أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 36 - صـ 1200

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم نائب رئيس المحكمة، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند وإبراهيم بركات.

(247)
الطعن رقم 2003 لسنة 51 القضائية

(1 و2) هبة. أحوال شخصية "الخطبة".
(1) الهدايا التي تقدم في فترة الخطبة. هبة. استردادها. شرطه. استناد الواهب الخاطب إلى عذر يقبله القاضي مع انتفاء موانع الرجوع. م 500 مدني.
(2) الرجوع في الهبة عند فسخ الخطبة. شرطه. قيامه على أسباب تبرره.
(3) إثبات "اليمين الحاسمة".
حلف اليمين الحاسمة. أثره. حسم النزاع فيما انصبت عليه. اعتبار مضمونها حجة ملزمة للقاضي. سقوط حق عن وجهها في أي دليل آخر.
1 - الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر إبان الخطبة ومنها الشبكة تعتبر من قبيل الهبات فيسري عليها من يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني، ومنها أن حق الخاطب الواهب في استرداد هذه الهدايا يخضع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في المادة 500 من القانون المدني التي تشترط لهذا الرجوع في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب إلى عذر يقبله القاضي وألا يوجد مانع من موانع الرجوع.
2 - مجرد فسخ الخطبة لا يعد بذاته عذراً يسوغ للخاطب الرجوع في الهبة إلا إذا كان هذا الفسخ قائماً على أسباب تبرره.
3 - مؤدى ما نصت المادة 117 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة يحسم النزاع فيما انصبت عليه ويقوم مضمونها حجة ملزم للقاضي، فإن تضمن الحلف إقرار بدعوى المدعي حكم له بموجبه، وإن تضمن إنكاراً حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها بعد أن سقط بحلف تلك اليمين حق من وجهها في أي دليل آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 9292 سنة 1979 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة ووالدها بطلب الحكم بالإذن له في الرجوع في الشبكة المبينة بالأوراق وإلزامهما متضامنين بردها إليه، وقال بياناً للدعوى إنه بمناسبة خطبته للطاعنة قدم لها شبكة عبارة عن خاتم من البلاتين ودبلتين إحداهما من الماس والأخرى من الذهب، ولما طلب تحديد موعد عقد القران فوجئ بهما يعلنان فسخ الخطبة بغير عذر مقبول ويمتنعان عن رد الشبكة إليه، فأقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 29/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوالد الطاعنة لرفعها على غير ذي صفة، والإذن للمطعون عليه في الرجوع في الشبكة التي قدمها للطاعنة وإلزامها بردها إليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2947 سنة 97 ق مدني، وبتاريخ 23/ 2/ 1981 وجهت المحكمة اليمين الحاسمة إلى الطاعنة، وبعد أن حلفتها حكمت بتاريخ 9/ 6/ 1981 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من الإذن للمطعون عليه في الرجوع في الخاتم البلاتين وبتأييده فيما عدا ذلك - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن مقتضى حلفها اليمين الحاسمة التي قضى الحكم الصادر بتاريخ 23/ 2/ 1981 بتوجيهها إليها - أن يقضي لصالحها برفض دعوى المطعون عليه لأن حلف اليمين يعتبر حجة على من وجهها ويسقط حقه في التمسك بأوجه الإثبات الأخرى وحجة على القاضي الذي حرمه المشرع من كل سلطة تقديرية في هذا الشأن، غير أن الحكم المطعون فيه أهدر حجية اليمين الحاسمة في الإثبات ورتب على حلفها أثر النكول عنها عندما لم يلتزم بأثر حلف الجزء الأول منها ومؤداه سقوط حق المطعون عليه في الرجوع في الشبكة ولو كانت قائمة، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر إبان الخطبة ومنها الشبكة وتعتبر من قبيل الهبات فيسري عليها من يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني، ومنها أن حق الخاطب الواهب في استرداد هذه الهدايا يخضع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في المادة 500 من القانون المدني التي تشترط لهذا الرجوع في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب إلى عذر يقبله القاضي وألا يوجد مانع من موانع الرجوع لما كان ذلك، وكان مجرد فسخ الخطبة لا يعد بذاته عذراً يسوغ للخاطب الرجوع في الهبة إلا إذا كان هذا الفسخ قائماً على أسباب تبرره، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه ركن في إثبات توافر العذر المبرر للرجوع في الهبة إلى اليمين الحاسمة التي حلفتها الطاعنة بأن سبب فسخ خطبتها للمطعون عليه يرجع إليه شخصياً وأنها لم تفسخ الخطبة من جانبها، وكان مؤدى ما نصت المادة 117 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة يحسم النزاع فيما انصبت عليه ويقوم مضمونها حجة ملزمة للقاضي، فإن تضمن الحلف إقراراً بدعوى المدعي حكم له بموجبه، وإن تضمن إنكاراً حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها بعد أن سقط بحلف تلك اليمين حق من وجهها في أي دليل آخر، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي أنه أقام قضاءه على أن فسخ الخطبة وعدم إتمام إجراءات الزواج يعد في ذاته عذراً مبرراً للرجوع في الهبة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد هذا الحكم فيما قضى به من الإذن للمطعون عليه في الرجوع في الشبكة - فيما عدا الخاتم البلاتين - للأسباب التي أقيم عليها رغم حلف الطاعنة اليمين الحاسمة بأن فسخ خطبتها للمطعون عليه يرجع إليه دونها ولم يلتزم بأثر هذا الحلف في حسم النزاع حول نفي العذر المسوغ للرجوع في الهبة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.