أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 289

جلسة 25 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي، وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، وإبراهيم فراج، محمد محمود راسم وعبد الرشيد نوفل.

(60)
الطعن رقم 303 لسنة 45 ق

تأمينات اجتماعية. دعوى "قبول الدعوى".
وجوب تقديم طلب كتابي لهيئة التأمينات الاجتماعية للمطالبة بمستحقات المؤمن عليه في الأجل المحدد. القانون رقم 63 لسنة 1964، إعلان الهيئة بصحيفة دعوى المطالبة بهذه المستحقات أو توجيه الطلب لممثلها بجلسة المرافعة خلال الأجل. يتحقق به معنى الطلب الكتابي.
تنص الفقرة الأولى من المادة 119 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - الذي يحكم واقعة الدعوى على أنه "لا تقبل دعوى المطالبة بمستحقات المؤمن عليه أو المستحقين عنه إلا إذا طولبت الهيئة بها كتابة خلال خمس سنوات من التاريخ الذي تعتبر فيه هذه المستحقات واجبة الأداء". ومؤدى ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع رأى أن يحفظ للمؤمن عليه أو المستحقين عنه حقهم في المستحقات واجبة الأداء، وذلك دون أن يشترط شكلاً معيناً لهذا الطلب الكتابي أو يرتب عليه أية إجراءات أو مواعيد يتعين على المؤمن عليه أو المستحقين عنه أو هيئة التأمينات الاجتماعية اتباعها بعد تقديمه. لما كان ذلك وكان إعلان الهيئة بصحيفة المطالبة أو توجيه المطالبة إليها بهذه المستحقات في جلسة المرافعة التي تحضر بها خلال هذه المدة يتحقق به معنى الطلب الكتابي الذي قصده المشرع بحيث تستطيع الهيئة بعد مطالبتها على هذا النهج مراجعة مستحقات الطالب وصرفها ودياً إذ ثبت الحق فيها بما يغني عن الاستمرار في التقاضي، لما كان ذلك وكان الثابت أن مورث الطاعنين توفى بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1966 فأقاما الدعوى على الهيئة المطعون ضدها الثانية وصاحب العمل بطلبتهما السالفة البيان وفي جلسة 15 من يونيو سنة 1971 التي نظرت فيها هذه الدعوى وحضرت الهيئة وجهاً إليها طلب إلزامها بأن تؤدي إليهما مبلغ 75 جنيهاً قيمة تعويض الدفعة الواحدة المستحق لمورثهما وذلك قبل مضي خمس سنوات من تاريخ وفاته بما يتحقق به مقصود المشرع من الطلب الكتابي المقرر بالمادة 119 المنوه عنها، فإن الدعوى الموجهة منهما إلى الهيئة المطعون ضدها الثانية في هذا الشأن تكون مقبولة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 821 لسنة 1966 عمال كلي القاهرة التي صار قيدها برقم 2304 لسنة 1971 عمال كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهما - محمود محمد المغاوري والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إليهما مبلغ 1043.350 جنيه، وذلك على سند من القول أن ولدهما المرحوم مرزوق مكي كان يعمل لدى المطعون ضده الأول الذي لم يشترك عنه لدى الهيئة المطعون ضدها الثانية وأصيب بمرض الالتهاب السحائي الذي أودى بحياته في 15 أغسطس سنة 1966 وإذ يستحق لهما أجره عن فترة مرضه ومكافأة مدة الخدمة وبدل الأجازة السنوية والتعويض عن الأضرار التي لحقتهما بسبب وفاته أقاما الدعوى بطلباتهما السالفة البيان. وبتاريخ 11 من مايو سنة 1971 حكمت محكمة الدرجة الأولى للطاعنين بأجر فترة المرض وبدل الأجازة ورفضت طلب المكافأة وأعادت الدعوى إلى المرافعة لتحقيق طلب التعويض. وجه الطاعنان بجلسة 15 من يونيو سنة 1971 إلى الهيئة المطعون ضدها الثانية طلب إلزامها بأن تدفع إليهما مبلغ 75 جنيهاً قيمة تعويض الدفعة الواحدة المستحق لولدهما. وحكمت المحكمة في 31 من أكتوبر سنة 1971 بندب خبير لأداء المهمة التي أفصحت عنها بمنطوق حكمها، فقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الطاعنين يستحقان معاشاً مقداره 332.200 جنيه عن الفترة منذ وفاة مورثهما حتى 31 أكتوبر سنة 1977 وما يستجد بواقع 396 قرشاً شهرياً ومبلغ 149.946 جنيهاً قيمة التأمين الإضافي، وطلب الطاعنان الحكم بما أسفر عنه تقرير الخبير. وبتاريخ 19 من فبراير سنة 1974 حكمت المحكمة إلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية بأن تدفع إلى كل من الطاعنين مبلغ 128.673 جنيه ومعاشاً شهرياً مقداره 66 قرشاً اعتباراًَ من 1 نوفمبر سنة 1973. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 1643 لسنة 91 ق مدني أمام محكمة استئناف القاهرة، كما استأنفته المطعون ضدها الثانية بالاستئناف المقيد برقم 1676 سنة 91 ق مدني أمام ذات المحكمة، التي قررت ضم الاستئنافين وقضت في 13 من فبراير سنة 1975 برفض الاستئناف الأول وفي موضوع الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به ضد المطعون ضدها الثانية والحكم بعدم قبول الدعوى الموجهة إليها طبقاً للمادة 119 من القانون رقم 63 لسنة 1964. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة, فحددت لنظره جلسة 7 من ديسمبر سنة 1980. وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وبياناً لذلك يقولان أن الحكم أسس قضاءه بعدم قبول دعواهما الموجهة إلى الهيئة المطعون ضدها الثانية على المادة 119 من القانون رقم 63 لسنة 1964، في حين أنه يقصد بالمطالبة الكتابية الواردة بهذه المادة إعذار الهيئة فيعتبر رفع الدعوى بمثابة إعذار وقد توفى مورثهما بتاريخ 15 أغسطس سنة 1966 وقاما بتكليف الهيئة بأداء مستحقاتهما في 15 يونيه سنة 1972 قبل انقضاء خمس سنوات على وفاته.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأن الفقرة الأولى من المادة 119 من قانون التأمينات الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - الذي يحكم واقعة الدعوى - تنص على أنه "لا تقبل دعوى المطالبة بمستحقات المؤمن عليه أو المستحقين عنه إلا إذا طولبت الهيئة بها كتابة خلال خمس سنوات من التاريخ الذي تعتبر فيه هذه المستحقات واجبة الأداء", ومؤدى ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع رأى أن يحفظ للمؤمن عليه أو للمستحقين عنه حقهم في المستحقات واجبة الأداء، وذلك دون أن يشترط شكلاً معيناً لهذا الطلب الكتابي أو يرتب عليه أية إجراءات أو مواعيد يتعين على المؤمن عليه أو المستحقين عنه أو هيئة التأمينات الاجتماعية اتباعها بعد تقديمه لما كان ذلك وكان إعلان الهيئة بصحيفة دعوى المطالبة بالمستحقات خلال المدة المحددة في الفقرة الأولى من المادة 119 المشار إليها أو توجيه المطالبة إليها بهذه المستحقات في جلسة المرافعة التي تحضر بها خلال هذه المدة يتحقق به معنى الطلب الكتابي الذي قصده المشرع بحيث تستطيع الهيئة بعد مطالبتها على هذا النهج مراجعة مستحقات الطالب وصرفها ودياً إذ ثبت الحق فيها بما يغني عن الاستمرار في التقاضي، لما كان ذلك وكان الثابت أن مورث الطاعنين توفى بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1966 فأقاما الدعوى على الهيئة المطعون ضدها الثانية وصاحب العمل بطلباتهما السالفة البيان, وفي جلسة 15 يونيو سنة 1971 التي نظرت فيها هذه الدعوى وحضرتها الهيئة وجهاً إليها طلب إلزامها بأن تؤدي إليهما مبلغ 75 جنيهاً قيمة تعويض الدفعة الواحدة المستحق لمورثهما وذلك قبل مضي خمس سنوات من تاريخ وفاته بما يتحقق به مقصود المشرع من الطلب الكتابي المقرر بالمادة 119 المنوه عنها، فإن الدعوى الموجهة منهما إلى الهيئة المطعون ضدها الثانية في هذا الشأن تكون مقبولة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه - الصادر في استئناف الهيئة هذا النظر وقضى بعدم قبول تلك الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص لهذا السبب بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه الصادر في استئناف الطاعنين إنما قضى برفضه تأسيساً على قضائه بعدم قبول دعواهما في استئناف الهيئة المطعون ضدها الثانية، لما كان ذلك وكان هذا الحكم قد صدر مع الحكم الآخر المنقوض وترتب عليه، فإنه وعلى مقتضى الفقرة الأولى من المادة 271 من قانون المرافعات يتعين إلغاؤه.