أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 1275

جلسة 25 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور إبراهيم علي صالح، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، صبحي رزق داود، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، ورابح لطفي جمعه.

(233)
الطعن رقم 495 لسنة 46 القضائية

إيجار "إيجار أماكن". ملكية "انتقال الملكية". بيع "بيع جبري". تنفيذ "تنفيذ عقاري".
عقد الإيجار القائم. سريانه قبل من انتقلت إليه ملكية العقار اختياراً أو جبراً ولو لم يكن ثابت التاريخ قبل انتقالها، م 22 ق 52 لسنة 1969. شرط ذلك. ما نصت عليه المادة 408 مرافعات من قيود معينة بسريان العقد قبل الراسي عليه المزاد لا تخل بأحكام القوانين الخاصة بإيجار الأماكن.
إذ كان النص في المادة 48 من قانون المرافعات على أنه مع مراعاة أحكام القوانين الأخرى في شأن إيجار العقارات تنفيذ عقود الإيجار الثابتة التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية في حق الحاجزين والدائنين المشار إليهم في المادة 417 ومن حكم بإيقاع البيع عليه... أما عقود الإيجار غير ثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه فلا تنفذ في حق من ذكروا إلا إذا كانت من أعمال الإدارة الحسنة يدل على أن الحكم الوارد في هذا النص لا يخل بأحكام القوانين الخاصة التي تنظم إيجار الأماكن، وكان مؤدى المادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن عقود الإيجار الصادرة من المالك السابق تسري في حق المالك ولو لم يكن لهذه العقود تاريخ ثابت سابق على تاريخ انتقال الملكية سواء كان ذلك بسبب البيع اختياراً أو جبراً كما يقع في التنفيذ الجبري على العقار، إلا أنه يشترط لسريان الإيجار في حق المالك الجديد أن يكون الإيجار عقداً جدياً لا عقداً صورياً، وغير مشوب بالغش والكيد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2783 لسنة 1973 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليها وآخر بطلب الحكم بإخلائها من العين المبينة بالصحيفة وقالوا بياناً لدعواهم أنهم بمقتضى حكم إيقاع بيع صدر في 28/ 12/ 1971 تملكوا العقار الكائن به عين النزاع والتي كان يستأجرها ميشيل إنجليل - الذي توفى دون وارث وقد تذرعت المطعون عليها بشرائها بعض منقولاته واستغلت غيابه عن العين لإيداعه أحد الملاجئ وسلبت حيازتها، وإذ كان وضع يدها سند له من القانون فقد أقاموا الدعوى - حكمت المحكمة للطاعنين بطلباتهم.
استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 879 لسنة 30 ق الإسكندرية، وبتاريخ 20/ 3/ 1976 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون في السببين الأول والثاني منها الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه على أن عقد الإيجار الصادر إلى المطعون عليها في 1/ 11/ 1971 من وكيل المالكة السابقة يسري في حق الطاعنين استناداً إلى المادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1969، في حين أنهم استندوا في دعواهم إلى تملكهم العقار الكائن به عين النزاع بموجب حكم مرسى مزاد في 28/ 12/ 1971، وأن عقد إيجار المطعون عليها لا ينفذ في حقهم لأنه لا يعتبر من قبيل الإدارة الحسنة لأنه عقد صوري مشوب بالتواطؤ بين المطعون عليها ووكيل المالكة السابقة رغم علمه باستمرار عقد المستأجر السابق وأنه قصد به الإضرار بالطاعنين ولأن إبرام أكثر من عقد إيجار عن وحدة سكنية يشكل الجريمة المنصوص عليها في المادتين 16، 44 من القانون 52 لسنة 1969، وأنه لا يغير من ذلك إثبات تاريخ العقد قبل حكم مرسى المزاد، لأن القاعدة وفقاً للمادة 408 من قانون المرافعات إلى أن عقود الإيجار غير ثابتة التاريخ قبل تنبيه نزع الملكية لا تنفذ في حق من حكم بإيقاع البيع عليه إلا إذا كانت من أعمال الإدارة الحسنة، هذا إلى انتفاء التعارض بين هذه القاعدة وما نص عليه قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 في المادة 22، ذلك أن المادة 408 من قانون المرافعات إنما تنظم حالة خاصة هي نفاذ عقود الإيجار الخاصة بالعقارات التي يجرى التنفيذ العقاري عليها، حماية لحقوق الحاجزين والدائنين ومن حكم بإيقاع البيع عليه من تصرفات المدين المنفذ عليه المشوبة بنية الإضرار بهم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجب نفسه بذلك عن بحث دفاع الطاعنين فإنه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 408 من قانون المرافعات على أنه "مع مراعاة أحكام القوانين الأخرى في شأن إيجار العقارات تنفيذ عقود الإيجار الثابتة التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية في حق الحاجزين والدائنين المشار إليهم في الماد 417 ومن حكم بإيقاع البيع عليه..... أما عقود الإيجار غير ثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه فلا تنفذ في حق من ذكروا إلا إذا كانت من أعمال الإدارة الحسنة" - يدل على أن الحكم الوارد في هذا النص لا يخل بأحكام القوانين الخاصة التي تنظم إيجار الأماكن، وكان النص في المادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المنطبق على واقعة الدعوى - على أنه "استثناء من حكم المادة 604 من القانون المدني تسري عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد للعقار ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على تاريخ انتقال الملكية" يدل على أن عقود الإيجار الصادرة من المالك السابق تسري في حق المالك الجديد ولو لم يكن لهذه العقود تاريخ ثابت سابق على تاريخ انتقال الملكية سواء كان ذلك بسبب البيع اختياراً أو جبراً كما يقع في التنفيذ الجبري على العقار، إلا أنه يشترط لسريان الإيجار في حق المالك الجديد أن يكون الإيجار عقداً جدياً لا عقداً صورياً، وغير مشوب بالغش والكيد، ولما كان لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وهي غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل حجة أو قول أثاره ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله "وحيث إن أحداً لم يطعن على صحة وكالة المؤجر مكرم توفيق الشجيع عن مالكة العقار المنزوع ملكيتها، وحيث إنه لما كان الأمر كذلك فإن عقد الإيجار سالف الذكر المحرر بين وكيل المالكة السابقة وبين المستأنفة - المطعون عليها يسري في حق المستأنف عليهم - الطاعنين، وحيث إنه يضاف إلى ما تقدم أن المستأجر الأول لشقة النزاع المدعو ميشيل إنجليل قد باع بعض منقولاته للمستأنفة بمبلغ مائة وخمسة وثلاثون جنيهاً قبضها وتعهدت المستأنفة بنقل باقي المنقولات إلى المستأجر سالف الذكر بالملجأ بباكوس وتحرر بذلك إيصالاً مؤرخاً 1/ 11/ 1971، وحيث إنه بالنسبة لعقد الإيجار المؤرخ أول يناير سنة 1972 عن ذات العين والمحرر بين وكيل المستأنف عليهم وبين ميشيل روفائيل إنجليل فإن الواضح أنه اصطنع خصيصاً خدمة لهذه الدعوى وخاصة أن المدعو ميشل روفائيل إنجليل كان نزيلاً بالملجأ بباكوس وكان طاعناً في السن إذ يبلغ الخامسة والثمانين من عمره طبقاً لما هو ثابت بالأوراق فضلاً عن بيعه معظم منقولاته ومن ثم فلم يكن في حاجة لتحرير هذا العقد خاصة أنه كان يوجد عقد إيجار بينه سابق وبين المالكة السابقة.
وحيث إن المحكمة تخلص مما تقدم أن عقد الإيجار الصادر للمستأنفة المطعون عليها - بتاريخ 11 - 11 - 1971 والثابت التاريخ في 21 - 12 - 1971 من وكيل المالكة السابقة يسري في حق الملاك الجدد للعقار، وأنه لا يجود عقد إيجار آخر يمكن المفاضلة بينه وبين عقد المستأنفة" وكان مؤدى ما قرره الحكم أنه استخلص من الأدلة المطروحة عليها أن عقد إيجار المستأجر الأول المؤرخ أول يناير سنة 1972 عقد صوري حرر بعد تركة العين وانتهاء عقده السابق وخلص إلى جدية عقد المطعون عليها وإبرامه ممن يملك التعاقد، وانتهى إلى سريانه في حق الطاعنين إعمالاً للمادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1969، وإذ كانت الأسباب التي استند إليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتضمن الرد المسقط لما يخالفها، فإن النعي يكون على غير أساس.
"وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تحصيل الواقع في الدعوى وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أورد في تحصيله لأسباب الحكم الابتدائي أنه لم يعتد بعقد الإيجار - الصادر للمطعون عليها بمقولة أنه غير ثابت التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية ومن ثم فلا ينفذ في حق الراسي عليه المزاد عملاً بالمادة 408 من قانون المرافعات في حين أن ذلك الحكم أسس قضاءه على صورية عقد إيجار المطعون عليها وإلى أن شقة النزاع كان يستأجرها ميشيل إنجليل من المالك السابق وأنه بمناسبة انتقال الملكية إليهم أبرم الطاعنون عقد إيجار جديد ظل سارياً حتى وفاته في 16/ 4/ 1972 وإلى أن تحرير عقد إيجار للمطعون عليها مع استمرر عقد المستأجرين السابق لا يعد من قبيل الإدارة الحسنة، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى مؤدى هذه الأسباب ولم يخطر بحقيقتها فقد انتهى إلى إلغائه والقضاء برفض دعواهم خلافاً للحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الاستئناف إذا ما ألغت الحكم الابتدائي الصادر في الموضوع فلا تكون ملزمة ببحث وتنفيذ أسباب هذا الحكم وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب كافية لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على جدية عقد المطعون عليها وإبرامه ممن يملكه وذلك بعد انتهاء عقد المستأجر السابق وتركه العين وأن عقد الإيجار المبرم في أول يناير سنة 72 بين وكيل الطاعنين والمستأجر السابق بعد ذلك هو عقد صوري وانتهى إلى سريان عقد إيجار المطعون عليها في حق الطاعنين إعمالاً للمادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 69 وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم وتتضمن الرد المسقط لما يخالفها على ما سلف بيانه في الرد على السببين السابقين، فلا جناح على محكمة الاستئناف إذ هي لم ترد على ما جاء بأسباب الحكم الابتدائي ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أقام قضاءه على دعامتين الأولى نفاذ عقد المطعون عليها في حقهم عملاً بالمادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 69 والثانية أنه ليس ثمة عقد آخر يمكن المفاضلة بينه وبين عقد المطعون عليها وقد أورد في بيان هذه الدعامة أن عقد الإيجار المؤرخ أول يناير سنة 1972 الصادر لميشيل إنجليل من وكيل الطاعنين اصطنع خصيصاً لخدمة الدعوى وأنه كان نزيلاً بالملجأ بباكوس وباع معظم منقولاته ولم يكن في حاجة لتحرير مثل هذا العقد، وأن عقد الإيجار الصادر له قد انتهى بوفاته ولعدم وجود وارث له، وكان مفهوم ما ذهب إليه الحكم في هذا الخصوص أنه استقر في يقين المحكمة أن عقد إيجار ميشيل إنجليل لشقة النزاع كان قائماً ولم ينته إلا بوفاته وعدم وجود وارث له، وهو تسليم من الحكم أن عقده كان نافذاً يوم 1/ 11/ 1971 وهو يناقض ما خلص إليه الحكم في الدعامة الأولى من نفاذ عقد الإيجار الصادر للمطعون عليها في ذات اليوم في حق الطاعنين لاستحالة نفاذه مع قيام عقد المستأجر الأول، فضلاً عن أن المشرع وقد حظر على المالك إبرام أكثر من عقد إيجار عن الوحدة ورتب عقوبة على مخالفة ذلك مما يجعل عقد المطعون عليها باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته للنظام العام.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو التناقض الذي تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على جدية عقد إيجار المطعون عليها وانتهاء عقد المستأجر السابق وتركه العين وأن عقد الإيجار الصادر له في أول يناير سنة 1972 من الطاعن بعد ذلك عقد صوري واستدل على ذلك بأنه كان قد باع بعض منقولاته للمطعون عليها وتعهدت بنقل باقي المنقولات إليه بالملجأ الذي ينزل به وأنه طاعن في السن ولم يكن في حاجة لتحرير العقد خاصة وأن بيده عقد سابق بينه وبين المالكة السابقة، وانتهى إلى سريان عقد إيجار المطعون عليها في حق الطاعنين وكانت هذه الأسباب سائغة وكافية لحمل قضاء الحكم على النحو السابق بيانه في الرد على السببين الأول والثاني، والنعي في شقه الثاني غير منتج ذلك لأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان النعي منصباً على أسباب زائدة لا حاجة بالحكم بها بعد أن استقام قضاءه على ما استظهر من أسباب سليمة على جدية عقد إيجار المطعون عليها، فإن ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك من قول بانتهاء عقد إيجار المستأجر السابق بوفاته وعدم وجود وارث له يعد تزيداً يستقيم الحكم بدونه ومن ثم يكون النعي غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.