مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1960 إلى آخر ديسمبر سنة 1960) - صـ 306

(44)
جلسة 17 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 468 لسنة 5 القضائية

موظف - أقدمية - ضم مدة خدمة سابقة - حساب مدة الخدمة السابقة في الأقدمية لا يعطي الموظف حقاً في الطعن في قرارات الترقية الصادرة في هذه المدة - أساس ذلك هو عدم تمتعه بأي حق في مزاحمة المرشحين للترقية في ذاك الوقت - عدم أحقيته في ذلك إلا بصدور قرار يحدد مركزه القانوني بين هؤلاء المرشحين - مثال.
إذا تبين أن المدعي لم يعين بوزارة التربية والتعليم إلا في أول ديسمبر سنة 1951 أي بعد تاريخ صدور القرار المطعون فيه رقم 10292 في 31 من أكتوبر سنة 1951، ومن ثم فإنه مهما يكن من أمر أقدميته، التي لم ترتب له في الدرجة السادسة وما كان ممكناً ولا جائزاً قانوناً أن ترتب له في هذه الدرجة قبل تعيينه في أول ديسمبر سنة 1951، لم يكن له وقت صدور القرار المطعون فيه المذكور أصل حق في أن يتزاحم في الترشيح للترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية مع من ينتظمهم سلك مدرسي وزارة التربية والتعليم الذين كانوا يشغلون الدرجة السادسة الفنية العالية وكان لا بد لكي يكون له أصل حق التزاحم أن يصدر قرار بإنشاء هذا المركز القانوني له في وزارة التربية والتعليم بتعيينه فيها مدرساً من الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي حتى يجوز له أن يتزاحم بدوره طبقاً للقانون مع موظفي هذا الكادر، وهذا القرار لم يصدر إلا في أول ديسمبر سنة 1951 بعد صدور القرار المطعون فيه رقم 10292 في 31 من أكتوبر سنة 1951 وبذلك ينهار الأساس القانوني الذي يقيم المدعى عليه طعنه في القرار المذكور.


إجراءات الطعن

في 7 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة المنازعات الخاصة بالفصل بغير الطريق التأديبي وقرارات الإحالة إلى المعاش والاستيداع وكذلك القرارات الخاصة بالتعيين والترقية) بجلسة 7 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 269 لسنة 12 القضائية المقامة من ألبير مرقس إسكندر ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي بإلغاء القرار الصادر من وزارة التربية والتعليم في 31 من أكتوبر سنة 1951 رقم 10292 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة وباعتبار أقدميته في هذه الدرجة راجعة إلى التاريخ المحدد للترقية بالقرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المذكورة بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات، وأعلنت صحيفة هذا الطعن إلى المدعي بتاريخ 8 من يونيه سنة 1959 وإلى وزارة التربية والتعليم في 2 من يونيه سنة 1959، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من مايو سنة 1960 وأبلغ الطرفان في 10 من مايو سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 22 من أكتوبر سنة 1960 وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة 19 من نوفمبر سنة 1960 وفيها مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 269 لسنة 12 القضائية بعريضة أودعها سكرتارية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1957 ذكر فيها أنه حصل على درجة ليسانس الآداب من جامعة الإسكندرية في مايو سنة 1945 والتحق بالتدريس في المدارس الحرة، وفي أول ديسمبر سنة 1951 عين مدرساً بالتعليم الأميري بمدرسة دمنهور الثانوية للبنين وقدم طلبات كثيرة لضم مدة خدمته بالتعليم الحر إلا أن الوزارة لم تضم تلك المدة إلا في 15 من نوفمبر سنة 1955 وأرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 23 من سبتمبر سنة 1945. وبتاريخ 16 من يناير سنة 1956 رقي إلى الدرجة الخامسة. وبمناسبة عودته من انتدابه بالعراق في صيف سنة 1956 تقدم بشكوى إلى السيد وزير التربية والتعليم التمس فيها إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى تاريخ سابق أسوة بزملائه الذين لم يستطع التعرف على أسمائهم. ثم استطاع بعد جهد كبير أن يعلم بأسماء الزملاء الذين يحق له أن يطعن على ترقيتهم قبله إلى الدرجة الخامسة بحكم أنه أضحى أسبق منهم في أقدمية الدرجة السادسة بعد ضم مدة خدمته بالتعليم الحر وإرجاع أقدميته في تلك الدرجة إلى 23 من سبتمبر سنة 1945. ولما كان الموظف لا يضار من تراخي الإدارة في تسوية حالته، لذلك طلب المدعي الحكم بإلغاء القرار الصادر بترقية زملائه الذين أشار إلى أسمائهم في عريضة الدعوى إلى الدرجة الخامسة سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق. وردت الوزارة على الدعوى بأن القرار الصادر بترقية من ذكر المدعي أسماءهم في عريضة الدعوى، عدا السيد/ أحمد عبد الحليم سالم العيوطي) إلى الدرجة الخامسة هو القرار رقم 10292 في 31 من أكتوبر سنة 1951 أما السيد/ أحمد عبد الحليم سالم العيوطي فقد دخل الخدمة في 16 من أكتوبر سنة 1949 في الدرجة السادسة ورقي إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 31 من مارس سنة 1954. وأنه لما كانت الحركة المطعون فيها قد أجريت في شهر أكتوبر سنة 1951 والتحق المدعي بخدمة الوزارة في أول ديسمبر سنة 1951 فإنه على فرض تسوية حالته منذ دخوله الحكومة في أول ديسمبر سنة 1951 لم يكن من الجائز ترقيته في الحركة المطعون فيها لأنه لم يكن من عداد موظفي الوزارة.
وبجلسة 7 من يناير سنة 1959 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار رقم 10292 الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1951 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة وباعتبار أقدميته في هذه الدرجة راجعة إلى التاريخ المحدد للترقية بالقرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المدعى عليها بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن مقتضى إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة إلى 23 من سبتمبر سنة 1945 أن تترتب له ذات الحقوق والمزايا التي كانت لزملائه المدرجين في الدرجة السادسة الفنية العالية المعينين في الخدمة في ذلك الوقت بحيث يعتبر وكأنه عين في خدمة الحكومة ابتداء ولأول مرة اعتباراً من 23 من سبتمبر سنة 1945.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 يفيد منه الموظف في تحديد مرتبه وفي أقدميته في درجته التي يعين عليها مما يجعل له الحق في الطعن في القرارات التالية على التحاقه بالخدمة إلا أنه لا يجعل له أي وجه في الطعن في القرارات التي صدرت قبل تعيينه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه حاصل على درجة الليسانس عام 1945 من كلية الآداب بجامعة الإسكندرية والتحق بعد تخرجه بخدمة التعليم الحر فعمل من 23 من أكتوبر سنة 1945 مدرساً بالمدرسة المرقسية الابتدائية بمحرم بك ثم بمدرسة الدكتور طه حسين الابتدائية من أول نوفمبر سنة 1948 ثم عين بوزارة التربية والتعليم في أول ديسمبر سنة 1951 مدرساً بمدرسة دمنهور الثانوية بالدرجة السادسة وندب للعمل بمدارس العراق لمدة سنة من 21 من سبتمبر سنة 1954 وقد ضمت مدة خدمته السابقة بالتعليم الحر فأرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 23 من نوفمبر سنة 1948 بالقرار رقم 2743 بتاريخ 14 من فبراير سنة 1954 ثم أرجعت هذه الأقدمية إلى 23 من سبتمبر سنة 1945 بالقرار رقم 783 في 5 من نوفمبر سنة 1955 ورقي إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني العالي في 16 من يناير سنة 1956.
ومن حيث إنه ثابت مما تقدم أنه إذ تبين أن المدعي لم يعين بوزارة التربية والتعليم إلا في أول ديسمبر سنة 1951 أي بعد تاريخ صدور القرار المطعون فيه رقم 10292 في 31 من أكتوبر سنة 1951؛ ومن ثم فإنه مهما يكن من أمر أقدميته التي لم ترتب له في الدرجة السادسة وما كان ممكناً ولا جائزاً قانوناً أن ترتب له في هذه الدرجة قبل تعيينه في أول ديسمبر سنة 1951، لم يكن له وقت صدور القرار المطعون فيه المذكور أصل حق في أن يتزاحم في الترشيح للترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية مع من ينتظمهم سلك مدرسي وزارة التربية والتعليم الذين كانوا يشغلون الدرجة السادسة الفنية العالية وكان لا بد لكي يكون له أصل حق في التزاحم أن يصدر قرار بإنشاء هذا المركز القانوني له في وزارة التربية والتعليم بتعيينه فيها مدرساً من الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي حتى يجوز له أن يتزاحم بدوره طبقاً للقانون مع موظفي هذا الكادر. وهذا القرار لم يصدر إلا في أول ديسمبر سنة 1951 بعد صدور القرار المطعون فيه رقم 10292 في 31 من أكتوبر سنة 1951 وبذلك ينهار الأساس القانوني الذي يقيم المدعى عليه طعنه في القرار المذكور.
ومن حيث إنه ولئن كان طعن المدعي في القرار رقم 10292 الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1951 على غير أساس سليم من القانون، إلا أنه إذ طلب أيضاً في صحيفة دعواه إلغاء القرار الصادر بترقية السيد/ أحمد عبد الحليم سالم العيوطي إلى الدرجة الخامسة فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة. وكشفت وزارة التربية والتعليم في إجابتها على الدعوى عن أن هذا المطعون في ترقيته قد رقي إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 31 من مارس سنة 1954 - أي بعد تعيين المدعي في الوزارة المذكورة وأن أقدميته في الدرجة السادسة ترجع إلى 16 من أكتوبر سنة 1949 على حين ترجع أقدمية المدعي في الدرجة المذكورة إلى 23 من سبتمبر سنة 1945، فإن الوزارة تكون قد تخطت المدعي في هذه الترقية وهو الأقدم، ويكون قرارها في هذا الشأن قد خالف القانون، حقيقاً بالإلغاء فيما تضمنه من تخطي المدعي الذي لم يثبت أنه علم به علماً يقينياً مستكملاً لجميع العناصر التي على هداها يستطيع أن يتبين مركزه القانوني قبل رفع دعواه، وغني عن البيان أنه لا عبرة بتراخي الوزارة في تسوية حالة المدعي إلى 5 من نوفمبر سنة 1955، فالموظف يجب ألا يضار بهذا التراخي، ولما كانت المنازعة بعد ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة قد أصبحت محصورة في ترتيب أقدميته في الدرجة المذكورة فإنه يجب إلغاء قرار الترقية المذكور إلغاء جزئياً في هذا الخصوص ورد الأمر إلى نصابه القانوني باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة إلى 31 من مارس سنة 1954 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين القضاء بتعديله على الوجه المتقدم ذكره.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة إلى 31 من مارس سنة 1954، وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.