مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1960 إلى آخر ديسمبر سنة 1960) - صـ 253

(36)
جلسة 10 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 490 لسنة 5 القضائية

مدة خدمة سابقة - ضمها - شرط اتفاق العمل السابق مع العمل الجديد - نص قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 على وجوب توافره في مدد الخدمة السابقة بجهات غير حكومية - سريانه كذلك على مدد الخدمة السابقة بالجهات الحكومية - أساس ذلك.
أصدر مجلس الوزراء في 17 من ديسمبر سنة 1952 قراراً بشأن مدد الخدمة السابقة، وقد أورد هذا القرار قيداً بالنسبة لمدد الخدمة السابقة في جهات غير حكومية فاشترط لضمها أن يكون العمل بها متفقاً مع العمل الجديد بالحكومة، وقد يفهم من ذلك أنه إذا كانت المدة السابقة قد قضيت في جهة حكومية فإن هذا القيد يكون غير منطبق، بيد أنه لما كانت الحكمة التي قام عليها جواز ضم مدد الخدمة السابقة هي أن يكون صاحب الشأن قد اكتسب في أثناء خدمته السابقة خبرة ومراناً يبرران ضمها كلها أو بعضها إلى مدة خدمته اللاحقة؛ فإنه ترتيباً على هذا الأصل العام فإن القيد المذكور وهو اشتراط أن يكون العمل السابق في جهة غير حكومية متفقاً مع العمل الجديد بالحكومة هذا القيد يسري أيضاً إذا كانت المدة السابقة قد قضيت بجهة حكومية فإنه يشترط أن يكون العمل بها متفقاً مع العمل الجديد وذلك لاتحاد العلة.


إجراءات الطعن

في 12 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 490 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 12 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 1271 لسنة 10 القضائية المقامة من السيد/ فيليب بشرى حناوى ضد وزارتي الحربية والبحرية والتربية والتعليم والقاضي "باستحقاق المدعي لضم مدة خدمته التي قضاها بالكادر المتوسط من تاريخ حصوله على بكالوريوس التجارة في 10 من سبتمبر سنة 1952 إلى أقدميته في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 وما يترتب على ذك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات. وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده (المدعي) في 6 من إبريل سنة 1959 وإلى وزارة الحربية في 16 منه وإلى وزارة التربية والتعليم في 20 منه وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات وقررت إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 1271 لسنة 10 القضائية ضد وزارتي الحربية والبحرية والتربية والتعليم طلب فيها الحكم بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة من الكادر الفني العالي إلى تاريخ حصوله على بكالوريوس كلية التجارة في 10 سبتمبر سنة 1952 دون زيادة في المرتب، واحتياطياً تسوية حالته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه عين بمصلحة الطيران المدني في 9 من نوفمبر سنة 1949 بمؤهل متوسط ثم حصل على بكالوريوس التجارة في سبتمبر سنة 1952 واستمر في خدمة المصلحة المذكورة حتى 30 من أكتوبر سنة 1955 ثم نقل إلى وزارة التربية والتعليم في أول نوفمبر سنة 1955 في الدرجة السادسة الفنية بالكادر العالي وأضاف أنه يستند في طلبه إلى قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس سنة 1950، 15 من أكتوبر سنة 1950 اللذين يقضيان بحساب مدد الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء كانت تلك المدد قضيت على اعتماد أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي وبأن ينطبق هذا الحكم على حملة المؤهلات الدراسية الذين وضعوا في الدرجات المقررة لمؤهلاتهم قبل 9 من ديسمبر سنة 1944 وكذلك الذين وضعوا أو يوضعون على تلك الدرجات بعد هذا التاريخ. وقد ردت إدارة الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم على الدعوى بأنها تلقت من المراقبة العامة للمستخدمين ما يفيد أن المدعي حصل على بكالوريوس التجارة في الدور الثاني سنة 1952، ومن ثم فلا حق له في طلبه لحصوله على مؤهله الدراسي بعد أول يوليه سنة 1952، وأضافت إدارة الشئون القانونية بأن المدعي عين بالكادر العالي بعد نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 وأن وضعه في الدرجة السادسة يعتبر تعييناً جديداً يخضع في شأن ضم مدة الخدمة السابقة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952، إلا أنه نظراً لما ثار من خلاف حول سلطة مجلس الوزراء في إصدار هذا القرار رأى المشرع تعديل القانون رقم 210 لسنة 1951 بما يسمح لرئيس الجمهورية بوضع القواعد التي يرى وضعها في هذا الشأن، وأنه وإن كان يمكن القول بأن القانون رقم 383 لسنة 1956 قد صحح الوضع بالنسبة لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر، إلا أن هذا القانون لم ينص فيه على أثر رجعي وأن إدارة الشئون القانونية ترى انتظار قرار السيد رئيس الجمهورية في شأن القواعد الواجبة التطبيق خصوصاً وأن القانون المذكور قد نظم حالة من رفعت درجاتهم من درجة أقل من السادسة العالية إلى هذه الدرجة في قانون الميزانية واحتسبت لهم أقدميتهم في الدرجة الصغرى، إلا أنه يتضح من المذكرة التفسيرية لهذا القانون أنه قصر ذلك على من نقلت وظائفهم إلى الكادر الفني العالي مع رفعها إلى الدرجة السادسة، ومن ثم يمكن القول بأنه بمفهوم المخالفة لا تحتسب الأقدمية في الدرجة السادسة لمن عدا هؤلاء إلا من تاريخ نقلهم للكادر العالي فقط، وانتهت إدارة الشئون القانونية إلى أن دعوى المدعي لا سند لها من القانون وطلبت رفضها. وبجلسة 12 من يناير سنة 1958 قضت محكمة القضاء الإداري باستحقاق المدعي لضم مدة الخدمة التي قضاها بالكادر المتوسط من تاريخ حصوله على بكالوريوس التجارة في 10 من سبتمبر سنة 1952 إلى أقدميته في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي عين في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي في ظل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951، ومن ثم فإن أحكام هذا القانون هي وحدها التي تطبق وأنه بناء على هذا القانون صدر قرار مجلس الوزراء المؤرخ 17 من ديسمبر سنة 1952 وطبقاً للقواعد التي تضمنها هذا القرار يحق للمدعي ضم مدة الخدمة التي قضاها بالكادر المتوسط من تاريخ حصوله على مؤهله العالي في 10 من سبتمبر سنة 1952 - وقد طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم طالباً القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مستنداً في طعنه إلى أن مدة الخدمة التي قضاها المدعي قبل نقله إلى الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي بوزارة التربية والتعليم هذه المدة كانت في عمل كتابي بمصلحة الطيران وهذا العمل يختلف بطبيعته عن العمل الفني الذي أسند إليه بوزارة التربية والتعليم، ومن ثم فلا تتوافر في حالة المدعي الشروط المقررة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952.
ومن حيث إن الثابت من ملف خدمة المدعي أنه التحق بخدمة مصلحة الطيران في 9 من نوفمبر سنة 1949 في وظيفة مستخدم في الدرجة الثامنة بماهية قدرها سبعة جنيهات ونصف الجنيه شهرياً وكان عند تعيينه حاصلاً على شهادة التوجيهية سنة 1946 وحصل على بكالوريوس التجارة في أثناء وجوده بالخدمة في الدور الثاني من سنة 1952 أي في شهر سبتمبر من تلك السنة واستمر في الدرجة الثامنة إلى أن رقي إلى الدرجة السابعة اعتباراً من 28 من إبريل سنة 1955 ثم نقل إلى وزارة التربية والتعليم في أول نوفمبر سنة 1955 وظيفة مدرس في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي ومن ثم فيكون المدعي قد عين بالكادر الفني العالي في ظل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة وتكون أحكام هذا القانون هي التي تطبق على حالته.
ومن حيث إنه بناء على المادتين 23، 24 من القانون المذكور أصدر مجلس الوزراء في 17 من ديسمبر سنة 1952 قراراً بشأن مدد الخدمة السابقة وقد أورد هذا القرار قيداً بالنسبة لمدد الخدمة السابقة في جهات غير حكومية فاشترط لضمها أن يكون العمل بها متفقاً مع العمل الجديد بالحكومة - وقد يفهم من ذلك أنه إذا كانت المدة السابقة قد قضيت في جهة حكومية فإن هذا القيد يكون غير منطبق، بيد أنه لما كانت الحكمة التي قام عليها جواز ضم مدد الخدمة السابقة هي أن يكون صاحب الشأن قد اكتسب في أثناء خدمته السابقة خبرة ومراناً يبرران ضمها كلها أو بعضها إلى مدة خدمته اللاحقة، فإنه ترتيباً على هذا الأصل العام فإن القيد المذكور - وهو اشتراط أن يكون العمل السابق في جهة غير حكومية متفقاً مع العمل الجديد بالحكومة - هذا القيد يسري أيضاً إذا كانت المدة السابقة قد قضيت بجهة حكومية فإنه يشترط أن يكون العمل بها متفقاً مع العمل الجديد وذلك لاتحاد العلة.
ومن حيث إن مدة الخدمة التي يطالب المدعي بضمها قد قضاها بمصلحة الطيران المدني في عمل كتابي بعضها في الدرجة الثامنة الكتابية والبعض الآخر في الدرجة السابعة الكتابية أيضاً، وعمل المدعي في هذه المدة يختلف اختلافاً تاماً عن عمله في وظيفته الجديدة كمدرس في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي، لذلك فإن المدعي لا يفيد من قرار مجلس الوزراء المشار إليه، كما لا يفيد من القرار الجمهوري الصادر في 20 من فبراير سنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة؛ لأن هذا القرار اشترط أن يكون العمل السابق قد أكسب الموظف خبرة يفيد منها في عمله الجديد ويرجع في تقدير ذلك إلى لجنة شئون الموظفين، وأن تكون المدة المطلوب ضمها قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها - وظاهر أن هذين الشرطين غير متوافرين في حالة المدعي.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، إذ ذهب غير هذا المذهب، قد جانب الصواب، ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.