أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 333

جلسة 27 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.

(58)
الطعن رقم 294 لسنة 37 القضائية

إثبات. "إجراءات الإثبات". إنكار التوقيع. الدفع بالجهالة. حكم. القضاء بعدم قبول الادعاء بالإنكار وفي موضوع الدعوى معاً. غير جائز. علة ذلك. الدفع بالجهالة صورة من صور الإنكار.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة [(1)] - أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع عند قضائها بعدم قبول الادعاء بالإنكار أن تقضي في موضوع الدعوى، بل يجب عليها أن تجعل حكمها مقصوراً على الدفع حتى لا تفوت على صاحب المصلحة من الخصوم سلوك طريق الإدعاء بالتزوير إذا أراد. إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم قبول الدفع بالجهالة، وهو صورة من صور الإنكار، وفي الموضوع بتأييد أمر الأداء بحكم واحد، دون أن يتيح للورثة (الطاعنين) فرصة الادعاء بالتزوير على السند إن أرادوا، وكان لا يحول دون ذلك قول الحكم بأن مورثهم قد سبقهم إلى هذا الادعاء، ذلك أنه يجب على مدعي التزوير أن يسلك في الادعاء به الأوضاع المنصوص عليها في المادة 281 وما بعدها من قانون المرافعات السابق لكي ينتج الادعاء أثره القانوني، وهو ما لم يسلكه مورث الطاعنين، وبذلك يكون ما صدر منه لا يعدو أن يكون إنكاراً للتوقيع تابعه ورثته فيه، وليس ادعاء بالتزوير بمعناه القانوني. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخل بحق الطاعنين في الدفاع بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه استصدر من محكمة القاهرة الابتدائية في 20/ 2/ 1963 أمر أداء ضد مورث الطاعنين بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ ألفين وثلثمائة جنيه بناء على سند مؤرخ 6/ 1/ 1961 مذيل بتوقيع منسوب صدوره من المورث. تظلم هذا الأخير من الأمر بالدعوى رقم 4930 لسنة 1963 مدني كلي القاهرة وطلب إلغاء الأمر المتظلم منه لعدم صدور السند منه، ثم تابع ورثته - الطاعنون - السير في الدعوى بعد وفاته، وفي 3/ 2/ 1964 قضت المحكمة بندب خبير لمضاهاة الإمضاء الموقع بها على السند على إمضاءات المورث الموقع بها على أوراق رسمية أو عرفية معترف بها، وكلفت المطعون عليه بأداء الأمانة المقررة للخبير، وإذ امتنع عن أدائها، قضت المحكمة في 8/ 6/ 1964 بإلغاء أمر أداء واعتباره كأن لم يكن. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 1529، لسنة 81 قضائية القاهرة، وفي 30/ 3/ 1966 قضت محكمة الاستئناف بتوجيه اليمين إلى الطاعنين بأنهم لا يعلمون أن التوقيع الموقع به على السند هو لمورثهم، وبعد أدائهم تلك اليمين قضت المحكمة في 5/ 4/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض التظلم وتأييد أمر الأداء المتظلم منه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا أمام محكمة الاستئناف بأنهم لا يعلمون بأن التوقيع على السند هو لمورثهم وأدوا اليمين القانونية على ذلك مما كان يتعين معه على تلك المحكمة أن تفصل في هذا الدفع قبل قضائها في الموضوع حتى تتيح لهم الفرصة في تقديم ما عسى أن يكون لديهم من أدلة أخرى على صحة السند في حالة رفض دفعهم بالجهالة، وإذ جانبت المحكمة بحكمها المطعون فيه هذا النظر وقضت في الدفع وفي الموضوع معاً بحكم واحد فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون وأخل بحق الطاعنين في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى أورد في أسبابه قوله "أن المورث وقد طعن على السند بالتزوير فإنه ما كان للورثة أن يعودوا إلى الطعن بالجهالة، بل كان عليهم إن كانوا جادين في مدعاهم أن يستمروا في الطعن بالتزوير وإن الدين محل الدعوى صحيح من السند... " ومؤدى هذا الذي قرره الحكم أنه قضى بعدم قبول الدفع بالجهالة وفي موضوع الدعوى معاً بحكم واحد، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع عند قضائها بعدم قبول الادعاء بالإنكار أن تقضي في موضوع الدعوى، بل يجب عليها أن تجعل حكمها مقصوراً على الدفع حتى لا تفوت على صاحب المصلحة من الخصوم سلوك طريق الادعاء بالتزوير إذا أراد - لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم قبول الدفع بالجهالة وهو صورة من صور الإنكار وفي الموضوع بتأييد أمر الأداء بحكم واحد دون أن يتيح للورثة فرصة الادعاء بالتزوير على السند إن أرادوا، وكان لا يحول دون ذلك قول الحكم بأن مورثهم قد سبقهم إلى هذا الادعاء، ذلك أنه يجب على مدعي التزوير أن يسلك في الادعاء به الأوضاع المنصوص عليها في المادة 281، وما بعدها من قانون المرافعات السابق لكي ينتج الادعاء أثره القانوني، وهو ما لم يسلكه مورث الطاعنين وبذلك يكون ما صدر منه لا يعدو أن يكون إنكاراً للتوقيع تابعه ورثته فيه وليس ادعاء بالتزوير بمعناه القانوني. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخل بحق الطاعنين في الدفاع بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض 19/ 11/ 1936 مجموعة القواعد القانونية في 25 عاماً ص 308 قاعدة 13.