أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 260

جلسة 17 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(46)
الطعن رقم 443 لسنة 37 قضائية

(1) نقض. "الخصوم في الطعن".
عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
(2) عقد. "تكييف العقد". محكمة الموضوع "تكييف العقد" عمل. وكالة. محاماة.
العبرة في تكييف العقود هي بحقيقة ما عناه العاقدون عنها. تعرف قصد المتعاقدين من سلطة محكمة الموضوع.
القيام بالعمل القانوني محل الوكالة قد يستتبع القيام بأعمال مادية تعتبر ملحقة به وتابعة له مثال بشأن وكالة محام.
(3) إثبات. "القرائن القضائية". حكم. "تسبيب الحكم". نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن".
قيام الحكم على قرائن متساندة. عدم جواز مناقشة كل منها على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
1 - متى كان الطاعن قد تنازل عن مخاصمة المطعون ضده الثالث أمام محكمة الاستئناف وأثبتت المحكمة هذا التنازل، وإذ كان لا يجوز - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - [(1)] أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث.
2 - إذ كانت محكمة الموضوع قد كيفت العلاقة بين الطرفين - محام وشركة - بأنها علاقة وكالة لا تتضمن تبعية الطاعن للشركة وليست علاقة عمل بناء على ما استظهرته من عبارات المكاتبات المتبادلة بينهما حول التعاقد وتحديد الأتعاب، ولما كان المناط في تكييف العقود وإعطائها الأوصاف القانونية الصحيحة هو ما عناه العاقدان منها حسبما تستظهره المحكمة من نصوصها وتؤدي إليه وقائع الدعوى ومستنداتها، وكان ما انتهت إليه المحكمة من تكييف العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة تؤدي إليه عبارات تلك المكاتبات وما استخلصته المحكمة منها. إذ كان ذلك وكان من المقرر أن القيام بالعمل القانوني محل الوكالة قد يستتبع القيام بأعمال مادية تعتبر ملحقة به وتابعة له، وكان الواضح من سياق أسباب الحكم الابتدائي أن قصد المحكمة من عبارات العمل القضائي إنما هو تمثيل الشركة أمام القضاء والذي يندرج ضمن الأعمال القانونية التي ترد عليها الوكالة، فإن المحكمة لا تكون قد أخطأت في تكييف تلك العلاقة بأنها وكالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2304 عمال كلي القاهرة ضد المطعون ضدهم، وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 833 ج و200 م وقال بياناً لها إنه كان يباشر منذ 2 أغسطس سنة 1931 الشئون القانونية والقضائية لشركة "أنطون وريمون حمصي" التي اندمجت في الشركة المطعون ضدها الثانية لقاء أجر بلغ أخيراً 500 ج سنوياً إلى أن أخطرته المطعون ضدها الأولى في 28 إبريل سنة 1962 بأن يسلم قضايا تلك الشركة لمحام آخر وكلته بدلاً منه، وإذ يستحق قبلها ذلك المبلغ قيمة مكافأة نهاية الخدمة فقد انتهى إلى طلب الحكم له به، وبتاريخ 29 مارس سنة 1964 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى، فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 794 سنة 81 ق، وبتاريخ 31 مايو سنة 1967 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون ضده الثالث بعدم قبول الطعن بالنسبة له تأسيساً على أن الطاعن تنازل عن مخاصمته أمام محكمة الاستئناف التي قضت بجلسة 20 إبريل سنة 1967 بإثبات هذا التنازل، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة له تأسيساً على أن الطاعن تنازل عن مخاصمته أمام محكمة الاستئناف التي قضت بجلسة 20 إبريل سنة 1967 بإثبات هذا التنازل، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث لذات السبب، وطلبت رفض الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت على هذا الرأي.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن قد تنازل عن مخاصمة المطعون ضده الثالث أمام محكمة الاستئناف وأثبتت المحكمة هذا التنازل، ولما كان لا يجوز - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهما الأولين.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أخطأ في التفرقة بين عقدي الوكالة والعمل حين كيف العلاقة بينه وبين الشركة بأنها علاقة وكالة وليست عقد عمل، إذ ذهب الحكم إلى أن العبارات التي حوتها المكاتبات المتبادلة بين الطرفين حول التعاقد والأتعاب تدل على قيام علاقة وكالة بينهما استناداً إلى أن الأعمال التي كلف بها الطاعن وإن انطوت على أعمال غير قضائية إلا أنها من مستلزمات أو مقدمات العمل القضائي ورتب الحكم على ذلك استقلال الطاعن بعمله دون إشراف أو تبعية للشركة، وهو من الحكم خلط بين العمل القانوني وبين العمل القضائي، لأن العمل القانوني الذي يتميز به عقد الوكالة من عقد العمل يقصد به الإجراء أو التصرف الذي يجريه الوكيل نيابة عن موكله، وأما العمل القضائي فهو ليس بالضرورة عملاً قانونياً وتعتبر كذلك مقدمات هذا العمل أو مستلزماته، كما أخطأ الحكم من جهة أخرى حين عول في نفي علاقة التبعية على أن الطاعن يؤدي العمل في مكتبه لا في مكاتب الشركة، ذلك لأنه يكفي في قيام علاقة العمل توافر التبعية المهنية، وهي أن يخضع العامل لإشراف وتوجيه صاحب العمل على أية صورة دون التقيد بزمان أو مكان، وأنه طالما أن الطاعن قد التزم بأداء العمل الذي كلف به فإنه يخضع لتبعية الشركة، وإذ أضاف الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي أن قيام الطاعن بالعمل الموكول له في مكتبه الخاص إلى جانب ما يؤديه من أعمال لغير الشركة يجعله غير تابع لها ولا يحق لها توجيهه أو مراقبة أعماله، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه استند في تكييف العلاقة بين الطاعن والشركة المطعون ضدها الثانية إلى قوله "بالرجوع إلى المستندات المقدمة من المدعي (الطاعن) من حيث عباراتها حول طريقة تحديد الأجر وزيادته بطريق المراسلة بخطابات متبادلة وتدرج هذه الزيادة من 20 جنيه إلى 500 جنيه ووصفه هذه القيمة بأنها اشتراك في هذه الخطابات جميعاً....... وبعبارة تجديد اشتراكنا مع مكتبكم بواقع 150 جنيه سنوياً، ثم رفعه إلى 225 جنيهاً، ثم طلب المدعي (الطاعن) زيادته في خطاب 2 يونيه سنة 1959 إلى 400 جنيه بقوله صراحة اشتراك الأتعاب بالنظر لكمية وأهمية المعاونة القضائية والقانونية التي نبذلها لكم وعبارة إعادة الميزان بين كفتي أعمالكم وأتعابنا، ثم رفعها إلى 500 جنيه في الخطاب الموجه إلى الأستاذ....... زميل المدعي (الطاعن) في المكتب - وعلى نفس النمط - لذلك ولم يتقدم من المدعي (الطاعن) ثمة ما يدل على مظهر خارجي يخرج بهذه العبارات حول التعاقد والأتعاب عن مدلول الوكالة وإن شملت أعمالاً ولو كانت غير قضائية، إلا أنها من مقدمات أو مستلزمات العمل القضائي، فلا يغير ذلك من الأمر شيئاً في وضوح استقلال المدعي (الطاعن) بعمله وإشراف مكتبه الخاص على هذا العمل دون إشراف أو تبعية للشركة ولا يقدح في هذا مجرد التزود من الشركة بالمعلومات اللازمة عن المهام المطلوبة من المدعي (الطاعن) خاصة مع ما ثبت من مباشرة المكتب لهذه المهام بإشراف المدعي (الطاعن) وبطريق الاشتراك لدى هذا المكتب ثم تجديده بصريح اللفظ وهكذا، ومن جماع ما تقدم يتعين اعتبار العلاقة وكالة لا علاقة عمل." ومن ذلك يبين أن محكمة الموضوع كيفت العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة لا تتضمن تبعية الطاعن للشركة، وليست علاقة عمل بناء على ما استظهرته من عبارات المكاتبات المتبادلة بينهما حول التعاقد وتحديد الأتعاب، ولما كان المناط في تكييف العقود وإعطائها الأوصاف القانونية الصحيحة هو ما عناه العاقدان منها حسبما تستظهره المحكمة من نصوصها وتؤدي إليه وقائع الدعوى ومستنداتها، وكان ما انتهت إليه المحكمة من تكييف العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة تؤدي إليه عبارات تلك المكاتبات وما استخلصته المحكمة منها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القيام بالعمل القانوني محل الوكالة قد يستتبع القيام بأعمال مادية تعتبر ملحقة به وتابعة له، وكان الواضح من سياق أسباب الحكم الابتدائي أن قصد المحكمة من عبارات العمل القضائي إنما هو تمثيل الشركة أمام القضاء والذي يندرج ضمن الأعمال القانونية التي ترد عليها الوكالة، فإن المحكمة لا تكون قد أخطأت في تكييف تلك العلاقة بأنها وكالة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها أن قيام الطاعن بالعمل الموكول له في مكتبه الخاص إلى جانب ما يباشره من أعمال لغير الشركة يجعله غير تابع لها، وكان قضاء الحكم على هذا النحو جاء محمولاً على قرائن متساندة تؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة في هذه القرينة الأخيرة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.


[(1)] نقض 9/ 3/ 1971 مجموعة المكتب الفني س 22 ص 254.