أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 360

جلسة 27 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صدقي العصار، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، علي السعدني, عبد المنعم بركة وأحمد شلبي.

(71)
الطعن رقم 665 لسنة 47 القضائية

(1) دعوى "إعادة الدعوى للمرافعة" محكمة. الموضوع.
طلب إعادة الدعوى للمرافعة. عدم التزام محكمة الموضوع بإجابته.
(2) محكمة الموضوع "تقدير عمل الخبير". خبرة. إثبات "إجراءات المعاينة".
أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه باتخاذ إجراء آخر من إجراءات الإثبات.
(3) حكم "تسبيب الحكم". نقض.
انتهاء الحكم إلى نتيجة سليمة. لا يعيبه الخطأ في ذكر مادة في القانون غير منطبقة على واقعة الدعوى.
(4) حيازة "منع تعرض". دعوى.
دعوى منع التعرض. اتساعها لإزالة أعمال التعرض لإعادة الحال إلى ما كانت عليه.
(5) نقض "السبب الجديد".
ورود النعي على أسباب الحكم الابتدائي. عدم تمسك الطاعن به أمام محكمة الاستئناف. اعتباره سبباً جديداً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(6) حكم "ما لا يعد قصوراً".
قيام النزاع حول التعرض في حيازة الجمعية المطعون عليها لحق ارتفاق بالمرور، إغفال الحكم دفاع الطاعنين بأن أرض الجمعية غير محبوسة. لا قصور.
1 - طلب إعادة الدعوى للمرافعة لتقدير مستندات، هو من إطلاقات محكمة الموضوع طالما أنها أتاحت الفرصة لذلك قبل حجز الدعوى للحكم. ولا عليها بعد ذلك إن التفتت عن دفاع لم يقدم الخصم دليله.
2 - لمحكمة الموضوع - وفي حدود سلطتها التقديرية - أن تأخذ بتقرير الخبير متى اقتنعت بصحته، دون أن تلتزم بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إليه؛ إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه، ما يفيد أنها لم تجد في الطعون التي وجهت إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، كما لا تلتزم بندب خبير آخر أو بالانتقال للمعاينة، طالما أنها رأت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
3 - لا يعيب الحكم - متى انتهى إلى النتيجة الصحيحة - الخطأ في ذكر مادة في القانون غير منطبقة على واقعة الدعوى، وإذ كانت أسبابه الواقعية وافية والنتيجة التي انتهى إليها صحيحة في القانون، فإن خطأ استناده إلى المادة 924 مدني واستخلاصه ما يقتضيه تطبيق تلك المادة، يكون زائداً عن حاجة الدعوى ويستقيم الحكم بدونه ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
4 - تتسع ولاية قاضي الحيازة في دعوى منع التعرض لإزالة الأعمال المادية التي يجريها المدعى عليه في هذا النوع من القضايا؛ باعتبار أن القضاء بها من قبيل إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض.
5 - لما كان الحكم الطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يضيف إليها، وكان وجه النعي منصباً على أسباب الحكم الأخير، ولم يقدم الطاعن ما يدل على أنه عرض هذا الدفاع على محكمة الدرجة الثانية، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - إذ كان مبنى دعوى المطعون عليه هو حيازة حق ارتفاق بالمرور على الطريق المبين بصحيفة الدعوى وتعرض الطاعن له في تلك الحيازة، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على دفاع للطاعن يقوم على أن أرض الجمعية المطعون عليها غير محبوسة، متى كان الأمر لا يتعلق بتقرير حق مرور لأرض محبوسة على ما تقضي به المادة 812 من القانون المدني، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن رئيس مجلس إدارة جمعية........ - الذي خلفه المطعون عليه بصفته - أقام الدعوى رقم 1712 لسنة 1973 مدني الزقازيق الابتدائية ضد الطاعن وآخرين بطلب الحكم بمنع تعرضهم في حيازة الطريق الموضحة بصحيفة تلك الدعوى وإزالة المباني والأشجار التي استحدثها الطاعن، وقال شرحاً لها إنه يحوز بصفته حق المرور في الطريق المذكور، والذي يصل الجمعية بالطريق العام منذ إنشائها في سنة 1970 إلى أن تعرض له الطاعنة في حيازته في 22 مارس سنة 1973 بإقامة بناء وغراس على جزء منه، ولما تقدم بشكواه للشرطة أصر على تعرضه مدعياً أنه اتفق مع آخرين لا شأن لهم على إنشاء طريق آخر بدليل، وبعد أن قدم الخبير الذي ندب في الدعوى تقريره، حكمت المحكمة بتاريخ 30 يونيه سنة 1976 للمطعون عليه الأول بصفته بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 347 لسنة 19 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق", وبتاريخ 5 مارس سنة 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني والوجهين الأول والثالث من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف - بمذكرة قدمها بعد حجز الدعوى للحكم - بأن الجمعية التي يمثلها المطعون عليه بصفته تطل على طريق ويصلها بالطريق العام طريقان، وبأنها أنشئت في سنة 1971 ولم تكن مبانيها قد استكملت في سنة 1973، مما ينفي أن تكون لها حيازة الطريق اعتباراً من سنة 1970، وبأن أعضاء مفوضين عنها تنازلوا عن التمسك بحق المرور في الطريق موضوع الدعوى, هذا إلى أنه أشار إلى ثبوت دفاعه بتقرير خبير في دعوى أخرى وبمحضر شكوى وإقرار وقعه أعضاء الجمعية، وطلب إعادة الدعوى للمرافعة لتقدير تلك المستندات أو ندب خبير آخر أو انتقال المحكمة للمعاينة، كان أنه ضمن صحيفة الاستئناف نعيه على تقرير الخبير إغفاله سؤال أهل القرية، وعدم بيانه كيفية تعرض مبانيه للطريق، وكيفية استعماله، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن الشق الأول من دفاعه بمقولة إن خبير الدعوى اطلع على تلك المستندات ولم يرد على دفاعه الأخير مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن طلب إعادة الدعوى للمرافعة لتقدير مستندات هو من إطلاقات محكمة الموضوع, طالما أنها أتاحت الفرصة لذلك قبل حجز الدعوى للحكم, ولا عليها بعد ذلك إن التفتت عن دفاع لم يقدم الخصم دليله، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف الذي حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة شروط دعوى منع التعرض في حيازة حق ارتفاق بالمرور على الطريق المبين بصحيفة الدعوى، وأورد الدليل عليها من تقرير الخبير الذي اعتنق أسبابه ومنها ما انتهى إليه من... "إن الطريق موضوع النزاع كان يستعمل في المرور من وإلى الأطيان المقامة على جزء منها جمعية...... لربطها بالطريق الزراعي 185 مصر الزقازيق...... بصفة مستمرة دون نزاع وأنه..... عقب إنشاء الجمعية على جزء من هذه الأرض، وحتى 22 مارس سنة 1973 كان هذا الطريق يستعمل المرور لمريدي الجمعية...... إلى أن تعرض لهم المدعى عليه "الطاعن"...... بعمل سور حول منزله بحيث تعذر بذلك الوصول إلى الجمعية....." وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضائه ولها مأخذها من أوراق الدعوى، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع, وفي حدود سلطتها التقديرية, أن تأخذ بتقرير الخبير متى اقتنعت بصحته دون أن تلتزم بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إليه؛ إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه، ما يفيد أنها لم تجد في الطعون التي وجهت إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، كما لا تلتزم بندب خبير آخر أو بالانتقال للمعاينة، طالما أنها رأت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها، وكان لا جدوى من التحدي بوجود طريق آخر يصل الجمعية المطعون عليها بالطريق العام، طالما أن النزاع يدور حول حيازتها لحق ارتفاق بالمرور على أرض الطاعن، ولا يتعلق بتقرير حق مرور لأرض محبوسة، ولا على الحكم إذ لم يرتب أثراً على التنازل الذي أشار إليه الطاعن بوجه النعي، ذلك لأنه - وعلى ما يبين من تقرير الخبير الذي أورد اطلاعاً عليه - لم يتضمن سوى التنازل عن الشكوى المقدمة ضد الطاعن الذي تعهد بإنشاء طريق بديل، هذا إلى أن الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع ما يدل على أن من وقعه وكان ذا صفة في تمثيل المطعون عليها، مما يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وخالف القانون والثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون عليها ادعت حيازة حق ارتفاق بالمرور على أرض الطاعن، وأقامت دعواها بطلب منع التعرض على هذا الأساس، غير أن الحكم المطعون فيه الذي أيده الحكم المستأنف، خلط بين حق المرور وحق الملكية، فقضى بإزالة التعرض على سند من المادة 924 من القانون المدني، ولم يبين وجه استخلاصه علم الطاعن أنه كان يبني في غير ملكه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك لأنه لا يعيب الحكم - متى انتهى إلى النتيجة الصحيحة - الخطأ في ذكر مادة من القانون غير منطبقة على واقعة الدعوى، وكانت ولاية قاضي الحيازة في دعوى منع التعرض تتسع لإزالة الأعمال المادية التي يجريها المدعى عليه في هذا النوع من القضايا، باعتبار أن القضاء بها من قبيل إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض، وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم المستأنف قد حصل واقعة الدعوى بأنها تدول حول حيازة حق ارتفاق بالمرور، واستخلص من تقرير الخبير حيازة المطعون عليه بصفته هذا الحق إلى أن تعرض له الطاعن، فلا يكون قد أخطأ فهم الأساس الذي قامت عليه الدعوى، وإذ كانت أسبابه الواقعية وافية, والنتيجة التي انتهى إليها صحيحة في القانون، فإن خطأ استناده إلى المادة 924 مدني واستخلاصه ما يقتضيه تطبيق تلك المادة، يكون زائداً عن حاجة الدعوى ويستقيم الحكم بدونه, ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع، الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والتناقض والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه أيد الحكم الابتدائي الذي خلط بين حيازة الجمعية المطعون عليها باعتبارها شخصاً معنوياً وحيازة آخرين ومنهم والد المطعون عليه بصفته - الذي لا تعتبر حيازته حيازة لها، ولم يبين ماهية الحق الذي وردت عليه الحيازة، وشابه التناقض حيث اعتمد ما أثبته الخبير من أن الجمعية أنشئت في سنة 1966 على حين قرر أنها حازت الطريق منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يضيف إليها، وكان وجه النعي منصباً على أسباب الحكم الأخير، ولم يقدم الطاعن ما يدل على أنه عرض هذا الدفاع على محكمة الدرجة الثانية، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس والأخير، ما يقوله الطاعن من أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن حق المرور الذي يدعيه المطعون عليه لا سند له من القانون لأن الجمعية التي يمثلها غير محبوسة عن الطريق العام، ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مبنى دعوى المطعون عليه هو حيازة حق ارتفاق بالمرور على الطريق المبين بصحيفة الدعوى وتعرض الطاعن له في تلك الحيازة، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على دفاع للطاعن يقول على أن أرض الجمعية المطعون عليها غير محبوسة، متى كان الأمر لا يتعلق بتقرير حق مرور لأرض محبوسة, على غير ما تقضي به المادة 812 من القانون المدني، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.