أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 36 - صـ 436

جلسة 24 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: سعيد صقر، عبد المنعم بركة، طلعت أمين صادق وعبد الفتاح عوض.

(94)
الطعن رقم 711 لسنة 50 القضائية

(1، 2، 3) بنوك. مؤسسات عامة. موظفون. عمل. اختصاص "الاختصاص الولائي".
(1) انتقال ملكية بنك مصر إلى الدولة واعتباره مؤسسة عامة. القانون 39 لسنة 1960. عدم تغيير شخصيته المعنوية كمؤسسة عامة بصدور القرار الجمهوري 449 لسنة 1961 بإنشاء مؤسسة مصر. تحويله إلى شركة مساهمة بالقرار الجمهوري 872 لسنة 1965.
(2) العاملون ببنك مصر - قبل تحويله إلى شركة مساهمة - موظفون عموميون. تطبيق لائحة القرار الجمهوري 3546 لسنة 1962 على موظفي المؤسسات العامة، بقاء علاقتهم بها رغم ذلك علاقة لائحية تنظيمية. اختصاص القضاء الإداري دون غيره بنظر الدعاوى الخاصة بهم.
(3) الجهة القضائية المختصة بنظر دعوى العامل بثبوت حقه في الترقية. العبرة في تحديدها بوقت نشوء الحق. عدم الاعتداد بزوال صفة المؤسسة العامة عن البنك بعد ذلك وتحويله إلى شركة مساهمة.
1 - نص القانون رقم 39 لسنة 1960 في شأن انتقال ملكية بنك مصر إلى الدولة في مادته الأولى على أن يعتبر بنك مصر مؤسسة عامة وتنتقل ملكيته إلى الدولة، ونص في مادته السادسة على أن يبقى بنك مصر مسجلاً كبنك تجاري ويجوز له أن يباشر كافة الأعمال المصرفية التي كان يقوم بها قبل صدور هذا القانون، وقد ظل البنك وإلى أن صدر القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 في 20 إبريل سنة 1965 بتحويله إلى شركة مساهمة عربية على ذلك الوضع الذي لم يغيره ما نصت عليه المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 249 لسنة 1961 الخاص بإنشاء "مؤسسة مصر" من أن رأس مال هذه المؤسسة يتكون من أنصبة بنك مصر في رؤوس أموال الشركات المساهمة ومن رأس مال بنك مصر وغيره من المؤسسات العامة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ذلك لأن الفقرة الثانية من تلك المادة نصت على أن تظل لبنك مصر شخصيته المعنوية، وقد تحددت هذه الشخصية في القانون رقم 39 لسنة 1960 المشار إليه باعتبار البنك مؤسسة عامة.
2 - إذ كان النزاع في الدعوى يقوم على امتناع البنك عن إصدار قرار بترقية المطعون ضده إلى الدرجة الرابعة في 10/ 6/ 1963 مع أنه كان يجب على البنك اتخاذ هذا الإجراء تنفيذاً للمنشورين رقمي 815 و828 سنة 1964، وكان البنك يعتبر وقتذاك مؤسسة عامة فإن علاقة المطعون ضده به تكون علاقة تنظيمية بوصفه موظفاً عاماً بحكم تبعيته لشخص من أشخاص القانون العام، ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة من سريان أحكام لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين بالمؤسسات العامة لأن سريان هذه اللائحة على هؤلاء العاملين لا يتأدى منه أن علاقتهم بالمؤسسة لم تعد علاقة تنظيمية وإنما يعني أن أحكام هذه اللائحة أصبحت بالنسبة للعاملين في المؤسسات العامة - وهي من أشخاص القانون العام وتحكمها قواعده جزءاً من هذه القواعد والأنظمة اللائحية التي تخضع لها علاقتهم بالمؤسسة العامة، إذ أن المشرع لم يقصد من إصدار القرار رقم 800 لسنة 1963 المشار إليه - وعلى ما صرحت به مذكرته الإيضاحية - سوى توحيد المعاملة لجميع العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها بغية إزالة الفوارق بين العاملين في قطاع واحد، خاصة وأنهم يعملون في ظروف واحدة لتحقيق أهداف مشتركة، وذلك بمنأى عن المساس بطبيعة علاقة العاملين بالمؤسسات العامة التي بقيت كما هي تقوم على أسس لائحية أو تنظيمية باعتبارهم موظفين عموميين، ولما كان ذلك فإن الاختصاص بنظر الدعوى يكون معقوداً لجهة القضاء الإداري دون جهة القضاء العادي أخذاً بأحكام المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة - والذي يحكم واقعة النزاع.
3 - العبرة في تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر هذه الدعوى هي بوقت نشوء حق المطعون ضده بادعاء الترقية إلى الدرجة الرابعة - مستمداً من المنشورين رقمي 815 و828 في عام 1964 - اللذين امتنع فيها الطاعن عن إصدار قرار بترقيته إلى هذه الدرجة دون اعتداد بزوال صفة المؤسسة عن البنك وانتفاء صفة الموظف العام عن المطعون ضده تبعاً لذلك في وقت لاحق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 590 سنة 1971 عمال كلي جنوب القاهرة على الطاعن - بنك مصر - انتهى فيها إلى طلب الحكم أولاً: بتعديل أقدميته بالفئة الرابعة بوظيفة وكيل مكتب إلى 10/ 6/ 1963 بدلاً من 2/ 7/ 1973. ثانياً: أحقيته في وظيفة مدير فرع أو ما يعادلها بالفئة الثالثة من 12/ 6/ 1965. ثالثاً: تعديل أجره بإضافة البدلات والعلاوات المترتبة على الترقية. رابعاً: إلزام الطاعن أن يدفع له مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار نتيجة لذلك. خامساً: إلغاء تقارير الكفاية المحررة في ظل قرار تنزيل درجته. وقال بياناً للدعوى إنه بعد حصوله على بكالوريوس التجارة التحق بالعمل لدى الطاعن في عام 1950، وتدرج في الوظائف حتى رقى إلى وظيفة مندوب مندوبية المعادلة للفئة الخامسة في عام 1956، ثم رقى إلى وظيفة نائب مدير فرع في عام 1964 إلا أن الطاعن تخطاه في الترقيات المتعاقبة الصادرة بالقرارات أرقام 815 و828 سنة 1964، 1151 و1152 لسنة 1965 رغم استحقاقه الترقية وإذ كان قد لحقته أضرار من ذلك فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وفي 2/ 11/ 1971 ندبت المحكمة خبيراً، ثم أعادت المأمورية للخبير لإعادة فحصها، وبعد أن قدم تقريره قضت في 13/ 5/ 1978 أولاً: برفض الدعوى فيما يتعلق بطلب إلغاء التقرير السري للمطعون ضده. ثانياً: برفض الدعوى بطلب إلزام الطاعن أن يدفع للمطعون ضده مبلغ عشرة آلاف جنيه. ثالثاً: بتعديل أقدمية المطعون ضده في وظيفة وكيل مكتب إلى10/ 6/ 1963 وبتعديل أقدميته في الفئة الثالثة إلى 16/ 2/ 1965 رابعاً: بقبول الدفع بالتقادم الخمسي وبسقوط حق المطعون ضده في اقتضاء الفروق المالية عما زاد على الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى الحاصل في 16/ 1/ 1971. خامساً: وقبل البت في تعديل مرتب المطعون ضده بإعادة المأمورية إلى الخبير لفحصها على الوجه المبين بالمنطوق وبعد ورود التقرير قضت المحكمة في 27/ 1/ 1979 بإلزام الطاعن أن يؤدي للمطعون ضده 969/ 87. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 396 لسنة 96 قضائية. وبتاريخ 26/ 1/ 1980 قضت المحكمة في الأسباب برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها، وحكمت في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف الصادر بجلسة 13/ 5/ 1978 فيما قضى به من تعديل أقدمية المطعون ضده إلى أحقيته في تعديل أقدميته في وظيفة وكيل مكتب من الفئة المالية الرابعة لتكون اعتباراً من 10/ 6/ 1963 وأحقيته في تعديل أقدميته في الفئة المالية الثالثة لتكون اعتباراً من 16/ 6/ 1975 وتأييد فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه بقول إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى مستند في ذلك إلى أن العاملين بالبنك لا يعتبرون موظفين عموميين بل إن علاقتهم به علاقة تعاقدية ذات طبيعة مدنية يختص بها القضاء العادي لما نصت على المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 بسريان أحكام لائحة نظام العاملين بالشركات على العاملين بالمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون إذ أن البنك كان مؤسسة عامة بصدور القرار بقانون رقم 39 لسنة 1960 من 11/ 2/ 1960 وحتى 20/ 4/ 1965 تاريخ تحويله إلى شركة مساهمة بموجب القانون رقم 872 لسنة 1965 ويكون موظفون في فترة النزاع موظفين عموميين وعلاقتهم به علاقة تنظيمية، ومن ثم فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يكون هو المختص دون غيره بنظر هذه الدعوى ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى انعقاد الاختصاص لجهة القضاء العادي قد خالف قواعد الاختصاص الولائي.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن القانون رقم 39 لسنة 1960 في شأن انتقال ملكية بنك مصر إلى الدولة قد نص في مادته الأولى على أن يعتبر بنك مصر مؤسسة عامة وتنتقل ملكيته إلى الدولة ونص في مادته السادسة على أن يبقى بنك مصر مسجلاً كبنك تجاري ويجوز له أن يباشر كافة الأعمال المصرفية التي كان يقوم بها قبل صدور هذا القانون، وقد ظل البنك وإلى أن صدر القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 في 20 من إبريل سنة 1965 بتحويله إلى شركة مساهمة عربية على ذلك الوضع الذي لم يغيره ما نصت عليه المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 249 لسنة 1961 الخاص بإنشاء "مؤسسة مصر" من أن رأس مال هذه المؤسسة يتكون من أنصبة بنك مصر في رؤوس أموال الشركات المساهمة ومن رأس مال بنك مصر وغيره من المؤسسات العامة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ذلك لأن الفقرة الثانية من تلك المادة نصت على أن تظل لبنك مصر شخصيته المعنوية. وقد تحددت هذه الشخصية في القانون رقم 39 لسنة 1960 المشار إليه باعتبار البنك مؤسسة عامة، ولما كان النزاع في الدعوى يقوم على امتناع البنك عن إصدار قرار بترقية المطعون ضده إلى الدرجة الرابعة في 10/ 6/ 1963 مع أنه كان يجب على البنك اتخاذ هذا الإجراء تنفيذاً للمنشورين رقمي 815 و828 سنة 1964، وكان البنك يعتبر وقتذاك مؤسسة عامة فإن علاقة المطعون ضده به تكون علاقة تنظيمية بوصفه موظفاً عاماً بحكم تبعيته لشخص من أشخاص القانون العام، ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة من سريان أحكام لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين في المؤسسات العامة لأن سريان هذه اللائحة على هؤلاء العاملين لا يتأدى منه أن علاقتهم بالمؤسسة لم تعد علاقة تنظيمية وإنما يعني أن أحكام هذه اللائحة أصبحت بالنسبة للعاملين في المؤسسات العامة - وهي من أشخاص القانون العام و تحكمها قواعده - جزءاً من هذه القواعد والأنظمة اللائحية التي تخضع لها علاقتهم بالمؤسسة العامة، إذ أن المشرع لم يقصد من إصدار القرار رقم 800 لسنة 1963 المشار إليه - وعلى ما صرحت به مذكرته الإيضاحية - سوى توحيد المعاملة لجميع العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها بغية إزالة الفوارق بين العاملين في قطاع واحد، خاصة وأنهم يعملون في ظروف واحدة لتحقيق أهداف مشتركة، وذلك بمنأى عن المساس بطبيعة علاقة العاملين بالمؤسسات العامة التي بقيت كما هي تقوم عن أسس لائحية أو تنظيمية باعتبارهم موظفين عموميين، ولما كان ذلك فإن الاختصاص بنظر الدعوى يكون معقوداً لجهة القضاء الإداري دون جهة القضاء العادي أخذاً بأحكام المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة - والذي يحكم واقعة النزاع - ولا يغير من ذلك أن بنك مصر قد تحول من بعد إلى شركة مساهمة لأن العبرة في تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر هذه الدعوى هي بوقت نشوء حق المطعون ضده بادعاء الترقية إلى الدرجة الرابعة - مستمداً من المنشورين رقمي 815 و828 في عام 1964 اللذين امتنع فيهما الطاعن عن إصدار قرار بترقيته إلى هذه الدرجة دون اعتداد بزوال صفة المؤسسة عن البنك وانتفاء صفة الموظف العام من المطعون ضده تبعاً لذلك في وقت لاحق، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه بغير حاجة لبحث باقي وجوه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.