أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 1078

جلسة 7 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار.... نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل.

(201)
الطعن رقم 804 لسنة 44 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم". نقض "الخصوم في الطعن". تجزئة.
صدور الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة. قعود أحد المحكوم عليهم عن الطعن في الحكم لا أثر له في شكل الطعن المرفوع صحيحاً من آخر. وجوب الأمر باختصامه. م 218/ 2 مرافعات.
(2) وصية. نقض "السبب الجديد".
التمسك بالرجوع في الوصية. لا يقبل التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ولو كانت عناصره مطروحة على محكمة الموضوع. علة ذلك.
(3) قانون "القانون الأجنبي". إثبات.
الاستناد إلى قانون أجنبي، واقعة مادية. على الخصم إقامة الدليل عليها.
(4) نقض "السبب غير المنتج". عقد. وصية. بيع.
إقامة الحكم قضاءه على أن الوصية مستوردة في عقد بيع. النعي بأن العقد لم يستوف الأركان الشكلية للوصية. غير منتج. علة ذلك. العبرة بالعقد الساتر.
1 - قعود أحد المحكوم عليهم عن الطعن في الحكم في الميعاد أو أثناء نظر الطعن المرفوع من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته استعمالاً للرخصة المخولة له بالمادة 218 من قانون المرافعات ليس من شأنه أن يؤثر في شكل الطعن متى كان قد أقيم صحيحاً وفي الميعاد من محكوم عليه سواه حتى وإن كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، ولم تتطلب المادة 218 سالفة الذكر سوى تكليف المحكمة الطاعن باختصام المحكوم عليه الآخر في الطعن. وإذ كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطعن رفع صحيحاً وفي الميعاد من الطاعن أحد المحكوم عليهما بالحكم المطعون فيه وقد أمرته المحكمة باختصام المحكوم عليها الأخرى، وإذ تبين وفاتها، اختصم ورثتها، فإن الدفع بعدم قبول الطعن يضحى في غير محله.
2 - متى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع برجوع الموصية في الوصية التي سترها عقد النزاع بالوصية الرسمية اللاحقة، ومن ثم لا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا يغير من هذا قول الطاعن بأن عناصر الرجوع كانت مطروحة على محكمة الموضوع، ذلك أن تكييف التصرف وإن كان من مسائل القانون، إلا أنه يستلزم بداءة تمحيص عناصره وأركانه واستخلاص نية المتعاقدين فيه، مما يتصل بعناصر الدعوى التي يتعين طرحها تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى حتى يتسنى لها تحقيقها وتقديرها.
3 - الاستناد إلى قانون أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها - وإذ خلت الأوراق مما يدل على أن الطاعن قدم إلى محكمة الموضوع القانون المدني التشيكي الذي تمسك بأنه القانون الواجب التطبيق عملاً بالمادة 17 من القانون المدني، فإن النعي في هذا الخصوصية يكون غير مقبول.
4 - ما أضافته الطاعنة بجلسة المرافعة - من أن العقد الذي كيفه الحكم المطعون فيه بأنه وصية لم يستوف الأركان الشكلية المطلوبة للاعتداد به كوصية غير منتج، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الوصية مستورة في عقد بيع والعبرة عندئذ بشكل العقد الساتر لا العقد المستور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة..
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1813 لسنة 1968 القاهرة الابتدائية ضد الطاعن وشقيقته السيدة/ جوزيفا أميل روند وآخر بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 4/ 1961 الصادر من المرحومة...... مورثة الطاعن وشقيقته المذكورة فيما تضمنه من بيعها إياها حصة قدرها 12 ط شائعة في عقاري النزاع، وقالت بياناً للدعوى أن مورثة الطاعن باعتها وآخر بموجب ذلك العقد عقاري النزاع مناصفة بينهما على الشيوع نظير ثمن قدره 10000 جنيه وأن مرض البائعة ووفاتها حالا دون إتمام تسجيله. دفع الطاعن وشقيقته الدعوى بأن المطعون عليها أقرت في الدعوى رقم 1020 لسنة 1963 القاهرة الابتدائية - التي كان شريكها في العقد قد أقامها بطلب الحكم بصحته ونفاذه - بأن العقد صوري صورية مطلقة. وفي 15/ 5/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1288 لسنة 88 ق القاهرة وبتاريخ 20/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وباعتبار العقد المذكور وصية نافذة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون عليها دفعت بعدم قبول الطعن لعدم اختصام السيدة/ جوزيفا أميل جوزيف روندا التي شاركت الطاعن طعنه على العقد بالصورية المطلقة وصدر الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع باعتباره وصية نافذة في القدر الوارد به، وهو موضوع غير قابل للتجزئة.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن قعود أحد المحكوم عليهم عن الطعن في الحكم في الميعاد أو أثناء نظر الطعن المرفوع من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته استعمالاً للرخصة المخولة له بالمادة 218/ 2 من قانون المرافعات ليس من شأنه أن يؤثر في شكل الطعن متى كان قد أقيم صحيحاً وفي الميعاد من محكوم عليه سواء حتى وإن كان الحكم صادر في موضوع غير قابل للتجزئة، ولم تتطلب المادة 218 سالفة الذكر سوى تكليف المحكمة الطاعن باختصام المحكمة عليه الآخر في الطعن، وإذ كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطعن رفع صحيحاً وفي الميعاد من الطاعن أحد المحكوم عليهما بالحكم المطعون فيه وقد أمرته المحكمة باختصام المحكوم عليها الأخرى، وإذ تبين وفاتها اختصم ورثتها، فإن الدفع بعدم قبول الطعن يضحى في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه كيف العقد موضوع النزاع بأنه عقد ساتر لتبرع مضاف إلى ما بعد الموت أي وصية، وفصل في الدعوى طبقاً لذلك وكان يتعين اعتبار الوصية لاغية لأن الموصية وقعت في 16/ 10/ 1962 على عقد رسمي بوصية لها ألغت بموجبها كل ما صدر منها قبلها من تصرفات وأوصت للمطعون عليها الأولى بثلث كل ما تملكه من عقار ومنقول وإذ كانت الوصية تصرف غير لازم في حق الموصي يملك الرجوع عنه عند الحنفية ما دام حياً وهو ما نصت عليه المادة 480 من القانون التشيكي أيضاً فإنه كان يتعين الحكم باعتبار عقد البيع المؤرخ 2/ 4/ 1961 موضوع النزاع غير قائم باعتباره وصية لرجوع الموصية عنها حال حياتها، ولما كان تكييف عقد النزاع بأنه وصية صدر عن محكمة الموضوع دون أن يطرحه الخصوم عليها، فإنه يجوز للطاعنة إبداء هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ لا يخالطه واقع، لأن مجرد الاطلاع على الوصية الرسمية سالفة الذكر يبين معه إلغاء الموصية لكل التصرفات الصادرة منها قبلها، وأضاف الطاعن بجلسة المرافعة أن العقد الذي كيفه الحكم المطعون فيه بأنه وصية لم يستوف الأركان الشكلية المطلوبة للاعتداد به كوصية إذا لم يحرر بخط المتوفاة ولم يصدق على توقيعها عليه وهو أمر متعلق بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، ذلك أن الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع برجوع الموصية في الوصية التي سترها عقد النزاع المؤرخ 2/ 4/ 1962 بالوصية الرسمية المؤرخة 16/ 10/ 1962، ومن ثم لا يقبل منه التحدي بهذا لأول مرة أمام محكمة النقض، لا يغير من هذا قول الطاعن بأن عناصر الرجوع في الوصية كانت مطروحة على محكمة الموضوع، ذلك أن تكييف التصرف وإن كان من مسائل القانون، إلا أنه يستلزم بداءة تمحيص عناصره وأركانه واستخلاص نية المتعاقدين فيه مما يتصل بعناصر الدعوى التي يتعين طرحها تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى حتى يتسنى لها تحقيقها وتقديرها، والنعي في شقه الثاني غير مقبول، ذلك أن الاستناد إلى قانون أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها وقد خلت الأوراق مما يدل على أن الطاعن قدم إلى محكمة الموضوع القانون المدني التشيكي الذي تمسك بأنه القانون الواجب التطبيق عملاً بالمادة 17 من القانون المدني المصري هذا إلى ما أضافه الطاعن بجلسة المرافعة غير منتج، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الوصية مستورة في عقد بيع والعبرة عندئذ بشكل العقد السائر لا العقد المستورة، ومن ثم يكون النعي برمته في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الثاني والثالث والرابع، الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في فهم الواقع والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه أخطأ في النتيجة التي استخلصها من الوقائع التي استند إليها للقول بأن عقد النزاع يتضمن وصية، إذ أن هذه النتيجة لا تتفق مع موجب هذه الوقائع قانوناً كما استند إلى أدلة وقرائن للقول بأن عقد البيع ساتر لتبرع مضاف إلى ما بعد الموت وأن نية المتصرفة اتجهت في إبرام هذا العقد إلى الإيصاء للمطعون عليها مع أن الأوراق التي استدل بها الحكم المطعون عليه تؤكد بأن المتصرفة لم تقصد البيع، هذا إلى أن المطعون عليها الأولى أقرت صراحة في مذكراتها في الدعوى 1020 لسنة 1963 القاهرة الابتدائية بأن عقد النزاع صوري صورية مطلقة، غير أن الحكم أطرح هذا الإقرار بحجة أنه إقرار غير قضائي ومسخ عباراته وحرفها وخرج عن المعنى الواضح له دون أن يبين سبب اطراحه له.
وحيث إنه هذا النعي غير سديد ذلك أن لمحكمة الموضوع وهي في سبيل التعرف على حقيقة العقد والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه، سلطة تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها، متى كان استخلاصها سائغاً متفقاً مع الثابت بالأوراق، وهي إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة، تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة، وإذ كان ذلك وكان يبين من حكم 4/ 4/ 1972 المطعون عليه أنه أقام قضاءه باعتبار العقد المؤرخ 2/ 4/ 1961 موضوع النزاع عقداً ساتراً لتبرع مضاف إلى ما بعد الموت أي وصية على وقائع سردها حاصلها: 1 - خطاب غير مؤرخ موجه من المورثة إلى المطعون عليها تكلفها فيه بدفع مبلغ 150 ج إلى بواب العمارتين موضوع العقد خصماً من إيرادهما بعد وفاتها. "2" التوكيل المؤرخ 14 - 10 - 1962 الصادر من المورثة إلى أدوارد جورج لإدارة المنزلين وهو في تاريخ لاحق للعقد موضوع النزاع "3" الإقرار المؤرخ 14 - 10 - 1972 الصادر من المورثة ومضمونة صدور عقد البيع موضوع النزاع منها إلى المطعون عليها وآخر وأنها قبضت الثمن وتنازلت عن عقود إيجار العقارين وحولتهما إليها من تاريخه. "4" إتمام العقد وعدم التوقيع عليه من المورثة رغم مضي أكثر من عام ونصف على تحضيره وختمه بختم صالح للشهر. "5" بقاء المورثة واضعة اليد على العقارين موضوع العقد واستيلائهما على إيرادهما حتى وفاتها، وهي تؤدي في مجموعها إلى ما خلص إليه الحكم من أن نية الطرفين قد انصرفت إلى إيصاء المورثة للمطعون عليها بنصف العقارين موضوع عقد النزاع، وكان الإقرار غير القضائي المنسوب للمطعون عليها الأولى في قضية أخرى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها بعد تقدير الظروف التي صدر فيها وملابسات الدعوى أن تعتبره دليلاً مكتوباً أو مجرد قرينة أو لا تعتد به أصلاً دون معقب عليها، فإنه لا يجوز للطاعن المجادلة في النتيجة التي استخلصها الحكم المطعون فيه بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير تلك التي أخذت بها محكمة الموضوع مما يكون النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.