أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 36 - صـ 324

جلسة 28 من فبراير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة نائب رئيس المحكمة، محمد مختار منصور، محمد نبيل النباوي وريمون فهيم إسكندر.

(72)
الطعنان رقما 1480 و1635 لسنة 54 القضائية

(1) محكمة الموضوع "مسائل الواقع". حراسة "الحراسة القضائية".
تقدير توافر النزاع الجدي والخطر الموجبان لفرض الحراسة من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع.
(2) قضاء مستعجل. حراسة "الحراسة القضائية". قسمة.
اختصاص قاضي الأمور المستعجلة. مناطه. عدم المساس بأصل الحق في الإجراء المؤقت الذي يأمر به. فرض الحراسة القضائية على الأموال محل عقدي القسمة المتنازع في صحتها وتكليف الحارس بتوزيع صافي الريع طبقاً للأنصبة الشرعية. مؤداه اعتبار الأموال محل العقدين شائعة. مساسه بأصل الحق.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير توافر النزاع الجدي والخطر الموجبين للحراسة من المسائل الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع وحسبها أن تقيم قضاءها بهذا الإجراء التحفظي المؤقت على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضي الأمور المستعجلة يمتنع عليه أن يمس أصل الحق في الإجراء المؤقت الذي يأمر به، وإذ كان قضاء الحكم المطعون فيه بفرض الحراسة القضائية محمولاً على قيام النزاع الجدي حول صحة وقيام عقدي القسمة.... فإن تكليفه الحارس بتوزيع صافي ريع الأموال محل الحراسة على الخصوم طبقاً لأنصبتهم الشرعية في التركة ينطوي على إهدار لعقدي القسمة واعتبار أن الأموال محلهما تركة شائعة بين الورثة وهو ما يمس أصل الحق بما يعيبه بمخالفة القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 224 لسنة 1982 مدني كلي الإسماعيلية على كل من الطاعنين وباقي المطعون ضدهم طالباً الحكم بصحة عقد القسمة المؤرخ 19/ 4/ 1981 وتسليمه الأموال التي اختص بها المبينة بالصحيفة وقال بياناً لها إنه بموجب ذلك العقد تم تقسيم الأموال التي آلت إليه وباقي الخصوم عن مورثيهم إلا أن الطاعنين ينازعانه فيم اختص به مما دعاه إلى إقامة دعواه ليحكم له بطلباته. أثناء نظر الدعوى أبدى المطعون ضده الأول طلباً عارضاً للحكم بصفة مستعجلة بفرض الحراسة القضائية على الأموال محل عقد القسمة. كما أقامت المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 497 لسنة 1982 مدني كلي الإسماعيلية على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها للحصة الشائعة التي آلت إليها عن مورثيها المبينة بعقد القسمة المؤرخ 19/ 4/ 1981 وبطلان عقد القسمة المؤرخ 10/ 10/ 1980 ثم أضافت طلباً عارضاً بفرض الحراسة على الأعيان المبينة بالعقد الأول، انضم المطعون ضدهم من الثالث حتى الخامس إلى المطعون ضدهما الأول والثانية في طلب الحراسة، أمرت المحكمة بضم الدعويين وبتاريخ 6/ 11/ 1983 قضت بعدم جواز نظر الطلب المستعجل لسابقة الفصل فيه في الدعوى رقم 86 لسنة 1981 مستعجل الإسماعيلية وبندب خبير في الدعوى لتحديد عناصر التركة المتنازع عليها. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم في شقه المستعجل - لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 230 لسنة 8 ق، كما استأنفه المطعون ضدهم من الثانية حتى الخامس أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 232 لسنة 8 ق طالبين إلغاؤه والحكم لهم بطلباتهم، أمرت المحكمة بضم الاستئنافين وبتاريخ 6/ 5/ 1984 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبفرض الحراسة القضائية على الأعيان المبينة بعقد القسمة المؤرخ 19/ 4/ 1981 وتعيين المطعون ضده الثالث حارساً لاستلامها وإدارتها وتوزيع ريعها على الخصوم طبقاً للأنصبة الشرعية. طعن...... في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1480 لسنة 54 ق، كما طعن عليه...... بالطعن رقم 1635 لسنة 54 ق. أودعت النيابة مذكرة فيهما أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة فضمت ثاني الطعنين إلى أولهما وقررت عدم قبول السببين الثاني والثالث من أسباب الطعن رقم 1480 لسنة 54 ق والسبب الثاني والأوجه من الثاني حتى الرابع من السبب الأول من أسباب الطعن رقم 1635 لسنة 54 ق وحددت جلسة لنظر باقي أسباب الطعنين وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه السادس من السبب الأول من الطعن رقم 1635 لسنة 54 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم إذ قضى بقبول الاستئناف رقم 232 لسنة 8 ق من خصوم لم يبدوا طلبات أمام محكمة أول درجة يكون قد خالف القانون مما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الثابت من المذكرة المؤرخة 11/ 10/ 1983 المقدمة من المطعون ضدهم من الثالث حتى الخامس أمام محكمة أول درجة أنهم انضموا إلى طالبي فرض الحراسة في طلبها بما يلحقهم بالمدعيين في هذا الخصوص ويتيح لهم استئناف الحكم الذي لم يجبهم إلى طلبهم ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم إذ قضى بغرض الحراسة على الأعيان المبينة بعقد القسمة المؤرخ 19/ 4/ 1981 على الرغم من أن المطعون ضده الأول قد طلب في دعواه الموضوعية تسليمه ما خصه من أموال بما يستتبع أن يرد طلب الحراسة على تلك الأموال - فحسب - فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم وفرض الحراسة على أموال ليست محل نزاع بما يعيبه بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الثابت من صحيفة الطلب المستعجل المقام من المطعون ضده الأول في الدعوى برقم 224 لسنة 1982 مدني كلي الإسماعيلية إنه طلب فرض الحراسة على جميع الأموال محل عقد القسمة، وقد انضم إليه في ذلك المطعون ضدهم من الثانية حتى الخامس ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من كل من السببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان عقدا القسمة المؤرخان 10/ 10/ 1980، 19/ 4/ 1981 ما يزالان قائمين مرتبين لآثارهما بما ينتفي معه النزاع والخطر المبرران للحراسة فإن الحكم إذ لم يلتفت إلى ذلك وقضى بفرض الحراسة بما يمس أصل الحق يكون فضلاً عن قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير توافر النزاع الجدي والخطر الموجبين للحراسة من المسائل الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع وحسبها أن تقيم قضاءها بهذا الإجراء التحفظي المؤقت على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى احتدام النزاع الجدي بين الطرفين حول صحة وقيام عقدي القسم مستدلاً على ذلك - من إقامة الطاعن...... للدعوى رقم 154 لسنة 1982 مدني كلي الإسماعيلية بطلب الحكم بنقض عقد القسمة المؤرخ 19/ 4/ 1981 للعين، ومن إقامة المطعون ضده الثالث الدعوى رقم 287 لسنة 1981 مدني كلي يطلب الحكم ببطلان هذا العقد، ومن إقامة المطعون ضدها الثانية الدعويين رقمي 497، 507 لسنة 1982 مدني كلي الأولى بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها لنصيبها في التركة والثانية بطلب الحكم بفرز وتجنيب هذا النصيب طبقاً لما ورد بعقد القسمة المشار إليه، ومن إقامة المطعون ضده الأول الدعوى رقم 224 لسنة 1982 مدني كلي بطلب الحكم بصحة هذا العقد، ومن طلب كل من الطاعنين في الدعوى رقم 287 لسنة 1981 مدني كلي الحكم بتثبيت ملكيتهما لنصيبهما في التركة دون الاعتداد بعقد القسمة ودفعهما للدعوى بصحة العقد بادعاء ملكيتهما للأموال الواردة به - وهو منه استخلاص سائغ له أصل ثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه بفرض الحراسة القضائية فإن النعي بوجهيه يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ومن ثم يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالباقي من أسباب الطعنين على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم إذ قضى بتكليف الحارس بتوزيع ريع الأموال محل النزاع على الخصوم طبقاً لأنصبتهم الشرعية في الميراث رغم إن النزاع الموضوعي بينهم لم يفصل فيه يكون قد أهدر عقدي القسمة بما ينطوي على المساس بأصل الحق وهو ما يعيبه بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قاضي الأمور المستعجلة يمتنع عليه أن يمس أصل الحق في الإجراء المؤقت الذي يأمر به، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بفرض الحراسة القضائية محمولاً على قيام النزاع الجدي حول صحة وقيام عقدي القسمة على ما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول من كل من السببين الأول والثاني من أسباب الطعن فإن تكليفه الحارس بتوزيع صافي ريع الأموال محل الحراسة على الخصوم طبقاً لأنصبتهم الشرعية في التركة ينطوي على إهدار لعقدي القسمة واعتبار أن الأموال محلها تركة شائعة بين الورثة هو ما يمس أصل الحق بما يعيبه بمخالفة القانون ويوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه، ولما كان النقض الجزئي لا يعرض أصلاً على محكمة الإحالة سوى الجزء المنقوض، وكان ما نقض من الحكم المطعون فيه قاصراً على ما قضى به من تحديد مهمة الحارس بالنسبة لصافي الريع دون شخصه، ولما تقدم يتعين الحكم بتكليف الحارس إيداع صافي الريع خزينة المحكمة على ذمة الخصوم حتى ينتهي النزاع بينهم رضاءً أو قضاءً.