أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 36 - صـ 778

جلسة 16 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد مختار منصور، محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي ود. محمد بهاء الدين باشات.

(159)
الطعن رقم 1905 لسنة 49 القضائية

تأميم. ملكية "انتقال الملكية"، "ملكية الدولة للمشروعات".
التأميم. ماهيته. انتقال ملكية المشروعات الخاصة إلى الدولة.
شرطه. وجود المشروع المراد تأميمه عند العمل بالقانون المؤمم له.
هلاك المطحن هلاكاً كلياً بزوال مبانيه ومقوماته قبل صدور القانون. مؤداه. عدم انتقال ملكيته بالتأمين إلى شركة المطاحن الطاعنة.
التأميم - وعلى ما جرى قضاء هذه المحكمة - إجراء يراد به نقل ملكية المشروعات الخاصة إلى الدولة لتصبح ملكاً للجماعة تحقيقاً لضرورات اجتماعية أو اقتصادية يقتضيها الصالح العام وذلك مقابل تعويض أصحاب هذه المشروعات، لما كان ذلك، فإن التأميم لا ينتج أثره في نقل الملكية إلى الدولة إلا إذا كان المشروع المراد تأميمه موجوداً عند العمل بالقانون المؤمم له. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً من الواقع المطروح في الدعوى - وبغير نعى من الطاعن في هذا الخصوص - أن المطحن موضوع النزاع كان قد هلك هلاكاً كلياً بزوال مبانيه ومقوماته قبل صدور القرار بالقانون رقم 42 لسنة 1962 فإن الحكم إذ رتب على ذلك عدم انتقال الملكية إلى الطاعن وقضى برفض دعواه يكون قد التزم صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المفوض على شركة مطاحن مصر الوسطى - الذي حل محله رئيس مجلس إدارتها الطاعن بصفته - أقام الدعوى رقم 264 سنة 1967 مدني كلي أسيوط على المطعون ضدهم من الأولى إلى الثالثة ومن الخامسة إلى التاسعة والمطعون ضدهم الخامس عشر والآخرين وعلى المرحومة...... مورثة المطعون ضده الخامس عشر والمرحوم..... مورث المطعون ضدها الرابعة والمرحومة...... مورثة المطعون ضدهم من السادسة عشر إلى الحادية والعشرين والمرحومين..... و..... مورثي المطعون ضدهم من العاشر إلى الرابعة عشرة وعلى آخر هو..... طالباً الحكم ببطلان عقود البيع المشهرة بأرقام 11822، 11823، 13430، 13431، 13432 سنة 1965 أسيوط وبإزالة المباني المقامة على أرض مطحن...... والتسليم، وقال بياناً لها إن ذلك المطحن أمم نصفياً بالقرار بقانون رقم 42 سنة 1962 ثم أمم كلياً بالقرار بقانون رقم 51 سنة 1963 فآلت بذلك ملكيته والأرض الفضاء التابعة له للمؤسسة العامة للمطاحن، وإذ باع المطعون ضدهم - عدا الأخيرين - ومورثوهم سالفوا البيان هذه الأرض بموجب تلك العقود المشهرة رغم زوال ملكيتهم لها بالتأميم وأقيم بناء على جزء منها فقد أقام الدعوى ليحكم له بطلباته، أقام المطعون ضدهم - عدا الأخيرين - ومورثوهم سالفوا البيان دعوى فرعية على الطاعن ليحكم لهم بتثبيت ملكيتهم للأرض المبينة بصحيفة دعواهم والتسليم على سند من أن قرار التأميم لم يصادف محلاً لزوال المطحن قبل صدور هذا القرار فلا تنتقل به الملكية إلى الطاعن وأنهم اشتروا هذه الأرض من مالكيها بعقود بيع مسجلة، ندبت المحكمة خبيرين وبعد أن أودع كل منهما تقريره قضت بتاريخ 22/ 4/ 1976 برفض الدعوى الأصلية وبإجابة المدعين في الدعوى الفرعية إلى طلبهم، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 173 سنة 51 ق طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته بتاريخ 25/ 6/ 1979 قضت المحكمة بتأييده، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن ملكية المطحن موضوع النزاع آلت إلى الدولة منذ تأميمه بالقانونين رقمي 42 سنة 1962، 51 سنة 1963 فأصبح مالاً عاماً لا يجوز التعامل فيه وهو ما مؤداه بطلان البيوع الصادرة من ملاكه السابقين لورودها على مال عام ولصدورها من غير مالك، وإذ لم يلتزم الحكم هذا النظر يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان التأميم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إجراءاً يراد به نقل ملكية المشروعات الخاصة إلى الدولة لتصبح ملكاً للجماعة تحقيقاً لضرورات اجتماعية أو اقتصادية يقتضيها الصالح العام وذلك مقابل تعويض أصحاب هذه المشروعات فإن التأميم لا ينتج أثره في نقل الملكية إلى الدولة إلا إذا كان المشروع المراد تأميمه موجوداً عند العمل بالقانون المؤمم له، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً من الواقع المطروح في الدعوى - وبغير نعى من الطاعن في هذا الخصوص - أن المطحن موضوع النزاع كان قد هلك هلاكاً كلياً بزوال مبانيه ومقوماته قبل صدور القرار بقانون رقم 42 سنة 1962، فإن الحكم إذ رتب على ذلك عدم انتقال الملكية إلى الطاعن وقضى برفض دعواه يكون قد التزم صحيح القانون ومن ثم فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيانه يقول أن ملكية المطحن قد آلت إلى الدولة بقوة القانون منذ صدور القانون المؤمم له ولا يغير من ذلك عدم صرف التعويض إلى مستحقيه، ومن ثم فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بخصوص عدم صرف التعويض يكون منه خلطاً بين الواقع والقانون وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن ما خلص إليه الحكم - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السببين الأولين - من عدم انتقال ملكية المطحن إلى الدولة، يكفي وحده لحمل قضائه، فإن ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك - رداً على دفاع الطاعن - من مجرد إثبات إقراره بعدم صرف التعويض عن هذا المطحن دون أن يعول عليه في قضائه، يكون منه استطراداً زائداً عن حاجة الدعوى إذ يقوم الحكم بدونه، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيانه يقول إن الحكم رفض الدفع المبدى منه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على مجرد القول بأن الأمر يتعلق بتطبيق القانون دون بيان الأساس الذي خلص منه إلى ذلك مخالفاً بذلك القواعد الواجب اتباعها في تكييف الدعوى وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد قوله "إنما الخلاف بينهما فيما إذا كان التأميم قد صادف محلاً بأن كان مطحن...... قائماً وقت صدور القانونين الخاصين بتأميمه وبذلك يكون التأميم قد صادف محلاً أم أن المطحن المذكور لم يكن قائماً وأزيل قبل صدور القانونين بتأميمه وبذلك لا يكون قد صادف محلاً" ثم أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على قوله "وبما أن الدعوى الماثلة سواء الدعوى الأصلية أو الدعوى الفرعية لم تتضمن طلبات المدعين فيها شيئاً يتصل بإلغاء أو تعديل القوانين الخاصة بالتأميم وإنما الجدل في الدعويين قائم بشأن تطبيق تلك القوانين وفي حدود ما اشتملت عليه نصوصها وبذلك يكون الاختصاص معقوداً للقضاء المدني" وهو ما يكفي بياناً لجوهر النزاع بين الخصوم يقوم على أصل ثابت له بالأوراق ويؤدي إلى التكييف الذي أسبغه الحكم على هذه المنازعة وبما يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص، فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.