أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 36 - صـ 1049

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: ماهر قلاده واصف، مصطفى زعزوع، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.

(216)
الطعن رقم 1421 لسنة 49 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" "التنازل عن الإيجار". بيع "بيع جدك".
بيع المتجر. وجوب أن يكون المستأجر بائع الجدك هو المالك له دون أحد سواه. تمسك المؤجر بأنه هو الذي أنشأ الأثاث التجاري بالمحل المؤجر بمنقولاته إلى المستأجر وثبوت ذلك بعقد الإيجار. دفاع جوهري. إغفال الحكم بحثه. قصور.
إذ كان القانون المدني قد أباح في المادة 594/ 2 منه للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار لغيره بالرغم من وجود الشرط المانع وبالرغم من عدم تنازل المؤجر عن هذا الشرط صراحة أو ضمناً في حالة بيع المصنع أو المتجر إذا توافرت شروط معينة، فلازم ذلك أن يكون المستأجر البائع هو مالك المتجر أو المصنع باعتبار أن جوهر البيع هو نقل ملكية شيء أو حق مالي آخر مقابل ثمن نقدي، ولما كان المتجر في معنى المادة المذكورة يشمل المقومات المعنوية كما يشمل العناصر المادية ومنها المهمات كآلات المصنع والأثاث التجاري، ولئن كانت المقومات المعنوية هي عماد فكرته إلا أن ذلك لا يعني إهدار العناصر المادية إذ لا يقوم المتجر إلا بتوافر بعض العناصر المعنوية التي توائم طبيعة التجارة أو الصناعة إلى جانب أحد العناصر المادية التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري، وإذ كان عنصر الاتصال بالعملاء هو محور العناصر المعنوية وأهمها بحيث يترتب على غيبته انتفاء فكرة المتجر ذاتها، فإن عنصر المهمات المتمثل في آلات المصنع أو في الأثاث التجاري الذي أنشئ بالمكان المؤجر لتهيئته لمباشرة الأعمال التجارية به هو ركيزة العناصر المادية بحيث يستعصى قيام المتجر مع تخلف هذا العنصر إذ بانتفائه يضحى المكان المؤجر خالياً كما أن عدم ملكية المستأجر له مع تواجده يجعل بيعه للمحل وارداً على غير متجر في مفهوم المادة 594/ 2 مدني، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه هو الذي أنشأ الأثاث التجاري بالمحل المؤجر بمنقولاته إلى المطعون ضده الأول كما أثبت بالعقد المحرر بينهما، وكان مؤدى ذلك أن المستأجر لا يملك ذلك الأثاث وهو ركيزة العناصر المادية الذي يتعين توافره إلى جانب بعض العناصر المعنوية لقيام المتجر وقد التفت الحكم المطعون فيه عن الرد على هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري إذ من شأنه لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، وانتهى إلى رفض دعوى الإخلاء استناداً إلى توافر شروط بيع المحل التجاري، فإنه يكون إلى جانب خطئه في تطبيق القانون قد شابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 249 لسنة 1975 مدني بور سعيد الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء المطعون ضدهما من المحل المؤجر بمنقولاته إلى أولهما بالعقد المؤرخ 1/ 12/ 1964 لتنازله عنه إلى ثانيهما بالمخالفة لبنود العقد. بينما ذهب المطعون ضده الثاني في دفاعه إلى أن ابتاع المحل جدكاً من المطعون ضده الأول الذي استأجره خالياً. وبعد أن أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى إلى التحقيق وقعد الخصوم عن إحضار شهودهم، قضت بالإخلاء. استأنف المطعون ضده الثاني بالاستئناف 129 لسنة 17 ق الإسماعيلية (مأمورية بور سعيد) كما أقام المطعون ضده الأول استئنافاً فرعياً، وبتاريخ 29/ 4/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف في موضوع الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول من أسباب الطعن الإخلال بحق الدفاع والقصور والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه يقول إنه أثار دفاعاً أمام محكمة الموضوع حاصلة أنه هو الذي أنشأ المحل التجاري واستدل على ذلك بما أثبت بالعقد من أن المحل مؤجر بمنقولاته، ورتب على ذلك تمسكه بعدم انطباق المادة 594/ 2 من القانون المدني، طالما أن المستأجر ليس مالكاً للمحل التجاري بما يعد تصرفه نزولاً عن الإيجار بغير إذن كتابي منه يبرر طلب الإخلاء، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن الرد على هذا الدفاع الجوهري وانتهى إلى إنزال حكم المادة 594/ 2 مدني على واقعة الدعوى فإنه يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك إنه إذ كان القانون المدني قد أباح في المادة 594/ 2 منه للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار لغيره بالرغم من وجود الشرط المانع وبالرغم من عدم تنازل المؤجر عن هذا الشرط صراحة أو ضمناً في حالة بيع المصنع أو المتجر إذا توافرت شروط معينة، فلازم ذلك أن يكون المستأجر البائع هو مالك المتجر أو المصنع باعتبار أن جوهر البيع هو نقل ملكية شيء أو حق مالي آخر مقابل ثمن نقدي، ولما كان المتجر في معنى المادة المذكورة يشمل المقومات المعنوية المتمثلة في حق الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والحق في الإجارة والرخص والإجازات وحقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية، كما يشمل العناصر المادية ومنها المهمات كآلات المصنع والأثاث التجاري، ولئن كانت المقومات المعنوية هي عماد فكرة المتجر إلا أن ذلك لا يعني إهدار العناصر المادية، إذ لا يقوم المتجر إلا بتوافر بعض العناصر المعنوية التي توائم طبيعة التجارة أو الصناعة إلى جانب أحد العناصر المادية التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري، وإذا كان عنصر الاتصال بالعملاء هو محور العناصر المعنوية وأهمها بحيث يترتب على غيبته انتفاء فكرة المتجر ذاتها، فإن عنصر المهمات المتمثل في آلات المصنع أو في الأثاث التجاري الذي أنشئ بالمكان المؤجر لتهيئته لمباشرة الأعمال التجارية به هو ركيزة العناصر المادية بحيث يستعصى قيام المتجر مع تخلف هذا العنصر إذ بانتفائه يضحى المكان المؤجر خالياً، كما أن عدم ملكية المستأجر له مع تواجده يجعل بيعه للمحل وارداً على غير متجر في مفهوم المادة 594/ 2 مدني لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن هو الذي أنشأ الأثاث التجاري بالمحل المؤجر بمنقولاته إلى المطعون ضده كما أثبت بالعقد المحرر بينهما، وكان مؤدى ذلك أن المستأجر لا يملك ذلك الأثاث وهو ركيزة العناصر المادية الذي يتعين توافره إلى جانب بعض العناصر المعنوية لقيام فكرة المتجر، بما يعني انحسار صفة المتجر عن محل التداعي وخروج المتصرف فيه بالبيع عن نطاق تطبيق المادة 594/ 2 من القانون المدني، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن الرد على هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري إذ من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وانتهى إلى رفض دعوى الإخلاء، استناداً إلى توافر شرط بيع المحل التجاري، فإنه يكون إلى جانب خطئه في تطبيق القانون قد شابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه.