهو قيام شركة جديدة من شركات الواقع يكون مغايراً للسبب في الدعوى السابقة وهو شركة التضامن بين مورثها والطاعنين.
2 - الثابت من مدونات الحكم الصادر في الاستئناف رقم...... أن قضاءه لم ينصرف إلى بطلان أعمال الخبير وتقريره وإنما انصرف فحسب إلى أن قضاء محكمة أول درجة بندب خبير لتحقيق استمرار شركة التضامن موضوع العقد المؤرخ....... رغم انقضائها بوفاة المورث قد وقع مخالفاً لنص المادة 528 من القانون المدني، فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ اعتمد على ما جاء بذلك التقرير بشأن مقدار ربح المطعون ضدها من شركة الواقع التي قامت واستمرت بعد وفاة مورثها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1725 لسنة 1975 مدني كلي المنصورة طالبة الحكم بإلزام الطاعنين بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ 314.128 جنيه تأسيساً على أنه بموجب عقد مؤرخ أول يناير سنة 1959 أنشئت شركة تضامن بين مورثها والطاعنين باسم شركة "عواره لتجارة الساعات والنظارات" وأن هذا المبلغ هو قيمة نصيبها في ناتج الربح من شركة الواقع التي قامت بين الشركاء وبين ورثة الشريك المتوفى (مورثها) عن المدة من 28 فبراير 1963 حتى 30 نوفمبر 1972، وبتاريخ 22 مايو 1976 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم جواز النظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 316 لسنة 1972 واستئنافها رقم 237 لسنة 26 ق المنصورة، وبإلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون ضدها الأولى المبلغ المطالب به. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 369 لسنة 28 ق واختصما فيه المطعون ضده الثاني، وضمناً صحيفة الاستئناف إشكالاً في تنفيذ الحكم المستأنف، وبتاريخ 24 يناير سنة 1977 حكمت محكمة استئناف المنصورة بعدم قبول الإشكال وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني وبقبوله شكلاً فيما عدا ذلك وفي الموضوع برفضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة أن اختصام المطعون ضده الثاني أمام المحكمة الاستئنافية كان بصدد طلب وقف تنفيذ الحكم الابتدائي، وأن قضاء الحكم المطعون فيه برفض هذا الطلب لم يكن محلاً لنعي الطاعنين.
وحيث إن هذا الدفع سديد؛ ذلك أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في نزاع كان الحكم فيه محلاً للطعن عليه بالنقض، والثابت من الطعن أنه لم يبن على سبب يتصل بقضاء الحكم برفض طلب وقف التنفيذ الذي جاء اختصام المطعون ضده الثاني مقصوراً عليه، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدها الأولى فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن المطعون ضدها الأولى استصدرت حكماً في الدعوى 316 لسنة 1972 مدني كلي المنصورة بإلزامهما بأن يدفعا لها ذات المبلغ موضوع الحكم المطعون فيه باعتباره قيمة نصيبها في ربح شركة عوارة للاتجار في الساعات عن المدة ذاتها وقد ألغي في الاستئناف رقم 237 لسنة 26 ق مدني المنصورة والذي قضى برفض دعوى المطعون ضدها الأولى، ويكون الحكم الاستئنافي قد حسم النزاع بين الطرفين بصورة نهائية مما لا يصح معه معاودة نظره من جديد بين ذات الخصوم عن ذات الموضوع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 316 لسنة 1972 مدني كلي المنصورة واستئنافها رقم 237 لسنة 26 ق، يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي بهذا السبب في غير محله، ذلك أنه إذا دفع بعدم جواز سماع الدعوى لسبق الفصل فيها، فليس يكفي لقبول هذا الدفع أن يكون موضوع هذه الدعوى هو موضوع الدعوى السابقة، بل يجب أن يتوافر مع وحدة الموضوع ووحدة الخصوم وحدة السبب، فإذا تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي، ولما كان الحكم إذ رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها استند إلى أن المدعية - المطعون ضدها الأولى - طلبت في الدعوى الأولى رقم 316 لسنة 1972 مدني كلي المنصورة واستئنافها رقم 237 لسنة 26 ق مدني المنصورة الحكم لها بالربح تأسيساً على عقد شركة التضامن المؤرخ أول يناير سنة 1959 المبرم بين مورثها والطاعنين واستئثارهما بربح الشركة دونها بعد وفاة مورثها ورفض الحكم القضاء لها بالربح وأفصح في أسبابه عن حق المدعية في رفع دعوى مبتدأة بالربح الناتج من تصفية رأس المال وهو ربح لا يكون ناتجاً من الشركة المنقضية - وهو الأساس القانوني للطاعنة في دعواها - وإنما يكون ناشئاً عن شركة جديدة نتيجة لاستمرار الشركاء في أعمال جديدة ليست لازمة للتصفية وهو ما لم يكن مطروحاً على المحكمة وبذلك فإن المطالبة به من بعد لا تتعارض مع قضاء المحكمة بالرفض، فإذا عادت المدعية وطلبت في الدعوى الثانية رقم 1721 لسنة 75 مدني كلي المنصورة واستئنافها رقم 369 لسنة 75 إلزام الطاعنين بذات نصيبها في الربح فسبب هذه الدعوى وهو قيام شركة جديدة من شركات الواقع يكون مغايراً للسبب في الدعوى السابقة وهو شركة التضامن بين مورثها والطاعنين، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه البطلان لمخالفة القانون والثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى تقرير الخبير المقدم في الدعوى رقم 316 لسنة 1972 مدني كلي المنصورة رغم أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 237 لسنة 26 ق مدني المنصورة قد ذهب في أسبابه إلى بطلان ذلك التقرير مما يبطل الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه لابتنائهما على ذلك التقرير الباطل.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الثابت من مدونات الحكم الصادر في الاستئناف رقم 237 لسنة 26 ق مدني المنصورة أن قضاءه لم ينصرف إلى بطلان أعمال الخبير وتقريره, وإنما انصرف فحسب إلى أن قضاء محكمة أول درجة بندب خبير لتحقيق استمرار شركة التضامن موضوع العقد المؤرخ أول يناير سنة 1959 رغم انقضائها بوفاة المورث قد وقع مخالفاً لنص المادة 528 من القانون المدني، فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ اعتمد على ما جاء بذلك التقرير بشأن مقدار ربح المطعون ضدها من شركة الواقع التي قامت واستمرت بعد وفاة مورثها، وهو من إطلاقات قاضي الموضوع ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين غير سديد.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم قضى للمطعون ضدها الأولى بأرباح عن الشركة الجديدة التي لا علاقة لها بها ولا شأن لها برأسمالها، وخالف أحكام المواد من 532 إلى 537 من القانون المدني في شأن تصفية الشركات وتنكب الطريق الصحيح الذي رسمه الحكم الصادر في الاستئناف رقم 237 لسنة 26 ق مدني المنصورة للمطعون ضدها الأولى في شأن مقاضاة الشركة الجديدة بنصيبها في رأس مال الشركة المنقضية وما قد يكون ناتجاً من أرباحها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن ما يثيره الطاعنان بشأن انتفاء علاقة المطعون ضدها الأولى بشركة الواقع الجديدة لا يعدو أن يكون جدلاً متصلاً بصميم واقع الدعوى، لا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير سند.