مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1959 إلى آخر سبتمبر سنة 1959) - صـ 1466

(126)
جلسة 6 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وحسن أبو علم والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

القضية رقم 930 لسنة 4 القضائية

تسوية - اعتبارها من قبيل الأعمال المادية - جواز المساس بها ولو كانت صادرة قبل إنشاء مجلس الدولة - مثال: تسوية حالة موظف في تاريخ سابق على إنشاء مجلس الدولة بالتطبيق لقرار تنظيمي عام غير نافذ - ترقيته اعتماداً على هذه التسوية - لا تحول هذه الترقية دون عدم الاعتداد بالتسوية متى وقف ذلك عند حد تعديل أقدميته في درجة سابقة.
إذا تبين أن التسوية التي أجريت في 8 من يناير سنة 1946 لزميل للمدعي ورُدَّت بمقتضاها أقدميته في الدرجة السادسة إلى 10 من أكتوبر سنة 1928 إنما تمت بالتطبيق لقرار تنظيمي عام غير نافذ عندئذ، وهو قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945، فإنه يتعين عدم الاعتداد بها وإسقاط مؤداها؛ لأن التسويات - وهي أعمال مادية صرفة إن كانت باطلة بسبب استنادها إلى قرار تنظيمي على نافذ - لم يفلح في تحصينها أنها أجريت قبل إنشاء مجلس الدولة، أو أن الإدارة لم تسحبها في الميعاد، ويكون من حق القضاء الإداري، بل يتعين عليه عدم الاعتداد بها مهما تقادم عليها الزمن؛ أي إهدار ما عسى أن ينجم عنها من الآثار. ولا ينال من هذا النظر أنه قد ترتبت عليها قرارات بالترقية نالها من أجريت في حقه؛ لأن ترقيته إلى الدرجة الخامسة تنسيقاً في أول مايو سنة 1946 لا يؤثر فيها تعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1932 طبقاً لقرار أول يونيه سنة 1947 بدلاً من 10 من أكتوبر سنة 1928 كما حدته التسوية الباطلة استناداً إلى قرار 26 من مايو سنة 1945 غير النافذ.


إجراءات الطعن

في 7 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 930 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") في الدعوى رقم 216 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد أحمد علي جعفر ضد مجلس الأمة. القاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع باعتبار أقدمية المدعي راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 29 من إبريل سنة 1954، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى مجلس الأمة في 27 من أكتوبر سنة 1958، وإلى المطعون عليه في 6 من نوفمبر سنة 1958، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 25 من إبريل سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 216 لسنة 9 القضائية ضد مجلس النواب أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 25 من أكتوبر سنة 1954 طلب فيها إلغاء القرار الصادر من سكرتيرية مجلس النواب رقم 1728 بتاريخ 29 من إبريل سنة 1954 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه إنه بالأمس القريب أنصفه القضاء الإداري بتاريخ 7 من مايو سنة 1954 حتى حكم لصالحه في الدعوى التي كان قد رفعها أمام محكمة القضاء الإداري وقيدت تحت رقم 603، لسنة 5 القضائية عندما تخطي في الترقية إلى الدرجة الرابعة، وشاء القدر أن يعاد تمثيل هذا الدور فتخطى في الترقية إلى الدرجة الثالثة رغم أسبقيته على زميله السيد/ محمد شوقي، فقد ثبتت أمام القضاء الإداري عند نظر الدعوى المشار إليها أقدميته على المطعون في ترقيته في التعيين؛ إذ عين بوزارة المعارف مدرساً في 22 من سبتمبر سنة 1928، بينما عين زميله السيد/ محمد شوقي في أول يونيه سنة 1932. وقامت إدارة مستخدمي مجلس النواب بتسوية حالة المدعي، تنفيذاً لهذا الحكم، ولكنها أغفلت منحه الدرجة السادسة من بدء التعيين الحاصل في 22 من سبتمبر سنة 1928 طبقاً لقرار الإنصاف الصادر في 26 من مايو سنة 1954، مع أنه يسبق المطعون في ترقيته بأربع سنوات تقريباً، وكلاهما يحمل مؤهلاً واحداً في سنة واحدة من مدرسة المعلمين الثانوية، وهذا الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري وإن سوّى المدعي بالمطعون في ترقيته بجعل ترقيتهما إلى الدرجة الرابعة في تاريخ واحد، فإن أفضلية المدعي للترقية إلى الدرجة الثالثة ثابتة بأقدميته في الخدمة والتعيين، ولا امتياز للمطعون عليه في أية ناحية من نواحي الكفاية أو المؤهل العلمي. ثم ختم صحيفة دعواه مبيناً أنه تظلم من القرار مثار دعواه إلى رياسته في 4 من مايو سنة 1954، وأن تظلمه قيد في المحفوظات برقم 99 ملف 64/ 2/ 11، ولكنه لم يتلق أي رد عليه، مما اضطره إلى الالتجاء إلى القضاء الإداري طالباً إلغاء القرار المشار إليه. وقد ردت مراقبة المستخدمين بمجلس الأمة على الدعوى في 5 من نوفمبر سنة 1956 قائلة إن الدعوى غير مقبولة شكلاً لأسباب ثلاثة هي: أولاً، لأن المدعي يقرر في صحيفة دعواه أنه تظلم في 4 من مايو سنة 1954 من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة، وإذا صح هذا فإن مدة الأربعة الأشهر التي ينبغي أن يقيم دعواه في خلالها تنتهي في 3 من سبتمبر سنة 1954، ولكنه رفع دعواه في 25 من أكتوبر سنة 1954. وثانياً، لأنه يطعن في أقدمية زملائه ومنهم السيد/ محمد شوقي، وهذه الأقدمية مقررة ويعلم بها من تاريخ نقله إلى سكرتيرية المجلس، كما أنه علم بها من كشف الأقدمية المقدم في دعواه السابقة رقم 603 لسنة 5 القضائية، وانقضاء هذا الزمن الطويل على هذا العلم دون أن يتقدم بالطعن في هذه الأقدمية يسقط حقه في إثارتها، وثالثاً، لأن مطالبته بتعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى بدء التعيين طبقاً للكتاب الدوري رقم ف 234 - 3/ 23 في 28 من يونيه سنة 1945 كان ينبغي أن توجه إلى وزارة التربية والتعليم التي كان تابعاً لها في ذلك التاريخ. وأضافت أن المدعي لم ينقل إلى سكرتيرية المجلس إلا في فبراير سنة 1946، وأنه عندما ورد ملف خدمته في وزارة المعارف كان حكم الكتاب الدوري سالف الذكر قد تغير بحكم آخر. أما بالنسبة إلى موضوع الدعوى فقد نوهت مراقبة مجلس الأمة بأن مطالبة المدعي بأسبقيته في الأقدمية على زميله السيد/ محمد شوقي اعتماداً على أسبقيته في التعيين وحصوله على نفس مؤهل السيد/ شوقي الدراسي، هي مغالطة لا تتفق مع الواقع؛ لأن الكتاب الدوري رقم ف 234 - 3/ 23 المؤرخ 28 من يونيه سنة 1945 إنما صدر متضمناً قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 باعتبار حملة دبلوم مدارس المعلمين الثانوية في الدرجة السادسة من بدء التعيين بعد فتح الاعتماد اللازم، ولما كان مجلس النواب (سابقاً) مستقلاً بشئونه وبميزانيته، وتكاليف تنفيذ ذلك القرار تتحملها ميزانيته المستقلة، فقد أصدر رئيس المجلس المذكور قرار برد أقدمية السيد/ محمد شوقي في الدرجة السادسة إلى بدء تعيينه باعتبار كونه الموظف الوحيد وقتذاك الذي ينتفع بالإنصاف، ولم يكن المدعي آنذاك قد نقل بعد من وزارة التربية والتعليم إلى مجلس النواب، ولما عرض الاعتماد الخاص بهذا الإنصاف على مجلسي البرلمان أدخل تعديل على القرار جعل بموجبه حامل هذا المؤهل في الدرجة السابعة من بدء التعيين، على أن يمنح الدرجة السادسة بعد ثلاث سنوات طبقاً للكتاب الدوري رقم 234 - 3/ 23 الذي صدر في أغسطس سنة 1947 متضمناً قرار مجلس الوزراء في يونيه سنة 1947، وأوضحت أن القرار الصادر بتسوية حالة السيد/ محمد شوقي طبقاً لقرار 26 من مايو سنة 1945 أصبح نهائياً، فلم ير المجلس إدخال أي تعديل عليه؛ وبذلك اعتبر حاصلاً على الدرجة السادسة منذ بدء تعيينه في 10 من أكتوبر سنة 1928. أما المدعي فقد كان عند صدور قرار سنة 1945 موظفاً بوزارة التربية والتعليم، وكان هذا القرار في انتظار الاعتماد بعد عرضه على البرلمان، ولم يتم تعديله واعتماد تكاليفه إلا في سنة 1947 بعد أن نقل المدعي إلى سكرتيرية مجلس النواب؛ ولهذا اعتبر تعيينه ابتداء في الدرجة السابعة اعتباراً من 22 من سبتمبر سنة 1928، على أن يمنح الدرجة السادسة بعد ثلاث سنوات، أي في 22 من سبتمبر سنة 1931؛ وبذلك اعتبرت أقدميته في الدرجة السادسة بعد السيد/ محمد شوقي. ثم ختمت المراقبة دفاعها بقولها إنه ولئن كان القرار الصادر بإنصاف السيد/ محمد شوقي قد انحرف عن جادة القاعدة التي تقررت بعد ذلك في سنة 1947، وأصبح قابلاً للتصحيح بما يتفق وحكم القانون في أي وقت ودون تقيد بمواعيد السحب، إلا أن السيد/ محمد شوقي قد كسب مركزاً قانونياً جديداً بترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول أغسطس سنة 1947، ثم إلى الدرجة الرابعة في 16 من أغسطس سنة 1950، ثم إلى الدرجة الثالثة في 29 من إبريل سنة 1954، فأصبح مركزه حصيناً من الإلغاء أو التعديل لعدم الاعتراض عليه خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره؛ ذلك لأنه من المقرر أنه لا يجوز المساس بالمراكز الفردية المترتبة على قرارات إدارية مخالفة للقانون، إذا لم تنقض الإدارة تلك المراكز الفردية خلال ميعاد سحبها، ويستوي في ذلك أن يكون مرجع بطلان هذه القرارات المنشئة لها هو عدم صحة الوقائع التي بنيت عليها أو مخالفة القانون. وقد رد المدعي على دفاع الجهة الإدارية بمذكرة أودعها ملف الدعوى في 27 من إبريل سنة 1957 قال فيها إن نقله إلى سكرتيرية مجلس النواب تم بالقرار رقم 907 المؤرخ 25 من يونيه سنة 1945 اعتباراً من أول يوليه سنة 1945، ولما وقع نقله على النحو المتقدم أبلغ مجلس النواب في آخر يوليه سنة 1945 بكتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 3/ 23 المؤرخ 28 من يونيه سنة 1945، والمتضمن أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر بإنصاف خريجي المعلمين الثانوية بما يقتضي منحهم الدرجة السادسة من بدء التعيين، ولكن هذا القرار طبق على السيد/ محمد شوقي الموظف معه بالسكرتيرية دونه، مع أنه يحمل مؤهله ومتخرج معه في ذات العام، ومع أنه كان وقتذاك أرقى منه درجة ومرتباً، وكان معروفاً أنه عين بالحكومة قبله بثمانية عشر يوماً، وفضلاً عما تقدم فقد كان المدعي فعلاً في الدرجة السادسة منذ سنة 1940 بمرتب قدره 18 ج شهرياً، ولم يكن إنصافه على موجب القرار المشار إليه يتطلب أكثر من إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى بدء تعيينه بالحكومة في 22 من سبتمبر سنة 1928، وهو أمر لم يكن من شأنه تحميل ميزانية مجلس النواب بأي عبء مالي خلافاً لما استوجبه إنصاف زميله السيد/ محمد شوقي، وكان من نتيجة هذا الاهتمام أن أوثر هذا الزميل عليه بأقدمية غير مشروعة في الدرجة السادسة. ثم أراد المجلس أن يغطي تصرفه السابق فعمد إلى ترقيته هو وزميله المذكور إلى الدرجة الخامسة في يوم واحد، ولكنه عندما أجرى حركة الترقيات إلى الدرجة الرابعة بالقرار الصادر في 7 من أغسطس سنة 1950 تركه في الترقية بغير حق، ولما احتكم إلى القضاء الإداري بالدعوى رقم 603 لسنة 5 القضائية حكم لصالحه بتاريخ 7 من مايو سنة 1953 بإلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس النواب رقم 1434 في 7 من أغسطس سنة 1950 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة. وبالرغم من إعلان هذا الحكم إلى المجلس فإنه لم ينفذ مقتضى ما ثبت فيه على لسان مندوب الحكومة من إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946، وما يترتب على ذلك من صرف الفروق المالية. ثم أعقب ذلك صدور القرار المطعون فيه رقم 1728 بتاريخ 29 من إبريل سنة 1954، وهو يقضي بترقية السيد/ محمد شوقي إلى الدرجة الثالثة. واستطرد المدعي إلى أن ما تمسك به مفوض الدولة، من أن عريضة دعواه لم تشر إلى طلب تسوية أقدميته بصورة مستقلة، وإنما اقتصرت على طلب إلغاء تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة، وعلى الاحتجاج بهذه الأقدمية كسند من أسانيد دعواه، أن ما تمسك به مفوض الدولة في هذا الصدد مردود بأنه ما فتئ مستمسكاً بهذه التسوية المذكورة على وجه الاستقلال، سواء قبل ترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول أغسطس سنة 1947 أو في صحيفة الدعوى رقم 603 لسنة 5 القضائية التي أقامها على مجلس النواب، كما أنه في الدعوى الحالية لم يفته هذا الطلب؛ إذ لم يغفل الإشارة في صحيفتها إلى دعواه السابقة رقم 603 لسنة 5 القضائية، ومرداه من هذه الإشارة هو المطالبة بالتسوية على أساس الإنصاف المطلوب في الدعوى السابقة. أما قول المفوض - بأن أقدمية المدعي وزميله في الدرجة السادسة متفاوتة على أساس أن السيد/ محمد شوقي قد اعتبر في الدرجة الأخيرة منذ 10 من أكتوبر سنة 1928 طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1945، وذلك قبل تعديل هذا القرار في سنة 1947، وعلى اعتبار أنه كان الموظف الوحيد بسكرتيرية مجلس النواب الحاصل على دبلوم المعلمين الثانوية، وأن ميزانية المجلس كانت تتسع لإنصافه وفق قرار مايو سنة 1945 الذي طبق على السيد/ محمد شوقي وحده - فقول يدحضه أن السيد المذكور لم يكن في الحقيقة الموظف الوحيد بسكرتيرية مجلس النواب الذي يستحق الإفادة من قرار مايو سنة 1945، بل كان مشتركاً معه في الانتظام في سكرتيرية المجلس المدعي السيد/ أحمد علي جعفر عند إصدار رئيس مجلس النواب قراره لمصلحة السيد/ محمد شوقي في 8 من يناير سنة 1946؛ إذ المدعي (السيد/ أحمد على جعفر) كان قد نقل بالفعل إلى سكرتيرية مجلس النواب اعتبار من أول يونيه سنة 1945 بموجب القرار الرقيم 907 المؤرخ 25 من يونيه سنة 1945، أي قبل تبليغ قرار مجلس الوزراء المشار إليه إلى مجلس النواب في آخر يوليه سنة 1945. وقد ظل مجلس النواب سادراً في تناسي إنصاف المدعي زهاء سنتين حتى صدر قرار تنظيمي آخر في يوليه سنة 1947 باعتبار حملة مؤهل المعلمين الثانوية في الدرجة السادسة بعد ثلاث سنوات من بدء تعيينهم بالحكومة، وهو القرار الذي أريد تطبيقه على المدعي، فكان مقتضى هذا التطبيق تأخير بدء أقدميته في الدرجة السادسة إلى 22 من سبتمبر سنة 1931. وخلص مما تقدم إلى التصميم على طلباته المبينة بصحيفة دعواه. وبجلسة 10 من يوليه سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها وفي الموضوع باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 29 من إبريل سنة 1954، وبما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها فيما يتعلق برفض الدفع على "أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 29 من إبريل سنة 1954، وقد تظلم المدعي منه إدارياً في 4 من مايو سنة 1954 إي في ميعاد الستين يوماً، وإذ لم يتلق رداً على تظلمه أقام الدعوى في خلال الستين يوماً التالية للأربعة الأشهر التي اعتبر الشارع فواتها من تاريخ تقديم التظلم بمثابة قرار ضمني برفضه، فإن الدعوى - وقد أودعت صحيفتها في 25 من أكتوبر سنة 1954 - تكون قد رفعت في الميعاد الذي حدده الشارع لرفع دعوى الإلغاء؛ طبقاً لما يقضي به القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة الذي يحكم واقعة الدعوى؛ ومن ثم فإن الدفع المبدى من مجلس النواب بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد يكون في غير محله؛ ولذا فإنه يتعين رفضه" كما أسست ذلك القضاء بالنسبة إلى الموضوع على أنه "بالرجوع إلى الأوراق وإلى ملف خدمة كل من المدعي والمطعون ضده وإلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 603 لسنة 5 القضائية الصادر لصالح المدعي يبين أن المطعون ضده ترجع أقدميته في الدرجة الرابعة إلى 7 من أغسطس سنة 1950 وفي الدرجة الخامسة إلى أول أغسطس سنة 1947، بينما الثابت أن أقدمية المدعي أرجعت في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946 تطبيقاً لقواعد المنسيين، كما أرجعت في الدرجة الرابعة إلى 7 من أغسطس سنة 1950 تاريخ ترقية المطعون ضده إلى هذه الدرجة؛ وذلك تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه سالف الذكر. وتأسيساً على ذلك فإن المدعي وإن تساوى مع المطعون ضده في أقدمية الدرجة الرابعة، إلا أنه يسبقه في أقدمية الدرجة الخامسة، ومن ثم يكون أحق منه بالترقية إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية المطلقة، وإذ صدر القرار المطعون فيه على خلاف ذلك على غير أساس من التطبيق السليم فإنه يكون حقيقاً بالإلغاء"، وعلى أنه "لا وجه بعد ذلك لما يذهب إليه مجلس الأمة من التمسك في مواجهة المدعي بأقدمية الدرجة السادسة وأن المطعون ضده أقدم منه في هذه الدرجة بعد أن أرجعت أقدميته فيها بموجب قرار الإنصاف الصادر في سنة 1945 بالنسبة لحملة دبلوم المعلمين الثانوية، دون المدعي الذي أرجعت أقدميته فيها تنفيذاً لقرار الإنصاف الصادر في سنة 1947 بالنسبة لحملة هذا المؤهل، طالما أنه فضلاً عما سبق بيانه، من أن المدعي هو الأسبق في الأقدمية بالنظر لأقدمية الدرجة الخامسة، وأنه لا حاجة مع قيام هذه الأسبقية عند الترقية إلى الدرجة الثالثة إلى الرجوع للأقدمية في الدرجة السادسة، فإن وضع المدعي بالنسبة لأقدمية الدرجة السادسة طبقاً للتنفيذ الصحيح لقواعد إنصاف حملة دبلوم المعلمين الثانوية يتعين أن يكون سابقاً فيها أيضاً على المطعون ضده، ما دام أنهما تخرجا في دفعة واحدة، والمدعي قد عين في تاريخ سابق عليه بالدرجة السابعة أصلاً، وكانا يتبعان وحدة إدارية واحدة، سواء عند صدور قرار سنة 1954 أو قرار سنة 1947 سالف الذكر، خصوصاً والثابت من الأوراق أن المدعي حين صدور قرار الإنصاف في 28 من مايو سنة 1945 كان ضمن موظفي مجلس النواب؛ إذ نقل إليه من وزارة المعارف في أول يوليه سنة 1945، لا كما يقرر المجلس المذكور من أن المطعون ضده كان الموظف الوحيد بالمجلس من حملة دبلوم المعلمين الثانوية حين صدر القرار الأول المشار إليه"، وعلى أن "المدعي رقي إلى الدرجة الثالثة في 29 من إبريل سنة 1957، وأن مصلحته الشخصية المباشرة في الدعوى تكون مقصورة على إرجاع أقدميته في هذه الدرجة إلى التاريخ الذي حدده القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار خاصة بصرف الفروق المالية".
ومن حيث إن الطعن يقوم على "أن الحكم المطعون فيه بني على أسبقية المدعي للمطعون في ترقيته في أقدمية الدرجة الخامسة، وفاته أن أقدمية الاثنين في الدرجة الخامسة قد أرجعت بمقتضى قرار هيئة مكتب مجلس النواب في 7 من أغسطس سنة 1950 وبالتطبيق لقواعد التنسيق إلى أول مايو سنة 1946؛ وبذلك يتحد الاثنان في تاريخ الحصول على الدرجة الخامسة، ويكون الحكم قد صدر على أساس خاطئ قانوناً فيما انبنى عليه من أن المدعي أسبق من السيد/ محمد شوقي في أقدمية الدرجة الخامسة"، وعلى أنه "بالرجوع إلى الدرجة السادسة يبين من الاطلاع على ملف خدمة السيد/ محمد شوقي أن السيد رئيس مجلس النواب كان قد أصدر في 8 من يناير سنة 1946 قراره رقم 965 بضم مدة خدمته الدائمة، على أن يسدد الاحتياطي المستحق عليها، وبأن تعتبر أقدميته في الدرجة السادسة من 10 من أكتوبر سنة 1928 تاريخ دخوله الخدمة وبماهية قدرها 18جنيهاً شهرياً من أول مايو سنة 1943، على أن لا يصرف إليه فرق إلا من 26 من مايو سنة 1945. وبمقتضى هذا القرار تحددت أقدمية السيد/ محمد شوقي في الدرجة السادسة واستقرت على هذا الوضع بالتطبيق لأحكام قرار مايو سنة 1945 في شأن إنصاف حملة دبلوم المعلمين الثانوية، وهذا القرار كما قضت المحكمة الإدارية العليا قد صدر معلقاً على شرط وجود الاعتماد المالي، حتى عدل في سنة 1947 على أساس تقدير قيمة المؤهل المذكور؛ بحيث لا يمكن التمسك بأحكام قرار سنة 1945 بالنسبة لمن لم ينفذ في شأنهم هذا القرار بعد أن غدت القاعدة التنظيمية الواجبة النفاذ هي التي تضمنها قرار سنة 1947"، وعلى أنه "لا ينال من صحة هذا الرأي ما يؤدي إليه من إيجاد نوع من التفرقة بين المركز القانوني لاثنين من الحاصلين على ذات المؤهل الدراسي؛ إذ أن مرد هذه التفرقة إلى اختلاف القاعدة القانونية التي تحكم حالة كل من الاثنين، فبينما السيد/ محمد شوقي قد أفاد من قرار سنة 1945 بتطبيق مجلس النواب هذا القرار في حقه بمقتضى تسوية تلقائية نهائية فإن المدعي لم يلحقه أثر ذلك القرار الذي تعدل في سنة 1947 بحيث يسري على سائر حملة دبلوم المعلمين الثانوية، ومثل هذه النتيجة ليست غريبة في مجال تسعير الشهادات وإنصاف حملة المؤهلات المختلفة، فلقد أقرها المشرع في عدة مناسبات عندما نص على إلغاء القرارات المنظمة لبعض هذه الشئون مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية والتسويات الإدارية التلقائية؛ وذلك بقصد حماية المراكز القانونية المستقرة"، وعلى أنه "ما دام الثابت أن السيد/ محمد شوقي قد حصل على الدرجتين الخامسة والرابعة في تاريخ واحد مع المدعي، وأن أقدميته في الدرجة السادسة ترجع إلى تاريخ أسبق من تاريخ أقدمية المدعي في هذه الدرجة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون عندما قضى بإلغاء قرار ترقية السيد/ محمد شوقي في الدرجة الثالثة على أساس أن المدعي أقدم منه في الدرجتين الخامسة والسادسة".
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من وقائع الأوراق أن المدعي والمطعون في ترقيته السيد/ محمد شوقي نالا دبلوم المعلمين الثانوية في عام 1928، وأن المدعي التحق بخدمة الحكومة في 22 من سبتمبر سنة 1928 في الدرجة السابعة، بينما التحق السيد/ محمد شوقي بمصلحة المباني التابعة لوزارة الأشغال في وظيفة كتابية بالدرجة حرف ج اعتباراً من 10 من أكتوبر سنة 1928 بماهية قدرها 500 م و7 ج، وفي أول أكتوبر سنة 1929 استقال السيد/ محمد شوقي من الخدمة، وفي أول يونيه سنة 1936 عين بسكرتيرية مجلس الشيوخ في الدرجة الثامنة الدائمة بماهية شهرية قدرها 10ج، ثم نقل بدرجته إلى سكرتيرية مجلس النواب اعتباراً من أول أغسطس سنة 1936، وظل موظفاً بها من ذلك التاريخ إلى الآن، وفي 19 من يوليه سنة 1939 أصدر رئيس مجلس النواب قراراً بترقيته إلى الدرجة السابعة، وفي 2 من سبتمبر سنة 1944 صدر قرار بترقيته إلى الدرجة السادسة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944 مع منحه علاوة الترقية لإبلاغ راتبه الشهري إلى 500 م و17 ج اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1944، ثم عدل راتبه استناداً إلى المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944 الخاص بإلغاء الاستثناءات إلى 500 م و16 ج اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1944، وذلك بقرار أصدره رئيس مجلس النواب في 22 من مارس سنة 1945، وفي 8 من يناير سنة 1946 أصدر رئيس مجلس النواب - بعد الاطلاع على الكتاب الدوري رقم م 78 - 1/ 74 الصادر في 19 من مايو سنة 1945 بشأن الموظفين الذين لهم مدد خدمة بمجالس المديريات والهيئات التعليمية وعلى الكتاب الدوري رقم ف 234 - 3/ 23 بتاريخ 28 من يونيه سنة 1945 بشأن إنصاف خريجي مدرسة المعلمين الثانوية - القرار رقم 965: (1) بضم المدة من أول أكتوبر سنة 1929 إلى 31 من مايو سنة 1932، وهى التي قضاها السيد/ محمد شوقي بوظيفة مدرس بمدارس الجمعية الخيرية الإسلامية، إلى مدة خدمته الدائمة، على أن يسدد الاحتياطي المستحق عنها، (2) وباعتبار أقدميته في الدرجة السادسة من 10 من أكتوبر سنة 1928، تاريخ دخوله الخدمة، وبماهية 18 ج شهرياً من أول مايو سنة 1943 (حتمية ثانية)، على أن لا يصرف إليه فرق إلا من 26 من مايو سنة 1945". أما المدعي فقد تبين من الأوراق أنه نقل إلى سكرتيرية مجلس النواب اعتباراً من أول فبراير سنة 1946 بموجب القرار رقم 970 المؤرخ 21 من يناير سنة 1946؛ وأنه من ثم صار ضمن موظفي سكرتيرية مجلس النواب بعد ما أصدر رئيس هذا المجلس في 8 من يناير سنة 1946 قراره بتعديل أقدمية السيد/ محمد شوقي في الدرجة السادسة استناداً إلى الكتاب الدوري رقم 234 - 3/ 23 بتاريخ 28 من يونيه سنة 1945، واستمر كذلك حتى تعدل حكم القاعدة التنظيمية العامة التي تضمنها ذلك الكتاب في سنة 1947، كما يبين من الأوراق أيضاً أن المدعي وزميله أرجعت أقدميتهما في الدرجة الخامسة تنسيقاً إلى أول مايو سنة 1946، كما يتضح كذلك أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 603 لسنة 5 القضائية المقامة أمام محكمة القضاء الإداري، قضى للمدعي باستحقاقه الترقية إلى الدرجة الرابعة في 7 من أغسطس سنة 1950 أسوة بالسيد/ محمد شوقي، وأن صحيفة دعواه تشير صراحة إلى طلب تسوية وضعه في أقدمية الدرجة السادسة استناداً إلى الكتاب الدوري رقم 234 - 3/ 23 المؤرخ 28 من يونيه سنة 1945.
ومن حيث إن طعن هيئة المفوضين - إذ اقتصر على ما قضى به الحكم المطعون فيه في الموضوع - فإنه يتعين من ثم مناقشة هذا القضاء وتمحيصه، وذلك دون التعرض لما حكم به في الدفع بعدم قبول الدعوى لاستقامة الأسباب التي بني عليها الحكم برفض هذا الدفع، والتي تقرها هذه المحكمة.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 لم يتولد أثره حالاً ومباشرة بمجرد صدوره لأنه ما كان قد استكمل جميع مقوماته التي تنتج هذا الأثر، وبهذه المثابة لا ينشئ لأمثال المدعي مراكز ذاتية من مقتضاها تسوية حالاتهم على الأساس الذي اقترحته اللجنة المالية وقتذاك؛ ذلك لأن القرار الإداري لا يولد أثره حالاً ومباشرة إلا حيث تتجه الإدارة لإحداثه على هذا النحو، وكان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً أو متى أصبح كذلك، وهذا كله مستمد من طبيعة القرار الإداري باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون، عن إدارة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة. وقرار 26 من مايو سنة 1945 ما كان قد استكمل جميع المراحل اللازمة قانوناً في هذا الصدد؛ لأن المادة 143 من الدستور الملغى النافذ وقتذاك، كانت تقضى بأن "كل مصروف غير وارد بالميزانية أو زائد على التقديرات الواردة بها يجب أن يأذن به البرلمان"؛ ولهذا فلئن كان مجلس الوزراء قد وافق على اقتراح اللجنة المالية حينذاك من حيث المبدأ، إلا أنه لما كان الأمر يقتضي استصدار قانون بفتح اعتماد إضافي فقد سارت وزارة المالية في الطريق الدستوري السليم، فقدرت التكاليف بمبلغ 23000 ج لمدة سنة، وتقدمت إلى البرلمان لاستصدار قانون بفتح اعتماد إضافي بهذا المبلغ، فنوقش الموضوع وأعيد بحثه واستقر الرأي على أن يكون إنصاف حملة هذا المؤهل على أساس التعيين في الدرجة السابعة وترقيتهم إلى الدرجة السادسة بماهية 500 م و10 ج بعد ثلاث سنوات من تاريخ التعيين الأول - مع مراعاة مايو - حتى لا يكونوا أحسن حالاً من حملة الشهادات العالية، وقدرت التكاليف على هذا الأساس بمبلغ 15000 ج، واعتنقت وزارة المالية هذا الرأي، وقدمت مذكرة بهذا المعنى إلى مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في أول يونيه سنة 1947 فوافق عليها؛ وبذلك يكون القرار الأخير هو الذي يولد أثره بعد إذ اتجهت إرادة الإدارة إلى إحداثه على هذا النحو، وبعد أن أصبح ذلك جائزاً وممكناً قانوناً بفتح الاعتماد الإضافي المخصص لهذا الغرض من الجهة التي تملك الإذن به وهي البرلمان بمجلسيه.
ومن حيث إنه إذا تبين أن التسوية الحاصلة للسيد/ محمد شوقي في 8 من يناير سنة 1946 إنما تمت بالتطبيق لقرار تنظيمي عام غير نافذ، فإنه يتعين عدم الاعتداد بها وإسقاط مؤداها؛ لأن التسويات - وهي أعمال مادية صرفة إن كانت باطلة بسبب استنادها إلى قرار تنظيمي غير نافذ - لم يفلح في تحصينها أنها أجريت قبل إنشاء مجلس الدولة، أو أن الإدارة لم تسحبها في الميعاد، ويكون من حق القضاء الإداري بل يتعين عليه عدم الاعتداد بها مهما تقادم عليها الزمن؛ ومن ثم إهدار ما عسى أن ينجم عنها من الآثار، ولا ينال من هذا النظر أنه قد ترتبت عليها قرارات بالترقية نالها السيد/ محمد شوقي؛ لأن ترقيته إلى الدرجة الخامسة تنسيقاً في أول مايو سنة 1946 لا يؤثر فيها تعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1932 طبقاً لقرار أول يونيه سنة 1947 بدلاً من 10 من أكتوبر سنة 1928، كما حددته التسوية الباطلة استناداً إلى قرار 26 من مايو سنة 1945 غير النافذ.
ومن حيث إنه إذا وضح أنه كان يتعين إعمال قرار مجلس الوزراء في أول يونيه سنة 1947 في حق المدعي والسيد/ محمد شوقي على حد سواء، كان مؤدى ذلك رد بدء أقدميتهما في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1932، ولزم - من أجل ما تقدم - النظر إلى تاريخ أقدمية كل منهما في الدرجة السابعة لتحديد أيهما أقدم من زميله.
ومن حيث إنه لا جدال في أن السيد/ أحمد علي جعفر كان أسبق من زميله السيد/ محمد شوقي في التعيين بالحكومة، وبالتالي في الحصول على الدرجة السابعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول يونيه سنة 1947؛ ذلك لأن السيد/ أحمد علي جعفر عين في مدرسة رأس التين الابتدائية الأميرية في الدرجة السابعة في 28 من سبتمبر سنة 1928، في حين لم يعين السيد/ محمد شوقي في الحكومة إلا كاتباً في الدرجة حرف (ج) بمصلحة المباني الأميرية بوزارة الأشغال في 10 من أكتوبر سنة 1922، ولو طبق القرار التنظيمي العام الصادر في عام 1947 في حقه لم ينل الدرجة السابعة إلا من التاريخ الأخير الذي عين فيه بمصلحة المباني.
ومن حيث إنه ينبني على ما تقدم أن المطعون عليه السيد/ أحمد علي جعفر يعتبر بلا جدال أقدم من زميله السيد/ محمد شوقي بحكم أسبقيته عليه في الحصول على الدرجة السابعة، ولا يسع هذه المحكمة بعد موازنة مركزي المدعي والسيد/ محمد شوقي إلا أن تعتبر المدعي (السيد/ أحمد علي جعفر) أسبق من زميله في أقدمية الدرجة المذكورة، بعد أن ثبت واقعياً أن تعيينه بالحكومة تم في 22 من سبتمبر سنة 1922، بينما وقع تعيين زميله المطعون في ترقيته في 10 من أكتوبر سنة 1928، وإلا أن تستخلص من هذا الاعتبار نتيجته الحتمية من جهة أفضليته على السيد/ محمد شوقي في الترقية إلى الدرجة الثالثة بموجب قرار 29 من إبريل سنة 1954، ما دام أساس الترقيات إلى تلك الدرجة كان هو الأقدمية المطلقة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى هذه النتيجة يكون قد أصاب محجة الصواب فيما قضى به؛ ويتعين من ثم الحكم برفض الطعن لقيامه على غير أساس.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.