أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 223

جلسة 13 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، وعثمان حسين عبد الله، ومصطفى الفقي.

(39)
الطعن رقم 493 لسنة 37 القضائية

(1) اختصاص. "اختصاص ولائي". نزع الملكية للمنفعة العامة.
اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الطعون في قرارات لجان معارضات نزع الملكية. حكمها انتهائي. هي ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء.
(2) استئناف "الأحكام الغير جائز استئنافها". قانون. حكم. "الطعن في الحكم". بطلان. نزع الملكية للمنفعة العامة.
م 396 مرافعات سابق لا تفتح طريق استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بالتطبيق للمادة 14 ق 577 لسنة 1954 سواء كانت باطلة أو قائمة على إجراءات باطلة. علة ذلك.
1 - مفاد نص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع رسم إجراءات خاصة للطعن في قرارات لجنة المعارضات التي تصدرها في شأن تعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة من حيث الاختصاص، إذ جعل المحكمة الابتدائية تختص بنظر الطعون التي تقدم إليها سواء من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو من أصحاب الشأن في قرارات تلك اللجان، وحدد المشرع ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص فجعلها مقصورة على النظر في هذه الطعون تأسيساً على أنها ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء، وإنما هي هيئة تنظر في طعن في قرار أصدرته إحدى اللجان المشار إليها، ورتب المشرع على ذلك اعتبار الحكم الذي تصدره المحكمة في شأن تقدير التعويض حكماً انتهائياً.
2 - لا محل للاستناد إلى نص المادة 396 من قانون المرافعات السابق لفتح طريق الطعن بالاستئناف في الأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية بالتطبيق للمادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، بدعوى أنها أحكام باطلة أو قائمة على إجراءات باطلة، ذلك أن هذا القانون الأخير يعد تشريعاً خاصاً انفردت نصوصه بقواعد متماسكة في ذاتها، وهي بذلك منبتة الصلة عن حكم المادة 396 المشار إليها، ولا سبيل إلى المساس بتلك الأحكام إلا بتشريع خاص ينص على ذلك، ولا يغير من هذا النظر ما لحق المادة 396 المذكورة من تعديل بالقانون رقم 137 لسنة 1956، إذ أن كل ما قصد بهذا التعديل هو النص على جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية الانتهائية فيما يتعلق بالاستئناف، كما لا يغير منه التعديل الذي لحق بتلك المادة بالقانون رقم 100 لسنة 1962، إذ المقصود بهذا التعديل الأخير - على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - هو دفع اللبس الذي ثار حول معنى عبارة بصفة نهائية التي وردت بنص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 137 لسنة 1956 السابق الإشارة إليه، فرأى المشرع أن يستبدل بها عبارة في حدود نصابها الانتهائي حتى يوضح أن المقصود بالنص هو استئناف الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الري نزعت ملكية بعض أطيان مملوكة للطاعنة كائنة بزمام القناطر الخيرية، وقدمت المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية التعويض المستحق عن هذه الأطيان بمبلغ 3201 و665 م، اعترضت الطاعنة على هذا التقدير لدى لجنة الفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات المنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة، وفي 22/ 5/ 1962 قررت هذه اللجنة رفض المعارضة وتأييد التقدير المعارض فيه، فأقامت الطاعنة الدعوى رقم 157 سنة 1962 أمام محكمة بنها الابتدائية ضد المطعون عليهم طعناً في قرار اللجنة، وطلبت الحكم أصلياً بإلغاء تقدير الحكومة للتعويض واعتباره كأن لم يكن واحتياطياً بندب خبير لتقدير التعويض المناسب، وفي 11/ 11/ 1962 قضت المحكمة بندب خبير لتقدير ثمن الأطيان المشار إليها وقت نزع ملكيتها، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 28/ 3/ 1966 بتعديل القرار المطعون فيه واعتبار ثمن الأطيان المنزوعة ملكيتها 4800 ج و750 م، استأنفت الطاعنة هذين الحكمين بالاستئناف رقم 245 سنة 16 ق طنطا، وفي 21/ 6/ 1967 قضت محكمة الاستئناف بعدم جواز استئناف الحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 28/ 3/ 1966 وبسقوط الحق في استئناف الحكم الصادر بندب خبير بتاريخ 17/ 11/ 1962. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم الابتدائي الصادر في 28/ 3/ 1966 إذ أسند خطأ إلى الحكم الصادر في 17/ 11/ 1962 أنه قد حسم النزاع بشأن تاريخ نزع الملكية بأن أرجعه إلى سنة 1950 في حين أن أسبابه لا تؤدي إلى ذلك لاشتمالها على ما يفيد سقوط القرارات الوزارية السابقة على القرار رقم 9822 سنة 1960 الذي قضى باعتبار المشروع من أعمال المنفعة العامة مما مؤداه أن الأطيان مثار النزاع لم تكن ملكيتها قد نزعت قبل صدور هذا القرار، الأمر الذي ينفي عن الحكم فصله في النزاع الناشب حول تحديد تاريخ نزع الملكية بقول فصل، إلا أن الحكم المطعون فيه قد ساير الحكم الصادر في 28/ 3/ 1966 في خطئه في الإسناد، ورتب على ذلك قضاءه بسقوط حق الطاعنة في استئناف الحكم الصادر في 17/ 11/ 1962 لعدم استئنافه على استقلال في الميعاد، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب لعدم رده على ما تمسكت به الطاعنة من أن الحكم الصادر في 7/ 11/ 1962 لم يحسم النزاع حول تحديد تاريخ نزع الملكية على خلاف ما ذهب إليه الحكم الصادر في 28/ 3/ 1966، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان يبين من مطالعة الحكم الصادر في 17/ 11/ 1962 أنه بعد أن أشار إلى ما طلبته الطاعنة من الحكم أصلياً بإلغاء تقدير الحكومة للتعويض عن الأرض المنزوعة ملكيتها واعتباره كأن لم يكن وإلى ما استندت إليه الطاعنة في ذلك من أن الحكومة صرفت النظر عما بدأته من إجراءات، إذ أنها عادت بعد التقدير والإيداع المطعون عليهما وأصدرت القرار الوزاري رقم 9822 سنة 1960 باعتبار المشروع رقم 9338 ري من أعمال المنفعة العامة، رد الحكم على هذا الطلب بقوله "إنه لا يستفاد من إصدار القرار رقم 9822 سنة 1960 كما ذهبت الطاعنة - أن الحكومة قد صرفت النظر عما بدأته من إجراءات، إذ أن هذا القرار قد اعتبر المشروع رقم 9338 ري من أعمال المنفعة العامة تمهيداً لنقل ملكية الأرض اللازمة له أو نزع ملكيتها طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954" وكان يبين من الحكم الصادر في 28/ 3/ 1966 أنه قد أورد في أسبابه في هذا المقام قوله "إن ما يتداعى فيه الطرفان في تحديد الوقت الذي يجب فيه تقدير التعويض عن الأطيان المنزوعة ملكيتها، وهل يكون هذا التقدير في سنة 1950 وهو تاريخ صدور المرسوم بنزع الملكية على ما تذهب إليه الحكومة أم في سنة 1960 على ما تذهب إليه الطاعنة، فإن الحكم الصادر من المحكمة بجلسة 17/ 11/ 1962 قد حسم هذا النزاع في أسبابه، إذ قرر أنه لا يستفاد من إصدار القرار رقم 9822 سنة 1960 كما قررت الطاعنة أن الحكومة صرفت النظر عما بدأته من إجراءات، ومفاد هذا أن المرسوم ما زال قائماً منتجاً لآثاره كمبدأ لإجراءات نزع الملكية، والعبرة في تقدير التعويض هو بتاريخ نزع الملكية، ومما لا جدال فيه أن أسباب الحكم التي ترتبط بمنطوقه ارتباطاً وثيقاً بحيث لا يقوم المنطوق بدونها وبحيث لو عزلت هذه الأسباب عن منطوقه ما قامت له قائمة، وإذ انتهى الحكم إلى ندب الخبير لتقدير التعويض في تاريخ نزع الملكية فإن هذا أمر مرتبط بالمعنى الذي حدده في أسبابه من أن نزع الملكية كان بناء على المرسوم الذي لم تعدل الحكومة عنه، فهذه الأسباب تحوز حجيتها قبل طرفي الخصومة بما لا يجوز معاودة الجدل فيها، ومتى حاز الحكم في شق من الدعوى قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم من العودة إلى المناقشة في المنازعة التي فصل فيها" ويبين من هذا الذي قرره الحكم أنه قد خلص بأسباب لا يشوبها خطأ في الإسناد إلى أن الحكم الصادر في 7/ 11/ 1962 قد قطع في أسبابه التي تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بأن تاريخ نزع الملكية إنما يرجع إلى سنة 1950، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقر هذا النظر للأسباب التي أوردها والتي تكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص، ورتب على ذلك قضاءه بسقوط حق الطاعنة في استئناف الحكم الصادر في 17/ 11/ 1962 لعدم استئنافه خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه قضى بعدم جواز استئناف الحكم الصادر في 28/ 3/ 1966 استناداً إلى أنه حكم انتهائي بنص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954، هذا في حين أن الانتهائية لا تلحق إلا الأحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية في حدود النطاق الذي رسمه لها القانون المذكور، فإذا تجاوزت هذا النطاق وفصلت في طلبات مبتدأة لم تطرح على اللجنة ولم تصدر من ثم قراراً فيها أو في مسألة أولية خارجة عن نطاق أحكام القانون المشار إليه، فإن قضاءها في ذلك لا يلحقه وصف الانتهائية ويكون قابلاً للاستئناف وفقاً للقواعد العامة، وإذ كان النزاع بين الطاعنة وبين الحكومة قد قام في أساسه على بطلان إجراءات نزع الملكية وزوال المرسوم الصادر في سنة 1950 وسقوط ما تلاه من قرارات وزارية بتقرير المنفعة العامة لأطيان الطاعنة، وطلبت لذلك إلغاء تقدير الحكومة للتعويض واعتباره كأن لم يكن، فإن المحكمة الابتدائية إذ فصلت في هذه الطلبات فإنها تكون قد جاوزت سلطتها ويكون قضاؤها في ذلك قابلاً للاستئناف وفقاً للقواعد العامة ولما كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة قد نصت على أن لكل من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية ولأصحاب الشأن الحق في الطعن في قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور، وتنظر المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال ويكون حكمها انتهائياً، وكان يبين من هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع رسم إجراءات خاصة للطعن في قرارات لجنة المعارضات التي تصدرها في شأن تعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة من حيث الاختصاص إذ جعل المحكمة الابتدائية تختص بنظر الطعون التي تقدم إليها سواء من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو من أصحاب الشأن في قرارات تلك اللجان، وحدد المشرع ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص فجعلها مقصورة على النظر في هذه الطعون تأسيساً على أنها ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء، وإنما هي هيئة تنظر في طعن في قرار أصدرته إحدى اللجان المشار إليها، ورتب المشرع على ذلك اعتبار الحكم الذي تصدره المحكمة في شأن تقدير التعويض حكماً انتهائياً. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة الابتدائية قد اقتصرت في الحكم الذي أصدرته في 28/ 3/ 1966 على الفصل في النزاع على تقدير التعويض عن نزع الملكية، وقد أورد الحكم في ذلك قوله "إن الثابت من الاطلاع على الحكم المستأنف أنه قضى في موضوع الطعن بتعديل تقدير الحكومة لقيمة التعويض عن الأطيان المنزوعة ملكيتها للمنافع العامة إلى مبلغ 4800 ج و750 م ولم يتناول في أسبابه سوى الفصل في مقدار ما تستحقه المستأنفة من تعويض"، وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح في أسبابه أن المحكمة الابتدائية لم تفصل في حكمها الصادر في 28/ 3/ 1966 فيما جاوز ذلك من طلبات بسبب استنفادها ولايتها عليها بقضائها فيها بحكمها الصادر في 18/ 11/ 1962 بما لا يجيز العودة إلى الحكم فيها وأورد في ذلك قوله "أما ما ذهبت إليه المستأنفة "الطاعنة" من أن هذا الحكم تناول فيما قضى به أموراً تخرج عن ولاية المحكمة باعتبارها جهة مختصة بنظر الطعون التي تقدم إليها من المصلحة أو أصحاب الشأن في قرارات لجان المعارضات، إذ فصل في النزاع الذي كان قائماً بينها وبين الحكومة حول تحديد تاريخ نزع الملكية أهو سنة 1960 أم 19/ 10/ 1950 كما فصل في النزاع الذي أثارته حول عدم قيام الحكومة بالإجراءات التي أوجب القانون 5 لسنة 1907 إتباعها ولا الإجراءات التي نص عليها القانون رقم 577 لسنة 1954 - فمردود بأن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المستأنفة بعد أن أصدرت المحكمة حكمها المؤرخ 17/ 11/ 1962 أثارت الجدل حول هذا الموضوع فانتهت المحكمة في أسبابها إلى أن هذا الوجه من النزاع قد حسمه الحكم الصادر بتاريخ 17/ 11/ 1962 قبل الفصل في الموضوع، وأنها بذلك قد استنفدت ولايتها ولا يجوز معاودة الجدل فيه مرة أخرى، ثم قصرت بحثها بعد ذلك على الخلاف الذي كان قائماً حول تقدير التعويض" لما كان ذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في 28/ 3/ 1966 يكون انتهائياً طبقاً لنص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها استندت في استئنافها للشق من الحكم المتعلق بتقدير التعويض - وهو وحده الذي يضفي عليه القانون صفته الانتهائية - إلى حكم المادة 396 من قانون المرافعات السابق الذي أقيم الاستئناف في ظله، والتي تجيز استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية والابتدائية في حدود نصابها الانتهائي إذا كان هناك بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، ولكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر استناداً إلى القول بأن تطبيق هذا النص قاصر على الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية أو المحاكم الابتدائية في حدود نصابها الانتهائي دون الأحكام التي ينص المشرع على انتهائيتها بموجب قوانين خاصة كما هو الحال في المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954، هذا في حين أن نص المادة 396 آنفة الذكر قد ورد عاماً فلا يجوز تخصيصه بوجوب أن يكون مصدر الانتهائية هو قواعد قانون المرافعات دون سواء من القوانين، وأن المشرع وإن نص في المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954على انتهائية الحكم الصادر بالتطبيق لأحكامه، إلا أنه لم ينص على عدم جواز الطعن فيه كما فعل في بعض القوانين الأخرى، وإن اتجاه الحكم المطعون فيه إلى اعتبار المحكمة الابتدائية جهة طعن في قرار لجنة الفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات لا ينهض مبرراً لعدم جواز استئناف الحكم الصادر منها، إذ أنها لا تنظر الطعن بوصفها محكمة استئناف، وفي ذلك كله ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لا محل للاستناد إلى نص المادة 396 من قانون المرافعات السابق لفتح طريق الطعن بالاستئناف في الأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية بالتطبيق للمادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة بدعوى أنها أحكام باطلة أو قائمة على إجراءات باطلة، ذلك أن هذا القانون الأخير يعد تشريعاً خاصاً انفردت نصوصه بقواعد متماسكة في ذاتها، وهي بذلك منبتة الصلة عن حكم المادة 396 المشار إليها، ولا سبيل إلى المساس بتلك الأحكام إلا بتشريع خاص ينص على ذلك، ولا يغير من هذا النظر ما لحق المادة 396 المذكورة من تعديل بالقانون رقم 137 لسنة 1956، إذ أن كل ما قصد بهذا التعديل هو النص على جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية الانتهائية فيما يتعلق بالاستئناف، كما لا يغير منه التعديل الذي لحق بتلك المادة بالقانون رقم 100 لسنة 1962، إذ المقصود بهذا التعديل الأخير - على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - هو دفع اللبس الذي ثار حول معنى عبارة - بصفة نهائية - التي وردت بنص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 137 لسنة 1956 السابق الإشارة إليه فرأى المشرع أن يستبدل بها عبارة - في حدود نصابها الانتهائي - حتى يوضح أن المقصود بالنص هو استئناف الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.