أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 36 - صـ 822

جلسة 27 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار الدكتور/ سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي نائبي رئيس المحكمة، محمد طموم ومنير توفيق.

(169)
الطعن رقم 434 لسنة 50 القضائية

(1) إرث. تركة. تجزئة. استئناف "رفع الاستئناف". نقض. "أسباب الطعن" "السبب غير المنتج".
انفصال التركة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة. دفع الطلبات الموجهة إلى التركة في شخص الورثة. غير قابل للتجزئة. يكفي أن يبديه بعض الورثة ليستفيد منه البعض الآخر. استئنافاً أحد الورثة للحكم الابتدائي الصادر ضد التركة. استفادة الورثة الآخرين من الحكم الصادر فيه. قبول الحكم المطعون فيه استئناف أحد الورثة الذين لم يصدر الحكم الابتدائي ضده. النعي عليه بمخالفة القانون لقبوله هذا الاستئناف. غير منتج. علة ذلك.
(2) دعوى "نظر الدعوى: شطب الدعوى".
شطب الدعوى جوازي للمحكمة. م 82 مرافعات. تخلف طرفي الدعوى أو أحدهما عن الحضور. غير مانع من نظرها والحكم فيها.
(3) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
النعي بأن التوكيل الذي حضر به محامي المطعون ضدها الثانية أمام محكمة الموضوع مزور. دفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) دعوى "قبول الدعوى: الصفة". نظام عام. نقض "أسباب الطعن. السبب الجديد".
النزاع حول بلوغ سن الرشد. ماهيته. نزاع حول الصفة. غير متعلق بالنظام العام. مؤدى ذلك. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) خبرة. نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
النعي ببطلان عمل الخبير رغم عدم التمسك به أمام محكمة الموضوع. سبب جديد لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "القرائن القضائية". محكمة الموضوع "مسائل الإثبات".
لمحكمة الموضوع استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها. عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم.
1 - إذ كان الثابت أن الطاعن قد أقام الدعوى ابتداء ضد المطعون ضده الأول والمطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها وصية على أولاها قصر المرحوم...... بطلب إلزامهم بأن يدفعوا له من تركة مورثهم مبلغ 955 جنيهاً إلا أن محكمة أول درجة قصرت قضاءها على الحكم بإلزام المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها بأن تدفع المبلغ المطالب به من تركة مورثها، وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة غير قابل للتجزئة ويكفي أن يبديه البعض ليستفيد منه البعض الآخر، فإن ورثة المدين باعتبارهم شركاء في تركة كل منهم بحسب نصيبه إذا أبدى أحدهم دفاعاً مؤثراً في الحق المدعى به على التركة كان في إبدائه نائباً عن الباقين فيستفيدون منه وذلك لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة لما كان ذلك فإن استئناف المطعون ضدها الثانية للحكم الابتدائي الصادر ضد التركة يعتبر مرفوعاً منها بصفتها نائبة عن باقي الورثة الذين لم يشتركوا في الاستئناف بحيث يفيدون من الحكم الصادر فيه برفض الدعوى الموجهة إلى التركة، وإذ كان المطعون ضده الأول وارثاً فإنه يفيد من هذا الحكم ويكون النعي عليه بمخالفة القانون لقبوله الاستئناف المرفوع من المطعون ضده الأول - أياً كان وجه الرأي فيه - نعياً غير منتج إذ أنه لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شطب الدعوى طبقاً للمادة 82 من قانون المرافعات جوازي للمحكمة فلا بطلان إذا لم تقض به إذ يحق لها رغم تخلف الطرفين أو أحدهما أن تستمر في نظر الدعوى والحكم فيها.
3 - ما يثيره الطاعن بشأن تزوير التوكيل الذي حضر به محامي المطعون ضدها الثانية بجلسة 24/ 5/ 1975 فإنه - فضلاً عن افتقاده للدليل - دفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
4 - النزاع حول بلوغ سن الرشد هو نزاع حول الصفة وهو بهذه المثابة لا يتعلق بالنظام العام ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - عدم التمسك ببطلان عمل الخبير أمام محكمة الموضوع يعد سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا معقب عليها في ذلك متى كان استنباطها سائغاً، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن طلب استصدار أمر أداء بإلزام المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم..... بأن تؤدي له من تركة مورثها مبلغ 955 جنيهاً تأسيساً على أنه كان يداين المورث بهذا المبلغ بموجب إيصال مؤرخ 5/ 1/ 1969 ثابت به استلامه المبلغ على سبيل الأمانة وبعد الامتناع عن إصدار الأمر قيدت الدعوى برقم 17 لسنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة وبتاريخ 21/ 5/ 1974 قضت محكمة أول درجة للطاعن بطلباته. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1910 سنة 92 ق وطعن الأول بالتزوير على سند المديونية وبتاريخ 25/ 4/ 1976 قضت محكمة استئناف القاهرة قبل الفصل في موضوع الادعاء بالتزوير بندب مدير المعمل الجنائي بالقاهرة لمضاهاة التوقيع المنسوب لمورث المطعون ضدهما على السند المؤرخ 15/ 1/ 1969 وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 24/ 2/ 1979 في موضوع الادعاء بالتزوير برد وبطلان السند المشار إليه كما قضت بتاريخ 26/ 5/ 1979 باستجواب المطعون ضدهما فيما أثاره الطاعن من قيام شركة واقع بينه وبين المورث المذكور. وبعد تنفيذ حكم الاستجواب قضت بتاريخ 22/ 12/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي لم يلزم المطعون ضده الأول بشيء ومن ثم ما كان له أن يستأنفه وإذ قبلت محكمة ثاني درجة الاستئناف المرفوع منه رغم أنه غير محكوم عليه فإن حكمها يكون مخالفاً لنص المادة 211 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعن قد أقام الدعوى ابتداء ضد المطعون ضده الأول والمطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها وصياً على أولادها قصر المرحوم..... بطلب إلزامهم بأن يدفعوا له من تركة مورثهم مبلغ 955 جنيهاً إلا أن محكمة أول درجة قصرت قضاءها على الحكم بإلزام المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها بأن تدفع المبلغ المطالب به من تركة مورثها، وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة غير قابل للتجزئة، ويكفي أن يبديه البعض ليستفيد منه البعض الآخر فإن ورثة المدين باعتبارهم شركاء في تركته كل منهم بحسب نصيبه إذا أبدى أحدهم دفاعاً مؤثراً في الحق المدعى به على التركة كان في إبدائه نائباً عن الباقين فيستفيدون منه وذلك لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة، وأموالهم الخاصة لما كان ذلك فإن استئناف المطعون ضدها الثانية للحكم الابتدائي الصادر ضد التركة يعتبر مرفوعاً منها بصفتها نائبة عن باقي الورثة الذين لم يشتركوا في الاستئناف بحيث يفيدون من الحكم الصادر فيه برفض الدعوى الموجهة للتركة، وإذ كان المطعون ضده الأول وارثاً فإنه يفيد من هذا الحكم ويكون النعي عليه بمخالفة القانون لقبوله الاستئناف المرفوع من المطعون ضده الأول - أياً كان وجه الرأي فيه - نعياً غير منتج إذ أنه لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول وبالوجه الثاني من السبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والبطلان في الإجراءات وبياناً لذلك يقول الطاعن إن المطعون ضده الأول حضر عن المطعون ضدها الثانية بتوكيل رقم 950 أ لسنة 1974 مصر الجديدة صادر منها له ولمحاميها عن نفسها دون صفتها مما كان يتعين معه شطب الدعوى بالنسبة لصفتها فضلاً عن أن التوكيل رقم 1856 لسنة 1974 شمال القاهرة الذي حضر به وكيلها جلسة 24/ 5/ 1975 مزور، ولما كان المطعون ضده الأول قد حضر بجلسة 9/ 6/ 1979 ولم تحضر المطعون ضدها الثانية أو ممثل عنها كما لم يحضر الطاعن فقد كان يتعين شطب الدعوى طبقاً للمادة 82 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي في شقيه غير سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شطب الدعوى طبقاً للمادة 82 من قانون المرافعات جوازي للمحكمة فلا بطلان إذا لم تقضي به إذ يحق لها رغم تخلف الطرفين أو أحدهما أن تستمر في نظر الدعوى والحكم فيها، أما ما يثيره الطاعن بشأن تزوير التوكيل الذي حضر به محامي المطعون ضدها الثانية بجلسة 24/ 5/ 1975 فإنه - فضلاً عن افتقاده للدليل - دفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة ومن ثم يكون النعي بهذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وبياناً لذلك يقول إن المحامي الذي حضر جلستي 3/ 7/ 1975 و23/ 8/ 1975 قرر أنه حاضر بتوكيل ثابت رغم عدم إثبات أي توكيل من قبل وفي هذا مخالفة لنص المادة 73 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن البين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحاضر جلسات محكمة الاستئناف المرفقة بملف الطعن أن الأستاذ...... المحامي حضر بجلسة 24/ 5/ 1975 نيابة عن الأستاذ...... المحامي عن المستأنفين (المطعون ضدهما) توكيل رقم 1856 لسنة 1974 عام شمال القاهرة، وبجلسة 3/ 7/ 1975 حضر الأستاذ...... عن المستأنفين بتوكيل ثابت وبجلسة 23/ 8/ 1975 حضر الأستاذ.... عن الأستاذ.... عن المستأنفين لما كان ذلك وكان من المقرر أن للمحامي أن ينيب عنه محامياً آخر لتمثيله في الخصومة دون توكيل خاص وحسب المحكمة أن يقرر المحامي أمامها وتحت مسئوليته نيابته عن زميله الغائب فإن ما يثيره الطاعن بوجه النعي من عدم قانونية حضور المحامي بجلستي 3/ 7/ 1975 و23/ 8/ 1975 يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأوجه الأول والثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات وفي بيان ذلك يقول إن الحكم صدر على المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها وصياً على أولادها القصر ومن بينهم...... في حين أنهما كانا قد بلغا سن الرشد ولم يمثلا في الدعوى، كما أن حكم الإثبات الصادر بجلسة 25/ 4/ 1976 ندب مدير المعمل الجنائي لتحقيق التزوير في حين أن الذي قام بالمأمورية مساعد المدير وهو شخص يغاير من انتدبته المحكمة مما يترتب عليه بطلان في الإجراءات وهو بطلان يشوب كذلك الطعن بالتزوير ذاته الذي قرر به المطعون ضده الأول كما يشوب حضوره عن المطعون ضدها الثانية أمام الخبير إذ أنه لم يكن يمثلها بصفتها.
وحيث إن النعي في شقيه الأول والثالث غير مقبول ذلك أن النزاع حول بلوغ سن الرشد هو نزاع حول الصفة وهو بهذه المثابة لا يتعلق بالنظام العام ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أن عدم التمسك ببطلان عمل الخبير أمام محكمة الموضوع يعد سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن لم يسبق أن تمسك أمام محكمة الاستئناف ببلوغ القاصرين المشار إليهما سن الرشد كما أنه لم يتمسك ببطلان أعمال الخبير لعدم صحة تمثيل المطعون ضده الأول للمطعون ضدها الثانية أمامه فإنه لا يجوز له التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة والنعي في شقه الثاني غير صحيح ذلك أن البين من الصورة الرسمية لمحضر إدارة المعمل الجنائي المرفقة بأوراق الطعن أن الذي باشر المأمورية هو العميد الخبير.... مدير إدارة المعمل الجنائي بوزارة الداخلية وهو الذي انتدبته المحكمة ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثالث والرابع والسادس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وذلك من عدة أوجه حاصلها أنه طلب من المحكمة مناقشة المطعون ضدها الثانية، كما طلب استجوابها إلا أن المحكمة التفتت عن ذلك، كما طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام شركة الواقع، وبجلسة 25/ 4/ 1979 طلب إعادة المأمورية إلى الخبير لتحقيق دفاعه أو التصريح له بتقديم تقرير الخبير استشاري ثم قدم مذكرتين بجلستي 27/ 1/ 1979 و25/ 4/ 1979 ضمنهما مطاعن على تقرير الخبير من بينها أن الخبير لم يبحث أمر التوقيع على التوكيل الذي أشار إليه والمودعة صورته بضرائب مصر الجديدة كما أجرى المضاهاة على أوراق غير معاصرة في تواريخها ولم يطلع على توقيع المورث ببطاقته العائلية واعتمد في بحثه على الأوراق المقدمة من الخصم ومع ذلك لم تستجب المحكمة لشيء من ذلك مما يعد إخلالاً بحق الدفاع فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير سديد ذلك أن الثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحاضر الجلسات المرفقة بأوراق الطعن أنه بتاريخ 26/ 5/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف باستجواب المطعون ضدهما وبجلسة 27/ 12/ 1979 حضر المطعون ضده الأول وقدم شهادة مرضية تفيد مرض والدته - المطعون ضدها الثانية - فقامت المحكمة باستجوابه وعقب ذلك طلب محامي الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق ولم يتمسك باستجواب المطعون ضدها الثانية من ثم فلا على المحكمة أن تلتفت عن طلب لم يصمم عليه صاحبه، والنعي مردود أيضاً في شقيه الثاني والثالث ذلك أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة طلب الإحالة إلى التحقيق أو طلب إعادة المأمورية للخبير أو طلب تقديم تقرير من خبير استشاري متى وجدت في أوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب ومن القرائن الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها واقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه، والنعي في شقه الأخير مردود ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن رأي الخبير لا يخرج عن كونه دليلاً في الدعوى لمحكمة الموضوع تقديره دون معقب عليها في ذلك ولا تلتزم بالرد على الطعون التي يوجهها الخصم إلى تقرير الخبير إذ في أخذها بما ورد فيه محمولاً على أسبابه السالفة ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها وهي في تقديرها ذلك لا سلطان عليها من محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة اطمأنت إلى النتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير المنتدب من أن التوقيع المنسوب إلى مورث المطعون ضدهما لم يصدر منه وأنه مزور عليه وذلك لسلامة الأسس الفنية التي بني عليها التقرير ولأن الخبير أجرى المضاهاة على الورقة العرفية التي قدمها له الطاعن والمؤرخة 25/ 10/ 1966 والتي أقرها المطعون ضدهما كما أجرى المضاهاة على أوراق رسمية تحمل توقيع المورث وأن الخبير رأى كفاية تلك الأوراق من الناحية الفنية لإجراء المضاهاة المطلوبة لتوافر عنصر المعاصرة الزمنية بين هذه الأوراق والتوقيع موضوع الفحص وكان استخلاص الخبير لهذه النتيجة سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من النعي من مطاعن على تقرير الخبير لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن القرائن التي استند إليها الحكم في تقرير عدم جدية دفاعه بشأن قيام شركة واقع بينه وبين مورث المطعون ضدهما، تستند إلى استنباط غير سائغ يقوم على غير مقتضى العقل والمنطق وبياناً لذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه على أن الطاعن أقام دعواه ابتداءً استناداً إلى إيصال أمانة ثم ادعى بعد ذلك أن المبلغ الثابت بالإيصال يمثل حصة في رأس مال شركة الواقع ولم يبد هذا الدفاع إلا مؤخراً، وأنه كان في إمكانه أن يحصل من مورث المطعون ضدهما على ورقة ضد فضلاً عن أنه قرر ابتداءً أنه سلم المورث المذكور مبلغ 955 جنيهاً ثم عاد وقرر بأنه سلمه 800 جنيه فقط يضاف إليها مبلغ 155 جنيهاً كان يداين بها المورث، ولما كانت هذه القرائن لا تؤدي عقلاً إلى ما استخلصه الحكم من عدم جدية ما تمسك به الطاعن من قيام شركة واقع بينه وبين مورث المطعون ضدهما فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا معقب عليها في ذلك متى كان استنباطها سائغاً، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قرر عدم جدية ما زعمه الطاعن من قيام شركة واقعة بينه وبين مورث المطعون ضدهما واستند في ذلك إلى أربع قرائن أولها أن الطاعن ادعى أولاً أن المورث المذكور تسلم منه المبلغ موضوع النزاع على سبيل الأمانة ثم عاد فقرر أن المبلغ يمثل نصيبه في رأس مال شركة الواقع والثانية أنه كان في إمكان الطاعن أن يحصل من المورث على ورقة ضد يذكر فيها حقيقة قيام شركة الواقع بينهما والثالثة هي تخبط الطاعن في رواياته إذ يقرر تارة أنه سلم المورث 950 جنيهاً ثم يعود فيقرر أنه سلمه 800 جنيه فقط بالإضافة إلى مبلغ 155 جنيهاً كان يداينه بها بموجب سند لم يذكر تاريخه والقرينة الرابعة أن الطاعن لم يثر مسألة قيام شركة واقع بينه وبين مورث المطعون ضدهما إلا مؤخراً بعد أن قضت المحكمة في 24/ 2/ 1979 بتزوير السند موضوع النزاع، لما كان ذلك وكانت هذه القرائن مستمدة من وقائع الدعوى ولها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها المحكمة فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.