أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 242

جلسة 14 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وحامد وصفي، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر.

(42)
الطعن رقم 310 لسنة 35 القضائية

(1) ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية" "التكاليف". عمل. محكمة الموضوع .
أجور العمال بالمنشأة. جواز تقديرها بنسبة معينة من الأرباح. هذه الأجور تعد من التكاليف على الربح، ولو كانت هناك صلة قرابة تربط هؤلاء العمال بصاحب المنشأة. وجوب التحقق من تناسب الأجر مع ما يؤديه هؤلاء العمال من عمل. استخلاص ذلك. خاضع لتقدير محكمة الموضوع.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية".
لمحكمة الموضوع سلطة اعتماد دفاتر الممول أو إطراحها كلياً أو جزئياً.
(3) حكم "تسبيب الحكم".
للمحكمة أن تأخذ بما تقتنع به من أدلة، دون حاجة للرد استقلالاً على كل ما يثار أمامها من دفاع.
1 - إنه وإن كانت المرتبات والأجور التي تدفعها المنشأة لمستخدميها وعمالها يجوز تقديرها على أساس نسبة معينة من الأرباح، وتعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من التكاليف في معنى المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 حتى ولو كانت تربط هؤلاء المستخدمين والعمال بصاحب المنشأة علاقة وثيقة من القرابة أو المصاهرة، إلا أنه ينبغي التحقق من تناسب الأجر الذي يتقاضاه هؤلاء العمال، وما يؤدونه من عمل فعلي مع مراعاة ظروف المنشأة والمقارنة بينها وبين المنشآت المشابهة، واستخلاص ذلك خاضع لتقدير محكمة الموضوع.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير دفاتر الممول، سواء باعتمادها أو إطراحها كلياً أو جزئياً حسبما يستبين لها، ومن ثم فإنه لا على الحكم إذ هو استبعد عمولة مدير المنشأة للأسباب السائغة التي خلص إليها، مع اعتماده باقي قيود الدفاتر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة تقدمت بإقراراتها الخاصة بالأرباح التجارية والصناعية عن نشاطها في استغلال المكتبة والمطبعة المملوكة لها في السنوات من 1952/ 1953 حتى 1954/ 1955 إلى مأمورية ضرائب عابدين، التي أجرت تعديلات فيها من بينها استبعاد العمولة التي تقاضاها مدير المنشأة من المصروفات، وأخطرتها بأن نشاطها أسفر عن خسارة في سنة 1952/ 1953 بمبلغ 338 ج و259 م، وأنتج ربحاً في سنتي 1953/ 1954 و1954/ 1955 بمبلغي 21ج و98 م، و383 ج و36 م على التوالي، وإذ اعترضت وأصدرت لجنة الطعن قرارها في 27 من فبراير سنة 1960 بأنها حققت خسارة بمبلغي 368 ج و756 م، 13 ج 601 م في سنتي 1952/ 1953، 1953/ 1954 وربحاً بمبلغ 356 ج و329 م في سنة 1954/ 1955، فقد أقامت الدعوى رقم 357 لسنة 1960 تجاري أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب - المطعون عليها - بالطعن في هذا القرار طالبة تعديله واعتبار العمولة المنصرفة إلى مدير المنشأة ضمن التكاليف في جميع سنوات النزاع، وبتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1963 حكمت المحكمة بتأييد قرار اللجنة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 727 لسنة 80 ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف حكمت في 11 من مارس سنة 1965 بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرات أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استبعد عمولة مدير المنشأة المقدرة بمعدل خمسة في المائة من قيمة المبيعات ولم يحتسبها ضمن التكاليف، في حين أن المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 توجب خصم جميع التكاليف ومن بينها العمولة باعتبارها من قبيل الأجر ويراعى في تقديرها ميزة معينة في الشخص المصروفة إليه، وإذ كان مدير المنشأة على إلمام بالعديد من اللغات الأجنبية وله دراية خاصة بشئون المكتبات فلا تأثير لكونه زوجاً للطاعنة مالكة المكتبة طالما يتناول أجراً لقاء عمله، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه وإن كانت المرتبات والأجور التي تدفعها المنشأة لمستخدميها وعمالها يجوز تقديرها على أساس نسبة معينة من الأرباح، وتعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من التكاليف في معنى المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939، حتى ولو كانت تربط هؤلاء المستخدمين والعمال بصاحب المنشأة علاقة وثيقة من القرابة أو المصاهرة، إلا أنه ينبغي التحقق من تناسب الأجر الذي يتقاضاه هؤلاء العمال وما يؤدونه من عمل فعلي مع مراعاة ظروف المنشأة والمقارنة بينها وبين المنشآت المشابهة، واستخلاص ذلك خاضع لتقدير محكمة الموضوع، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باستبعاد عمولة مدير المنشأة من التكاليف على ما استخلصه من ظروف الدعوى بقوله "إن الطاعنة لجأت إلى هذا الادعاء بقصد تضخيم مصروفاتها والتهرب من الضريبة، حيث لا تسمح حالة المنشأة بدفع هذا الأجر مضافاً إليه العمولة، ولم يقم مدير المنشأة بأعمال يستحق عليها هذه العمولة فضلاً عن أن أجره الأصلي مناسب ومتفق مع أجر المثل..... والملاحظ أن هذه العمولة تصل إلى مبالغ كبيرة تفوق في السنة مجموع المرتب الثابت للمدير، كما أنها تكاد تضاهي نصف مرتبات العاملين بالمنشأة، وإضافتها تحقق خسارة للمنشأة فهي تضع حملاً ظاهراً عليها يجعل من العسير تقبل إضافتها إلى المرتب، خصوصاً وأن ما يتعلل به لتبرير هذه الإضافة من الحث على بذل الجهد والعناية بالعمل والعملاء لا يعتد به إزاء توفر الحافز الشخصي لدى المدير لوجود علاقة الزوجية بينه وبين صاحبة المنشأة، ولا ينظر في كل ذلك إلى ضرورة تقدير أجر المدير بحد يتناسب وهذه الظروف الشخصية، بل يجب أن ينظر فيه بواقع الحال وسير الأعمال في المنشأة حتى ترتفع مظنة المحاباة وزيادة التكاليف بغير مبرر...."، وهو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لحمل الحكم ولا مخالفة فيه للقانون، ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنه على الرغم من إقرار مصلحة الضرائب بنظامية دفاتر المنشأة وأنها ممسوكة طبقاً للأصول المحاسبية الصحيحة، فإنها استبعدت عمولة مدير المنشأة استناداً إلى أنها تربو على مجموع الأجر الثابت لذلك المدير وتكاد توازي نصف مرتبات العاملين بالمنشأة، مع أن انتظام الدفاتر في حد ذاته يوجب الأخذ بكافة ما تضمنته دون إجراء أية تعديلات، وما ذهب إليه الحكم من ضخامة العمولة، وأنه قصد بها التهرب من الضريبة يناهضه ما قدمته الطاعنة من مستندات لم يرد الحكم عليها، تقطع بتناسب أجر المدير وعمولته واتفاقهما مع الحالات المماثلة، الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المستقر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير دفاتر الممول سواء باعتمادها أو إطراحها كلياً أو جزئياً حسبما يستبين لها، ومن ثم فإنه لا على الحكم إذا هو استبعد عمولة مدير المنشأة للأسباب السائغة التي خلص إليها على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول مع اعتماده باقي قيود الدفاتر، لما كان ذلك وكان لا تثريب على المحكمة في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به دون حاجة إلى الرد استقلالاً على كل ما يثار من دفاع أمامها ما دام حكمها يقوم على أسباب تكفي لحمله، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون لا محل له.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استبعد العمولة التي تقاضاها مدير المنشأة تأسيساً على علاقة الزوجية التي تربطه بالطاعنة، مع أنه ينبغي التفرقة بين المدير الذي يتناول أجراً عن عمله يحتسب ضمن التكاليف وبين الشريك الذي يعد ما يتقاضاه ربحاً يخضع للضريبة، وإذ كان زوج الطاعنة أجيراً لا شريكاً فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه على اختلاف المركز القانوني بين المدير الأجير وبين الشريك، وكان لا يصح الطعن في الحكم إلا للخطأ الذي يتأثر به قضاؤه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.