أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 367

جلسة 28 من يناير سنة 1981

المؤلفة من السيد/ المستشار رئيس المحكمة مصطفى سليم، وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة, سليم عبد الله، يوسف أبو زيد ودرويش عبد المجيد.

(72)
الطعن رقم 354 لسنة 50 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
حسب الطاعن اختصام المحكوم لصالحهم في طعنه. عدم لزوم اختصام باقي الخصوم إلا أن يكون ذلك واجباً بنص القانون.
(2) تسجيل. ملكية. التصاق.
ملكية البناء تطبيقاً لقواعد الالتصاق. لا تؤول إلا لمن يملك الأرض المقام عليها. المشتري للأرض بعقد لم يسجل. ليس له طلب إعمال قواعد الالتصاق بشأن المباني التي يحدثها الغير فيها.
(3) ملكية. التصاق.
ملكية صاحب الأرض لما عليها وما تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى. مادة 922 مدني. قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس. عدم جواز التحدي بقواعد الالتصاق عند وجود اتفاق يخالفها.
(4) ملكية. التصاق. إيجار.
موافقة مستأجر الأرض للغير على البناء عليها. لا أثر لها في تملكه هذا البناء طبقاً لقواعد الالتصاق.
(5) ملكية. التصاق.
حسن نية الباني في أرض لا يملكها. انحصار أثره في منع صاحب الأرض من طلب الإزالة.
(6) تسجيل. ملكية. التصاق. دعوى "المصلحة".
مشتري الأرض بعقد لم يسجل. له مصلحة في مجابهة دعوى الباني بأحقيته في تملك ما أقامه من بناء عليها. علة ذلك.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه لا يجب على الطاعن عند توجيه طعنه إلا أن يختصم فيه خصومه المحكوم لهم، ما لم يكن اختصام باقي الخصوم واجباً بنص القانون.
2 - أحكام الالتصاق بالعقار أوردها المشرع في القانون المدني بالفصل الثاني - المنظم لأسباب كسب الملكية - من الباب الأول للكتاب الثالث، فاعتبره سبباً مستقلاً قائماً بذاته من الأسباب القانون للملكية، وهو سبب يرتكز في الأصل على قاعدة أن مالك الشيء الأصلي هو الذي يملك الشيء التابع، فملكية الأرض يستتبعها ما يقام على هذه الأرض من مبان بحكم الالتصاق، وبالتالي فإن ملكية البناء تطبيقاً لقواعد الالتصاق لا تؤول إلا لمن يملك الأرض المقام عليها، وهذا الأمر هو ما أفصحت عنه المواد 922، 924، 925 من القانون من النص بلفظ صريح على أن ما يقوم من بناء يكون لصاحب الأرض، ومن ثم فإن طلب تسليم البناء المشيد على أرض لا يملكها الباني استناداً إلى قواعد الالتصاق لا يصح إبداؤه إلا ممن خوله القانون حق تملكه وهو صاحب الأرض أي مالكها، ولما كان حق ملكية العقار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا ينتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة للغير إلا بالتسجيل، فلا تنتقل الملكية لمشتر لم يسجل عقد البيع الصادر إليه، ولا يسوغ له ترتيباً على ذلك طلب إعمال قواعد الالتصاق بشأن المباني التي يحدثها الغير في الأرض التي اشتراها بعقد غير مسجل.
3 - مؤدى النص في المادة 922 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع في الفقرة الأولى منه قرينة قانونية تقضي بأن كل ما يوجد على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض وأنه هو الذي أنشأها على نفقته فيكون مملوكاً له، إلا أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس فأجازت الفقرة الثانية للأجنبي أن يقيم الدليل على أنه هو الذي أقام هذه المنشآت على نفقته دون سابق اتفاق مع صاحب الأرض، فإذا نجح في إثبات ذلك تملك صاحب الأرض المنشآت بالالتصاق مقابل أن يعوض الباني وفقاً للأحكام التي أوردها المشرع في هذا الخصوص، كما يجوز للأجنبي أن يثبت أن هناك اتفاقاً بينه وبين صاحب الأرض يخوله الحق في إقامة المنشآت وتملكها، وفي هذه الحالة يجب إعمال هذا الاتفاق ويمتنع التحدي بقواعد الالتصاق.
4 - لا يكفي طبقاً لقواعد الالتصاق حتى تتملك المطعون ضدها المباني وهو لا تملك الأرض المقامة عليها، أن تكون نفقة البناء من مالها أو تكون من باعتها الأرض وهي...... قد أذنت لها في البناء؛ لما ثبت من مدونات الحكم أن هذه الأخير ليست هي مالكة الأرض، بل كانت وزوجها مستأجرين وحيازتهما للأرض حيازة عارضة، وبالتالي فلا تنتج موافقتها على البناء أثراً في التملك.
5 - حسن نية الباني في أرض لا يملكها، ليس له من أثر في تملك البناء، وإنما ينحصر أثره في منع صاحب الأرض من طلب الإزالة تطبيقاً للمادة 924 من القانون المدني، وتخويل الباني حقاً في طلب التعويض وفقاً للضوابط الواردة بنص المادة 925 من هذا القانون.
6 - الطاعنة وإن لم تسجل بعد الحكم القاضي بصحة ونفاذ عقد شرائها، إلا أنه لا مراء في توافر مصلحة لها قائمة يقرها القانون - طبقاً للمادة الثالثة من قانون المرافعات - في النضال دفعاً لما تدعيه المطعون ضدها من حق في تملك ما أقامته من بناء، طالما قد ثبت أن هذا البناء يقع في الأرض المبيعة إليها من ملاكها الحقيقيين، ولها أن تجابه ذلك الحق المدعي به في الدعوى المرفوعة عليها بما يعن لها من أوجه دفاع قانونية أو واقعية، وتنعقد لها المصلحة في الطعن على الحكم القاضي بالاستجابة إليه، ذلك بأنه وإن لم تكن ملكية الأرض قد انتقلت إليها بعدم تسجيل عقد شرائها أو الحكم القاضي بصحته ونفاذه، إلا أنه بمجرد حصول هذا التسجيل، تصبح مالكة للأرض وتؤول إليها تبعاً لذلك ملكية البناء بحكم الالتصاق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1586 لسنة 1970 مدني كلي الجيزة مختصمة "أميلي مانجوس" والطاعنة طالبة الحكم في مواجهة الأخيرة بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 14 نوفمبر سنة 1969 المتضمن بيع أميلي مانجوس لها أرضاً مبينة بالعقد والصحيفة مساحتها 1020 متراً مربع بما يقوم عليها من مبان وغراس لقاء ثمن مقداره ستة آلاف جنيه، تأسيساً على أنها اشترت الأرض بالعقد آنف الذكر وتسلمتها من البائعة ثم أنشأت عليها بناءاً حديثاً "كازينو"، ولقد آلت ملكية هذه الأرض للبائعة بطريق الشراء من "كرياكو خريستو" بموجب عقد بيع مؤرخ 11 ديسمبر سنة 1949 حكم بصحته ونفاذه، وأن الطاعنة تعرضت لها في الانتفاع بالعقار المبيع بما أقدمت عليه من تنفيذ حكم قضى بصحة ونفاذ عقد بيع صادر إليها من آخرين عن ذات العقار مع تسليمه إلها، فاستشكلت في تنفيذ هذا الحكم وأقامت دعواها. وأثناء السير في الدعوى رفعت "أميلي مانجوس" الدعوى رقم 1608 لسنة 1970 مدني كلي الجيزة على الطاعنة وورثة "فاستلي ستافر وبولو" طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها للعقار سالف البيان وكف منازعة المدعى عليهم، استناداً إلى أنها تملك العقار بطريق الشراء من كرياكو خريستو بالعقد المؤرخ 11 ديسمبر سنة 1949 المقضي بصحته ونفاذه وقد وضعت اليد عليه وضع يد مستوف شرائطه القانونية المؤدية إلى التملك. أمرت المحكمة بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وقد دفعتهما الطاعنة بدفاع حاصله أنها اشترت الأرض محل التداعي من ملاكها الحقيقيين ورثة "فاسيلي ستافروبولو" بعقد بيع مؤرخ 12 نوفمبر سنة 1968 صدر حكم على البائعين بصحته ونفاذه وتسليمها العقار المبيع، وذلك في الدعوى 6687 لسنة 1969 مدني كلي القاهرة، وأن مورث البائعين لها هو المالك الأصلي الحقيقي لهذا العقار الذي تملكه بعقد مسجل، ثم استأجره منه "كرياكو خريستو" زوج "إميلي مانجوس" البائعة للمطعون ضدها وظل مستأجراً حتى وفاته، ومن بعده وضعت زوجته يدها على العقار بصفتها مستأجرة، وبالتالي فلا يعتد بعقد البيع الصادر من هذا المستأجر إلى زوجته، أو بعقد البيع الصادر من هذه الأخيرة إلى المطعون ضدها إذ كانت حيازتهما للعقار حيازة عارضة، وانتهت الطاعنة من دفاعها إلى إبداء طلبات عارضة تناولتها بالتعديل أثناء نظر الدعويين، حتى استقرت في مطلبها الختامي على الحكم بإلزام المطعون ضدها تسليمها الأرض محل التداعي بما يقوم عليها من مبان، وأبانت أن مطلبها هذا يستند إلى قواعد الالتصاق المقررة في القانون، اعتباراً بأن المطعون ضدها حين أقامت المباني كانت حسنة النية. وبتاريخ 20 من أبريل سنة 1972 قضت المحكمة بندب خبير، فقدم تقريراً خلص فيه إلى أن الملاك الأصليين للأرض محل النزاع هم ورثة فاسيلي ستافروبولو البائعون للطاعنة وأن أميلي مانجوس - البائعة للمطعون ضدها - وزوجها كرياكو خريستو ما كانتا إلا مستأجرين، وأن المطعون ضدها أنشأت مباني جديدة "كازينو" على هذه الأرض. وبتاريخ 30 مارس سنة 1973 حكمت المحكمة برفض دعوى أميلي مانجوس رقم 1608 لسنة 1970 وقبل الفصل في موضوع دعوى المطعون ضدها رقم 1586 لسنة 1970 باستجواب الخصوم فيها, ومن بعد ذلك وأثناء سير الدعوى عدلت المطعون ضدها طلباتها من دعواها إلى طلب الحكم بتثبيت ملكيتها للمباني التي أقامتها على الأرض موضوع التداعي. فحكمت المحكمة بتاريخ 22 من يونيه سنة 1978 في الدعوى الفرعية المقامة من الطاعنة بعدم قبول طلب تسليم الأرض وبرفض طلب تسليم المباني بحالته, ثم قضت بتاريخ 18 من يناير سنة 1979 بتثبيت ملكية المطعون ضدها للمباني المقامة على أرض النزاع. استأنفت الطاعنة الحكمين الصادرين من محكمة أول درجة بجلستي 22 يونيه 1978 و18 يناير سنة 1979 في الدعوى رقم 1586 لسنة 1970 مدني كلي الجيزة وذلك بالاستئنافين 5095 لسنة 95 قضائية و1271 لسنة 96 قضائية القاهرة طالبة إلغاء قضاء محكمة أول درجة والحكم لها بما طلبته في الطلب العارض مع رفض دعوى المطعون ضدها، وأقامت أميلي مانجوس استئنافاً ثالثاً عن حكم محكمة أول درجة الصادر بجلسة 30 مارس سنة 1978 برفض دعواها، وبتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1979 حكمت محكمة الاستئناف في الاستئنافات الثلاثة برفضها وتأييد قضاء محكمة أول درجة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون ضدها دفعت ببطلان الطعن استناداً إلى أن الطاعنة لم تختصم جميع الخصوم الذين كانوا ماثلين في خصومة الاستئناف مما يبطل الطعن إعمالاً لحكم المادة 253 من قانون المرافعات التي توجب اشتمال صحيفة الطعن على أسماء جميع الخصوم الواجب اختصامهم.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد؛ ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجب على الطاعن عند توجيهه طعنه إلا أن يختصم فيه خصومه المحكوم لهم، ما لم يكن اختصام باقي الخصوم واجباً بنص القانون. وإذ كان الثابت أن الدعوى ليست من الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وكان الحكم المطعون فيه بصدد الاستئنافين اللذين أقامتهما الطاعنة، متى اقتصر على قضاء لصالح المطعون ضدها ولم يحكم لباقي الخصوم الممثلين في هذين الاستئنافين بشيء، فإنه لا يكون على الطاعنة اختصامهم ويكون الدفع ببطلان الطعن على غير سند سليم متعيناً القضاء برفضه.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في أولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من أوجه ثلاثة، وقالت في بيان الوجهين الأول والثاني منها إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول طلبها تسليم المباني المقامة. على الأرض التي اشترتها بعقد صادر من مالكيها الحقيقيين على أنه لا يجوز لها التمسك بقواعد الالتصاق لاكتساب ملكية المباني أو تسليمها إليها طالما لم تسجل عقد شرائها للأرض بمقالة إن قبول هذا الطلب مشروط بانتقال ملكية الأرض إليها, وهو قول من الحكم يخالف القواعد المقررة في القانون، والتي تقضي بأن عقد البيع غير المسجل ينقل للمشتري جميع الحقوق المتعلقة بالبيع والدعاوى المرتبطة به، فيجوز للمشتري استناداً إلى ذلك التمسك بقواعد الالتصاق باعتبارها من الحقوق المخولة له والتي انتقلت إليه كأثر لعقد البيع ولو لم يسجل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن أحكام الالتصاق بالعقار قد أوردها المشرع في القانون المدني بالفصل الثاني - المنظم لأسباب كسب الملكية - من الباب الأول للكتاب الثالث، فاعتبره سبباً مستقلاً قائماً بذاته من الأسباب القانونية للملكية، وهو سبب يرتكز في الأصل على قاعدة أن مالك الشيء الأصلي هو الذي يملك الشيء التابع، فملكية الأرض يستتبعها ما يقام على هذه الأرض من مبان بحكم الالتصاق، وبالتالي فإن ملكية البناء تطبيقاً لقواعد الالتصاق لا يؤول إلا لمن يملك الأرض المقام عليها، وهذا الأمر هو ما أفصحت عنه المواد 922 و924 و925 من القانون, من النص بلفظ صريح على أن ما يقوم من بناء يكون لصاحب الأرض، فجرى النص في المادة 923 على أن "كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض إقامة على نفقته ويكون مملوكاً له" ثم ورد النص في المادة 924 بأنه: "إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت....." وجاء النص في المادة 925 بأنه: "إذا كان من أقام المنشآت المشار إليها في المادة السابقة يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامتها فلا يكون لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة وإنما يخير بين أن يدفع قيمة المواد وأجر العمل أو يدفع مبلغاً يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب المنشآت" ومن ثم فإن طلب تسليم البناء المشيد على أرض لا يملكها الباني استناداً إلى قواعد الالتصاق لا يصح إبداؤه إلا ممن خوله القانون حق تملكه وهو صاحب الأرض أي مالكها، ولما كان حق ملكية العقار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا ينتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل فلا تنتقل الملكية لمشتر لم يسجل عقد البيع الصادر إليه، ولا يسوغ له ترتيباً على ذلك طلب إعمال قواعد الالتصاق بشأن المباني التي يحدثها الغير في الأرض التي اشتراها بعقد غير مسجل، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فيما قضى به من عدم قبول طلب الطاعنة تسليمها المباني التي أقامتها المطعون ضدها على الأرض المبيعة لها بعقد لم يسجل بعد، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الأول والسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدها لا يحق لها في القانون طلب ثبوت ملكيتها لما أقامته من مبان على الأرض محل النزاع؛ إذ هذه الأرض غير مملوكة لها بإقرارها، فلا يكون مجرد البناء من مالها أو حسن نيتها وقت البناء سبباً لاكتساب ملكية البناء، بل يقتصر حقها في التعويض وفقاً لأحكام المادتين 924 و925 من القانون المدني، وأن احتباس المطعون ضدها ريع الأرض والبناء سنوات عديدة يفوق قيمة المباني التي ينصب عليها حقها في التعويض، وبالرغم من هذا الدفاع فإن الحكم المطعون فيه قد التفت عنه وقضى للمطعون ضدها بثبوت ملكيتها مما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 922 من القانون المدني على أن "1 - كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض أقامه على نفقته ويكون مملوكاً له. 2 - ويجوز مع ذلك أن يقام الدليل على أن أجنبياً قد أقام هذه المنشآت على نفقته, كما يجوز أن يقام الدليل على أن مالك الأرض قد خول أجنبياً ملكية منشآت كانت قائمة من قبل أو خوله الحق في إقامة هذه المنشآت وتملكها" مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع في الفقرة الأولى منه قرينة قانونية تقضي بأن كل ما يوجد على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض, وأنه هو الذي أنشأه على نفقته فيكون مملوكاً له، إلا أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس, فأجازت الفقرة الثانية للأجنبي أن يقيم الدليل على أنه هو الذي أقام هذه المنشآت على نفقته دون سابق اتفاق مع صاحب الأرض، فإذا نجح في إثبات ذلك تملك صاحب الأرض المنشآت بالالتصاق مقابل أن يعوض الباني وفقاً للأحكام التي أوردها المشرع في هذا الخصوص، كما يجوز للأجنبي أن يثبت أن هناك اتفاقاً بينه وبين صاحب الأرض يخوله الحق في إقامة المنشآت وتملكها، وفي هذه الحالة يجب إعمال هذا الاتفاق ويمتنع التحدي بقواعد الالتصاق، ولما كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه قضى بثبوت ملكية المطعون ضدها للمباني المشيدة على أرض النزاع تأسيساً على أن الطاعنة أقرت أمام الخبير بأن المطعون ضدها هي التي أقامتها بحسن نية وأن تقرير الخبير أسفر عن أن نفقات البناء كانت من مالها، وجاء بالحكم المطعون فيه مكملاً لهذه الأسباب قوله "إن الطاعنة إذ لم تنتقل إليها ملكية الأرض فلا يقبل منها إعمال قواعد الالتصاق لاكتساب ملكية المباني أو تسليمها لها؛ لأن ذلك مشروط بانتقال ملكية الأرض إليها، ويترتب على ذلك انتفاء مصلحتها في النعي على الحكم المستأنف فيما قضى به من تثبيت ملكية المطعون ضدها لهذه المباني التي أقامتها بموافقة أميلي مانجوس، وقد أقرت الطاعنة أنها أقامتها بحسن نية" إذ كان ذلك، وكان لا يكفي طبقاً لقواعد الالتصاق المشار إليها حتى تتملك المطعون ضدها المباني وهي لا تملك الأرض المقامة عليها أن تكون نفقة البناء من مالها أو تكون من باعتها الأرض وهي "أميلي مانجوس" قد أذنت لها في البناء لما ثبت من مدونات الحكم أن هذه الأخيرة ليست هي مالكة الأرض، بل كانت وزوجها مستأجرين وحيازتهما للأرض حيازة عارضة، وبالتالي فلا تنتج موافقتها على البناء أثراً في التملك، وكان لا يعتد بحسن نية المطعون ضدها وقت البناء بصدد اكتسابها ملكية المباني, ذلك بأن حسن نية الباني في أرض لا يملكها ليس له من أثر في تملك البناء، وإنما ينحصر أثره في منع صاحب الأرض من طلب الإزالة تطبيقاً للمادة 924 من القانون المدني، وتخويل الباني حقاً في طلب التعويض وفقاً للضوابط الواردة بنص المادة 925 من هذا القانون، ومن ثم يكون الشرط اللازم لتملك المطعون ضدها لتلك المباني التي أقامتها هو حصول اتفاق بينها وبين مالكي الأرض - وهم الذين تثبت من مدونات الحكم المطعون فيه أنهم ورثة فاسيلي استافروبولو البائعون للطاعنة - وأن يمنح هذا الاتفاق حقاً للمطعون ضدها في إقامة المباني وتملكها إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 922 من القانون المدني، وإذ كان مثل هذا الاتفاق لم تدع به المطعون ضدها بل انتفى قيامه في الدعوى، وكانت الطاعنة وإن لم تسجل بعد الحكم القاضي بصحة ونفاذ عقد شرائها إلا أنه لا مراء في توافر مصلحة لها قائمة يقرها القانون - طبقاً للمادة الثالثة من قانون المرافعات - في النضال دفعاً لما تدعيه المطعون ضدها من حق في تملك ما أقامته من بناء، طالما قد ثبت أن هذا البناء يقع في الأرض المبيعة إليها من ملاكها الحقيقيين، ولها أن تجابه ذلك الحق المدعي به في الدعوى المرفوعة عليها بما يعن لها من أوجه دفاع قانونية واقعية، وتنعقد لها المصلحة في الطعن على الحكم القاضي بالاستجابة إليه، ذلك بأنه وإن لم تكن ملكية الأرض قد انتقلت إليها بعدم تسجيل عقد شرائها أو الحكم القاضي بصحته ونفاذه، إلا أنه بمجرد حصول هذا التسجيل تصبح مالكة للأرض وتؤول إليها تبعاً لذلك ملكية البناء بحكم الالتصاق، لما كان ذلك، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
وحيث إنه لما تقدم يكون طلب المطعون ضدها في دعواها رقم 1586 لسنة 1970 مدني كلي الجيزة بتثبيت ملكيتها للمباني المشيدة بالأرض محل التداعي غير قائم على أساس قانوني سليم مما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف الصادر في هذه الدعوى بجلسة 18 من يناير سنة 1979 والقضاء برفض الدعوى.