أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 445

جلسة 9 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: الدكتور مصطفى كيره، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح عبد العظيم، سيد عبد الباقي والدكتور أحمد حسني.

(87)
الطعن رقم 453 لسنة 42 القضائية

(1) دعوى "الصفة في الدعوى". دفوع. نقض "سبب الطعن".
الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى. غير متعلق بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) نقل بحري "مشارطة إيجار السفينة. شرط التحكيم". عقد. التزام.
إحالة سند الشحن على شرط التحكيم المنصوص عليه في مشارطة إيجار السفينة. توقيع الشاحن - وهو في نفس الوقت مستأجر - على هذه المشارطة. أثره. التزام المرسل إليه بذلك الشرط. خلو سند الشحن من توقيع الشاحن. لا أثر له في هذه النتيجة.
(3) تحكيم. نقل بحري. نظام عام.
جواز الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج. شرطه. عدم المساس بالنظام العام.
(4) إثبات. قانون "القانون الأجنبي".
الاستناد إلى قانون أجنبي. واقعة - مادية - يجب على الخصم إقامة الدليل عليها.
1 - إذا كان الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير متعلق بالنظام العام, وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم يسبق لها أن تمسكت أمام محكمة الاستئناف بانعدام صفة الطاعن، فإن ما تثيره بهذا الدفع يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
2 - وإذا كان الثابت بالدعوى أن عملية النقض قد تمت بموجب مشارطة إيجار بالرحلة اشتملت على شروط الاتفاق وحرر تنفيذاً لها سند شحن تضمن الإحالة بصيغة عامة إلى ما تضمنته المشارطة من شروط ومن بينها شروط التحكيم، وكان الشاحن هو مستأجر السفينة، فإن توقيعه على المشارطة بما اشتملت عليه من شروط التحكيم يلزم الطاعن باعتباره مرسلاً إليه وطرفاً ذا شأن في النقل يتكافأ مركزه ومركز الشاحن مستأجر السفينة حينما يطالب بتنفيذ العقد الذي تثبته المشارطة، ومن ثم فلا يعتبر الشاحن نائباً عن الطاعن في عقد المشارطة أو في سند الشحن حتى يتطلب الأمر وكالة خاصة، ولا يؤثر على هذه النتيجة عدم توقيع الشاحن على سند الشحن الذي يعد في هذه الحالة مجرد إيصال باستلام البضاعة وشحنها على السفينة.
3 - لما كان الثابت أن شرط التحكيم المنصوص عليه في مشارطة الإيجار قد نص على أن يسوي النزاع في "لندن" طبقاً لقانون التحكيم الإنجليزي لسنة 1950، وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام، فإنه يرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه بشرط عدم مخالفة تلك القواعد للنظام العام.
4 - إذا كان الطاعن لم يقدم الدليل على القانون الإنجليزي - المشار إليه - باعتباره واقعة يجب أن يقيم الدليل عليها حتى تتبين المحكمة مدى صحة ما ادعاه من بطلان التحكيم لمخالفته للنظام العام، وكان الحكم الطعون فيه قد اعتبر هذا الشرط صحيحاً مرتباً لآثاره، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 104 لسنة 1961 تجاري كلي السويس بطلب إلزامهما بمبلغ 2351 جنيهاً و904 مليماً والفوائد القانونية، وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 23/ 5/ 1961 وصلت السفينة "سليفرليك" التابعة للمطعون ضدهما إلى ميناء الأدبية وعليها شحنة من القمح الاسترالي لحساب الطاعن وقد اتضح عند تفريغ البضاعة المشحونة أن بها عجزاً في الوزن يسأل عنه المطعون ضدهما باعتبارهما ممثلين للناقل، دفع المطعون ضدهما بعدم قبول الدعوى للاتفاق في البند 34 من مشارطة إيجار السفينة على إنهاء النزاع بطريق التحكيم، وبتاريخ 28/ 12/ 1969 قضت محكمة السويس الابتدائية بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 80 سنة 87 ق طالباً إلغاءه والحكم بطلباته السابقة، وبتاريخ 27/ 4/ 1972 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض. دفعت المطعون ضدها الأول بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع ورفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن أن قرار الجمهوري رقم 1189 لسنة 1968 الصادر بإنشاء الهيئة العامة للسلع التموينية قد نص في مادته الثامنة على أن تحل هذه الهيئة محل وزارة التموين فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات ناشئة عن عقود أبرمتها الوزارة مما أصبح يدخل في اختصاص الهيئة، ومفاد ذلك أنه بصدور القرار الجمهوري المشار إليه لم تعد وزارة التموين ممثلة في الدعوى وإذ رفع الطعن من وزير التموين بصفته، فإنه يكون مرفوعاً من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع غير مقبول، ذلك أنه لما كان الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير متعلق بالنظام العام, وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم يسبق لها أن تمسكت أمام محكمة الاستئناف بانعدام صفة الطاعن، فإن ما تثيره بهذا الدفع يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من ثلاثة أوجه حاصل الوجهين الأول والثاني منها أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه يشترط وفقاً للمادتين 99، 100 من قانون التجارة البحري لكي يحتج بسند الشحن على الشاحن أو المرسل إليه باعتباره طرفاً ذا شأن في عقد النقل أن يكون موقعاً من الشاحن، وإذ كان السند المقدم في الدعوى قد خلا من هذا التوقيع، فلا يحتج على الطاعن بما ورد فيه من إحالة عامة على ما ورد بمشارطة إيجار السفينة من شروط استثنائية ومنها شرط عرض النزاع على التحكيم، إذ أنه لم يكن طرفاً في مشارطة الإيجار أو في سند الشحن ولم يوكل الشاحن توكيلاً خاصاً في الاتفاق على التحكيم ولم يصدر منه ما يعد قبولاً لهذا الشرط مما يجعل الاختصاص بنظر النزاع معقوداً للقضاء المصري، وإذ ذهب الحكم إلى الاحتجاج على الطاعن بشرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت بالدعوى أن عملية النقل قد تمت بموجب مشارطة إيجار بالرحلة اشتملت على شروط الاتفاق وحرر تنفيذاً لها سند شحن تضمن الإحالة بصيغة عامة إلى ما تضمنته المشارطة من شروط ومن بينها شرط التحكيم، وكان الشاحن هو مستأجر السفينة، فإن توقيعه على المشارطة بما اشتملت عليه من شروط التحكيم يلزم الطاعن باعتباره مرسلاً إليه وطرفاً ذا شأن في النقل يتكافأ مركزه ومركز الشاحن مستأجر السفينة حينما يطالب بتنفيذ العقد الذي تثبته المشارطة، ومن ثم فلا يعتبر الشاحن نائباً عن الطاعن في عقد المشارطة أو في سند الشحن حتى يتطلب الأمر وكالة خاصة ولا يؤثر على هذه النتيجة عدم توقيع الشاحن على سند الشحن الذي يعد في هذه الحالة مجرد إيصال باستلام البضاعة وشحنها على السفينة، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إعمال شرط التحكيم وفق هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بهذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث أن على القاضي الوطني قبل أن يتخلى عن اختصاصه للمحكمين في الخارج أن يثبت من صحة شرط التحكيم ومطابقته للنظام العام في مصر باعتبار ذلك مسألة أولية فإذا تبين له صحة هذا الشرط أعمله وإلا قضى ببطلانه وتصدى لنظر الدعوى، وإذ كان الطاعن قد دفع ببطلان شرط التحكيم لمخالفته لنص المادة 823 من قانون المرافعات (القديم) وكانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها على الفصل في هذه المسألة الأولية بمقولة إن قواعد الإجراءات في القانون المصري لا تنطبق على التحكيم الذي يتم في الخارج، فإن حكمها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت أن شرط التحكيم المنصوص عليه في مشارطة الإيجار قد نص على أن يسوي النزاع في "لندن" طبقاً لقانون التحكيم الإنجليزي لسنة 1950، وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام، فإنه يرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه بشرط عدم مخالفة تلك القواعد للنظام العام، وإذ كان الطاعن لم يقدم الدليل على القانون الإنجليزي المشار إليه باعتباره واقعة يجب أن يقيم الدليل عليها حتى تتبين المحكمة مدى صحة ما ادعاه من بطلان شرط التحكيم لمخالفته للنظام العام، وكان الحكم الطعون فيه قد اعتبر هذا الشرط صحيحاً مرتباً لآثاره، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس.