أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 36 - صـ 748

جلسة 12 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد المرسي محمد فتح الله نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: وليم رزق بدوي، عبد السلام خطاب، محمد لطفي السيد وعبد الله حنفي.

(154)
الطعن رقم 64 لسنة 52 القضائية

هبة. بطلان.
الهبة الباطلة لعيب في الشكل ترد عليها الإجازة بالتنفيذ الاختياري لها فقط طالما كان الواهب عالماً ببطلان الهبة لهذا العيب. أثر ذلك. انقلاب الهبة صحيحة دون اشتراط الرسمية. المادتان 488/ 1، 489 مدني.
الأصل طبقاً لنص المادة 488/ 1 من القانون المدني في هبة العقار أن تكون بورقة رسمية حتى تتوافر للواهب أسباب الجدية في عقد ينزل به عن ماله دون مقابل وإلا وقعت الهبة باطلة بطلاناً مطلقاً لا تصححها الإجازة غير أن المشرع خرج على هذا الأصل العام في حالة التنفيذ الاختياري للهبة بما أورده بنص المادة 489 من القانون المدني والتي تنص على أنه "إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه" يدل على أن الهبة الباطلة لعيب في الشكل ترد عليها الإجازة بالتنفيذ الاختياري لها دون غيره من طرق الإجازة فلا تجاز بالقول أو بالتصرف أو بغير ذلك من طرق التعبير عن الإرادة الصريحة والضمنية، ولكي تنتج هذه الإجازة آثارها يشترط أن يكون الواهب عالماً بأن الهبة باطلة لعيب في الشكل ومع ذلك قام بتنفيذها لتسليم المال الموهوب للموهوب له قاصداً بذلك إجازة الهبة وعند ذلك تنقلب الهبة صحيحة ولا يشترط فيها الرسمية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 130 سنة 1979 مدني كلي الزقازيق على المطعون ضدهما للحكم أولاً: بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 2/ 1978 والمتضمن بيع المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول مساحة 6 قراريط مبينة بالعقد وبالصحيفة مقابل ثمن قدره 1200 جنيه. ثانياً: بصحة ونفاذ عقد الهبة المؤرخ 26/ 3/ 1978 والمتضمن تبرع المطعون ضده الأول للطاعن بصفته المساحة الواردة بعقد البيع سالف الذكر. وقال بيانا لها إن المطعون ضده الأول تبرع له بصفته بمساحة 6 قراريط لإقامة وحدة صحية عليها وتنفيذ العقد اختياراً بتسليم الأرض وأقام عليها هو الوحدة الصحية كشرط الواهب، وكان القدر الموهوب قد آل للواهب شراء بموجب عقد بيع ابتدائي من المطعون ضده الثاني فأقام دعواه بطلباته سالفة البيان. حكمت المحكمة أولاً - بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ البيع. ثانياً - برفض دعوى صحة ونفاذ عقد الهبة لافتقاره للشكلية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 79 سنة 23 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - والتي قضت بتاريخ 12/ 11/ 1981 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بسبب طعنه، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وبياناً لذلك يقول - إن عقد الهبة قد تنفذ اختياراً من الواهب - المطعون ضده الأول - بتسليم العقار الموهوب له - أي للطاعن - وقام ببناء الوحدة الصحية عليه ومن ثم لا يشترط الشكلية لصحة العقد وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان عقد الهبة لأنه لم يفرغ في ورقة رسمية يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه ولئن كان الأصل - طبقاً لنص المادة 488/ 1 من القانون المدني - في هبة العقار أن تكون بورقة رسمية حتى تتوافر للواهب أسباب الجدية في عقد ينزل به عن ماله دون مقابل، وإلا وقعت الهبة باطلة بطلاناً مطلقاً لا تصححها الإجازة. غير أن المشرع خرج على هذا الأصل العام في حالة التنفيذ الاختياري للهبة بما أورده بنص المادة 489 من القانون المدني والتي تنص على أنه "إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه يدل على أن الهبة الباطلة لعيب في الشكل ترد عليها الإجازة بالتنفيذ الاختياري لها دون غيره من طرق الإجازة، فلا تجاز بالقول أو التصرف أو بغير ذلك من طرق التعبير عن الإرادة الصريحة أو الضمنية - ولكي تنتج هذه الإجازة آثارها يشترط أن يكون الواهب عالماً بأن الهبة باطلة لعيب في الشكل ومع ذلك قام بتنفيذها لتسليم المال الموهوب للموهوب له قاصداً بذلك إجازة الهبة - وعند ذلك تنقلب الهبة صحيحة ولا يشترط فيها الرسمية. لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه وأوراق الدعوى أن الواهب - المطعون ضده الأول - قد قام مختاراً بتنفيذ عقد الهبة بأن سلم العقار الموهوب للموهوب له وقام هذا الأخير ببناء الوحدة الصحية عليه، فإن عقد الهبة ينقلب صحيحاً بالتنفيذ الاختياري لها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان عقد الهبة لعيب في شكله فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.