أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 944

جلسة 14 من مايو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

(140)
الطعن رقم 298 لسنة 34 القضائية

( أ ) اختصاص. "الاختصاص القيمي". "نظام عام".
الدفع بعدم الاختصاص القيمي. بعد تطبيق القانون 100 لسنة 1962. لا يتعلق بالنظام العام. لا يجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) جبانات. "تبعيتها لوزارة الصحة".
وزارة الصحة هي التي تشرف على الجبانات والطرق المؤدية إليها.
(ج) الدولة. "تمثيل الدولة أمام القضاء".
الوزير يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته. له صفة التقاضي عنها.
(د) محكمة الموضوع. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "الطلبات في الدعوى" سلطة محكمة الموضوع في الالتفات عن طلب إعادة الدعوى للمرافعة.
1 - إذ صدر الحكم المطعون فيه بعد تطبيق القانون رقم 100 لسنة 1962 الذي أصبحت بمقتضاه قواعد الاختصاص القيمي غير متعلقة بالنظام العام، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن النزاع مما تختص به المحكمة الجزئية، وكان تحقيق هذا الدفاع يخالطه واقع وهو تقدير قيمة الأرض موضوع النزاع لمعرفة ما إذا كانت الدعوى تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية أو المحكمة الابتدائية، فإن هذا الدفع يكون سبباً جديداً لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - لما كانت وزارة الداخلية هي التي استصدرت في 2/ 3/ 1924 المرسوم الذي قرر إنشاء الطريق الموصل إلى جبانة..... موضوع النزاع وجعله من المنافع العامة، وكان قد أشير في ديباجة هذا المرسوم إلى ديكريتو 29/ 1/ 1894 بشأن نقل الجبانات المضرة بالصحة العمومية وإلى الأمر العالي الصادر في 12/ 3/ 1898 بشأن تحويط الجبانات القديمة بقوائم، وكانت وزارة الصحة وقت صدور هذا المرسوم تابعة لوزارة الداخلية وتسمى باسم مصلحة الصحة العمومية ثم فصلت عنها وحولت إلى وزارة بالمرسوم الصادر في 7/ 4/ 1936، وكان وزير الصحة قد أصدر في 21/ 7/ 1942 قراراً بإنشاء مصلحة الصحة القروية والبلدية وجعل من اختصاصها الإشراف من الناحية الصحية على شئون معينة من بينها الجبانات وذلك في جميع القرى والمدن عدا القاهرة ثم صدر مرسوم في 7/ 6/ 1948 بإنشاء مصلحة الصحة القروية، فإن مقتضى ذلك أن وزارة الصحة أصبحت هي التي تشرف على الطريق الموصل إلى الجبانة فضلاً عن إشرافها على الجبانة.
3 - لما كان الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة للحكومة فيها، فإن وزارة الصحة التي يمثلها وزيرها تكون هي صاحبة الصفة في رفع الدعوى بشأن التعدي على هذا الطريق.
4 - لا على محكمة الموضوع إن لم تجب الخصم إلى طلب فتح باب المرافعة ذلك أن إجابة هذا الطلب هو من إطلاقاتها فلا يعاب عليها إن هي لم تلتفت إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الصحة - المطعون عليها - أقامت الدعوى رقم 2 سنة 1955 مدني كلي الفيوم ضد الطاعن بصحيفة معلنة في 26 من ديسمبر سنة 1964 تطلب الحكم بتثبيت ملكية المنافع العامة إلى 62 متراً و38 ديسمبر مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة وإزالة ما عليها من مبان وخلافها وتسليمها خالية مما يشغلها. وقالت شرحاً للدعوى إن الطاعن تعدى على الطريق العمومي الموصل لجبانة الأقباط بناحية سنهور القبلية مركز سنورس بأن أقام بناء على جزء من هذا الطريق ووضع يده على جزء آخر منه، وإذ كانت صفة المال العام للأجزاء المتعدى عليها ثابتة من تخصيصها للمنفعة العامة كطريق لجبانة الأقباط بمقتضى المرسوم الصادر في 2/ 10/ 1924، وامتنع الطاعن عن إزالة تعديه على هذه الأجزاء وتسليمها إليها خالية، فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها. دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أنها لم ترفع من الأصيل وهي الحكومة المصرية صاحبة الصفة في رفعها. طلب الطاعن بالنسبة للموضوع رفض الدعوى استناداً إلى أنه يملك الأرض موضوع النزاع وبتاريخ 10/ 1/ 1957 حكمت محكمة أول درجة برفض الدفع وبقبول الدعوى وبندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لبيان ما إذا كانت الأرض موضوع النزاع تدخل ضمن الأموال العامة. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 15/ 3/ 1962 لوزارة الصحة - المطعون عليها - بطلباتها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 287 سنة 1 ق بني سويف. ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 8/ 3/ 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن النزاع يدور حول ملكية قطعة أرض مساحتها 62 متر و38 ديسمتر كائنة بناحية سنهور القبلية مركز سنورس لا يتجاوز ثمن المتر فيها ثلاثين قرشاً وقت رفع الدعوى ويكون ثمن القدر جميعه 18 ج و714 م، وهو ما يدخل في النصاب النهائي للمحكمة الجزئية، وكان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقضي بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة قواعد الاختصاص القيمي، وإذ صدر هذا الحكم في 8/ 3/ 1964 بعد تطبيق القانون رقم 100 لسنة 1962 الذي أصبحت بمقتضاه قواعد هذا الاختصاص غير متعلقة بالنظام العام، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن النزاع مما تختص به المحكمة الجزئية، وكان تحقيق هذا الدفع يخالطه واقع وهو تقدير قيمة الأرض موضوع النزاع لمعرفة ما إذا كانت الدعوى تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية أو المحكمة الابتدائية، فإن هذا الدفع يكون سبباً جديداً لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، ويقول الطاعن في بيان ذلك إنه دفع بعدم قبول الدعوى من وزارة الصحة - المطعون عليها - لأنه لا صفة لها في رفعها، ورد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بأن وزارة الصحة هي التي تشرف على جبانة الأقباط بسنهور القبلية والطريق الموصل إليها فتكون هي وحدها صاحبة الصفة في رفع الدعوى لرد ما يقع عليها من اعتداء، هذا في حين أن الطريق موضوع النزاع لا يقتصر نفعه على زائري هذه الجبانة بل ينتفع به سائر المزارعين، فضلاً عن أن إشراف وزارة الصحة قاصر على الجبانات أما الطرق الموصلة إليها فإنها كانت تتبع وزارة الشئون البلدية والقروية في ظل النظام المركزي، وبصدور القانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية أصبحت تحت إشراف المحافظة، فلا يكون لوزارة الصحة صفة في رفع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت وزارة الداخلية هي التي استصدرت في 2/ 10/ 1924 المرسوم الذي قرر إنشاء الطريق الموصل إلى جبانة الأقباط بسنهور القبلية - موضوع النزاع - وجعله من المنافع العامة، وكان قد أشير في ديباجة هذا المرسوم إلى دكريتو 29/ 1/ 1894 بشأن نقل الجبانات المضرة بالصحة العمومية وإلى الأمر العالي الصادر في 12/ 3/ 1898 بشأن تحويط الجبانات القديمة بقوائم، وكانت وزارة الصحة وقت صدور هذا المرسوم تابعة لوزارة الداخلية وتسمى مصلحة الصحة العمومية ثم فصلت عنها وحولت إلى وزارة بالمرسوم الصادر في 7/ 4/ 1936، وكان وزير الصحة قد أصدر في 21/ 7/ 1942 قراراً بإنشاء مصلحة الصحة القروية والبلدية وجعل من اختصاصها الإشراف من الناحية الصحية على شئون معينة من بينها الجبانات وذلك في جميع القرى والمدن عدا القاهرة ثم صدر مرسوم في 7/ 6/ 1948 بإنشاء مصلحة الصحة القروية، فإن مقتضى ذلك أن وزارة الصحة أصبحت هي التي تشرف على الطريق الموصل إلى جبانة الأقباط بسنهور القبلية فضلاً عن إشرافها على هذه الجبانة، ولا محل للقول بتبعية هذا الطريق لوزارة الشئون البلدية والقروية أو محافظة الفيوم. لما كان ذلك وكان الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، فإن وزارة الصحة التي يمثلها وزيرها تكون هي صاحبة الصفة في رفع الدعوى بشأن التعدي على هذا الطريق. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن الدعوى رفعت من ذي صفة وهي وزارة الصحة فإنه لا يكون فد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحقه في الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم مستندات للتدليل بها على ملكيته للقدر المتنازع عليه، غير أن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إليها ولم يصرح له بتقديم مستندات أخرى رغم أنه قدم لهذا الغرض طلباً لفتح باب المرافعة في الدعوى بعد أن صدر قرار لحجزها للحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الثابت من الأوراق أنه بعد أن قدم الطرفان مستنداتهما في الدعوى وترافعا فيها قررت المحكمة بالجلسة الأخيرة إصدار حكمها بجلسة 9/ 2/ 1964 وصرحت بتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع وجعلت المدة مناصفة بين الطرفين دون أن تأذن بتقديم مستندات، ثم طلب الطاعن مد أجل الحكم لتقديم مذكرة فقررت المحكمة تأجيل إصدار حكمها بجلسة 8/ 3/ 1964 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات، وقدم الطاعن مذكرة بتاريخ 29/ 2/ 1964 أبدى فيها دفاعه وطلب إعادة القضية إلى المرافعة لتقديم مستندات للتدليل على أن أرض النزاع لا تدخل ضمن الطريق الموصل إلى الجبانة ولما كانت المحكمة لم تأذن للطاعن بتقديم مستندات جديدة فإنه لا عليها إن هي لم تجبه إلى طلب فتح باب المرافعة لهذا الغرض، ذلك أن إجابة هذا الطلب هو من إطلاقاتها فلا يعاب عليها إن هي لم تلتفت إليه. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بملكية المنافع العامة للأرض موضوع النزاع على ما اتضح له من المعاينة التي أجراها الخبير وتطبيق خريطة المساحة والحدود الواردة بالمرسوم الصادر في 2/ 10/ 1924 بإنشاء الطريق موضوع التعدي - من أن هذا الطريق هو من الأملاك العامة وأن الطاعن تعدى على جزء منه بالبناء مجاوزاً حدود ملكه المجاور للطريق، ورد الحكم على المستندات التي قدمها الطاعن بأنها لا تعد بذاتها دليلاً على الملكية أو وضع اليد، ثم أشار الحكم إلى دفاع الطاعن من أنه مضى على وضع يده على أرض النزاع مدة تزيد على خمسة عشر عاماً قبل رفع الدعوى ورد عليه بأن الأموال العامة لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم أن المحكمة أخذت في حدود سلطتها الموضوعية بنتيجة تقرير الخبير من أن الأرض موضوع التعدي تدخل في الطريق الموصل إلى جبانة الأقباط بسنهور القبلية، وأسست على ذلك أن هذه الأرض من الأملاك العامة التي لا يجوز تملكها بالتقادم واستبعدت على هذا الأساس مستندات الطاعن التي قدمها ولم تصرح له بتقديم مستندات أخرى للتدليل على ملكيته لهذه الأرض، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور أو الإخلال بحق الطاعن في الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.