أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 1085

جلسة 9 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله، أحمد ضياء عبد الرازق، وليم رزق بدوي وعلي محمد عبد الفتاح.

(202)
الطعن رقم 145 لسنة 48 القضائية

(1) عقد "فسخ العقد". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً دون حكم في حالة الإخلال بالالتزامات الناشئة عنه أثره. اقتصار سلطة قاضي الموضوع على بحث توافر شروط والفسخ لإعماله من عدمه.
(2) عقد "فسخ العقد". بيع "التزامات المشتري". التزام "حق الحبس". الشرط الفاسخ المقرر جزاء عدم وفاء المشتري بالثمن. شرطه. أن يكون التخلف عن الوفاء بغير حق.
(3) نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن". التزام. حق الحبس.
حبس المشتري للثمن بوجه قانوني. لا محل لإعمال الفسخ الاتفاقي جزاء تخلفه عن الوفاء بالثمن.
(4) دعوى "الخصوم في الدعوى". أهلية.
استئذان محكمة الأحوال الشخصية في الدعاوى المرفوعة من القصر أو عليهم. هدفه. عدم جواز تمسك الغير بعدم إجرائه.
(5) أحوال شخصية "الولاية على المال". أهلية. بطلان. دعوى.
وجوب استئذان محكمة الأحوال الشخصية إذا أراد الوصي رفع دعوى أو إقامة طعن من الطعون غير العادية. عدم جواز تمسك الغير بالبطلان المترتب على إغفال هذا الإجراء.
1 - إذ كان مفاد نص المادة 158 من القانون المدني أنه إذا اتفق الطرفان على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، ومن شأنه أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ إلا أن ذلك منوط بتحقق المحكمة من توافر شروط الفسخ الاتفاقي ووجوب إعماله، ذلك أن للقاضي الرقابة التامة للتثبت من انطباق الشرط على عبارة العقد، كما أن له عند التحقق من قيامه مراقبة الظروف الخارجية التي تحول دون إعماله.
2 - الشرط الفاسخ المقرر جزاء عدم وفاء المشتري بالثمن في الميعاد المتفق عليه لا يتحقق إلا إذا كان التخلف عن الوفاء بغير حق، فإن كان للمشتري قانوناً أن يحبس الثمن عن البائع وجب على المحكمة التجاوز عن شرط الفسخ الاتفاقي.
3 - لما كانت المجادلة في جدية الأسباب التي تخول المطعون عليه الأول الحق في حبس الباقي من الثمن والوفاء به. بطريق الإيداع مجادلة موضوعية غير مقبولة لأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب سائغة ولها سندها في الأوراق وتكفي لحمله وبحسبه أن يكون قد تبين الحقيقة الواقعية التي اطمأن إليها وساق عليها دليلها وأنزل عليها حكم القانون الصحيح.
4 - هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هو رعاية مصلحتهم - ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً تسبباً مقرراً لمصلحة القصر دون غيرهم.
5 - ما ورد في الفقرتين 12، 13 من القانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال من وجوب استئذان محكمة الأحوال الشخصية إذ ما أريد رفع دعوى أو إقامة طعن من الطعون غير العادية إنما قصد به - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - رعاية حقوق ناقصي الأهلية والمحافظة على أموالهم ومن ثم فهو إجراء شرع لمصلحة هؤلاء دون خصومهم فلا يصح لهؤلاء الخصوم التمسك به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر أقام الدعوى رقم 1782 سنة 1973 مدني كلي الزقازيق ضد الطاعنين والمطعون عليهما الثاني والثالث بطلب صحة ونفاذ عقدي البيع الابتدائيين المؤرخين 16/ 2/ 1969، 7/ 4/ 1972 عن الأطيان المبينة بهما وقال شرحاً لها أنه بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 16/ 2/ 1969 باع المطعون عليهما الثاني والثالث إلى الطاعنين الأطيان المبينة بالعقد لقاء ثمن قدره أربعة آلاف وخمسمائة جنيه وبموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 7/ 4/ 1972 باع الطاعنان ذات المساحة للمطعون عليه الأول بصفته مقابل ثمن قدره خمسة آلاف جنيه وأنهما امتنعا عن تسليم مستندات التمليك والتوقيع على عقد البيع النهائي فأقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 3/ 1975 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 239 س 18 ق المنصورة مأمورية استئناف الزقازيق. وبتاريخ 30 - 11 - 1977 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقدي البيع الابتدائيين المؤرخين 16/ 2/ 1969، 7/ 4/ 1972. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أن سلطة المحكمة في فسخ العقد ليست سلطة تقديرية إذ أنه يقع بمجرد عدم الوفاء بالالتزامات الواردة بالعقد فالثابت بالبند السادس من عقد البيع أن الإخلال بأي من الالتزامات الواردة بالعقد ومنها الالتزام بدفع باقي الثمن يعد العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه وقد اتفق على دفع ثمن البيع في أول يونيو سنة 1972 ولم يقم المطعون عليه الأول بالوفاء رغم إنذاره بتاريخ 15/ 9/ 1973 وأن قيامه بعرض باقي الثمن في 14/ 3/ 1974 قد تم بعد حصول الفسخ وإذ قضى المطعون فيه برفض طلب الفسخ يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 158 من القانون المدني أنه إذا اتفق الطرفان على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه من شأنه أنه يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ إلا أن ذلك منوط بتحقق المحكمة من توافر شروط الفسخ الاتفاقي ووجوب إعماله ذلك أن للقاضي الرقابة التامة للتثبت من انطباق الشرط على عبارة العقد، كما أنه له عند التحقق من قيامه مراقبة الظروف الخارجية التي تحول دون إعماله وكان من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الشرط الفاسخ المقرر جزاء عدم وفاء المشتري بالثمن في الميعاد المتفق عليه لا يتحقق إلا إذا كان التخلف عن الوفاء بغير حق فإن كان للمشتري قانوناً أن يحبس الثمن عن البائع وجب على المحكمة التجاوز عن شرط الفسخ الاتفاقي ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما يبين من مدوناته أن العين المبيعة كانت خاضعة لأحكام القانون رقم 50 سنة 1969 الخاص بالإصلاح الزراعي وقت بيعها ولم ينظروا أمر الإفراج عنها إلا في 26/ 11/ 1972 وهو التاريخ التالي على يوم 1/ 6/ 1972 موعد سداد باقي الثمن وأن نص البند السادس من العقد في غير محله وإذ أن المطعون عليه الأول كان محقاً في حبس الثمن كما أن الطاعنين لم يقدما المستندات اللازمة لنقل الملكية. لما كان ذلك وكانت المجادلة في جدية الأسباب التي تخول المطعون عليه الأول الحق في حبس الباقي من الثمن والوفاء به بطريق الإيداع مجادلة موضوعية غير مقبولة لأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب سائغة ولها سندها في الأوراق تكفي لحمله وبحسبه أن يكون قد بين الحقيقة الواقعية التي اطمأن إليها وساق عليها دليلها وأنزل عليها حكم القانون الصحيح ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن أوراق الدعوى خلو مما يفيد خضوع المطعون عليهما الثاني والثالث لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 إلا من المكاتبة الصادرة من مأمورية الشهر العقاري وهي جهة غير رسمية أو متخصصة وأن العين المبيعة لم تخضع لأحكام القانون 50 سنة 1969 والثابت من الشهادة الصادرة من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أنه تم الاعتداد بالتصرف بالبيع الصادر من المطعون عليهما الثاني والثالث في تاريخ سابق على التصرف الحاصل بالبيع من الطاعنين للمطعون عليه الأول وأن الوفاء بباقي الثمن لم يكن معلقاً على شرط تسليم مستندات الملكية والتوقيع على العقد النهائي ولم تصلهما برقية المطعون عليه الأول بالحضور للتوقيع على العقد النهائي.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن العين المبيعة خاضعة لأحكام القانون رقم 60 لسنة 1969 طبقاً لما هو ثابت من الخطاب الصادر من مديرية الإصلاح الزراعي بالشرقية وأن من حق المطعون عليه الأول حبس الثمن لهذا السبب ولعدم تقديم الطاعنين المستندات اللازمة لنقل الملكية ولما كان تحصيل الواقع من سلطة محكمة الموضوع ولها تقدير ما يقدم لها من الأدلة ولقاضي الموضوع الحق في بحث الدلائل والمستندات المقدمة وترجيح ما يطمئن إليها واستخلاص ما يرى أنه واقع الدعوى وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص بأسباب سائغة خضوع العين المبيعة لأحكام القانون 50 سنة 1969 وهي دعامة كافية لحمل قضائه فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون مجادلة فيما لقاضي الموضوع من سلطة فهم الواقع وبحث المستندات المقدمة وكون ما ينعاه الطاعنان من أن وفاء المطعون عليه بباقي الثمن لم يكن معلقاً على شرط تسليم مستندات الملكية والتوقيع على العقد النهائي يضحى غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بالبطلان ذلك أن الاستئناف أقيم من المطعون عليه الأول بصفته ولياً على أولاده القصر ولم تخطر النيابة العامة فضلاً عن أنه أقيم بغير تصريح من محكمة الأحوال الشخصية رغم أن التصرف موضوع الدعوى تزيد قيمته على الألف جنيه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن هدف المشرع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إنما هو رعاية مصلحتهم ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً تسبباً مقرراً لمصلحة القصر دون غيرهم، كما أنه أورد في الفقرتين 12، 13 من القانون رقم 119 سنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال من وجوب استئذان محكمة الأحوال الشخصية إذا ما أريد رفع دعوى أو إقامة طعن من الطعون غير العادية إنما قصد به وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة رعاية حقوق ناقصي الأهلية والمحافظة على أموالهم ومن ثم فهو إجراء شرع لمصلحة هؤلاء دون خصومهم فلا يصح لهؤلاء الخصوم التمسك به ومن ثم فإن النعي على الحكم بالبطلان يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.