أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 1128

جلسة 14 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: محمد جلال الدين رافع، عبد الحميد المنفلوطي، محمد إبراهيم خليل وأحمد شلبي.

(210)
الطعن رقم 919 لسنة 50 القضائية

(1) تقسيم "التصرف والبناء في الأراضي المقسمة". بيع.
حظر التصرف والبناء في الأراضي المقسمة قبل صدور قرار بالموافقة على التقسيم. م 10 ق 52 لسنة 1940. شموله بيع البناء. علة ذلك.
(2) التزام "الحق في الحبس". بيع "بطلان البيع". "ما يعد قصوراً".
حق الحبس. ماهيته، م 246 مدني. الحكم ببطلان عقد البيع وتسليم العين المبيعة للبائعة دون الرد على دفع المشترية بحقها في الحبس حتى تستوفى ما أدته من ثمن. خطأ وقصور.
1 - إذا كانت المادة العاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 222 لسنة 1953 قد حظرت بيع الأراضي المقسمة قبل صدور قرار بالموافقة على التقسيم، كما حظرت إقامة مباني عليها قبل صدور هذا القرار، وكان هذا الحظر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حظر عام دعت إليه اعتبارات تتعلق بالصالح العام مما مقتضاه ترتيب البطلان على مخالفته، واعتبار البطلان في هذه الحالة بطلاناً مطلقاً يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، ومن ثم فإن التحدي بأن الحظر لا يشمل بيع البناء في هذه الحالة لا وجه له لاتحاد العلة.
2 - إذ تنص المادة 142 من القانون المدني على أنه في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، وجرى نص المادة 246 من ذات القانون بأن كل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا، ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه، إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة، فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفى ما هو مستحق له، إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع - وكانت الطاعنة "المشترية" قد دفعت أمام محكمة الموضوع بحقها في حبس العين المبيعة حتى تستوفى ما دفعته من ثمن وما أنفقته من مصروفات ضرورية أو نافعة، وقد حجب الحكم المطعون فيه نفسه عن بحث هذا الدفاع الجوهري مجتزئاً من ذلك بالقول بأن عقد البيع باطل بطلاناً مطلقاً فلا يرتب أثراً من آثار البيع فإن الحكم في هذا الخصوص - إذ قضى بتسليم العقار المبيع للمطعون عليها "البائعة" - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 430 سنة 1976 مدني الزقازيق الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم ببطلان عقد البيع العرفي المؤرخ 15/ 8/ 1975، وإخلاء المنزل المبين بصحيفة افتتاح الدعوى وتسليمه لها، وقالت شرحاً للدعوى أنها باعت المنزل المذكور بموجب ذلك العقد للطاعنة، وأن العقد باطل بطلاناً مطلقاً طبقاً لنص المادة العاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 لأن البيع ورد على أرض غير مقسمة، فأقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 24/ 5/ 1979 حكمت المحكمة ببطلان عقد البيع آنف الذكر، ثم حكمت بتاريخ 6/ 12/ 1979 بإلزام الطاعنة بإخلاء العقار موضوع النزاع وتسليمه للمطعون عليها بالحالة التي كان عليها وقت التعاقد، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 30 لسنة 23 ق مدني "مأمورية الزقازيق" طالبة إلغاءه. وبتاريخ 29/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه بتسليم العقار محل النزاع. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر. وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضى طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 ببطلان عقد بيع المطعون عليها سالف الذكر، في حين أن المادة العاشرة من القانون المذكور إذ نصت على حظر بيع الأراضي المقسمة قبل صدور قرار بالموافقة على التقسيم فقد قصرت هذا الحظر على بيع الأراضي دون المباني، فحظر التصرف خاص بالأراضي الفضاء ولم يرد على الأرض المقام عليها بناء. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة المذكورة من حظر إقامة مبان على الأرض المقسمة قبل صدور القرار بالموافقة على التقسيم، لأن الجزاء المقرر على مخالفة هذا الحظر جزاء جنائي، فيصح إزالة البناء بحكم جنائي ضد منشئ التقسيم والمطعون عليها ليست منشئة التقسيم، وقد مضى على إقامة البناء موضوع التصرف أكثر من خمس عشرة سنة والدعوى لم ترفع ضد منشئ التقسيم فلا ترفع ضد الطاعنة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة العاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 الخاص بتقسيم الأراضي المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 222 لسنة 1953 قد حظرت بيع الأراضي المقسمة قبل صدور قرار بالموافقة على التقسيم كما حظرت إقامة مباني عليها قبل صدور هذا القرار وكان هذا الحظر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حظر عام دعت إليه اعتبارات تتعلق بالصالح العام مما مقتضاه ترتيب البطلان على مخالفته، واعتبار البطلان في هذه الحالة بطلاناً مطلقاً يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، ومن ثم فإن التحدي بأن الحظر لا يشمل بيع البناء في هذه الحالة لا وجه له لاتحاد العلة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تم التزم هذا النظر وقضى ببطلان عقد البيع آنف الذكر الصادر من المطعون عليها بتاريخ 15/ 8/ 1975 للطاعنة، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب إذ قضى ببطلان عقد البيع وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد وإخلاء العقار وتسليمه للمطعون عليها وأطرح دفاع الطاعنة بأن من حقها حبس العين حتى تستوفى ما دفعته من ثمن وما أنفقته من مصروفات نافعة طبقاً لنص المادة 246 من القانون المدني بما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إنه هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 142 من القانون المدني تنص على أنه "في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد.." وجرى نص المادة 246 من ذات القانون بأن "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا. ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء محرزه، إذ هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة، فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفى ما هو مستحق له، إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع" - ولما كانت الطاعنة قد دفعت أمام محكمة الموضوع بحقها في حبس العين محل النزاع حتى تستوفى ما دفعته من ثمن وما أنفقته من مصروفات ضرورية أو نافعة، وقد حجب الحكم المطعون فيه نفسه عن بحث هذا الدفاع الجوهري مجتزئاً من ذلك بالقول بأن عقد البيع باطل بطلاناً مطلقاً فلا يرتب أثراً من آثار، البيع فإن الحكم يكون في هذا الخصوص قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه لهذا السبب.