أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 301

جلسة 21 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

(52)
الطعن رقم 210 لسنة 35 القضائية

(1) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". "ضريبة القيم المنقولة".
استثمار بعض رأس مال المنشأة التجارية في أعمال التسليف دون أن يقتضي ذلك ضرورة مزاولة المهنة، وجوب خصم فوائد القرض - بعد تنزيل 10% منها مقابل المصاريف - من وعاء ضريبة الأرباح التجارية. علة ذلك. منع ازدواج الضريبة م 36 ق 14 سنة 1939. اتصال عملية الإقراض بمباشرة المهنة. إعفاء الفوائد من ضريبة القيم المنقولة. م 15/ 2.
(2) ضرائب. "مسائل منوعة".
الضريبة لا ترتكن على رباط عقدي، جواز تدارك الخطأ الواقع فيها. للممول استرداد ما دفعه بغير حق. وللمصلحة حق المطالبة بما هو مستحق زيادة على ما دفع.
1 - نص المادتين 30 و15 من القانون رقم 14 لسنة 1939 يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - على أن المشرع فيما أورده في المادة 30 منه قد فرض الضريبة على صافي الأرباح التي يحصل عليها أرباب المهن التجارية أياً كان مصدر هذه الأرباح ما دامت ناتجة من مزاولة مهنتهم، كما فرض الضريبة على فوائد الديون والودائع والتأمينات بما نص عليه في المادة 15/ 1، ولم يستثن من هذه الضريبة الأخيرة إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 15 وهي فوائد الديون والودائع المتصلة بمباشرة المهنة، ويقصد بها ما تقتضيه طبيعة المهنة أو ضرورياتها ما دامت تلك الفوائد داخلة في حساب المنشآت المنتفعة بها الكائنة في مصر وخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، ولكن المشرع رأى منعاً من ازدواج الضريبة أن يورد نص المادة 36 منه، ومقتضاها أنه إذا كان صاحب مهنة خاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، قد استثمر بعض رأس المال المخصص لمزاولة مهنته في أعمال التسليف دون أن تضطره إلى ذلك ضرورة مزاولة المهنة، فإن الضريبة المنصوص عنها في الفقرة الأولى من المادة 15 تكون مستحقة على الفوائد التي يحصل عليها من تلك السلفيات، وإذ تمثل تلك الفوائد في نفس الوقت جزءاً من الأرباح التجارية والصناعية وتستحق عليها ضريبة طبقاً للمادة 30 من القانون، فإنه عملاً بحكم المادة 36 ومنعاً من ازدواج الضريبة يتعين خصم تلك الفوائد بعد تنزيل 10% منها مقابل المصاريف من مجموع الربح الصافي الذي تستحق عليه الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. وإذ كان الثابت في الدعوى أن عملية الإقراض بالفائدة كانت متصلة بمباشرة مهنة المورث فإنه يتعين أن يطبق بشأنها نص المادة 15/ 2 دون المادة 36 من القانون، ولا يغير من هذا النظر أن يكون المورث قد أوفى بالضريبة المستحقة على فوائد الديون.
2 - الضريبة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - لا ترتكن في أساسها على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول وإنما تحددها القوانين التي تفرضها، وليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها، فللممول أن يسترد ما دفعه بغير حق وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع، ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الزقازيق قدرت صافي أرباح مورث المطعون عليهن من نشاطه في تجارة الأقطان والحبوب وعمليات التسليف في سنة 1947 بمبلغ 3366 ج، من ذلك مبلغ 328 ج و815 مليماً قيمة فوائد السلفيات، واتخذت أرباح هذه السنة أساساً للربط عليه عن كل من السنوات من 1948 إلى 1951، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 11/ 5/ 1957 بتخفيض صافي أرباحه إلى مبلغ 1266 ج وبسريان هذا التقدير على كل من السنوات من 1948 إلى 1951 وبسقوط الضرائب المستحقة عن 1947 بالتقادم، فقد أقام الدعوى رقم 129 سنة 1957 تجاري الزقازيق الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالباً الحكم باعتبار خسائره في سنة 1947 مبلغ 825 ج و212 مليم، وأرباحه في سنة 1948 مبلغ 337 ج و137 مليم وخسائره في السنوات من 1949 إلى 1951 مبالغ 950 ج و92 مليم و966 ج و928 مليم و1086 ج و128 مليم، وأثناء سير الدعوى توفى الممول وحل المطعون عليهن محله فيها، وجرى النزاع فيها - من بين ما جرى - حول خضوع فوائد السلفيات المتصلة بمباشرة مهنة المورث للضريبة على الأرباح التجارية، وبتاريخ 14/ 1/ 1964 حكمت المحكمة بتعديل القرار واعتبار صافي أرباح المورث في سنة 1947 مبلغ 320 ج و315 مليماً، وبسريان هذا التقدير على كل من السنوات من 1948 إلى 1951 وبتأييد القرار المطعون فيه فيما عدا ذلك. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 49 سنة 7 ق تجاري المنصورة (مأمورية الزقازيق) طالبة إلغاءه والحكم بتأييد قرار لجنة الطعن. وبتاريخ 24/ 1/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به في خصوص فوائد السلفيات، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بإضافة 10% فقط من فوائد السلفيات إلى وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية تطبيقاً لنص المادة 26 من القانون رقم 14 لسنة 1939، مستنداً في ذلك إلى أن عملية الإقراض بالفائدة متصلة بمباشرة مهنة مورث المطعون عليهن وأنه قام بسداد الضريبة المستحقة على الفوائد التي حصل عليها في سنة 1947، وهو من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أن المادة 36 سالفة الذكر لا تطبق إلا على الفوائد الناتجة من استثمار أموال المنشأة والتي تخضع لضريبة فوائد الديون، أما الفوائد موضوع النزاع فهي ناتجة عن عمليات تسليف متصلة بمباشرة مهنة المورث وتخضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية تطبيقاً لنص المادة 15/ 2 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وهي تقضي بأن يعفى من الضريبة على فوائد الديون الفوائد المتصلة بمباشرة المهنة والتي تدخل في حساب المنشأة المنتفعة بها الكائنة في مصر وتخضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، وذلك منعاً من ازدواج الضريبة على هذه الفوائد فتخضع لضريبة الأرباح التجارية والصناعية باعتبارها جزءاً من أرباح المنشأة التي حصلتها، ثم تخضع في نفس الوقت للضريبة على فوائد الديون، وإذ أعمل الحكم نص المادة 36 على الفوائد موضوع الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ولا يغير من ذلك القول بأن المورث قام بسداد الضريبة المقررة بالكتاب الأول على هذه الفوائد، لأن هذا السداد يكون وفاء بغير المستحق وبالثاني غير مانع من اقتضاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المستحقة عليها طبقاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 30 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أنه "اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1938 تفرض ضريبة سنوية على أرباح المهن والمنشآت التجارية والصناعية أو المتعلقة بالحرف ومن بينها امتيازات ومنشآت المناجم وغيرها بغير أي استثناء إلا ما ينص عليه القانون" والنص في المادة 15 منه على أن "تسري الضريبة بذات السعر المقرر في المادة السابعة من هذا القانون على فوائد الديون سواء كانت من الديون الممتازة أو المضمونة بتأمين عقاري أو العادية وعلى فوائد الودائع والتأمينات النقدية... ومع ذلك فتعفى من تلك الضريبة فوائد الديون والودائع المتعلقة بمباشرة المهنة على أن يثبت أن تلك الفوائد داخلة في حساب المنشآت المنتفعة بها الكائنة في مصر وخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المقررة بمقتضى الكتاب الثاني من هذا القانون" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع فيما أورده في المادة 30 منه قد فرض الضريبة على صافي الأرباح التي يحصل عليها أرباب المهن التجارية أياً كان مصدر هذه الأرباح ما دامت ناتجة من مزاولة مهنتهم، كما فرض الضريبة على فوائد الديون والودائع والتأمينات بما نص عليه في المادة 15/ 1 ولم يستثن من هذه الضريبة الأخيرة إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 15 وهي فوائد الديون والودائع المتصلة بمباشرة المهنة ويقصد بها ما تقتضيه طبيعة المهنة أو ضرورياتها ما دامت تلك الفوائد داخلة في حساب المنشآت المنتفعة بها الكائنة في مصر وخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، ولكن المشرع رأى منعاً من ازدواج الضريبة أن يورد نص المادة 36 التي تقضي بأنه "مع عدم الإخلال بأحكام المادة 15 فقرة ثانية فإن إيرادات رؤوس الأموال المنقولة الداخلة في ممتلكات المنشأة والتي تتناولها الضريبة المقررة بمقتضى الكتاب الأول من هذا القانون أو التي تكون معفاة من الضريبة المذكورة بمقتضى قوانين أخرى تخصم من مجموع الربح الصافي الذي تسري عليه ضريبة الأرباح وذلك بمقدار مجموع الإيرادات المشار إليها بعد تنزيل نصيبها في مصاريف وتكاليف الاستثمار على أساس 10% من قيمة تلك الإيرادات...." ومقتضى هذا أنه إذا كان صاحب مهنة خاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية قد استثمر بعض رأس المال المخصص لمزاولة مهنته في أعمال التسليف دون أن تضطره إلى ذلك ضرورة مزاولة المهنة فإن الضريبة المنصوص عنها في الفقرة الأولى من المادة 15 تكون مستحقة على الفوائد التي يحصل عليها من تلك السلفيات، وإذ تمثل تلك الفوائد في نفس الوقت جزءاً من الأرباح التجارية والصناعية وتستحق عليها ضريبة طبقاً للمادة 30 من القانون، فإنه عملاً بحكم المادة 36 ومنعاً من ازدواج الضريبة يتعين خصم تلك الفوائد بعد تنزيل 10% منها مقابل المصاريف من مجموع الربح الصافي الذي تستحق عليه الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. لما كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن عملية الإقراض بالفائدة كانت متصلة بمباشرة مهنة المورث فإنه يتعين أن يطبق بشأنها نص المادة 15/ 2 دون المادة 36 من القانون، ولا يغير من هذا النظر أن يكون المورث قد أوفى بالضريبة المستحقة على فوائد الديون ذلك أن الضريبة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا ترتكن في أساسها على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول وإنما تحددها القوانين التي تفرضها وليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها، فلممول أن يسترد ما دفعه بغير حق وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل في شأن الفوائد موضوع النزاع نص المادة 36 من القانون تأسيساً على أن عملية الإقراض بالفائدة متصلة بمباشرة مهنة المورث وأنه قام بالوفاء بالضرائب المستحقة على الفوائد التي حصلها في سنة 1947، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.


[(1)] نقض 6/ 12/ 1956 مجموعة المكتب الفني س 7 ص 941.
[(2)] نقض 15/ 11/ 1972 مجموعة المكتب الفني س 23 ص.