أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1002

جلسة 23 من مايو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور محمد حافظ هريدي، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(149)
الطعن رقم 412 لسنة 34 القضائية

( أ ) إعلان. "إعلان الشركات التجارية". شركات.
جواز تسليم صورة الإعلان - في الحالات المبينة بالمادة 14 مرافعات - إلى من ينوب عن أحد الشركاء المتضامنين أو رئيس مجلس الإدارة أو المدير فيما يتعلق بإعلان الشركات التجارية.
(ب) نقل. "الدعوى قبل أمين النقل لتلف البضاعة". "تقادمها". تقادم. "بدء مدة التقادم". قانون. "تفسير النص".
الدعوى ضد أمين النقل بسبب تلف البضاعة. تقادمها بمضي مائة وثمانين يوماً من تاريخ تسليم البضاعة. سريان هذا التقادم في حالة رفض المرسل إليه استلام البضاعة من تاريخ عرضها عليه للاستلام وهو ما يفيده النص الفرنسي للمادة 104 من قانون التجارة.
1 - إن المشرع وإن كان قد نص في المادة 14/ 4 من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو المدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه إلا أنه أردف ذلك بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من هذه المادة من أنه "إذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها. هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك في الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة" فدل ذلك على جواز تسليم صورة الإعلان في الحالات المبينة بهذه المادة إلى من ينوب عن أحد من الأشخاص الوارد ذكرهم فيها.
2 - لئن كانت المادة 104 من قانون التجارة تقضي بأن كل دعوى ترفع على أمين النقل بسبب تلف البضاعة تسقط بمضي مائة وثمانين يوماً تبدأ من يوم تسليم البضاعة إلا أنه في حالة رفض المرسل إليه استلام البضاعة يسري هذا الميعاد من تاريخ عرضها عليه لاستلامها ووضعها تحت تصرفه وهو ما يفيده النص الفرنسي للمادة المذكورة الذي نص على أن ميعاد التقادم المنصوص عليه فيها يسري على حالة التلف من اليوم الذي كان يجب أن يحصل فيه تسليم البضاعة لا من يوم تسليمها كما ورد في النص العربي. هذا إلى أن اشترط التسليم الفعلي لبدء سريان هذا التقادم يؤدي في حالة رفض المرسل إليه استلام البضاعة بعد عرضها عليه إلى إطالة مدة التقادم وبقاء مسئولية الناقل معلقة ومرهونة بمشيئة المرسل إليه الأمر الذي لا يمكن أن يكون قد اتجه إليه قصد الشارع الذي هدف من تقرير هذا التقادم القصير إلى الإسراع في تصفية جميع دعاوى المسئولية التي ترفع على أمين نقل البضائع والناشئة عن عقد النقل قبل أن تضيع معالم الإثبات ويتعذر الوصول إلى الحقيقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1692 سنة 1961 تجاري كلي القاهرة على الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية "الطاعنة" بالصحيفة المعلنة في أول نوفمبر سنة 1961 طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 438 ج و975 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وقالت شرحاً لدعواها إنها شحنت بتاريخ 15 إبريل سنة 1961 رسالتين من السكر من مصانعها بكوم امبو إلى عميلها بالواحات الخارجة على القطار رقم 7 التابع للهيئة الطاعنة. وعندما وصل القطار إلى محطة الخارجة في يوم 25 إبريل سنة 1961 تبين أنه حدث به حريق وهو في طريقه إلى هذه المحطة وقد سبب هذا الحريق تلف جزء من رسالتي السكر المذكورتين قيمته 416 ج و375 م وثبت من التحقيق الذي أجرته شرطة الواحات أن الحريق نشأ عن شرر تطاير من القطار وأنه إذ كانت الهيئة الطاعنة مسئولة عن تسليم البضاعة التي قامت بنقلها إلى المرسل إليه سليمة فإن حدث بها تلف التزمت بقيمته وبرد أجرة النقل التي قبضتها وذلك عملاً بالمادة 97 من قانون التجارة وكان مقدار هذه الأجرة 22 ج بإضافتها إلى قيمة السكر التالف تكون الجملة 438 ج و357 م لهذا فقد رفعت الدعوى بالمطالبة بهذا المبلغ وفوائده القانونية. دفعت الهيئة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد انقضاء أكثر من مائة وثمانين يوماً عملاً بالمادة 104 من قانون التجارة وعلى أساس أن هذه المدة يبدأ سريانها من يوم أول مايو سنة 1961 وهو تاريخ تسليم البضاعة وأنه إذ لم ترفع الدعوى إلا في أول نوفمبر سنة 1961 فإنها تكون قد رفعت بعد الميعاد وفي 30 يناير سنة 1963 قضت المحكمة برفض الدفع وبقبول الدعوى ثم حكمت في 12 يونيه سنة 1963 للشركة المطعون ضدها بطلباتها. فاستأنفت الهيئة الطاعنة هذين الحكمين لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 613 سنة 80 ق وأسست استئنافها على أن الحكم الأول القاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى أخطأ في اعتبار مسئوليتها مسئولية تقصيرية وفيما رتبه على ذلك من أن دعوى التعويض لا تسقط إلا بثلاث سنوات طبقاً للمادة 172 من القانون المدني إذ أن مسئولية الناقل مسئولية عقدية ودعوى التعويض عن التلف تسقط بالمدة المنصوص عليها في المادة 104 من قانون التجارة. كما عابت الهيئة على الحكم الثاني مخالفته للقانون لقضائه بثبوت مسئوليتها على الرغم من وجود شرط بإعفائها من المسئولية منصوص عليه في المادة 29 من لائحة البضائع. وفي 28 إبريل سنة 1964 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف وبتقرير تاريخه 25 يونيه سنة 1964 طعنت الهيئة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الشركة المطعون ضدها دفعت ببطلان إعلان تقرير الطعن تأسيساً على أن صورة الإعلان لم تسلم إلى رئيس مجلس إدارتها طبقاً لما تقضي به المادة 14 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أن المشرع وإن كان قد نص في المادة 14/ 4 من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو المدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه إلا أنه أردف ذلك بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من هذه المادة من أنه "إذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك في الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة" فدل بذلك على جواز تسليم صورة الإعلان في الحالات المبينة بهذه المادة إلى من ينوب عن أحد من الأشخاص الوارد ذكرهم فيها ولما كان الثابت من ورقة إعلان الطعن أنه وجه إلى المطعون ضده بصفته رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة السكر والتقطير المصرية وقد سلمت صورة الإعلان في مركز الشركة إلى السيد صلاح الحلواني المحامي المفوض في استلام صور الإعلان والذي لم تنكر الشركة المطعون ضدها نيابته عنها في استلام هذه الصور فإن إعلان الطعن إذ تم على هذا النحو يكون قد وقع صحيحاً ويكون الدفع في غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك تقول الهيئة الطاعنة إن هذا الحكم أسس قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 104 من قانون التجارة على أن المقصود بالتسليم المنصوص عليه في هذه المادة والذي يبدأ منه تقادم دعوى المسئولية هو التسليم الفعلي وأنه حتى يوم 7 يونيه سنة 1961 لم يكن المرسل إليهما قد تسلما باقي البضاعة وعلى هذا الأساس اعتبر الحكم سريان تقادم الدعوى يبدأ من هذا التاريخ وليس من يوم أول مايو سنة 1961 الذي وضعت فيه البضاعة تحت تصرف المرسل إليهما وترى الهيئة الطاعنة أن ذلك من الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون لأن نص المادة 104 يفيد أن مدة تقادم دعوى المسئولية عن التلف الحاصل للبضاعة المنقولة تبدأ من يوم وصول البضاعة ووضعها تحت تصرف المرسل إليه سواء كان قد استلمها فعلاً أو رفض استلامها وإذ كان الثابت أن لجنة مكونة من مفتش التموين ومندوب عن المطعون ضدها وآخر عن الطاعنة قد عاينت البضاعة يوم أول مايو سنة 1961 وحددت كمية السكر التي لم يلحقها التلف وسلمتها للمرسل إليهما أما الباقي وقدره تسعة وخمسين جوالاً فقد قامت هذه اللجنة بتسليمه لمندوب الهيئة الطاعنة بعد أن رفض المرسل إليهما استلامه فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتبر يوم أول مايو سنة 1960 مبدأ لسريان مدة المائة وثمانين يوماً المنصوص عليها في المادة 104 من قانون التجارة تأسيساً على أنه لم يحصل فيه تسليم فعلي للبضاعة يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه وإن كانت المادة 104 من قانون التجارة تقضي بأن كل دعوى ترفع على أمين النقل بسبب تلف البضاعة تسقط بمضي مائة وثمانين يوماً تبدأ من يوم تسليم البضاعة إلا أنه في حالة رفض المرسل إليه استلام البضاعة يسري هذا الميعاد من تاريخ عرضها عليه لاستلامها ووضعها تحت تصرفه وهذا ما يفيده النص الفرنسي للمادة المذكورة الذي نص على أن ميعاد التقادم المنصوص عليه فيها يسري في حالة التلف من اليوم الذي كان يجب أن يحصل فيه تسليم البضاعة لا من يوم تسليمها كما ورد في النص العربي. كما أن المادة 108 من قانون التجارة الفرنسي التي نقلت عنها المادة 104 من قانون التجارة المصري قد نصت صراحة بعد تعديلها بقانون 11 إبريل سنة 1888 على أن مدة التقادم تسري في غير حالة الهلاك الكلي للبضاعة من اليوم الذي تسلم فيه للمرسل إليه أو تعرض عليه. هذا إلى أن اشتراط التسليم الفعلي لبدء سريان هذا التقادم يؤدي في حالة رفض المرسل إليه استلام البضاعة بعد عرضها عليه إلى إطالة مدة التقادم وبقاء مسئولية الناقل معلقة ومرهونة بمشيئة المرسل إليه فيستطيع برفضه استلام البضاعة أن يمنع سريان التقادم ويعطل بذلك حكم السقوط المنصوص عليه في المادة 104 وهو الأمر الذي لا يمكن أن يكون قد اتجه إليه قصد الشارع الذي هدف من تقرير هذا التقادم القصير إلى الإسراع في تصفية جميع دعاوى المسئولية التي ترفع على أمين نقل البضائع والناشئة عن عقد النقل قبل أن تضيع معالم الإثبات ويتعذر الوصول إلى الحقيقة - لما كان ذلك وكان الواقع في هذه الدعوى - على ما سجله الحكم المطعون فيه - هو أن لجنة رسمية شكلت وحررت محضراً في يوم أول مايو سنة 1965 أثبت فيه حالة السكر المنقول والتلف الذي لحق ببعضه وأنها قامت بتسليم الكمية السليمة منه إلى المرسل إليهما واحتفظت بالكمية التالفة في عربة من عربات الهيئة الطاعنة بعد أن رفض المرسل إليهما استلامها فإن التسليم الذي عناه المشرع واعتبره مبدأ لسريان تقادم الدعوى في حالة تلف البضاعة يكون قد تحقق في هذا اليوم وإذ كانت الشركة المطعون ضدها لم ترفع دعواها بطلب قيمة ما تلف من البضاعة وأجرة نقله إلا في يوم أول نوفمبر سنة 1961 فإن هذه الدعوى تكون قد رفعت بعد انقضاء مدة المائة وثمانين يوماً المنصوص عليها في المادة 104 من قانون التجارة وكان لذلك يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقضي بقبول الدفع وبسقوط الدعوى بالتقادم وإذ خالف هذا النظر وأيد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع وقبول الدعوى فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما تقدم ولأن الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الهيئة الطاعنة غشاً أو خيانة مما يحول دون إعمال التقادم المنصوص عليه في المادة 104 من قانون التجارة فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع وبسقوط الدعوى بالتقادم المنصوص عليه في المادة المذكورة.