أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 1183

جلسة 19 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار: نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي وعضوية السادة المستشارين: أحمد شوقي المليجي، محمد محمود راسم، عبد العزيز فوده، سعيد صقر.

(218)
الطعن رقم 870 لسنة 50 القضائية

عمل "تشغيل الأحداث" نظام عام.
حظر تشغيل الأحداث الذين تقل سنهم عن سبع عشر سنة كاملة في صناعات معينة. القرار الوزاري 155 لسنة 1959. عدم تعلقه بالنظام العام. مؤدى ذلك. قيام عقد العمل ما لم يتمسك العامل ببطلانه. سريان أحكام قانون التأمينات الاجتماعية عليهم. م 2 ق 63 لسنة 1964.
إذ كانت المادة 124 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أن "يمنع بتاتاً تشغيل الأحداث قبل تمام سن الثانية عشر كما لا يسمح لهم بالدخول في أمكنة العمل، ولوزير الشئون الاجتماعية والعمل أن يمنع تشغيل الأحداث إذا قلت سنهم عن خمس عشرة سنة في بعض الصناعات التي تحدد بقرار منه، وله كذلك أن يمنع تشغليهم في بعض الصناعات الأخرى ما لم تبلغ سنهم سبع عشرة سنة كاملة" وكانت عبارة النص في الفقرة الأولى من هذه المادة قد وردت بصيغة آمرة جازمة تحظر مطلقاً تشغيل الأحداث قبل تمام سن الثانية عشرة بينما خولت الفقرتان الثانية والثالثة لوزير الشئون الاجتماعية والعمل تقرير حالات الحظر بالنسبة للأحداث الذين تقل سنهم عن خمس عشرة أو سبع عشرة سنة في صناعات معينة وكانت المذكرة الإيضاحية قد اقتصرت في شأن تلك المادة على بيان قصد الشارع من الحظر المطلق الوارد في الفقرة الأولى وتعلقه بمصلحة عامة تستهدف حصول الأحداث حتى سن الثانية عشرة على قسط معين من التعليم. مما مؤداه النظر إلى حالات الحظر التي تتقرر بالاستناد لحكم الفقرتين الثانية والثالثة في نطاق المصالح التي ترمى إليها تحقيقها، لما كان ذلك وكان القرار الوزاري رقم 155 لسنة 1959 الصادر استناداً إلى الفقرة الثالثة من المادة 124 سالفة الذكر قد حظر تشغيل الأحداث الذين تقل سنهم عن عشرة سنة كاملة في صناعات معينة من بينها اللحام بالأكسجين والأسيتلين والكهرباء الواردة في البند (6) من المادة الأولى منه، وكان العمل بالصناعات الواردة بهذا القرار مشروعاً بطبيعته وإنما تقرر حظره على تلك الفئة من العمال حماية لهم من الأخطار التي قد تنجم عن العمل بها لمن كان في سنهم مما مفاده أن الحظر الوارد في القرار الوزاري السالف الذكر قد تقرر لمصلحة العامل ومن ثم فهو لا يتعلق بالنظام العام ولا تؤثر مخالفته في قيام عقد العمل ما لم يتمسك العامل ببطلانه، لما كان ما تقدم وكانت المادة الثانية من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - الذي يحكم واقعة الدعوى - تنص على أن "تسري أحكام هذا القانون على جميع العاملين وكذا المتدرجين منهم فيما عدا الفئات الآتية......" وجاءت عبارة النص في صيغة عامة مطلقة لينصرف حكمها إلى كافة العاملين - غير المستثناة فئاتهم - ما دامت تربطهم بأصحاب الأعمال علاقات عمل محددة فإن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى سريان أحكام هذا القانون على مورث المطعون ضدهم يكون قد التزم صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول...... والمرحومة....... مورثة باقي المطعون ضدهم أقاما الدعوى رقم 359 لسنة 1975 عمال كلي طنطا على الطاعنة (الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية) و......... وطلبا الحكم بثبوت علاقة العمل بين هذا الأخير وبين مورثهما المرحوم...... وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إليهما المعاش الشهري والتعويض الإضافي المستحق لها قانوناً، وقالا بياناً لها أن المرحوم...... التحق بالعمل لدى...... في سنة 1970 بمهنة لحام أكسجين بأجر قدره 12.500 جنيهاً شهرياً واستمر في عمله حتى توفى بتاريخ 16/ 1/ 1974، وقد نازعتهما الطاعنة في صرف مستحقاتهما لديها فأقاما الدعوى بطلباتهما السالفة البيان، وبتاريخ 28/ 2/ 1977 قضت المحكمة بثبوت علاقة العمل في المدة من أول مارس سنة 1974 حتى 6/ 11/ 1974 بأجر قدره 12 جنيهاً شهرياً، ثم قضت في 26/ 7/ 1977 أولاً بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 360.0538 جنيهاً ولمورثة باقي المطعون ضدهم مبلغ 72.107 جنيهاً، وثانياً بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت في 19/ 6/ 1978 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 25.600 جنيهاً قيمة المعاش المستحق له عن المدة من 1/ 9/ 1975 حتى 31/ 12/ 1976 ولمورثة باقي المطعون ضدهم معاشاً شهرياً قدره 1.600 جنيهاً اعتباراً من 1/ 11/ 1974 يخصم منه ما سبق صرفه إليها على أن يزاد المعاش بنسبة 10% اعتباراً من 1/ 1/ 1977 استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا وقيد الاستئناف برقم 137 لسنة 28 قضائية، وبتاريخ 12/ 2/ 1980 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن في غرفة المشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة 19/ 4/ 1981 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسبب طعنها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن الثابت في الدعوى أن مورث المطعون ضدهم كان يشتغل بأعمال اللحام بالأكسجين وهو دون السابعة عشرة من عمره مخالفاً بذلك الحظر الوارد في المادة 124 من قانون العمل والقرار الوزاري رقم 155 لسنة 1959 فيكون عقد عمله قد وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفة محله للنظام العام مما يمتنع معه تطبيق أحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 على العلاقة الناشئة عن هذا العقد، وإذ خالف الحكم هذا النظر وأقام قضاءه على سريان أحكام هذا القانون على كل من يعمل لقاء أجر مهما كان نوعه في خدمة صاحب عمل وتحت سلطته وإشرافه بغض النظر عن بطلان العقد فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كانت المادة 124 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أن "يمنع بتاتاً تشغيل الأحداث قبل تمام سن الثانية عشر كما لا يسمح لهم بالدخول في أمكنة العمل. ولوزير الشئون الاجتماعية والعمل أن يمنع تشغيل الأحداث إذا قلت سنهم عن خمس عشرة سنة في بعض الصناعات التي تحدد بقرار منه، وله كذلك أن يمنع تشغليهم في بعض الصناعات الأخرى ما لم تبلغ سنهم سبع عشرة سنة كاملة". وكانت عبارة النص في الفقرة الأولى من هذه المادة قد وردت بصيغة آمرة جازمة تحظر مطلقاً تشغيل الأحداث قبل تمام سن الثانية عشرة، بينما خولت الفقرتان الثانية والثالثة لوزير الشئون الاجتماعية والعمل تقرير حالات الحظر بالنسبة للأحداث الذين تقل سنهم عن خمس عشرة سنة أو سبع عشر سنة في صناعات معينة، وكانت المذكرة الإيضاحية قد اقتصرت في شأن تلك المادة على بيان قصد الشارع من الحظر المطلق الوارد في الفقرة الأولى وتعلقه بمصلحة عامة تستهدف حصول الأحداث حتى سن الثانية عشرة على قسم معين من التعليم مما مؤداه النظر إلى حالات الحظر التي تقرر بالاستناد لحكم الفقرتين الثانية والثالثة في نطاق المصالح التي ترمى إلى تحقيقها لما كان ذلك وكان القرار الوزاري رقم 155 لسنة 1959 الصادر استناداً إلى الفقرة الثالثة من المادة 124 سالفة الذكر قد حظر تشغيل الأحداث الذين تقل سنهم عن سبع عشرة سنة كاملة في صناعات معينة من بينها اللحام بالأكسجين والأستيلين والكهرباء في البند 6 من المادة الأولى منه، وكان العمل بالصناعات الواردة بهذا القرار مشروعاً بطبيعته، وإنما تقرر حظره على تلك الفئة من العمال حماية لهم من الأخطار التي قد تنجم عن العمل بها لمن كان في سنهم مما مفاده أن الحظر الوارد في القرار الوزاري السالف الذكر قد تقرر لمصلحة العامل ومن ثم فهو لا يتعلق بالنظام العام ولا تؤثر مخالفته في قيام عقد العمل ما لم يتمسك العامل ببطلانه، لما كان ما تقدم وكانت المادة الثانية من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - الذي يحكم واقعة الدعوى - تنص على أن "تسري أحكام هذا القانون على جميع العاملين وكذا المتدرجين منهم فيما عدا الفئات الآتية...." وجاءت عبارة النص في صيغة عامة مطلقة لينصرف حكمها إلى كافة العاملين - غير المستثناة فئاتهم - ما دامت تربطهم بأصحاب الأعمال علاقات عمل محددة، فإن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى سريان أحكام هذا القانون على مورث المطعون ضدهم يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بسبب الطعن في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.