أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 431

جلسة 8 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمد فاضل المرجوشي، وعضوية السادة المستشارين: أحمد شوقي المليجي، إبراهيم فراج، عبد الرشيد نوفل وعبد العزيز فودة.

(84)
الطعن رقم 152 لسنة 50 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". عمل. نقابات.
دعوى النقابة. اختلافها عن دعوى الأعضاء في موضوعها وآثارها والأشخاص فيها. الحكم الصادر في دعوى النقابة ضد الشركة. لا حجية له في النزاع القائم بين أحد أعضائها وذات الشركة.
(2) عمل "تكييف عقد العمل". عقد.
تمييز عقد العمل عن غيره من العقود. مناطه توافر عنصر التبعية. كفاية تحققه ولو في صورته التنظيمية أو الإدارية.
1 - إذ كانت دعوى النقابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء وتختلف عنها في موضوعها وفي آثارها وفي الأشخاص، إذ هي تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيله عنهم ومن ثم فإن الحكم الصادر لصالح النقابة العامة للمناجم والمحاجر والبترول ضد شركات البترول ومنها الشركة الطاعنة والقاضي بانطباق القوانين العمالية على باعة البترول الجائلين بالقاهرة وضواحيها العاملين بتلك الشركات والذين تمثلهم النقابة المذكورة، لا تكون له أي حجية بالنسبة للنزاع الماثل المقام من المطعون ضده الأول - أحد أعضاء تلك النقابة - ضد الشركة الطاعنة بطلب تطبيق تلك القوانين عليه باعتباره عاملاً لديها كبائع متجول، وبالتالي فليس من شأنه - في ذاته أن يكون سند للحق المطالب به.
2 - المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن غيره من العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توافر عنصر التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته، وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني بقولها "عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد الآخر تحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" وما تقضي به المادة 42 من القانون رقم 91 لسنة 1959 من سريان أحكام قانون عقد العمل الفردي على العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب عمل أو إشرافه مقبل أجر، وأنه يكفي لتحقيق هذه التبعية ظهورها ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1025 سنة 1976 كلي جنوب القاهرة على الطاعنة (شركة أسواستادندرد - الشرق الأدنى -) والمطعون ضدها الثانية (الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية)، بطلب الحكم - أولاً - بإلزام الطاعنة بأن تطبق عليه القوانين العمالية وقوانين التأمينات الاجتماعية واللوائح والقرارات المنفذة والمكملة للقوانين المذكورة فيما تضمنته من حقوق له وكذلك لوائح الشركة التي تعتبر مكملة لهذه القوانين منذ التحاقه بالعمل لديها في 1940 م - ثانياً - بإلزام الطاعنة بأن تدفع له الحد الأدنى للأجور وتدرج هذا الحد حتى يصل إلى المرتب وفقاً للوائحها وإلزامها الفوارق المالية المترتبة على ذلك - ثالثاً - بإلزام الطاعنة بالمقابل النقدي للأجازات المستحقة له والتي لم يحصل عليها خلال عمله لديها وكذلك إلزامها بمنحه الأجازات السنوية مستقبلاً رابعاً - بإلزام الطاعنة بقيمة الأرباح المستحقة له وقدرها 50 جنيه وذلك منذ تقرير هذه الأرباح بالقوانين الصادرة سنة 1962 وإلزامها بما يستجد منها سنوياً - خامساً - بإلزام الطاعنة بالتأمين عليه بوصفه عاملاً لديها وإلزامها بسداد أقساط التأمينات الاجتماعية نظير اشتراكه في التأمينات الاجتماعية وذلك في مواجهة المطعون ضدها الثانية - سادساً - بإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 1000 ج له عما ناله من ضرر مادي وأدبي نتيجة خطأ الطاعنة بعدم تطبيق القوانين العمالية خلال الفترة الماضية. وقال بياناً لذلك إنه يعمل لدى الطاعنة موزعاً متجولاً للمواد البترولية بمدينة القاهرة منذ سنة 1951، وإذ أنكرت عليه الطاعنة حقوقه العمالية بمقولة إنه لا تربطها به علاقة عمل، فقد أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان. وبتاريخ 27/ 12/ 1976 م ندبت المحكمة مكتب الخبراء الحكومي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت في 29/ 4/ 1978 - أولاً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من الطاعنة - ثانياً - بأحقية المطعون ضده الأول في انطباق قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية والقرارات المكملة والمنفذة لها عليه - ثالثاً - بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لتنفيذها على هذا الأساس، وبعد أن أودع الخبير تقريره التكميلي حكمت المحكمة بتاريخ 21/ 5/ 1979 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغ 750 جنيه قيمة الأرباح المستحقة له عن المدة من سنة 1962 حتى سنة 1976، وما يستجد منها بعد ذلك طبقاً لقوانين ولوائح الشركة، وبأحقيته في الأجازات السنوية طبقاً لقوانين العمل وفي أن تشترك عنه الشركة لدى المطعون ضدها الثانية وذلك في مواجهة هذه الأخيرة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 947 سنة 96 ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 11/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وأبدت الرأي في موضوع الطعن بنقض الحكم، وعرض الطعن على غرفة المشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة 14/ 12/ 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن أنه لما كانت الهيئة المطعون ضدها الثانية لم توجه إليها أية طلبات سوى صدور الحكم في مواجهتها ولم يحكم لها بشيء على الطاعنة التي أسست طعنها على أسباب لا تعلق بها إلا بالمطعون ضده الأول، فإنه لا يقبل اختصامها أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح، ذلك لأنه لما كانت الطاعنة إذ اختصمت المطعون ضدها الثانية في هذا الطعن قد التزمت نطاق الطلبات المبداة أمام محكمة الموضوع، وكانت لها مصلحة في هذا الاختصام ظاهرة، لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن للطاعن أن يختصم أمام محكمة النقض من يرى اختصامه ممن سبق وجودهم أمام محكمة الموضوع بذات الوضع السابق اختصامهم به خصوماً في الدعوى، فإن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول، إن الحكم الابتدائي أسس قضاءه بإسباغ صفة العامل على المطعون ضده الأول على وجوب الالتزام بالحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 22/ 2/ 1975 في الطعن رقم 418 سنة 36 ق لصالح النقابة العامة للمناجم والمحاجر والبترول ضد شركات البترول ومن بينها الطاعنة والقاضي بانطباق القوانين العمالية على باعة البترول الجائلين بالقاهرة وضواحيها العاملين بتلك الشركات والذين تمثلهم النقابة المذكورة في حين أن هذا الحكم قد اشترط لانطباق قانون العمل على باعة البترول الجائلين بالقاهرة أن يكونوا من العاملين بشركات البترول الصادر ضدها الحكم، وإذ كان خبير الدعوى قد استظهر انتفاء علاقة العمل بين المطعون ضده الأول وبين الشركة الطاعنة وانتهى إلى أن تلك العلاقة لا تعدو أن تكون علاقة تاجر تجزئة بتاجر جملة ومن ثم فلا تنطبق عليه قوانين العمل، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق مذهب الحكم الابتدائي كما أهدر ما استظهره الخبير من حقائق ينتفي معها قيام رابطة العمل، ورتب على ذلك قضاءه برفض الاستئناف، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك لأن دعوى النقابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء وتختلف عنها في موضوعها وفي آثارها وفي الأشخاص، إذ هي تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيلة عنهم, ومن ثم فإن الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 22/ 2/ 1975 في الطعن رقم 418 سنة 36 ق لصالح النقابة العامة للمناجم والمحاجر والبترول ضد شركات البترول ومنها الشركة الطاعنة القاضي بانطباق القوانين العمالية على باعة البترول الجائلين بالقاهرة وضواحيها العاملين بتلك الشركات والذين تمثلهم النقابة المذكورة، لا تكون له أي حجية بالنسبة للنزاع الماثل - المقام من المطعون ضده الأول - أحد أعضاء تلك النقابة, ضد الشركة الطاعنة بطلب تطبيق تلك القوانين عليه باعتباره عاملاً لديها كبائع متجول، وبالتالي فليس من شأنه - في ذاته - أن يكون سنداً للحق المطالب به، وإذ كان المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن غيره من العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توافر عنصر التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته، وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني بقولها "عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد الآخر تحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" وما تقضي به المادة 42 من القانون رقم 91 لسنة 1959 من سريان أحكام قانون عقد العمل الفردي على العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشغل تحت إدارة صاحب عمل أو إشرافه مقبل أجر، وأنه يكفي لتحقيق هذه التبعية ظهورها ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية، وكانت الشركة الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بانتفاء هذه التبعية وبالتالي رابطة العمل بينهما وبين المطعون ضده الأول مستندة في ذلك إلى تقرير الخبير - المرفقة صورته الرسمية - وكان الحكم المطعون فيه - قد انتهى إلى رفض الاستئناف لمجرد الالتزام بما قضت به محكمة النقض بتاريخ 22/ 2/ 1975 في الطعن سالف الذكر وهو ما لا يكفي بذاته على ما سلف بيانه سنداً لإسباغ صفة العامل على المطعون ضده الأول، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.