أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 36 - صـ 550

جلسة 4 من إبريل سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة نائب رئيس المحكمة؛ محمد مختار منصور، محمود نبيل البناوي وأحمد نصر الجندي.

(115)
الطعن رقم 774 لسنة 52 القضائية

وقف "الوقف الأهلي". ملكية "ملكية المستحقين في الوقف الأهلي".
الوقف. ماهيته. إنهاء نظام الأوقاف الأهلية دون إخضاع ملكية أعيانها لأحكام خاصة. ق 180 لسنة 1952. مؤداه. سريان القواعد العامة في الملكية وطرق كسبها. الاستعانة بإشهاد الوقف لتحديد من يملك أعيانه. لا يعني خضوع هذه الملكية لأحكام الإشهاد.
لما كان الوقف يخرج الأعيان الموقوفة عن ملكية الناس ويجعلها على حكم ملك الله ويخضع الاستحقاق في غلتها لأحكام وشروط إشهاد الوقف، فإن المشرع بإصداره القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء نظام الوقف على غير الخيرات يكون قد أنهى إشهادات الأوقاف الأهلية وجعل أعيانها أملاكاً عادية حرة لم يخضع ملكيتها لأحكام خاصة. ولذا تسري عليها القواعد العامة في حق الملكية وطرق كسبها ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون... فهي لا تعني إخضاع هذه الملكية المستحدثة لأحكام الإشهاد وإنما على أن المشرع استعان به فقط في تحديد الأشخاص الذين أراد تمليكهم الأعيان التي كانت موقوفة حينما أزال الوقف عنها ولا شأن للإشهاد بهذه الملكية بعد ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1352 سنة 1978 مدني كلي الفيوم على مورثة الطاعنين والمطعون ضدها الأخيرة (المرحومة.....) وعلى باقي المطعون ضدهم، طالباً الحكم بثبوت ملكيته لمساحة 21 ط و10 س شائعة في الأطيان المبينة بالصحيفة، وقال بياناً لها أن والد زوجته المرحوم..... كان قد أوقف على بنتيه... و... أرضاً زراعية - وبعد وفاته صدر قانون إنهاء الوقف على غير الخيرات فتملكت زوجته... وشقيقتها هذه المساحة مناصفة بينهما، وإذ توفيت زوجته بتاريخ 29/ 5/ 1978 استحق في تركتها المساحة التي يطلب تثبيت ملكيته لها. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 7/ 5/ 1981 بتثبيت ملكيته لمساحة 20 ط و1 س. استأنف الطاعنون الثلاثة الأول والمطعون ضدها الأخيرة هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية الفيوم" بالاستئناف 291 سنة 17 ق طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى. بتاريخ 20/ 1/ 1982 قضت المحكمة بالتأييد طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الرابع والمطعون ضدهم عدا الأول وبرفضه موضوعاً. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان الطعن بالنقض لا يقبل ممن لم يكن طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وكان الطاعن الرابع محكوماً عليه بالحكم الابتدائي فارتضاه بأن لم يستأنفه ولم يتدخل أو يدخل في الاستئناف المرفوع عنه، فإنه لا يقبل منه الطعن في الحكم الصادر فيه. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لم يقض على الطاعنين بشيء لصالح المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخيرة فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي الخصوم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن ملكية المستحقين في الوقف الأهلي لحصص في أعيانه بمقتضى القانون رقم 180 سنة 1952 تظل مقيدة بما اشترطه الواقف في انتقال الاستحقاق منهم إلى غيرهم، وإذ كان المرحوم.... قد أوقف الأرض محل النزاع على بنتيه... و... إلا أنه قيد انتقال الاستحقاق من بعدهما بأن قصره على الذكور فقط من ذريتهما وبالتالي فإنه بوفاة...... بعد ما كان قد انتهى الوقف يجعل ما تملكته من أعيانه يؤول إلى خلفائها في الاستحقاق طبقاً لإشهاد الوقف دون أحكام الإرث، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد القضاء باستحقاق المطعون ضده نصيباً ميراثياً عن زوجته في هذه الأرض يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الوقف يخرج الأعيان الموقوفة من ملكية الناس ويجعلها على حكم ملك الله ويخضع الاستحقاق في غلتها لأحكام وشروط إشهاد الوقف، فإن المشرع بإصداره القانون رقم 180 سنة 1952 بإنهاء نظام الوقف على غير الخيرات يكون قد أنهى إشهادات الأوقاف الأهلية وجعل أعيانها أملاكاً عادية حرة لم تخضع ملكيتها لأحكام خاصة ولذا تسري عليها القواعد العامة في حق الملكية وطرق كسبها ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من ذلك القانون من أن "يصبح ما ينتهي به الوقف على الوجه المبين في المادة السابقة ملكاً للواقف إن كان حياً وكان له الرجوع فيه فإن لم يكن آلت الملكية إلى المستحقين الحاليين كل بقدر حصته في الاستحقاق فهي لا تعني إخضاع هذه الملكية المستحدثة لأحكام الإشهاد وإنما تدل على أن المشرع استعان به فقط في تحديد الأشخاص الذين أراد تمليكهم الأعيان التي كانت موقوفة حينما أزال الوقف عنها ولا شأن للإشهاد بهذه الملكية بعد ذلك، ومن ثم فإن ما سبق أن تملكته مورثة المطعون ضده من أعيان إثر إنهاء الوقف عنها يؤول من بعدها إلى ورثتها طبقاً لقواعد الإرث قانوناً، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بسبب الطعن يكون على غير أساس مما يتعين معه رفض الطعن.