أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 1200

جلسة 21 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد المستشار: محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة/ المستشارين: محمد جلال الدين رافع، عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد المجيد، ومحمد إبراهيم خليل.

(221)
الطعن رقم 772 لسنة 45 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم". بطلان "بطلان الأحكام". "دعوى البطلان الأصلية".
"1" انغلاق طرق الطعن في الحكم. لا يفتح السبيل لإهداره بدعوى بطلان مبتدأة. الاستثناء تجرد الحكم من أركانه الأساسية.
(2، 3) دعوى "صحيفة الدعوى". إعلان "إعلان الصحيفة". حكم "انعدام الحكم" "عيوب التدليل".
"2" عدم إعلان صحيفة الدعوى، أثره. انعدام الحكم الصادر فيها. كفاية إنكاره والتمسك بعدم وجوده، دون حاجة للطعن فيه أو رفع دعوى أصلية ببطلانه.
"3" إغفال الحكم بحث دفاع الطاعن بانعدام الحكم السابق لعدم إعلانه بصحيفة دعواه. خطأ وقصور.
1 - لئن كان المشرع قد حصر طرق الطعن في الأحكام ووضع لها آجالاً محددة وإجراءات معينة، بحيث يمتنع بحث أسباب العوار التي قد تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها، فإذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية وذلك تقديراً لحجية الأحكام باعتبارها عنوان للحقيقة، إلا أنه يستثنى من هذا الأصل العام حالة تجرد الحكم من أركانه الأساسية.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صحيفة افتتاح الدعوى هي الأساس الذي تقوم عليه كل إجراءاتها، ويترتب على عدم إعلانها عدم انعقاد الخصومة، ومن ثم لا يترتب عليها إجراء أو حكم صحيح، إذ يعتبر الحكم الصادر فيها منعدماً، ومن ثم لا تكون له قوة الأمر المقضي، ولا يلتزم الطعن فيه أو رفع دعوى بطلان أصلية، بل يكفى إنكاره والتمسك بعدم وجوده.
3 - إذ كان الطاعن قد تمسك بأن إجراءات الخصومة في الدعوى في مرحلتي التقاضي، قد اصطنعت بطريق الغش والتزوير بقصد عدم إعلامه بها، فلم يعلن بصحيفتها ولم يطعن على الحكم الصادر فيها بالاستئناف وسخر المطعون عليه الأول آخر في ذلك، مما مفاده أنه دفع أمام محكمة الموضوع بانعدام هذين الحكمين بالنسبة له وهو ما يصح التمسك به من جانب الطاعن أمام محكمة الموضوع كدفاع مطروح دون التزام طريق الدعوى، ومن ثم فقد كان على محكمة الموضوع أن تتصدى أولاً لبحث صحة هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يعدم إجراءات الخصومة برمتها، وإذا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استلزم لبحث الانعدام طلبه صراحة، مع أنه تمسك به صراحة، فإنه قد حجب نفسه بهذا الخطأ عن بحث دفاع الطاعن الجوهري آنف الذكر، مما يعيبه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر - والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1748 لسنة 1971 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتزوير المحررين المؤرخين 15/ 12/ 1952 و25/ 8/ 1957 والمقول بصدور أولهما منه إلى المطعون عليه الثالث، وثانيهما من الأخير إلى المطعون عليه الأول وانعدام آثارهما وما ترتب عليهما من آثار وتثبيت ملكيته إلى الأرض الموضحة بالصحيفة وكف منازعة المطعون عليه الأول له فيها وشطب التسجيلات التي تمت بشأنها وتسليمها له بما عليها من مبان وقال شرحاً للدعوى أنه يمتلك أرض النزاع ومساحتها 573 متراً مربعاً وكسور بطريق الشراء من مصلحة الأملاك بموجب عقد مؤرخ 18/ 3/ 1939 مسجل رقم 1794 وأنه تسلمها بموجب محضر تسليم وأن المطعون عليه الأول عن له اغتصابها في سنة 1963 فاصطنع محرراً منسوباً إلى الطاعن يفيد بيعه أرض النزاع إلى المطعون عليه الثالث الذي تبين أنه شخص وهمي لا وجود له كما اصطنع محرراً آخر من الأخير إليه وذكر في هذين المحررين أن اسم الطاعن هو أحمد كامل ويقيم بشارع دار السلام رقم 15 بالزيتون مع أن اسمه ليس كما ذكر ولم يقم بهذا العنوان، وبمقتضى هذين المحررين أقام الدعوى رقم 5480 لسنة 1963 القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحتهما ونفاذهما وأعلنت صحيفة الدعوى إلى أحمد كامل المذكور في مواجهة النيابة لعدم الاستدلال عليه وصدر الحكم فيها بإجابة المطعون عليه الأول إلى طلباته سالفة الذكر في 5/ 3/ 1964 وقام بتسجيله برقم 1373 ثم قام بعرض الأرض للبيع على من يدعى........ الذي اتصل بالطاعن فعلم منه أنه لم يبعها فعدل بدوره عن شرائها، وتقدم الطاعن بالشكوى 8 حضر تحقيق سنة 1968 وادعى المطعون عليه الأول اكتساب ملكية الأرض بالتقادم ولم يذكر صدور البيع من الطاعن، ثم ادعى أن الطاعن استأنف الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقدي البيع سالفي الذكر بالاستئناف رقم 138 لسنة 81 ق القاهرة وحكم فيه بتأييد الحكم المستأنف وتبين للطاعن من الاطلاع على صحيفة الاستئناف أنها مزورة عليه ثم قام المطعون عليه الأول ببناء الأرض فأقام الدعوى رقم 1188 لسنة 1969 مستعجل القاهرة التي حكم فيها بوضع العقار تحت الحراسة وعين المطعون عليه الثاني حارساً قضائياً عليه، وبتاريخ 24/ 6/ 1973 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى 5480 لسنة 1963 جنوب القاهرة الابتدائية، واستئنافها رقم 138 لسنة 81 ق القاهرة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5274 لسنة 90 ق وبتاريخ 28/ 5/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق المادة 101 من قانون الإثبات إذ ذهب إلى حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 5480 لسنة 1963 القاهرة الابتدائية واستئنافها رقم 138 لسنة 81 ق القاهرة والقاضي بصحة ونفاذ عقد البيع المنسوب زوراً إليه رغم أن أمر تزوير العقد لم يثر في تلك الدعوى لأن الطاعن وهو وحده الذي كان يمكنه أن يدفع به، لم يعلن بصحيفة الدعوى نتيجة الغش الذي شاب إجراءاتها وقد تمسك بذلك وبأن صحيفة الاستئناف رقم 138 لسنة 81 ق القاهرة مزورة عليه وكذلك التوقيع المنسوب إليه على هامش محضر جلسة 30/ 11/ 1964 أمام محكمة الاستئناف غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري رغم أن المادة 101 سالفة الذكر صريحة في أن الحجية لا تكون إلا لحكم صدر في ذات النزاع وبين الخصوم أنفسهم والطاعن لم يكن خصماً في تلك الدعوى التي لم يعلن بصحيفتها، فخالف بذلك القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان المشرع قد حصر طرق الطعن في الأحكام ووضع لها آجالاً محددة وإجراءات معينة، بحيث يمتنع بحث أسباب العوار التي قد تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها، فإذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية وذلك تقديراً لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة في ذاتها، إلا أنه يستثنى من هذا الأصل العام حالة تجرد الحكم من أركانه الأساسية - وإذ كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صحيفة افتتاح الدعوى هي الأساس الذي تقوم عليه كل إجراءاتها، ويترتب على عدم إعلانها عدم انعقاد الخصومة، ومن ثم لا يترتب عليها إجراء أو حكم صحيح، إذ يعتبر الحكم الصادر فيها منعدماً، ومن ثم لا تكون له قوة الأمر المقضي ولا يلزم الطعن فيه أو رفع دعوى بطلان أصلية، بل يكفي إنكاره والتمسك بعدم وجوده - لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك بأن إجراءات الخصومة في الدعوى رقم 5480 لسنة 1963 القاهرة الابتدائية واستئنافها رقم 138 لسنة 81 ق، قد اصطنعت بطريق الغش والتزوير بقصد عدم إعلامه بها فلم يعلن بصحيفتها ولم يطعن على الحكم الصادر فيها بالاستئناف وسخر المطعون عليه الأول آخر في ذلك مما مفاده أنه دفع أمام محكمة الموضوع كدفاع مطروح دون التزام طريق الدعوى، ومن ثم فقد كان على محكمة الموضوع أن تتصدى أولاً لبحث صحة هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه - لو صح - أن يعدم إجراءات الخصومة برمتها، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استلزم لبحث الانعدام طلبه صراحة مع أنه تمسك به صراحة فإنه قد حجب نفسه بهذا الخطأ عن بحث دفاع الطاعن الجوهري آنف الذكر مما يعيبه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.