أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 1053

جلسة 5 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، ومحمد محمود راسم، عبد الرشيد نوفل وسعيد صقر.

(196)
الطعن رقم 343 لسنة 50 القضائية

1 - عمل "انتهاء العقد". تعويض.
وقف تنفيذ قرار فصل العامل وإلزام رب العمل بأداء مبلغ يعادل أجره إليه. ماهيته. اعتباره تعويضاً مؤقتاً وليس نفقة مؤقتة م 75 ق 91 لسنة 1959.
2 - عمل "انتهاء العقد". حكم "حجية الحكم" قضاء مستعجل.
الحكم الصادر من القضاء المستعجل بوقف تنفيذ العامل وإلزام رب العمل بأداء تعويض مؤقت إليه، لا حجية له أمام محكمة الموضوع.
3 - عمل "انتهاء العقد". تعويض. دفع غير المستحق.
رفض دعوى العامل بالتعويض عن الفصل. مؤداه. انتهاء أثر الحكم الوقتي بوقف تنفيذ قرار الفصل وأداء التعويض المؤقت له. حق رب العمل في استرداد ما استوفاه العامل من تعويض مؤقت لزوال سببه. م 182 مدني.
1 - مفاد نص المادة 75 فقرة 3، 5 من قانون العمل 91 لسنة 1959 أن المشرع قد عمد إلى رعاية العامل خلال فترة انتظار صدور الحكم في دعوى التعويض عن فصله من العمل فأجاز له أن يستصدر حكماً وقتياً بوقف تنفيذ هذا الفصل وإلزام رب العمل بأداء مبلغ يعادل أجره على سبيل التعويض المؤقت حتى يصدر حكم المحكمة المختصة في موضوع النزاع وتحديد مبلغ التعويض إن كان له وجه على أن يخصم منه ما قد يكون العامل سبق اقتضاءه من مبالغ، مما ينفي عن هذا المقابل الذي قد يحكم به وصف النفقة المؤقتة، وإذ كان هذا الوصف لا يمكن استخلاصه من صراحة النص أو دلالته وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - إذ كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر بوقف تنفيذ قرار الفصل من العمل وأداء التعويض المؤقت هو حكم يصدره قاضي الأمور المستعجلة بإجراء وقتي وفقاً لنص المادة 75 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ولا يمس أصل الحق أو يعتبر فاصلاً فيه فلا تكون له حجية أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك فإن النعي في هذا الخصوص يكون ولا أساس له.
3 - إذ كان يترتب على صدور الحكم برفض دعوى العامل بالتعويض موضوعاً، انتهاء أثر الحكم الوقتي بوقف تنفيذ قرار الفصل وأداء التعويض المؤقت له وبالتالي يكون من حق رب العمل استرداد ما سبق أن قبضه العامل من تعويض مؤقت لزوال سببه بثبوت عدم توافر أركان المسئولية العقدية في جانب رب العمل، ولما هو مقرر من أنه يجوز للموفى استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً الالتزام زال سببه بعد أن تحقق تطبيقاً لحكم المادة 182 من القانون المدني، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها - مؤسسة دار المعارف - أقامت على الطاعن الدعوى رقم 8627 لسنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة وطلبت إلزامه بأن يدفع لها مبلغ 2308.885 ج والفوائد القانونية وذكرت بياناً لها أن الطاعن كان يعمل لديها في وظيفة مدير إنتاج بأجر شهري قدره 225 ج، ثم فصلته من العمل بتاريخ 12/ 3/ 1974 فأقام الدعوى رقم 470 لسنة 1974 عمال جزئي القاهرة وقضى فيها بتاريخ 9/ 10/ لسنة 1974 بإيقاف قرار فصله مع إلزام المؤسسة المطعون ضدها بأن تدفع له أجره بواقع 225 ج شهرياً حتى الفصل في موضوع الدعوى، وقد بلغ مجموع ما قبضه تنفيذاً لهذا الحكم مبلغ 2308.885 ج ولما كانت الدعوى الموضوعية صار قيدها برقم 93 لسنة 1975 عمال كلي جنوب القاهرة وقضى فيها برفضها وتأييد الحكم في الاستئناف رقم 868 لسنة 92 ق القاهرة فإنه يحق للمطعون ضدها طلب استرداد ما قبضه الطاعن تنفيذاً للحكم الوقتي بعد أن ثبت عدم أحقيته له برفض دعواه موضوعاً وبتاريخ 25 - 4 - لسنة 1979 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها مبلغ 2308.885 جنيه وفوائده بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 17/ 2/ 1978 لحين السداد - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3457 لسنة 96 ق القاهرة. وبتاريخ 27/ 2/ 1980 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن في غرفة المشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة 8/ 2/ 1981 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم بنى قضاءه على تكييف خاطئ للمبالغ المقضى بها في دعوى إيقاف تنفيذ قرار فصله من العمل، وإذ اعتبرها تعويضاً معجلاً له في حين أنها في حقيقتها نفقة مؤقتة فلا يجوز استردادها منه، وإذ اعتبر الحكم أن قبض الطاعن لهذه المبالغ قد تم دون وجه حق وقضى بردها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود لأنه لما كانت الفقرة الثالثة من المادة 75 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه "وعلى القاضي أن يفصل في طلب وقف التنفيذ في مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ أول جلسة ويكون حكمه نهائياً، فإذا أمر بوقف التنفيذ ألزم صاحب العمل في الوقت ذاته أن يؤدي إلى العامل مبلغاً يعادل أجره من تاريخ فصله، وعلى القاضي أن يحيل القضية إلى المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل أو المحكمة المخصصة لنظر شئون العمال في المدن التي توجد بها هذه المحاكم، وعلى هذه المحكمة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إن كان له محل......" وتنص الفقرة الخامسة من ذات المادة على أنه "وتخصم المبالغ التي يكون العام قد استولى عليها تنفيذاً لحكم قاضي الأمور المستعجلة أو من خزانة المحكمة من مبلغ التعويض الذي يحكم له به أو أية مبالغ أخرى تكون مستحقة له.. مما مفاده أن المشرع قد عمد إلى رعاية العامل خلال فترة انتظار صدور الحكم في دعوى التعويض عن فصله من العمل فأجاز له أن يستصدر حكماً وقتياً بوقف تنفيذ هذا الفصل وإلزام رب العمل بأداء مبلغ يعادل أجره وذلك على سبيل التعويض المؤقت حتى يصدر حكم المحكمة المختصة في موضوع النزاع وتحديد مبلغ التعويض إن كان له وجه على أن يخصم منه ما قد يكون العامل سبق اقتضاءه من مبالغ، مما ينفي عن هذا المقابل الذي قد يحكم به وصف النفقة المؤقتة، وإذ كان هذا الوصف لا يمكن استخلاصه من صراحة النص أو دلالته وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بحجية الحكم الصادر من القضاء المستعجل قبل الفصل في الموضوع بإلزام المطعون ضدها بمقابل أجر الطاعن، وإذ كانت هذه الحجية لا تزول بصدور الحكم برفض طلب التعويض، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك لأنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر بوقف تنفيذ قرار الفصل من العمل وأداء التعويض المؤقت هو حكم يصدره قاضي الأمور المستعجلة بإجراء وقتي وفقاً لنص المادة 75 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ولا يمس أصل الحق أو يعتبر فاصلاً فيه فلا تكون له حجية أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك فإن النعي في هذا الخصوص يكون ولا أساس له.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برد المبالغ التي حصل عليها الطاعن على سند من القول بأنها صرفت إليه بدون وجه حق، وأنه رغم تمسكه بأن ما قبضه هو نفقة بالاستناد للحكم المستعجل الصادر من قبل الفصل في الموضوع وما له من حجية يمتنع معها المطالبة بردها، فقد أغفل الحكم المطعون فيه بحث دفاعه مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كان يترتب على صدور الحكم برفض دعوى العامل بالتعويض موضوعاً، انتهاء أثر الحكم الوقتي بوقف تنفيذ قرار الفصل وأداء التعويض المؤقت له، وبالتالي يكون من حق رب العمل استرداد ما سبق أن قبضه العامل من تعويض مؤقت لزوال سببه بثبوت عدم توافر أركان المسئولية العقدية في جانب رب العمل، ولما هو مقرر من أنه يجوز استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام زال سببه بعد أن تحقق تطبيقاً لحكم المادة 182 من القانون المدني، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص أنه "لما كان الثابت أنه قضى نهائياً برفض دعوى المدعى عليه - الطاعن - الموضوعية تأسيساً على أنه فصله من العمل كان له ما يبرره قانوناً، ومن ثم يكون الحكم المستعجل الوقتي قد سقط وزال أثره فيما قضى به من تعويض مؤقت معجل وانقضى بالتالي التزام المؤسسة المدعية المطعون ضدها - بأداء هذا التعويض المؤقت ويكون ما تقاضاه المدعى عليه نفاذاً للحكم المستعجل قام بتنفيذه على مسئوليته قد تقاضاه دون وجه حق........ ولزوال سبب هذا الوفاء بالحكم المستعجل الوقتي الذي زال أثره بالحكم الموضوعي برفض دعوى المدعى عليه........ وهي أسباب كافية لحمل الحكم وبما يتضمن مواجهة دفاع الطاعن المشار إليه بسبب النعي، ولما كان - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة فإنها لا تكون من بعد ملزمة بأن تورد كل الحجج التي يدلى بها الخصوم وتفصيلات دفاعهم، وترد عليها استقلالاً، لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها، وأوردت دليلها التعليل الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، لما كان ما سلف فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.