مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1960 إلى آخر ديسمبر سنة 1960) - صـ 246

(35)
جلسة 10 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 406 لسنة 5 القضائية

( أ ) حكم - تنفيذ الحكم - طعن أمام المحكمة الإدارية العليا - انتهاء الخصومة - طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم - تنفيذه من جانب الإدارة قبل نفاذ القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة - لا ينهي الخصومة في الطعن - أساس ذلك - مثال.
(ب) موظف - نقل - ترقية - القيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى أخرى - الحكمة التشريعية التي أقام عليها - توافرها في النقل بين وحدتين إداريتين مستقلتين بترقياتهما داخل مصلحة واحدة - سريان القيد المشار إليه في هذه الحالة.
1 - إنه عن انتهاء الخصومة فإنه فوق أن الحكومة لم تقرر عدم الاستمرار في الطعن، فإن الثابت من مطالعة صورة القرار رقم 1029 لسنة 1959 الصادر من السيد وزير المواصلات، أنه ولئن كان القرار قد أشار في ديباجته إلى الحكم المطعون فيه ونص في المادة الأولى منه على إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي؛ إلا أن هذا القرار صادر بتاريخ 9 من مارس سنة 1959 أي في وقت لم يكن قد عمل فيه بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس للدولة للجمهورية العربية المتحدة الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 من فبراير سنة 1959 - والذي نص فيه على أن يعمل به بعد ثلاثين يوماً من تاريخ نشره، وهو القانون الذي استحدث وقف التنفيذ كأثر من آثار رفع الطعن في الأحكام إلى المحكمة الإدارية العليا؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه كان وقت صدور القرار الوزاري رقم 1029 لسنة 1959، واجب التنفيذ على الرغم من الطعن فيه من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة، فلا يصح والحالة هذه أن يستفاد من إصدار القرار الوزاري رقم 1029 لسنة 1959 بتنفيذ الحكم المطعون فيه أن الجهة الإدارية المختصة قد قبلت هذا الحكم، فقد كانت مجبرة على تنفيذه طعن فيه أو لم يطعن، هذا بالإضافة إلى أنها لم تكن قد أعلنت بالطعن المرفوع من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قبل إصدار القرار المذكور، إذ هي أعلنت بعريضة الطعن في 21 من إبريل سنة 1959، فلا مندوحة مع كل أولئك من اعتبار الخصومة قائمة.
2 - سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القيد الذي أوردته المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 هو استثناء من الأصل العام الذي يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول طبقاً للقواعد العامة. ويجب تفسير هذا الاستثناء في حدود الحكمة التشريعية التي قام عليها، وهي منع التحايل لإيثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها في نسبة الأقدمية وحرمان من كان يصيبه الدور في الترقية لولا مزاحمة المنقول له في فرصة الترقية فيحجبه بحكم أقدميته. ويبين من ذلك أن سياسة التشريع في هذا الشأن في ضوء حكمته تقوم على افتراض موظفين في وحدتين مستقلتين بأقدمياتهما وترقياتهما مما يجعل النقل من إحداها إلى الأخرى مؤثراً في تكافؤ الفرص في الترقية وهو ما أراد القانون تنظيمه على الوجه المبين في تلك المادة. وما دام أن المناط هو النقل من وحدة إلى أخرى مستقلة عنها في ترقياتها، فإن المرد في هذا هو إلى أوضاع الميزانية التي بحسبها - قد تعتبر الفروع المختلفة للمصلحة الواحدة وحدات قائمة بذاتها في الترقية.


إجراءات الطعن

في 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 528 لسنة 4 القضائية المقامة من السيد/ وليم جرجس محارب ضد الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية، القاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي للترقية إلى الدرجة الخامسة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليها المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات". وقد أعلنت صحيفة هذا الطعن إلى المطعون عليه في 14 من إبريل سنة 1959 وإلى الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية في 21 من إبريل سنة 1959. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22 من مايو سنة 1960 وأبلغ الطرفان في 10 من مايو سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية الدعوى رقم 528 لسنة 4 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1957 ذكر فيها أنه يشغل الدرجة السادسة الفنية بالكادر الفني المتوسط تطبيقاً لأحكام قانون المعادلات اعتباراً من 5 من مايو سنة 1946 ونقل إلى فرع الحركة بمصلحة التليفونات اعتباراً من 8 من إبريل سنة 1953 وأنه نظراً لأن المصلحة المذكورة مقسمة في الميزانية إلى فروع وكل فرع قائم بذاته في الميزانية ومستقل استقلالاً تاماً عن الفرع الآخر؛ فإنه لذلك يعتبر أقدم ممن رقوا في فرع الحركة إلى الدرجة الخامسة بمقتضى القرار رقم 1395 لسنة 1957 بتاريخ 28 من مارس سنة 1957 الذي تخطاه في الترقية إلى الدرجة الخامسة ورقى فيه السيد/ أحمد متولي عامر الذي نعى عليه المدعي أنه لم يكن يعمل بفرع الحركة من قبل وإنما كان يعمل بفرع الهندسة إلى أن نقل إلى فرع الحركة بمقتضى القرار رقم 1553 لسنة 1956 بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1956. وذكر المدعي أن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 94 لسنة 1953 وفتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع تمنع ترقية الموظف المنقول إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله، وأنه لذلك تعتبر ترقية السيد/ أحمد متولي عامر ترقية مخالفة للقانون فوق أنها مشوبة بإساءة استعمال السلطة، وقد اعترض عليها ديوان المحاسبة وصدر بناء على هذا الاعتراض القرار الوزاري رقم 1550 بتاريخ 6 من مايو سنة 1957 بإيقاف القرار رقم 1395 سنة 1957 فيما تضمنه من ترقية السيد/ أحمد متولي عامر. وانتهى المدعي إلى طلب إلغاء القرار رقم 1395 لسنة 1957 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية للدرجة الخامسة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات وأتعاب المحاماة. وقد أجابت هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية على الدعوى بأن المدعي حاصل على دبلوم الفنون والصناعات عام 1942 والتحق بخدمة مصلحة التلغرافات والتليفونات في 5 من مايو سنة 1943 كعامل مؤقت ثم سويت حالته على الدرجة السابعة الشخصية قيداً على الدرجة الثامنة (72/ 120) المخصصة لوظيفة مساعد فني من أول مارس سنة 1948، وطبقاً للقواعد المعمول بها اعتبرت أقدميته في الدرجة السابعة من تاريخ التحاقه بالخدمة في 5 من مايو سنة 1943، وتطبيقاً لقانون المعادلات الدراسية اعتبر في الدرجة السابعة الشخصية (144/ 204) من 5 من مايو سنة 1943 وفي الدرجة السادسة الشخصية من 5 من مايو سنة 1946 ثم سويت حالته اعتباراً من 26 من يوليه سنة 1955 بنقله من فرع الهندسة بالكادر الفني المتوسط بحالته الراهنة وبدرجته الشخصية إلى فرع الحركة تليفون بنفس الكادر قيداً على الدرجة الثامنة (108/ 168) المخصصة لوظيفة ملاحظ تليفون، ثم صدر القرار الوزاري رقم 433 بتاريخ 27 من مايو سنة 1956 بتسوية حالته اعتباراً من 30 من إبريل سنة 1956 وذلك بنقله بحالته الراهنة على الدرجة السادسة الأصلية 180/ 300 المخصصة لوظيفة رئيس مكتب تليفون. وذكرت الهيئة أنها لم تتخط المدعي في حركة الترقيات التي تمت بالقرار المطعون فيه في حصة الأقدمية؛ لأن آخر من رقي للدرجة الخامسة الفنية المخصصة لوظيفة مساعد رئيس حركة تليفون بالأقدمية بالقرار المذكور هو السيد/ أحمد متولي عامر وكان يشغل الدرجة السادسة منذ 24 من أكتوبر سنة 1945 على حين شغلها المدعي منذ 5 من مايو سنة 1946، وهذا علاوة على أن ترتيب المدعي في أقدمية الدرجة السادسة المخصصة لوظيفة رئيس مكتب تليفون قبل إجراء حركة الترقيات التي تمت بالقرار المطعون فيه بالنسبة لزملائه كان الرابع وقد رقي بالأقدمية بالقرار سالف الذكر من موظفي حركة التليفون اثنان فقط. أما استناد المدعي إلى اعتراض ديوان المحاسبة بكتابه رقم 1262 - 2/ 9 (1803) بتاريخ 9 من مايو سنة 1957 على ترقية السيد/ أحمد متولي عامر بدعوى أنه لم ينقل إلى فرع حركة التليفون إلا في 7 من أكتوبر سنة 1956 بالقرار رقم 1553 فتكون ترقيته إلى الدرجة الخامسة بفرع الحركة قد تمت قبل مضي سنة على نقله بالمخالفة لأحكام المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فمردود بأن ديوان الموظفين بكتابه رقم 185 - 1/ 3 م 6 بتاريخ 26 من يونيه سنة 1957 رأى أن قرار ترقية المذكور قد صدر سليماً من الناحية القانونية؛ لأن قيد السنة مقصور على حالة النقل من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى. ودفعت الهيئة بعدم قبول الدعوى لأن القرار المطعون فيه قد وزع ونشر على جميع فروع الهيئة في 10 من إبريل سنة 1957 وبذلك تكون قد مضت عليه مدة أكثر من 60 يوماً قبل رفع الدعوى. وعقب المدعي على رد الهيئة فذكر أن المصلحة مقسمة إلى فروع مستقلة في الميزانية والأقدمية وأن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنطبق أيضاً في حالة النقل من وحدة إدارية مستقلة في الميزانية إلى وحدة إدارية أخرى ولو كان هذا النقل داخل ذات المصلحة، وأن شروط المادة 47 سالفة الذكر غير متوافرة في حالة السيد/ أحمد متولي عامر، وهي كذلك غير متوافرة في حالة السيد/ فؤاد عز الدين جاد الثالث في الأقدمية والسابق على المدعي؛ لأن كليهما لم يمض على وجوده بفرع الحركة مدة سنة ولأن نقلهما كان بقصد اصطياد الدرجات لا بقصد المصلحة العامة.
وبجلسة 31 من ديسمبر سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي للترقية إلى الدرجة الخامسة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليها المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع، على أن المدعي تظلم إدارياً من القرار المطعون فيه بتاريخ 3 من يوليه سنة 1957 ثم رفع دعواه بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1957 وأنه لم يثبت من الأوراق أن المدعي قد علم بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً في تاريخ سابق على تاريخ تقديم التظلم. وفيما يتعلق بالموضوع أقامت قضاءها على أنه لا يصح في الإفهام أن المشرع قد قصد من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن يقصر حكمها على حالة النقل من وزارة إلى وزارة أو من مصلحة إلى أخرى دون حالة النقل من الوحدة المستقلة من حيث الدرجات والأقدميات في مصلحة إلى وحدة أخرى مستقلة في ذات المصلحة، وأنه ثابت من مطالعة ميزانيات مصلحة التليفونات وخصوصاً ميزانية 56/ 1957 إن كلاً من فرعي الهندسة والحركة مستقل بدرجاته ووظائفه بحيث يتعين اعتبار كل فرع منهما وحدة قائمة بذاتها في الميزانية من حيث الدرجات والأقدميات، وأنه لما كان السيد/ أحمد متولي عامر يعمل في الأصل بفرع الهندسة ولم يكن يعمل إطلاقاً في فرع الحركة وقد نقل من فرع الهندسة إلى فرع الحركة في 27 من أكتوبر سنة 1956 فإنه يكون قد رقي بالقرار المطعون فيه قبل مضي سنة على نقله بالمخالفة لأحكام المادة 47 المشار إليها. ولا اعتداد بكون ترتيب المدعي في الأقدمية هو الرابع لأن السيد/ فؤاد عز الدين جاد (الثالث في ترتيب الأقدمية) قد نقل إلى فرع الحركة من 27 من أكتوبر سنة 1956 هو الآخر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه ولئن كان لا نزاع في أن فرعي الحركة والهندسة في مصلحة التليفونات مستقل كل منهما عن الآخر وأن السيد/ أحمد متولي عامر كان من موظفي فرع الهندسة ولم يعمل قط في الحركة كما جاء في ملف خدمته، إلا أن الفقرة الثانية من المادة 47 عاجزة عن أداء المعنى الذي استنبطته المحكمة، فهي لم تشر إلا إلى النقل من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى ولم تتضمن الإشارة إلى نقل داخل المصلحة الواحدة.
ومن حيث إن المدعي قدم بتاريخ 22 من مايو سنة 1959 مذكرة تعقيباً على الطعن أرفق معها صورة من القرار الوزاري رقم 1029 بتاريخ 9 من مارس سنة 1959، وذكر أن السيد/ وزير المواصلات بمقتضى القرار المذكور قام بتنفيذ الحكم المطعون فيه بإرجاع تاريخ أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 21 من مارس سنة 1957 وذكر أن حالته سويت بالفعل وفقاً للقرار المشار إليه وصرفت له الفروق المستحقة. وانتهى المدعي إلى أن ذلك يعتبر قبولاً من الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية للحكم المطعون فيه يترتب عليه عدم جواز الطعن طبقاً للمادة 377 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه عن انتهاء الخصومة فإنه فوق أن الحكومة لم تقرر عدم الاستمرار في الطعن فإن الثابت من مطالعة صورة القرار رقم 1092 لسنة 1959 الصادر من السيد وزير المواصلات أنه ولئن كان القرار قد أشار في ديباجته إلى الحكم المطعون فيه ونص في المادة الأولى منه على إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي، إلا أن هذا القرار صادر بتاريخ 9 من مارس سنة 1959 أي في وقت لم يكن قد عمل فيه بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 من فبراير سنة 1959 - والذي نص فيه على أن يعمل به بعد ثلاثين يوماً من تاريخ نشره، وهو القانون الذي استحدث وقف التنفيذ كأثر من آثار رفع الطعن في الأحكام إلى المحكمة الإدارية العليا، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه كان وقت صدور القرار الوزاري رقم 1029 لسنة 1959 واجب التنفيذ على الرغم من الطعن فيه من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة، فلا يصح - والحالة هذه - أن يستفاد من إصدار القرار الوزاري رقم 1029 سنة 1959 بتنفيذ الحكم المطعون فيه أن الجهة الإدارية المختصة قد قبلت هذا الحكم، فقد كانت مجبرة على تنفيذه، طعن فيه أو لم يطعن، هذا بالإضافة إلى أنها لم تكن قد أعلنت بالطعن المرفوع من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قبل إصدار القرار المذكور إذ هي أعلنت بعريضة الطعن في 21 من إبريل سنة 1959، فلا مندوحة مع كل أولئك من اعتبار الخصومة قائمة.
ومن حيث إنه عن الموضوع فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القيد الذي أوردته المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 هو استثناء من الأصل العام الذي يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول طبقاً للقواعد العامة. ويجب تفسير هذا الاستثناء في حدود الحكمة التشريعية التي قام عليها وهي منع التحايل لإيثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها في نسبة الأقدمية وحرمان من كان يصيبه الدور في الترقية لولا مزاحمة المنقول له في فرصة الترقية فيحجبه بحكم أقدميته. ويبين من ذلك أن سياسة التشريع في هذا الشأن في ضوء حكمته تقوم على افتراض موظفين في وحدتين مستقلتين بأقدمياتهما وترقياتهما مما يجعل النقل من إحداهما إلى الأخرى مؤثراً في تكافؤ الفرص في الترقية وهو ما أراد القانون تنظيمه على الوجه المبين في تلك المادة. وما دام أن المناط هو النقل من وحدة إلى أخرى مستقلة عنها في ترقياتها؛ فإن المرد في هذا هو إلى أوضاع الميزانية التي بحسبها قد تعتبر الفروع المختلفة للمصلحة الواحدة وحدات قائمة بذاتها في الترقية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ قام على المبدأ السليم المتقدم وللأسباب الأخرى التي ساقها والتي تأخذ بها هذه المحكمة، يكون قد أصاب الحق في قضائه، ويكون الطعن على غير أساس سليم حقيقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.