أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 36 - صـ 703

جلسة 29 من إبريل سنة 1985

برياسة السيد المستشار الدكتور/ سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي نائبي رئيس المحكمة، زكي المصري ومنير توفيق.

(146)
الطعن رقم 1568 لسنة 51 القضائية

(1) إثبات "العدول عن إجراء الإثبات".
عدول المحكمة عما أمرت به من إجراءات الإثبات بعد إصدارها وقبل تنفيذها. جائز. ما لم تتضمن فصلاً في حق من الحقوق. علة ذلك.
(2) نقل "نقل بري".
الإجراءات والمواعيد المشار إليها في المادة 99 تجاري. عدم سريانها في حالة الهلاك الكلي للبضاعة.
(3) نقل "نقل بري". إثبات "الإثبات بالبينة".
عقد النقل البري. الكتابة ليست شرطاً لانعقاده ولا لإثباته ولا تعتبر ركناً من أركانه. مؤدى ذلك. جواز إثباته في مواجهة الناقل المحترف لعمليات النقل بالبينة والقرائن مهما كانت قيمته.
1 - الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا تعتبر أحكاماً قطعية ولا تحوز حجية الأمر المقضي فيجوز للمحكمة العدول عنها بعد إصدارها وقبل تنفيذها وذلك ما لم تتضمن تلك الأحكام فصلاً في حق من الحقوق إذ تكون بذلك حجة فيما فصلت فيه منها ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية.
2 - إذ كانت المادة 99 من قانون التجارة لا تسري في حالة الهلاك الكلي للبضاعة المشحونة، وكانت محكمة الاستئناف بما لها من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة قد استخلصت من سقوط السيارة بالبضاعة المشحونة عليها في مياه ترعة المحمودية أن تلك البضاعة هلكت هلاكاً كلياً، وكان ما خلصت إليه في هذا الشأن سائغاً وله أصل ثابت في المحضر رقم....، وكافياً لحمل قضاء الحكم في رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اتباع الإجراءات والمواعيد المشار إليها في المادة 99 من قانون التجارة ومن ثم يكون ما ورد بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
3 - إذ كانت الكتابة ليست شرطاً لانعقاد عقد النقل البري ولا لإثباته ولا تعتبر ركناً من أركانه ومن ثم يخضع إثبات عقد النقل البري للقواعد العامة فيجوز إثباته بالبينة والقرائن مهما كانت قيمته وذلك في مواجهة الناقل الذي يعد عمله تجارياً دائماً طالما كان محترفاً لعمليات النقل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 559 لسنة 1977 تجاري جزئي الإسكندرية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وبياناً لذلك قالت إن الشركة...... عهدت إلى الطاعن نقل كمية من الورق من كفر الدوار إلى دمنهور وأثناء تنفيذ عملية النقل يوم 12/ 10/ 1976 سقطت السيارة بالبضاعة المشحونة في مياه ترعة المحمودية مما أدى إلى تلفها وإذ كانت تلك البضاعة مؤمناً عليها لديها وكانت الشركة المذكورة قد تسلمت منها قيمة التعويض وحولت لها حقها فيه فقد أقامت الدعوى بطلباتها السابقة وبعد أن عدلت طلباتها قضت محكمة الإسكندرية التجارية الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 2505 لسنة 1976 تجاري كلي وبتاريخ 26/ 12/ 1977 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بإلزام الطاعن بأن يدفع للشركة المطعون ضدها مبلغ 4826 ج و300 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف لرقم 367 لسنة 35 ق وبتاريخ 27/ 5/ 1980 قضت محكمة استئناف الإسكندرية برفض الدفع بسقوط الحق في الاستئناف وبقبول الاستئناف شكلاً وبتحديد جلسة لمناقشة الخصوم في بعض نقاط الدعوى ثم عادت وقضت بتاريخ 26/ 3/ 1981 أولاً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها. ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على خلاف الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في المادة 99 من قانون التجارة وبقبولها. ثالثاً. بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني منها مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف بقضائها في الموضوع دون أن تنفذ حكم الاستجواب الذي سبق أن أصدرته تكون قد أهدرت حجية ذلك الحكم كما تكون قد فوتت عليه أوجه الدفاع الذي كان سيبديها عند تنفيذه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول ذلك أن الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا تعتبر أحكاماً قطعية ولا تحوز حجية الأمر المقضي فيجوز للمحكمة العدول عنها بعد إصدارها وقبل تنفيذها وذلك ما لم تتضمن تلك الأحكام فصلاً في حق من الحقوق إذ تكون بذلك حجة فيما فصلت فيه منها ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية لما كان ذلك وكان حكم الاستجواب الذي أصدرته محكمة الاستئناف في جلسة 27/ 5/ 1980 لم يتضمن فصلاً في حق من الحقوق سوى الفصل في شكل الاستئناف ومن ثم فإن هذا الحكم لا يحوز حجية الأمر المقضي إلا في هذه المسألة ولذا يجوز العدول عنه فيما تضمنه من إجراءات الإثبات والنعي في شقه الثاني غير مقبول ذلك أن الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي فاتته بسبب عدم تنفيذ حكم الاستجواب.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه بعدم قبول الدعوى لعدم اتباع الشركة المطعون ضدها الإجراءات والمواعيد المشار إليها في المادة 99 من قانون التجارة وقد قضت محكمة الاستئناف برفض هذا الدفع استناداً إلى عدم حصول تسليم للبضاعة المشحونة حتى تتضح به تلك الإجراءات والمواعيد وهذا الذي قررته المحكمة مخالف للقانون لأن ما ذهبت إليه في هذا الشأن وإن كان يصلح للرد على الدفع بعدم القبول الذي يبديه المرسل إليه فإنه لا يصلح رداً على ذات الدفع الذي يبديه الراسل ما أن ما قررته المحكمة من عدم حصول تسليم للبضاعة المشحونة مخالف الثابت في الأوراق من انتشال جزء منها من مياه الترعة تقدر قيمته بمبلغ 140 ج و200 م.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة 99 من قانون التجارة لا تسري في حالة الهلاك الكلي للبضاعة المشحونة وكانت محكمة الاستئناف بما لها من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة قد استخلصت من سقوط السيارة بالبضاعة المشحونة عليها في مياه ترعة المحمودية أن تلك البضاعة هلكت هلاكاً كلياً وكان ما خلصت إليه في هذا الشأن سائغاً وله أصل ثابت في المحضر رقم 2256 لسنة 1976 إداري دمنهور وكافياً لحمل قضاء الحكم في رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اتباع الإجراءات والمواعيد المشار إليها في المادة 99 من قانون التجارة ومن ثم يكون ما ورد بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتمد في قضائه على الصورة العرفية لعقد النقل المقدمة من الشركة المطعون ضدها في حين أنه نازع فيها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت الكتابة ليست شرطاً لانعقاد عقد النقل البري ولا لإثباته ولا تعتبر ركناً من أركانه ومن ثم يخضع إثبات عقد النقل البري للقواعد العامة فيجوز إثباته بالبينة والقرائن مهما كانت قيمته وذلك في مواجهة الناقل الذي يعد عمله تجارياً دائماً طالما كان محترفاً لعمليات النقل. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف وعلى ما يبين من مدونات حكمها المطعون فيه قد استخلصت من إقرار الطاعن بالمحضر رقم 2526 لسنة 1976 إداري دمنهور بسقوط سيارته التي كانت تقوم بتنفيذ عملية النقل في مياه الترعة بالبضاعة المشحونة وإخطاره الشركة المطعون ضدها بهذا الحادث وجود عقد نقل بري بينه وبين تلك الشركة وكان ما خلصت إليه المحكمة في هذا الشأن سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائها في هذا الشأن ومن ثم يكون ما ورد بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.