أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 235

جلسة 14 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

(41)
الطعن رقم 242 لسنة 35 القضائية

(1، 2) ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد". موطن. محكمة الموضوع.
(1) إيرادات الأجنبي. خضوعها للضريبة العامة على الإيراد متى كان متوطناً في مصر باتخاذها محلاً لإقامته الرئيسية. أو كان بها مصالحه الرئيسية.
(2) تحديد موطن الأجنبي في حكم المادة 2 ق 99 لسنة 1949. استقلال قاضي الموضوع به.
(3) ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد".
الضريبة العامة على الإيراد. وعاؤها. تحديد وعاء الإيرادات التجارية بعد تطبيق المادة 36 ق 14 لسنة 1939. لا يمنع من إضافة إيرادات رءوس الأموال المنقولة إلى وعاء الضريبة العامة.
1 - مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى ونص المادة الثانية من القانون رقم 99 لسنة 1949 أن المشرع أخضع إيرادات الأجنبي للضريبة العامة على الإيراد إذا كان له موطن في مصر، وقد اعتبر الأجنبي متوطناً في مصر إذا اتخذ منها محلاً لإقامته الرئيسية أو كانت بها مصالحه الرئيسية، وقد ساير المشرع في خصوص المعيار الأول معنى الموطن في القانون المدني المصري، إذ عرفته المادة 40 من هذا القانون بأنه المكان الذي يقيم الشخص فيه عادة، وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تصوير واقعي لفكرة الموطن يرتكز على الإقامة الفعلية المقترنة بعنصر الاستقرار أي بنية استمرار الإقامة على وجه يتحقق معه شرط الاعتياد.
2 - تحديد موطن الأجنبي في حكم المادة الثانية من القانون رقم 99 لسنة 1949 سواء باتخاذه مصر محلاً لإقامته الرئيسية أو لوجود مصالحه الرئيسية بها، هو مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
3 - مفاد نص المادتين الأولى والسادسة من قانون الضريبة العامة على الإيراد رقم 99 لسنة 1949 والمادة 26 من القانون رقم 14 لسنة 1939، أن إيراد الممول - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] يتحدد من واقع ما ينتج مما له من عقارات ورءوس أموال منقولة، وما يحصل عليه من المهن والإيرادات التجارية، وأن تحديد وعاء الإيرادات التجارية بعد تطبيق المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 كعنصر من عناصر وعاء الضريبة العامة على الإيراد، لا يمنع من إضافة إيرادات رءوس الأموال المنقولة إلى وعاء الضريبة العامة، وإذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه خاضع للضريبة العامة في السنوات من 1954 إلى 1956، وكان شريكاً متضامناً في شركة...... للأوراق المالية وحصل على نصيبه من أرباحها في تلك السنوات، وجرى الحكم المطعون فيه على استبعاد 90% من هذا النصيب عند تحديد وعاء الضريبة العامة على الإيراد، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مراقبة ضرائب الشركات المساهمة قدرت صافي إيراد المطعون عليه الخاضع للضريبة العامة في السنوات من 1954 إلى 1956 بمبالغ 6597 ج و551 م، 7013 ج و582 م، 10450 ج و983 م، على التوالي، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 23/ 9/ 1959 بتحديد صافي الإيراد العام للممول في السنوات المذكورة طبقاً لتقديرات المأمورية مخصوماً منه الفرق بين قيمة الوعاء التجاري قبل تطبيق المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وقيمته بعد تطبيقها، فقد أقام الدعوى رقم 941 سنة 1959 تجاري الإسكندرية الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالباً تعديله باستبعاد الإيراد الناتج من الخارج كما طعنت مصلحة الضرائب في هذا القرار بالدعوى رقم 971 سنة 1959 تجاري الإسكندرية الابتدائية طالبة تعديله بتحديد وعاء ضريبة الأرباح التجارية وحصيلته وفقاً لقيمته قبل تطبيق المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد حكمت بتاريخ 9/ 11/ 1961 بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به من إخضاع إيرادات المطعون عليه الناتجة من مصادر خارج مصر للضريبة العامة على الإيراد عن سنوات النزاع، وبعدم خضوع هذه الإيرادات للضريبة المذكورة وتأييد القرار فيما عدا ذلك. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 141 سنة 18 ق تجاري الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم بتأييد تقديرات المأمورية، وبتاريخ 10/ 2/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وتقول بياناً لذلك إن الحكم أقام قضائه بعدم خضوع إيرادات المطعون عليه الناتجة من مصادر خارج مصر للضريبة العامة على الإيراد استناداً إلى أنه بالنسبة للمعيار الأول الذي وضعته المادة الثانية من القانون رقم 99 لسنة 1949 لتحديد الموطن الضرائبي للأجانب وهو اتخاذ الأجنبي مصر محلاً لإقامته الرئيسية، فإن المادة المذكورة أخذت في هذا الخصوص بما نصت عليه المادة 40 من القانون المدني، أما بالنسبة للمعيار الثاني الذي وضعته تلك المادة وهو وجود المصالح الرئيسية للممول في مصر فإنه يرجع في تحديدها إلى ما يزاوله بمصر من نشاط على اختلاف صوره وإلى درجة أهمية هذا النشاط، وإن الثابت أن المطعون عليه من رجال الأعمال الأمريكيين ويقيم مع عائلته بالولايات المتحدة الأمريكية وأن مصالحه فيها ترجح مصالحه في مصر فيعتبر أجنبياً غير متوطن في مصر، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، لأنه يبين من نص المادة الثانية المشار إليها أن المشرع استبعد الأخذ بفكرة الموطن المنصوص عليه في المادة 40 من القانون المدني، واعتبر الأجنبي متوطناً في مصر إذا أقام فيها إقامة عادية دون أن تكون نيته الاستقرار في هذه الإقامة، ولأن المقصود بالمصالح الرئيسية للممول هي المصالح الاقتصادية، أما المصالح العائلية الاجتماعية التي اعتبرها الحكم فلم يعول عليها المشرع، وإذ كان المطعون عليه قد أقام في مصر إقامة معتادة عدة سنوات وكانت مصالحه الاقتصادية فيها أرجح بكثير من مصالحه في أمريكا لأنه شريك متضامن في إحدى الشركات وعضو مجلس إدارة في أربع شركات في مصر مع أن مصالحه في أمريكا تقتصر على ما يتقاضاه من شركة أتلانتيك، فإنه يكون متوطناً في مصر وتخضع إيراداته الناتجة من الخارج للضريبة العامة على الإيراد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1949 على أنه "تفرض ضريبة عامة على الإيراد وتسري على صافي الإيراد الكلي لأشخاص الطبيعيين المصريين أياً كان موطنهم والأجانب المتوطنين في الجمهورية العربية المتحدة حتى لو كانت إيراداتهم ناتجة من مصادر خارج مصر" والنص في المادة الثانية من هذا القانون على أنه "يعتبر الأجنبي متوطناً في مصر (1) إذا اتخذ الجمهورية العربية المتحدة محلاً لإقامته الرئيسية. (2) أو إذا كانت مصالحه الرئيسية في الجمهورية العربية المتحدة" يدل على أن المشرع أخضع إيرادات الأجنبي للضريبة العامة على الإيراد إذا كان له موطن في مصر، وقد اعتبر الأجنبي متوطناً في مصر إذا اتخذ منها محلاً لإقامته الرئيسية، أو كانت بها مصالحه الرئيسية، وقد ساير المشرع في خصوص المعيار الأول معنى الموطن في القانون المدني المصري إذ عرفته المادة 40 من هذا القانون بأنه المكان الذي يقيم الشخص فيه عادة، وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تصوير واقعي لفكرة الموطن يرتكز على الإقامة الفعلية المقترنة بعنصر الاستقرار أي بنية استمرار الإقامة على وجه يتحقق معه شرط الاعتياد، ولما كان تحديد موطن الأجنبي في حكم المادة الثانية سالفة الذكر سواء باتخاذه مصر محلاً لإقامته الرئيسية أو لوجود مصالحه الرئيسية بها - هو مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد قرر في هذا الخصوص ما يلي "ولما كانت مصلحة الضرائب لم تجادل الممول - المطعون عليه - فيما قرره من أنه من رجال الأعمال الأمريكيين ويقيم بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية مع عائلته المقيمة بها ويتردد أولاده على المدارس الأمريكية، بل إن المصلحة أقرت صراحة في مذكرتها رقم 10 ملف أن هذا الممول يعمل لدى شركة أتلانتيك للتجارة والملاحة بنيويورك لقاء مرتب يتقاضاه منها، فمن ثم يكون ذلك الممول إذن مستقراً مع أسرته في تلك البلدة التي يقع بها نشاطه هذا الرئيسي، باعتباره أنه يتطلب منه التفرغ له تفرغاً تاماً لأنه بطبيعته هذه كاشف عن أنه إنما يعتمد عليه في حياته الخاصة جل الاعتماد ومن أنه قد اتخذ من أمريكا التي يقع بها موطناً له، الأمر الذي ينبئ عن أن مصالحه الأساسية قد استقرت في أمريكا، وأن هذه المصالح ترجع مصالحه في مصر التي تنحصر في وجود بعض أموال له يستثمرها فيها وعضوية مجالس إدارة بعض الشركات، وهي مصالح تبدو فرعية ثانوية عند موازنتها بمصالحه في الولايات المتحدة الأمريكية حيث توجد مصالحه العائلية واستقراره الفعلي وعمله الرئيسي، وعلى ذلك فإن مجرد وجود أموال له في مصر أياً كان مقدارها أمر يتناسب إطلاقاً مع مجموع المصالح التي له في أمريكا بل إنها تتضاءل بجانبها ولا يمكن أن تستوي معها لاسيما وأن الأنموذجين رقمي 5، 6 "مكرر" المرفقين بالملف الفردي برقمي 5، 45 يشفان عن أن أمواله بأمريكا تساوي ضعف أمواله بمصر تقريباً، إذا العبرة في هذه الخصوصية بالمكان الذي توجد فيه جميع المصالح المالية والعائلية والاجتماعية للأجنبي، والتي بعناصرها المختلفة تتفاعل وتتجمع لتكوين كيانه الشخصي فتنشده إلى موطن معين تلتقي فيه تلك المصالح جميعها ومتى كان الأمر كذلك فإن الممول الأميركي المذكور يكون متوطناً في أمريكا باتخاذها محلاً لإقامته الرئيسية ووجود مصالحه الرئيسية بها فيعتبر إذن بهذه المثابة أجنبياً غير متوطن في مصر، ولما كان يبين مما أورده الحكم أنه اعتبر أن المطعون عليه - وهو أجنبي - غير متوطن في مصر لأنه لم يتخذها محلاً لإقامته الرئيسية، ولا توجد بها مصالحه الرئيسية ورتب على ذلك أن إيراده في الخارج لا يخضع للضريبة العامة على الإيراد، واستند فيما خلص إليه إلى أسباب سائغة، لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثاني من سبب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه استبعد من وعاء الضريبة العامة على الإيراد 90% من إيراد القيم المنقولة التي حصل عليها المطعون عليه في سنى النزاع من شركة ل. باتي مستنداً في ذلك إلى أن المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 تقضي بأن تحديد إيرادات الأرباح التجارية والصناعية قبل إضافتها إلى وعاء الضريبة العامة على الإيراد يكون وفقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1939، وتوجب المادة 36 من هذا القانون أن يخصم من وعاء الضريبة 90% من إيراد رءوس الأموال المنقولة الداخلة في ممتلكات المنشأة والتي تتناولها ضريبة القيم المنقولة، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أنه طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1949 تفرض الضريبة العامة على صافي الإيراد الكلي الذي حصل عليه الممول ومنه إيرادات القيم المنقولة والأرباح التجارية على سواء، وما يستبعد من إيرادات القيم المنقولة عند حساب وعاء الضريبة على الأرباح التجارية وفقاً للمادة 36 من القانون 14 لسنة 1939 لسبق خضوعه للضريبة على القيم المنقولة - سوف يدخل حتماً وعاء الضريبة العامة على أساس أنه إيرادات قيم منقولة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في قانون الضريبة العامة على الإيراد رقم 99 لسنة 1949 بالمادة الأولى منه على إن "تفرض ضريبة عامة على الإيراد وتسري على صافي الإيراد الكلي للأشخاص الطبيعيين"، والنص في المادة السادسة منه على أن تسري الضريبة على المجموع الكلي للإيراد السنوي الصافي الذي حصل عليه الممول خلال السنة السابقة، ويتحدد هذا الإيراد من واقع ما ينتج من العقارات ورءوس الأموال المنقولة بما في ذلك الاستحقاق في الوقف وحق الانتفاع، ومن المهن والمرتبات وما في حكمها والأجور والمكافآت والأتعاب والمعاشات والإيرادات المرتبة مدى الحياة..... أما باقي الإيرادات فتحدد طبقاً للقواعد المقررة فيما يتعلق بوعاء الضريبة النوعية الخاصة بها"، والنص في المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أن إيرادات رءوس الأموال المنقولة الداخلة في ممتلكات المنشأة والتي تتناولها الضريبة المقررة بمقتضى الكتاب الأول من هذا القانون "..... تختصم من مجموع الربح الصافي الذي تسري عليه ضريبة الأرباح وذلك بمقدار مجموع الإيرادات المشار إليها بعد تنزيل نصيبها في مصاريف وتكاليف الاستثمار على أساس 10% من قيمة تلك الإيرادات"، يدل على أن إيراد الممول - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يتحدد من واقع ما ينتج مما له من عقارات ورءوس أموال منقولة وما يحصل عليه من المهن والإيرادات التجارية، وأن تحديد وعاء الإيرادات التجارية بعد تطبيق المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 كعنصر من عناصر وعاء الضريبة العامة على الإيراد لا يمنع من إضافة إيرادات رءوس الأموال المنقولة إلى وعاء الضريبة العامة. إذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه خاضع للضريبة العامة في السنوات من 1954 إلى 1956 وكان شريكاً متضامناً في شركة ل. باتي للأوراق المالية وحصل على نصيبه من أرباحها في تلك السنوات وجرى الحكم المطعون فيه على استبعاد 90% من هذا النصيب عند تحديد وعاء الضريبة العامة على الإيراد، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب.


[(1)] نقض 16/ 3/ 1968 مجموعة المكتب الفني س 19 ص 541.