مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1960 إلى آخر ديسمبر سنة 1960) - صـ 281

(41)
جلسة 10 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 808 لسنة 5 القضائية

موظف - مرفق عام - تعيين - شرط اللياقة الطبية - الإعفاء من هذا الشرط - القانون رقم 660 لسنة 1953 بشأن موظفي ومستخدمي المرافق العامة التي تنتقل إدارتها إلى الدولة - إجازته تعيين بعض موظفي المرفق استثناء من قواعد التعيين الواردة في المواد 6 و13 و15 من قانون موظفي الدولة - قرار الوزير المختص بإعفاء الموظف من شرط اللياقة الطبية مقيد بقيدين - الأول: أخذ رأي القومسيون الطبي العام، الثاني: موافقة ديوان الموظفين - التدرج التشريعي لهذين القيدين - بيان ذلك - مثال.
في 31 من ديسمبر سنة 1953 صدر القانون رقم (660) لسنة 1953 بشأن موظفي ومستخدمي المرافق العامة التي تنتقل إدارتها إلى الدولة، وقد نص في المادة الأولى منه "مع عدم الإخلال بأحكام المرسوم بقانون رقم (44) لسنة 1936 الخاص بشروط توظيف الأجانب والمعدل بالقانون رقم (284) لسنة 1953 إذا انتهى عقد التزام بإدارة مرفق عام وتولت الدولة إدارة هذا المرفق بالطريق المباشر جاز لمجلس الوزراء استثناء من أحكام المواد (6، 13، 15) من القانون رقم (210) لسنة 1951 المشار إليه أن يعين بخدمة المرفق من تقتضي المصلحة تعيينهم من الموظفين الذين كانوا بخدمته قبل تولي الدولة إدارته على أن يوضع من يعين على هذا الوجه في درجة من الدرجات المنصوص عليها في القانون رقم (210) لسنة 1951 وأن يراعى في تعيين هذه الدرجة المرتب الذي كان يتقاضاه قبل ذلك، ومدة خدمته ونوع عمله. ونصت المادة الثانية من هذا القانون على أنه "يجوز للوزير المختص دون الرجوع لديوان الموظفين شغل الوظائف الكتابية التي تخلو بالمرافق المشار إليها في المادة السابقة خلال سنة من تولي الدولة إدارة المرفق أو من تاريخ العمل بهذا القانون أي المدتين أطول"، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن قصد الشارع من اتباع هذا الاستثناء والحكمة التي دفعت إليه والحدود التي يتعين مراعاتها عند إعمال أحكام هذا القانون. وتجري المذكرة الإيضاحية بأنه "لما كانت المصلحة تقتضي تعيين الصالحين من الموظفين الذين كانوا بخدمة مرفق من المرافق التي تدار بطريقة الالتزام ثم تتولى الدولة إدارتها بطريقة (الريجي) للانتفاع بخبرة هؤلاء الموظفين وكان بعضهم ممن لا تتوافر فيه شروط التوظف المنصوص عليها في القانون رقم (210) لسنة 1951 فإن المصلحة العامة تقتضي وضع تشريع لاستثناء هؤلاء من بعض أحكام القانون المتقدم ذكره؛ لذلك وضع المشروع المرافق فتضمنت أحكامه جواز استثناء هؤلاء من أحكام التوظف بالنسبة للدرجة التي يوضعون بها على أن يراعى في تعيين تلك الدرجة المرتب الذي كان يتقاضاه قبل ذلك ومدة خدمته ونوع عمله، وقد تضمن المشروع حكماً آخر أجيز بمقتضاه التعيين في الوظائف الكتابية التي تخلو بالمرافق المتقدمة الذكر دون رجوع لديوان الموظفين خلال سنة من تولي الدولة إدارة المرافق أو من تاريخ العمل بهذا القانون أي المدتين أطول؛ وذلك لأن مصلحة المرافق المذكورة تقتضي عدم التراخي في شغل الوظائف الخالية بها حتى تستوفي الإجراء المتقدم الذكر. وفي 31 من يناير سنة 1954 صدر القانون رقم (53) لسنة 1954 فأدخل تعديلاً على المادة الأولى من القانون رقم (660) لسنة 1953 أجاز بمقتضاه لمجلس الوزراء منح مرتب يزيد على بداية أو نهاية مربوط الدرجة التي يوضع عليها الموظف وذلك بصفة شخصية وجاء في المذكرة الإيضاحية أيضاً لهذا القانون الأخير ما يزيد الأمر إيضاحاً ويؤكد الهدف الذي من أجله اتبع المشرع هذا السبيل الاستثنائي في إدارة المرافق العامة التي تنتقل إدارتها إلى الدولة. ولما كان تعيين هؤلاء الموظفين سيتم بالاستثناء من بعض أحكام التوظف العامة وكان الدافع إليه هو مواجهة الحالة الطارئة عقب انتقال المرفق من نظام الالتزام إلى نظام (الريجي) على نحو يضمن إطراد العمل به وانتظامه وذلك إلى أن تستكمل الحكومة عدتها من الموظفين القادرين على النهوض بهذا النوع الخاص من العمل والمنطبقة عليهم في الوقت نفسه كافة أحكام التوظف العامة بغير استثناء فإن مراعاة هذه الاعتبارات يقتضي أن يكون التعيين موقوتاً بالمدة التي يحددها مجلس الوزراء...".
وقد اشترطت الفقرة السابعة من المادة السادسة من قانون نظام موظفي الدولة رقم (210) لسنة 1951 فيمن يعين في إحدى وظائف الدولة أن تثبت لياقته الصحية فيما عدا الموظفين المعينين بمراسيم أو أوامر جمهورية. كما نصت المادة (13) من هذا القانون على أن "شروط اللياقة الصحية المشار إليها في المادة السادسة يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح ديوان الموظفين ويجوز إعفاء الموظف من كل هذه الشروط أو من بعضها بقرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي القومسيون الطبي العام وموافقة ديوان الموظفين" فالإعفاء من شروط اللياقة الصحية يجوز أن يمنح بقرار من الوزير المختص بشرط أخذ رأي القومسيون أو موافقة ديوان الموظفين. والقول بغير هذا لا يتفق مع التدرج التشريعي السابق لهذا النص فقد أصاب هذه المادة تعديلان: الأول: بالمرسوم بقانون رقم (79) الصادر في 5 من يونيه سنة 1952 وكان نصها قبل هذا التعديل "شروط اللياقة الصحية المشار إليها في المادة السادسة يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح ديوان الموظفين، ولرئيس هذا الديوان الحق في إعفاء الموظف من كل هذه الشروط أو من بعضها" والثاني: بالقانون رقم (374) الصادر في 30 من يوليه سنة 1953 وكان نصها قبل هذا التعديل الأخير: "يصدر بشروط اللياقة الصحية المنصوص عليها في المادة (6) وبشروط الإعفاء منها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين". ومن هذا التدرج في الاتجاه التشريعي يبين مدى حرص الشارع على تنظيم الإعفاء من شروط اللياقة الصحية وتحقيق الرقابة عليها وضبط ممارستها فقيدها بقيدين هما أخذ رأي القومسيون وكذلك موافقة ديوان الموظفين. ويؤكد ذلك أيضاً ما جاءت به المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء بشأن القانون رقم 374 لسنة 1953 وهو الذي وضع النص الحالي الأخير للمادة (13) على النحو المذكور فيما سبق: كانت المادة (13) من قانون التوظف تقضي بأن يصدر بشروط اللياقة الصحية قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح ديوان الموظفين وأن يكون لرئيس هذا الديوان الحق في إعفاء الموظف من شروط اللياقة الصحية كلها أو بعضها ثم صدر المرسوم بقانون رقم (79) لسنة 1952 معدلاً لأحكام هذه المادة وقرر بأن يصدر بشروط اللياقة الصحية والإعفاء منها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين. وفي 11 من أغسطس سنة 1952 وافق مجلس الوزراء على مذكرة وزارة المالية والاقتصاد بالاستمرار في العمل بشروط اللياقة الصحية المعمول بها الآن والمنصوص عليها في لائحة القومسيونات الطبية ولم يتعرض هذا القرار إلى سلطة الإعفاء من هذه الشروط لأن تعديل هذه المادة لم يفوض أية جهة سلطة الإعفاء من شروط اللياقة الصحية كلها أو بعضها وكانت هذه السلطة بمقتضى قواعد التوظف الملغاة بصدور القانون رقم (210) لسنة 1951 موكولة إلى اللجنة المالية ومجلس الوزراء ثم عهد بها إلى كل وزير في وزارته تخفيفاً من عبء الأعمال عن كاهل مجلس الوزراء. ولما كانت قواعد الإعفاء من شروط اللياقة الصحية تتصل اتصالاً وثيقاً بشئون الموظفين إذ تطرأ حالات كثيرة تضطر فيها الحكومة إلى توظيف بعض الكفايات ممن لا تتوفر فيهم شروط اللياقة الصحية كلها لذلك رئي تعديل المادة (13) من القانون المشار إليه بما يجيز الإعفاء من شروط اللياقة الصحية كلها أو بعضها بقرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي القومسيون الطبي العام وموافقة ديوان الموظفين حتى تتحقق الرقابة في شرط الإعفاء والتثبت من صلاحية المرشح للوظيفة في القيام بأعبائها على الوجه الذي تتحقق به المصلحة العامة.
وفي 20 من أكتوبر سنة 1953 وجه السيد رئيس ديوان الموظفين إلى جميع وزارات الحكومة ومصالحها الكتاب الدوري رقم (74) لسنة 1953 بشأن الإعفاء من اللياقة الطبية جاء في نهايته: (وتنفيذاً لهذا القانون رقم 374 لسنة 1955 يوجه ديوان الموظفين نظر وزارات الحكومة ومصالحها إلى مراعاة عدم إصدار قرارات وزارية بإعفاء بعض الموظفين من اللياقة الطبية قبل أخذ رأي القومسيون الطبي العام والحصول على موافقة الديوان). وتوكيداً لهذا الاتجاه الصحيح أيضاً أذاع ديوان الموظفين في 3 من إبريل سنة 1954 الكتاب الدوري رقم (21) لسنة 1954 بشأن طلبات الإعفاء من شروط اللياقة الطبية جاء فيه: - "سبق أن أذاع الديوان في 15 من فبراير سنة 1954 الكتاب الدوري رقم (11) لسنة 1954 لفت فيه نظر الوزارات والمصالح إلى شكوى القومسيون الطبي العام من كثرة الطلبات الخاصة بالإعفاء من شروط اللياقة الصحية وخاصة بالنسبة إلى المستخدمين الخارجين عن الهيئة وقد شكت مصلحة صناديق الادخار والتأمين الحكومية من كثرة حالات الإعفاء الأمر الذي له أبلغ الأثر على التزامات المصلحة المالية قبل المشتركين من الموظفين في التأمين الإجباري وصناديق الادخار، ونظراً لأن الوزارات لم تراع أحكام الكتاب الدوري سالف الذكر مما دعا القومسيون الطبي العام إلى إعادة الشكوى. لذلك يكرر ديوان الموظفين توجيه نظر الوزارات والمصالح إلى أن الإعفاء من شروط اللياقة الصحية هو استثناء من أحكام قانون نظام موظفي الدولة ولا يجوز الالتجاء إليه إلا في حالات الضرورة القصوى أو في حالة الامتياز الظاهر والكفاية الذاتية الملحوظة في المرشح المراد إعفاؤه. هذا ويرجو الديوان في حالات طلب الإعفاء مراعاة التعليمات الآتية: (1) أن يكون تحويل المرشح المراد إعفاؤه إلى القومسيون الطبي بعد عرض الأمر على السيد الوزير وموافقة سيادته على هذا التحويل. (2) أن تتضمن طلبات الإعفاء التي ترسل إلى الديوان المبررات التي تستدعي الإعفاء من شروط اللياقة وكذا رأي القومسيون الطبي في الحالة المطلوبة. (3) على الوزارات ألا تتقدم بطلبات إعفاء إلا بعد أن تستوفي حاجتها من المرشحين اللائقين بقوائم الناجحين الموجودين بالديوان ويأمل الديوان أن تراعي الوزارات المصلحة العامة والاعتبارات المتقدمة عند طلبها إعفاء أي مرشح من شروط اللياقة الطبية".
وعلى ضوء ما تقدم لا يستساغ القول بأن مجرد تأشيرة السيد الوزير بكلمة (موافق) في 13 من نوفمبر سنة 1954 على كتاب السيد المدير العام لإدارة الكهرباء والغاز تدل على صدور قرار وزاري بتعيين المدعي ومعه خمسة عشر زميلاً مما ورد ذكر أسمائهم في الكشف رقم (2) المرفق بالكتاب المذكور، أولئك الذين لم يحوزوا درجة اللياقة الطبية ورسبوا في كشف القومسيون الطبي العام - في الدرجة الثامنة الكتابية الخالية بإدارة الكهرباء والغاز - وموافقة الوزير لا يمكن كذلك أن تنصرف إلى إعفاء من رسبوا في الكشف الطبي من شرط اللياقة الطبية قبل التعرف على رأي القومسيون الطبي العام في أمر هذا الإعفاء بل وقبل الحصول على موافقة ديوان الموظفين، وموافقة الوزير لا يمكن إلا أن تنصرف إلى تعيين من نجح في الكشف الطبي من المرشحين المذكورة أسماؤهم في الكشف رقم (1) وعددهم (32) كما جاء في تفصيل الكتاب المقدم إلى سيادة الوزير. ولا يملك الوزير على ضوء أحكام اللوائح والقوانين السالفة الذكر إلا أن يوافق على تحويل المرشح المراد إعفاؤه إلى القومسيون الطبي العام لإبداء الرأي في جواز منح الإعفاء في حدود المصلحة العامة وحدها.


إجراءات الطعن

في 28 من إبريل سنة 1959 أودع السيد النائب عن الحكومة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (808) لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 28 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم (279) لسنة 5 القضائية المقامة من حسنين محمود البطريق ضد وزارة الصناعة - إدارة الكهرباء والغاز - والذي يقضي "بأحقية المدعي في اعتباره بالدرجة الثامنة الكتابية اعتباراً من 23 من نوفمبر سنة 1954 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات. وطلب السيد النائب عن الحكومة - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل الأتعاب".
وقد أعلن هذا الطعن إلى الخصم في 28 من يونيه سنة 1959. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 29 من مايو سنة 1960 وفيها قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم (279) لسنة 5 القضائية ضد وزارة الصناعة - إدارة الكهرباء والغاز - بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في 21 من يوليه سنة 1958 يطلب فيها الحكم بأحقيته "في الدرجة الثامنة الكتابية من 23 من نوفمبر سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار". وقال شرحاً لدعواه إنه من حملة شهادة الثقافة العامة والتحق بإدارة الكهرباء والغاز في 19 من ديسمبر سنة 1950 في وظيفة كاتب باليومية. وفي 31 من ديسمبر سنة 1953 صدر القانون رقم (660) لسنة 1953 الخاص بالمرافق العامة التي تتولى الدولة إدارتها وإعمالاً لنص المادة الثانية من هذا القانون ونظراً لوجود وظائف من الدرجة الثامنة الكتابية الخالية بميزانية إدارة الكهرباء والغاز عقدت الإدارة اختباراً خاصاً للحاصلين على مؤهلات تجيز التعيين في الدرجة الثامنة ومن اكتسبوا خبرة بأعمال الإدارة طوال مدة خدمتهم بها. ولما كان المدعي من الناجحين في الاختبار وكانت سيرته ونشاطه موضع تقدير فقد تقدمت جهة الإدارة إلى السيد الوزير فوافق بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1954 على إعفاء المدعي من شروط اللياقة الطبية ولكن الإدارة عادت فألغت ترشيحه للدرجة الثامنة إعمالاً للقرار المذكور متذرعة بكتاب ديوان الموظفين رقم (162/ 1/ 2) الذي أفاد بأن التعيين يخضع لجميع الشروط الواردة بقانون التوظف، ولما كان القرار الوزاري الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1954 قد صدر في حدود السلطة المخولة للوزير بمقتضى القانون رقم (660) لسنة 1953 فإن حق المدعي في الدرجة يكون ثابتاً اعتباراً من هذا التاريخ.
ردت إدارة الكهرباء والغاز على هذه الدعوى بأنه نظراً لوجود بعض وظائف من الدرجة الثامنة خالية بميزانية الإدارة التي رئي شغلها من المستخدمين المعينين باليومية والحاصلين على مؤهلات دراسية تجيز التعيين فيها. فقد عقد لهم اختبار خاص وعومل الناجحون طبقاً لأحكام المادة الثانية من القانون رقم (660) لسنة 1953 من حيث تعيينهم دون الرجوع إلى ديوان الموظفين وتم تعيين من استوفى مسوغات تعيينه. ولم يتم تعيين المدعي لأنه لم يحز شرط اللياقة الطبية. وقد وافق السيد الوزير في 23 من نوفمبر سنة 1954 على إعفائه من هذا الشرط وعندما تحرر للقومسيون للحصول على موافقته أفاد في 27 من ديسمبر سنة 1954 بأنه لا ينصح بإعفائه من شرط اللياقة الطبية وترتب على ذلك إن ألغي ترشيحه للتعيين في وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية. وقد طلبت إدارة الكهرباء من ديوان الموظفين في 15 من أكتوبر، 25 من نوفمبر سنة 1956 الموافقة على إعفائه من شرط اللياقة الطبية فأفاد بأنه يأسف لعدم الموافقة فيكون ما اتخذته الإدارة من إجراء لترشيحه ثم صرف النظر عن تعيينه في وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية متفقاً مع القانون رقم (660) لسنة 1953، وتكون الدعوى قائمة على غير أساس من القانون.
وقدم السيد مفوض الدولة لدى المحكمة الإدارية لوزارة الصناعة تقريراً جاء فيه أن قرار إعفاء المدعي من شرط اللياقة الطبية، مع أنه قد شابه عيب شكلي جوهري هو صدوره قبل أخذ رأي القومسيون الطبي وديوان الموظفين إلا أنه قرار يرتب كافة الآثار القانونية التي يرتبها قرار الإعفاء السليم. ويبين من مذكرة الإدارة المرفوعة إلى السيد الوزير أنها تستهدف موافقته على تعيين من نجحوا في الكشف الطبي أو من رسب بعد إعفائه وقد وافق السيد الوزير على ذلك، فيكون القرار قد تضمن إلى جانب الإعفاء، وفي ثناياه تعيين المدعي في الدرجة الثامنة اعتباراً من تاريخ صدوره في 23 من نوفمبر سنة 1954. وانتهى مفوض الدولة أمام محكمة الحكم المطعون فيه إلى أحقية المدعي في دعواه.
وبجلسة 28 من فبراير سنة 1959 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارة الصناعة حكمها في الدعوى وهو يقضي "بأحقية المدعي في اعتباره بالدرجة الثامنة الكتابية اعتباراً من 23 من نوفمبر سنة 1954 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة (13) من القانون رقم 210 لسنة 1951 تجيز للوزير إعفاء المرشح من شرط اللياقة الطبية بعد أخذ رأي القومسيون الطبي العام، وموافقة ديوان الموظفين. غير أن القانون رقم (660) لسنة 1953 الخاص بالمرافق العامة التي تتولاها الدولة بعد انتهاء مدة الامتياز قد خول الوزير شغل الوظائف الكتابية الخالية دون الرجوع إلى ديوان الموظفين وبذلك لم يكن الرجوع إلى ديوان الموظفين إجراء لازماً للإعفاء في هذه الحالة، فعدم موافقته لا يبطل إجراءات التعيين، أما رأي القومسيون الطبي فقد كان تحت نظر الوزير عندما عرضت عليه مذكرة بإعفاء الراسبين ومنهم المطعون عليه. وقد وافق الوزير على ذلك، ثم قال الحكم المطعون فيه، أنه بموافقة الوزير على المذكرة التي تضمنت اقتراح تعيين الناجحين في الكشف الطبي وإعفاء الراسبين فيه يكون الفريقان في مركز متعادل من حيث استيفائهم جميعاً لشروط التعيين وإذ أشر الوزير بالموافقة في 23 من نوفمبر سنة 1954 فإن هذا يعتبر قراراً إدارياً صدر من مختص يحدث أثره المباشر الذي يكسب التعيين.
ومن حيث إن الطعن المقدم من وزارة الصناعة يقوم على أن المقصود باستطلاع رأي القومسيون في الإعفاء أن يتم كمرحلة تالية لرسوب المرشح في الكشف الطبي واتجاه الوزير إلى إعفائه ففي هذه الحالة يؤخذ رأي القومسيون في هذا الإعفاء قبل صدور قرار الإعفاء، وأنه وإن كان هذا بالرأي استشارياً إلا أن الحكم المطعون فيه كان على خطأ إذ قال إن هذه المرحلة قد استوفيت قبل موافقة الوزير إذ كان تحت نظره رسوبه في الكشف؛ إذ يحتم القانون الرجوع إلى القومسيون الطبي مرة ثانية لاستطلاع رأيه في إعفاء من ثبت من الكشف عليه عدم لياقته ويريد الوزير إعفاءه، وفضلاً عن ذلك فإن المذكرة المعروضة على الوزير تضمنت اقتراحين: الأول - تعيين من نجحوا في الكشف الطبي والثاني - إعفاء الراسبين، وأنه وإن كان مفهوماً أن الإعفاء تمهيداً للتعين؛ إلا أنه لا يمكن التسليم بما قاله الحكم من أن موافقة الوزير على هذا الإعفاء تنتج التعيين مباشرة. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون إذ اعتبر المدعي معيناً فعلاً بمقتضى تأشيرة الوزير بالإعفاء من الكشف الطبي؛ ومن ثم قضى بأحقيته في الدرجة الثامنة. وانتهى طعن الحكومة إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات ومقابل الأتعاب عن الدرجتين.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه عين في 19 من ديسمبر سنة 1950 بإدارة الكهرباء والغاز كاتباً بأجر يومي قدره (200) مليم وكان حاصلاً على الشهادة الابتدائية ثم حصل بعد ذلك على شهادة الدراسة الثانوية القسم العام سنة 1952، وفي 20 من سبتمبر سنة 1952 تقدم المدعي بطلب لتعيينه في الدرجة الثامنة الكتابية وقدم طلباً آخر في 13 من سبتمبر سنة 1953 فأحيل إلى القومسيون الطبي العام للكشف عليه فقرر القومسيون في 21 من إبريل وفي 10 من مايو وفي 22 من مايو سنة 1954 أنه (لم يحز درجة اللياقة الطبية المقررة للنظر). فقدم طلباً في 16 من سبتمبر سنة 1954 طالباً إعفاءه من اللياقة الطبية في النظر. فتقدم المدير العام لإدارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة إلى السيد وزير الأشغال العمومية بكتاب هذا نصه: "إلحاقاً لتأشير سيادتكم في 26 من أغسطس سنة 1954 بخصوص الكتابة لديوان الموظفين للإفادة عن الطريق التي يمكن للإدارة بها تعيين بعض مستخدمي اليومية بها وعددهم (48) الذين نجحوا في الاختبار الذي عقد في 6 من يوليه سنة 1954 للتعيين في الدرجات الثامنة الكتابية الخالية أتشرف بالإفادة أن ديوان الموظفين أجاب بكتابه في أول أكتوبر سنة 1954 بأنه يرى أن تعيين هؤلاء المستخدمين هو تعيين جديد يخضع فيه المستخدم لجميع الشروط الواردة بقانون موظفي الدولة، ويمنح كل منهم الماهية القانونية المقررة للدرجة المعين فيها. وحيث إنه قد نجح في الكشف الطبي (32) المبينة أسماؤهم بالكشف رقم (1) المرفق بهذا الكتاب، ولم يحز درجة اللياقة الطبية (16) وهم الموضحة أسماؤهم بالكشف رقم (2) المرافق أيضاً ونظراً لطول مدة خدمتهم الأمر الذي قد يرجع إليه السبب في عدم لياقة من رسبوا في الكشف الطبي. لذلك أتشرف بعرض الأمر على سيادة الوزير رجاء التفضل بالموافقة على تعيين من ثبتت لياقتهم طبياً وإعفاء من رسبوا في الكشف الطبي من شرط اللياقة الطبية. وتفضلوا..." وقد أشر السيد وزير الأشغال على هذا الكتاب بكلمة (نوافق) إمضاء في 23 من نوفمبر سنة 1954. وقد تبين أن اسم المدعي وارد ضمن الكشف المنوه عنه رقم (2) في هذا الكتاب. وفي 18 من ديسمبر سنة 1954 كتب مدير عام إدارة الكهرباء والغاز إلى مدير عام مصلحة القومسيونات الطبية بوزارة الصحة في شأن طلب الرأي في إعفاء المدعي من شرط اللياقة الطبية حيث كشف عليه بجلسة 22 من مايو سنة 1954 لوظيفة كتابية دائمة ووجد أنه لم يحز درجة اللياقة المقررة للنظر بالنظارة. فأفادت مصلحة القومسيونات الطبية بكتابها رقم (26484) في 27 من ديسمبر سنة 1954 بأن "القومسيون الطبي العام لا ينصح بإعفائه من شرط اللياقة الطبية". وفي 13 من أكتوبر سنة 1956 كتب السيد مدير عام إدارة الكهرباء والغاز إلى السيد رئيس ديوان الموظفين بشأن طلب الموافقة على إعفاء المدعي بوصفه مرشحاً للتعيين بوظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية من شرط اللياقة الطبية. فأفاد رئيس الديوان في 27 من أكتوبر سنة 1956 بأن "الديوان يأسف لعدم موافقته على إعفاء السيد المذكور من شرط اللياقة الطبية نظراً".
ومن حيث إنه في 31 من ديسمبر سنة 1953 صدر القانون رقم (660) لسنة 1953 بشأن موظفي ومستخدمي المرافق العامة التي تنتقل إدارتها إلى الدولة، وقد نص في المادة الأولى منه (مع عدم الإخلال بأحكام المرسوم بقانون رقم (44) لسنة 1936 الخاص بشروط توظيف الأجانب والمعدل بالقانون رقم (284) لسنة 1953 إذا انتهى عقد التزام بإدارة مرفق عام وتولت الدولة إدارة هذا المرفق بالطريق المباشر جاز لمجلس الوزراء استثناء من أحكام المواد (6، 13، 15) من القانون رقم (210) لسنة 1951 المشار إليه أن يعين بخدمة المرفق من تقتضي المصلحة تعيينهم من الموظفين الذين كانوا بخدمته قبل تولي الدولة إدارته على أن يوضع من يعين على هذا الوجه في درجة من الدرجات المنصوص عليها في القانون رقم (210) لسنة 1951 وأن يراعى في تعيين هذه الدرجة المرتب الذي كان يتقاضاه قبل ذلك، ومدة خدمته ونوع عمله). ونصت المادة الثانية من هذا القانون على أنه "يجوز للوزير المختص دون الرجوع لديوان الموظفين شغل الوظائف الكتابية التي تخلو بالمرافق المشار إليها في المادة السابقة خلال سنة من تولي الدولة إدارة المرفق أو من تاريخ العمل بهذا القانون أي المدتين أطول"، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن قصد الشارع من اتباع هذا الاستثناء والحكمة التي دفعت إليه والحدود التي يتعين مراعاتها عند إعمال أحكام هذا القانون. وتجرى المذكرة الإيضاحية بأنه "لما كانت المصلحة تقتضي تعيين الصالحين من الموظفين الذين كانوا بخدمة مرفق من المرافق التي تدار بطريقة الالتزام ثم تتولى الدولة إدارتها بطريقة (الريجي) للانتفاع بخبرة هؤلاء الموظفين وكان بعضهم ممن لا تتوافر فيه شروط التوظف المنصوص عليها في القانون رقم (210) لسنة 1951 فإن المصلحة العامة تقتضي وضع تشريع لاستثناء هؤلاء من بعض أحكام القانون المتقدم ذكره؛ لذلك وضع المشروع المرافق فتضمنت أحواله جواز استثناء هؤلاء من أحكام التوظف بالنسبة للدرجة التي يوضعون بها على أن يراعى في تعيين تلك الدرجة المرتب الذي كان يتقاضاه قبل ذلك ومدة خدمته ونوع عمله. وقد تضمن المشروع حكماً آخر أجيز بمقتضاه التعيين في الوظائف الكتابية التي تخلو بالمرافق المتقدمة الذكر دون رجوع لديوان الموظفين خلال سنة من تولي الدولة إدارة المرافق أو من تاريخ العمل بهذا القانون أي المدتين أطول؛ وذلك لأن مصلحة المرافق المذكورة تقتضي عدم التراخي في شغل الوظائف الخالية بها حتى تستوفي الإجراء المتقدم الذكر. وفي 31 من يناير سنة 1954 صدر القانون رقم (53) لسنة 1954 فأدخل تعديلاً على المادة الأولى من القانون رقم (660) لسنة 1953 أجاز بمقتضاه لمجلس الوزراء منح مرتب يزيد على بداية أو نهاية مربوط الدرجة التي يوضع عليها الموظف وذلك بصفة شخصية. وجاء في المذكرة الإيضاحية أيضاً لهذا القانون الأخير ما يزيد الأمر إيضاحاً ويؤكد الهدف الذي من أجله اتبع المشرع هذا السبيل الاستثنائي في إدارة المرافق العامة التي تنتقل إدارتها إلى الدولة "ولما كان تعيين هؤلاء الموظفين سيتم بالاستثناء من بعض أحكام التوظف العامة وكان الدافع إليه هو مواجهة الحالة الطارئة عقب انتقال المرفق من نظام الالتزام إلى نظام (الريجي) على نحو يضمن إطراد العمل به وانتظامه وذلك إلى أن تستكمل الحكومة عدتها من الموظفين القادرين على النهوض بهذا النوع الخاص من العمل والمنطبقة عليهم في الوقت نفسه كافة أحكام التوظف العامة بغير استثناء فإن مراعاة هذه الاعتبارات تقتضي أن يكون التعيين موقوفاً بالمدة التي يحددها مجلس الوزراء...".
ومن حيث إن الفقرة السابعة من المادة السادسة من قانون نظام موظفي الدولة رقم (210) لسنة 1951 اشترطت فيمن يعين في إحدى وظائف الدولة (أن تثبت لياقته الصحية فيما عدا الموظفين المعينين بمراسيم أو أوامر جمهورية) كما نصت المادة (13) من هذا القانون على أن (شروط اللياقة الصحية المشار إليها في المادة السادسة يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح ديوان الموظفين ويجوز إعفاء الموظف من كل هذه الشروط أو من بعضها بقرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي القومسيون الطبي العام وموافقة ديوان الموظفين، فالإعفاء من شروط اللياقة الصحية يجوز أن يمنح بقرار من الوزير المختص بشرط: أخذ رأي القومسيون وموافقة ديوان الموظفين. والقول بغير هذا لا يتفق مع التدرج التشريعي السابق لهذا النص فقد أصاب هذه المادة تعديلان: الأول: بالمرسوم بقانون رقم (79) الصادر في 5 من يونيه سنة 1952 وكان نصها قبل هذا التعديل "شروط اللياقة الصحية المشار إليها في المادة السادسة يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح ديوان الموظفين، ولرئيس هذا الديوان الحق في إعفاء الموظف من كل هذه الشروط أو من بعضها" والثاني: بالقانون رقم (374) الصادر في 30 من يوليه سنة 1953 وكان نصها قبل هذا التعديل الأخير: "يصدر بشروط اللياقة الصحية المنصوص عليها في المادة (6) وبشروط الإعفاء منها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين" ومن هذا التدرج في الاتجاه التشريعي يبين مدى حرص الشارع على تنظيم الإعفاء من شروط اللياقة الصحية وتحقيق الرقابة عليها وضبط ممارستها فقيدها بقيدين هما أخذ رأي القومسيون وكذلك موافقة ديوان الموظفين يؤكد ذلك أيضاً ما جاءت به المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء بشأن القانون رقم 374 لسنة 1953 وهو الذي وضع النص الحالي الأخير للمادة (13) على النحو المذكور فيما سبق؛ "كانت المادة (13) من قانون التوظف تقضي بأن يصدر بشروط اللياقة الصحية قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح ديوان الموظفين وأن يكون لرئيس هذا الديوان الحق في إعفاء الموظف من شروط اللياقة الصحية كلها أو بعضها ثم صدر المرسوم بقانون رقم (79) لسنة 1952 معدلاً لأحكام هذه المادة وقرر بأن يصدر بشروط اللياقة الصحية والإعفاء منها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين. وفي 11 من أغسطس سنة 1952 وافق مجلس الوزراء على مذكرة وزارة المالية والاقتصاد بالاستمرار في العمل بشروط اللياقة الصحية المعمول بها الآن والمنصوص عليها في لائحة القومسيونات الطبية ولم يتعرض هذا القرار إلى سلطة الإعفاء من هذه الشروط لأن تعديل هذه المادة لم يفوض أية جهة سلطة الإعفاء من شروط اللياقة الصحية كلها أو بعضها وكانت هذه السلطة بمقتضى قواعد التوظف الملغاة بصدور القانون رقم (210) لسنة 1951 موكولة إلى اللجنة المالية ومجلس الوزراء ثم عهد بها إلى كل وزير في وزارته تخفيفاً من عبء الأعمال عن كاهل مجلس الوزراء. ولما كانت قواعد الإعفاء من شروط اللياقة الصحية تتصل اتصالاً وثيقاً بشئون الموظفين إذ تطرأ حالات كثيرة تضطر فيها الحكومة إلى توظيف بعض الكفايات ممن لا تتوفر فيهم شروط اللياقة الصحية لذلك رئي تعديل المادة (13) من القانون المشار إليه بما يجيز الإعفاء من شروط اللياقة الصحية كلها أو بعضها بقرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي القومسيون الطبي العام وموافقة ديوان الموظفين حتى تتحقق الرقابة في شرط الإعفاء وللتثبت من صلاحية المرشح للوظيفة في القيام بأعبائها على الوجه الذي تتحقق به المصلحة العامة".
وفي 20 من أكتوبر سنة 1953 وجه السيد رئيس ديوان الموظفين إلى جميع وزارات الحكومة ومصالحها الكتاب الدوري رقم (74) لسنة 1953 بشأن الإعفاء من اللياقة الطبية جاء في نهايته: "وتنفيذاً لهذا القانون رقم 374 لسنة 1955 يوجه ديوان الموظفين نظر وزارات الحكومة ومصالحها إلى مراعاة عدم إصدار قرارات وزارية بإعفاء بعض الموظفين من اللياقة الطبية قبل أخذ رأي القومسيون الطبي العام والحصول على موافقة الديوان". وتوكيداً لهذا الاتجاه الصحيح أيضاً أذاع ديوان الموظفين في 3 من إبريل سنة 1954 الكتاب الدوري رقم (21) لسنة 1954 بشأن طلبات الإعفاء من شروط اللياقة الطبية جاء فيه: "سبق أن أذاع الديوان في 15 من فبراير سنة 1954 الكتاب الدوري رقم (11) لسنة 1954 لفت فيه نظر الوزارات والمصالح إلى شكوى القومسيون الطبي العام من كثرة الطلبات الخاصة بالإعفاء من شروط اللياقة الصحية وخاصة بالنسبة إلى المستخدمين الخارجين عن الهيئة وقد شكت مصلحة صناديق الادخار والتأمين الحكومية كذلك من كثرة حالات الإعفاء. الأمر الذي له أبلغ الأثر على التزامات المصلحة المالية قبل المشتركين من الموظفين في التأمين الإجباري وصناديق الادخار؛ ونظراً لأن الوزارات لم تراع أحكام الكتاب الدوري سالف الذكر مما دعا القومسيون الطبي العام إلى إعادة الشكوى. لذلك يكرر ديوان الموظفين توجيه نظر الوزارات والمصالح إلى أن الإعفاء من شرط اللياقة الصحية هو استثناء من أحكام قانون نظام موظفي الدولة ولا يجوز الالتجاء إليه إلا في حالات الضرورة القصوى أو في حالة الامتياز الظاهر والكفاية الذاتية الملحوظة في المرشح المراد إعفاؤه هذا ويرجو الديوان في حالات طلب الإعفاء مراعاة التعليمات الآتية: - (1) أن يكون تحويل المرشح المراد إعفاؤه إلى القومسيون الطبي بعد عرض الأمر على السيد الوزير وموافقة سيادته على هذا التحويل. (2) أن تتضمن طلبات الإعفاء التي ترسل إلى الديوان المبررات التي تستدعي الإعفاء من شروط اللياقة وكذا رأي القومسيون الطبي في الحالة المطلوبة. (3) على الوزارات ألا تتقدم بطلبات إعفاء إلا بعد أن تستوفي حاجتها من المرشحين اللائقين بقوائم الناجحين الموجودة بالديوان، ويأمل الديوان أن تراعي الوزارات المصلحة العامة والاعتبارات المتقدمة عند طلبها إعفاء أي مرشح من شروط اللياقة الطبية".
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم لا يستساغ القول بأن مجرد تأشيرة السيد الوزير بكلمة (موافق) في 13 من نوفمبر سنة 1954 على كتاب السيد المدير العام لإدارة الكهرباء والغاز السالف ذكر نصه تدل على صدور قرار وزاري بتعيين المدعي ومعه خمسة عشر زميلاً مما ورد ذكر أسمائهم في الكشف رقم (2) المرفق بالكتاب المذكور، أولئك الذين لم يحوزوا درجة اللياقة الطبية ورسبوا في كشف القومسيون الطبي العام - في الدرجة الثامنة الكتابية الخالية بإدارة الكهرباء والغاز وموافقة الوزير لا يمكن كذلك أن تنصرف إلى إعفاء من رسبوا في الكشف الطبي من شرط اللياقة الطبية قبل التعرف على رأي القومسيون الطبي العام في أمر هذا الإعفاء بل وقبل الحصول على موافقة ديوان الموظفين. وموافقة الوزير لا يمكن إلا أن تنصرف إلى تعيين من نجح في الكشف الطبي من المرشحين المذكورة أسماؤهم في الكشف رقم (1) وعددهم (32) كما جاء في تفصيل الكتاب المقدم إلى سيادة الوزير، ولا يملك الوزير على ضوء أحكام اللوائح والقوانين السالفة الذكر إلا أن يوافق على تحويل المرشح المراد إعفاؤه إلى القومسيون الطبي العام لإبداء الرأي في جواز منح الإعفاء في حدود المصلحة العامة وحدهما. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً آخر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين إلغاؤه ورفض الدعوى لأنها لا تقوم على سند سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.