أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 342

جلسة 27 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.

(60)
الطعن رقم 7 لسنة 38 القضائية

(1) إعلان. "بطلان الإعلان". نقض. "إعلان الطعن". بطلان. حكم. "الطعن في الحكم".
تقديم المطعون ضده مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني. تمسكه ببطلان إعلانه دون بيان وجه المصلحة. عدم قبول الدفع بالبطلان.
(2) حكم. استئناف. "الأحكام الغير جائز استئنافها".
الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلاً أو بعضاً. عدم جواز الطعن فيها استقلالاً. م 378 مرافعات سابق. الخصومة التي ينظر إلى انتهائها هي الخصومة الأصلية لا تلك المثارة عرضاً في خصوص دفع شكلي في الدعوى أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات.
(3) حكم. "التسبيب الكافي".
لا يعيب الحكم عدم الإفصاح عن تكييف السند القانوني لقضائه.
(4) إثبات. "مبدأ الثبوت بالكتابة". محكمة الموضوع. نقض. "سلطة محكمة النقض".
م 402 مدني تتطلب في مبدأ الثبوت بالكتابة أن يجعل وجود التصرف المدعي به قريب الاحتمال. استقلال قاضي الموضوع بتقدير ذلك متى أنام رأيه على ما يسوغه. لا رقابة لمحكمة النقض عليه.
(5) إثبات. "البينة" محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
استقلال قاضي الموضوع بتقدير أقوال الشهود. عدم التزامه ببيان سبب ترجيحه شهادة شاهد على آخر.
(6) إثبات. "اليمين المتممة".
اليمين المتممة إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه استكمالاً لدليل ناقص. جواز الحكم على أساسها باعتبارها مكملة لعناصر الإثبات الأخرى.
1 - متى كان الثابت أن المطعون عليه قدم مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(11)] - لا يجوز له التمسك بالبطلان لعيب شاب إجراء الإعلان أياً كان وجه الرأي فيه، طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في ذلك.
2 - إذ نص المشرع في المادة 378 من قانون المرافعات السابق - الذي تم الطعن في ظله - على أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى - ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع فقد قصد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى أن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها وفقاً لهذا النص هي الخصومة الأصلية المنعقدة بين الطرفين، لا تلك التي تثار عرضاً في خصوص دفع شكلي في الدعوى أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات فيها.
3 - لا يعيب الحكم عدم إفصاحه عن تكييف السند القانوني لقضائه ما دام قد جاء موافقاً في نتيجته للقانون.
4 - إن المادة 402 - من القانون المدني، لا تطلب في مبدأ الثبوت بالكتابة سوى أن يجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال، كما أن تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من جهة كونها تجعل هذا التصرف قريب الاحتمال أو لا تجعله كذلك هو مما يستقل به قاضي الموضوع، ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك، متى كان رأيه لا يتعارض مع ما هو ثابت بالورقة ومقاماً على أسباب تسوغه.
5 - اليمين المتممة إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه رغبة منه في تحري الحقيقة ليستكمل به دليلاً ناصاً في الدعوى، وهذه اليمين وإن كانت لا تحسم النزاع إلا أن للقاضي بعد حلفها أن يقضي على أساسها باعتبارها مكملة لعناصر الإثبات الأخرى القائمة في الدعوى ليبني على ذلك حكمه في موضوعها أو في قيمة ما يحكم به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 308 سنة 1956 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن طالباً الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 2230 ج و270 م، وقال بياناً لذلك إن الطاعن عهد إليه بالإشراف على أرضه البور المبينة بالصحيفة وكلفه بالإنفاق على إصلاحها من ماله الخاص، وإنه بتاريخ 25/ 12/ 1954 تمت المحاسبة بينهما بشأن ما أنفقه المطعون عليه في إصلاح تلك الأرض عن سنة 1952، فأسفرت هذه المحاسبة عن انشغال ذمة الطاعن له في مبلغ 1245 ج و140 م قام بسداده إليه وإنه استمر في الإشراف على الأرض وإصلاحها وقد بلغ مجموع ما أنفقه في سبيل ذلك خلال سنة 1953 مبلغ 2230 ج و270 م، وإنه عندما طالب الطاعن بأدائه أرسل إليه خطاباً بتاريخ 26/ 11/ 1953 أقر فيه بقيام المطعون عليه بما عهد إليه به من أعمال وبإنهاء العلاقة التي بينهما ابتداء من ذلك التاريخ، وإنه إزاء ذلك أقام عليه دعواه بطلب الحكم بإلزامه بأداء المبلغ المشار إليه. أجاب الطاعن على الدعوى بأن ما أنفق على الأرض كان من ماله الخاص وأن المعاملة كانت بينه وبين المطعون عليه بالكتابة، وبتاريخ 25/ 3/ 1958 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 1110 سنة 75 ق استئناف القاهرة، وبتاريخ 28/ 4/ 1961 قضت محكمة الاستئناف بندب خبير زراعي لمعاينة الأطيان وتقدير ما عساه أن يكون قد صرف عليها في سبيل إصلاحها بعد المحاسبة التي تمت في 25/ 12/ 1952 لغاية تاريخ انتهاء العلاقة بين الطرفين بالخطاب المؤرخ 26/ 11/ 1953 وتصفية الحساب بينهما وبيان ما إذا كان للمطعون عليه في ذمة الطاعن المبلغ المرفوعة به الدعوى، وقد باشر الخبير مهمته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن نفقات الإصلاح بلغت في 1953 مبلغ 866 ج و937 م، وبتاريخ 13/ 6/ 1962 أعادت المحكمة المأمورية إلى الخبير لاستكمال ما في عمله من نقص فقدم ملحقاً بتقريره تمسك فيه برأيه الأول، وفي 27/ 1/ 1966 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أنه أنفق من ماله الخاص في سنة 1953 مبلغ 2230 ج و270 م في إصلاح الأرض، وأنه لم يحصل من الطاعن في تلك السنة على أي مبلغ وللأخير النفي بذات الطرق، وقد سمعت المحكمة شهود الطرفين ثم قضت في 6/ 4/ 1967 بتوجيه اليمين المتممة إلى المطعون عليه بالصيغة الآتية "أحلف بالله العظيم أنني أنفقت من مالي الخاص في سنة 1953 مبلغ 2230 ج و270 م في إصلاح الأرض التي عهد إلى الطاعن بالإشراف على إصلاحها وأنني لم أحصل منه في السنة المذكورة على أي مبلغ" وبعد أن أدى المطعون عليه تلك اليمين حكمت المحكمة بتاريخ 2/ 11/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بمبلغ 2230 ج و270 م طعن الطاعن في هذا الحكم بطرق النقض. دفع المطعون عليه بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع، وفي الموضوع برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن وذلك من وجهين، الأول أن تقرير الطعن أعلن إليه في مواجهة الإدارة وخلت ورقة الإعلان من بيان الخطوات السابقة على ذلك، كما أنها لم تتضمن ما يفيد إرسال خطاب موصى عليه يخبره فيه المحضر بتسليم الصورة إلى جهة الإدارة. هذا إلى أن تقرير الطعن وجه إليه في مكتبه، في حين أنه كان يجب إعلانه به في مسكنه مما يعيب الإعلان بالبطلان.
وحيث إن الدفع بهذا الوجه في غير محله، ذلك أنه لما كان الثابت أن المطعون عليه قدم مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز له التمسك بالبطلان لعيب شاب إجراء الإعلان أياً كان وجه الرأي فيه، طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في ذلك.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني أن الأحكام الصادرة في 28/ 4/ 1961، و27/ 1/ 1966، 6/ 4/ 1967 قطعت في أسبابها بقيام علاقة بين الطاعن وبين المطعون عليه، وأن الأول عهد إلى الثاني بإصلاح أرضه وأن محاسبة تمت بينهما بشأنها عن سنة 1952، وأن هذه العلاقة استمرت بينهما حتى أرسل له الطاعن الخطاب المؤرخ 26/ 11/ 1953، وأن ورقة المحاسبة والخطاب المذكور يعتبران مبدأ ثبوت بالكتابة وتكون المحكمة بذلك قد أنهت الخصومة في هذا الخصوص بما لا تملك معه إعادة النظر فيها، وإذ فات الطاعن أن يطعن على هذه الأحكام بطريق النقض في الميعاد بينما هي مما يجوز الطعن فيه على استقلال عملاً بالمادة 308 من قانون المرافعات السابق، وتراخى في الطعن فيها إلى ما بعد صدور الحكم في الموضوع فإن طعنه فيها يكون غير مقبول، ويترتب على عدم قبوله انعدام مصلحته في الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، وفي ذلك ما يوجب عدم قبول الطعن برمته.
وحيث إن الدفع بهذا الوجه مردود بأن المشرع إذ نص في المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي تم الطعن في ظله على أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع فقد قصد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى أن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها وفقاً لهذا النص هي الخصومة الأصلية المنعقدة بين الطرفين لا تلك التي تثار عرضاً في خصوص دفع شكلي في الدعوى أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات فيها، وإذ كان يبين من الأحكام الصادرة في 28/ 4/ 1961، 27/ 2/ 1966 ، 6/ 4/ 1967 أنها لم تفصل إلا في جواز إثبات العلاقة التي ادعاها الطاعن استناداً إلى أن الخطاب المرسل إليه من المطعون عليه يدل على وجود علاقة بينهما اعتبرتها المحكمة مبدأ ثبوت بالكتابة تجيز سماع البينة المتممة له ولم تقطع في ماهية هذه العلاقة، وكان هذا القضاء لا تنتهي به الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها مما لا يجوز معه الطعن في الأحكام المشار إليها استقلالاً. لما كان ذلك، فإن الدفع بعدم قبول الطعن بهذا الوجه يكون على غير أساس أيضاً.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يبين ما إذا كان مصدر التزام الطاعن بدفع المبلغ المحكوم به هو العقد أو الفعل المادي مع اختلاف الأثر القانوني في الحالين، وإذا كان الحكم قد اعتبر أن ثمة علاقة عقدية بين الطرفين فإنه لم يكيف هذه العلاقة مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض واقعة الدعوى أورد قوله "الثابت أن المستأنف عليه (الطاعن) قد أقر العلاقة بينه وبين المستأنف، وأنه كان قد عهد إليه بالإشراف على الأرض البور التي اشتراها وأصلحها وأن المحاسبة بينهما عن المصاريف والنفقات التي قام بها خلال سنة 1952 قد تمت وثبت منها أن المستأنف (الطاعن) يداينه في مبلغ 1245 ج و140 م دفعها له في نهاية ذلك العام، والثابت أيضاً أن المستأنف قد قام بالإشراف على الأرض وإصلاحها خلال سنة 1953 وقد اعترف المستأنف عليه بذلك في الخطاب المؤرخ 26/ 11/ 1953 الذي بعث به للمستأنف إذ جاء به أن المستأنف قام بالإشراف على إصلاح الأرض، وصارت في حالة جيدة تماماً وذلك بفضل علم المستأنف واجتهاده الأمر الذي استحق عليه المستأنف الشكر من المستأنف عليه....." ولما كان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها - وفي حدود سلطته الموضوعية - قيام علاقة عقدية بين الطرفين هي أن الطاعن عهد إلى المطعون عليه بالإشراف على أرضه خلال سنة 1953 وكلفه بإصلاحها، وأن هذا الأخير قد أنفق من ماله في سبيل ذلك مبلغ 2230 ج و270 م ورتب الحكم على ذلك إلزام الطاعن بهذا المبلغ وكان هذا حسب الحكم لتسبيب قضائه، فلا يعيبه بعد ذلك عدم إفصاحه عن تكييف السند القانوني لهذا القضاء ما دام قد جاء موفقاً في نتيجته للقانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع ومخالفة القانون، ويقول في بيان ذلك إن الحكم انتهى إلى وجود مبدأ ثبوت بالكتابة، واستند في ذلك إلى صورة شمسية من دفتر قدمها المطعون عليه وإلى خطاب صادر من الطاعن إلى المطعون عليه، ويرى الطاعن أن الحكم إذا اعتبر الورقتين المشار إليهما مبدأ ثبوت بالكتابة قد أخطأ في فهم الواقع ذلك أنه علاوة على أنه لا يجوز الاعتماد على الصورة الشمسية فإنه بفرض أنها تطابق أصلاً صحيحاً عليه توقيع الطاعن فإن ما ورد بها ليس من شأنه أن يجعل ما يدعيه المطعون عليه أمراً قريب الاحتمال لانقطاع الصلة بين إقرار الطاعن بدين مرتب في ذمته عن سنة 1952 وبين إدعاء المطعون عليه بتكليفه إياه بالقيام بالإنفاق على إصلاح أرضه من ماله في السنة التالية، هذا إلى أن الحكم قد حمل عبارات خطاب 26/ 11/ 1953 ما لا تحتمله، إذ اعتبر أن إسناد الطاعن إلى المطعون عليه الإشراف على إصلاح أرضه يقرب إلى الذهن حصول تكليفه الإنفاق عليها من ماله مع أنه لا صلة بين الأمرين، وبذلك يكون ما خلص إليه الحكم من وجود مبدأ ثبوت بالكتابة منتزعاً من دليل غير قائم - ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه إذ لم يتطلب في مبدأ الثبوت بالكتابة سوى أن يجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال ولم يستلزم فيه أن يكون مرجح الحصول فإن الحكم يكون قد أخطأ في القانون فوق خطئه في فهم الواقع.
حيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 402 من القانون المدني لا تتطلب في مبدأ الثبوت بالكتابة سوى أن يجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال كما أن تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت الكتابة من جهة كونها تجعل هذا التصرف قريب الاحتمال أو لا تجعله كذلك هو مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى كان رأيه لا يتعارض مع ما هو ثابت بالورقة ومقاماً على أسباب تسوغه. لما كان ذلك، وكان الحكم في حدود سلطته التقديرية قد انتهى إلى اعتبار المحاسبة التي تمت بين الطرفين وخطاب 26/ 11/ 1953 مبدأ ثبوت بالكتابة واستند في ذلك إلى أن ما تضمنته هاتان الورقتان من قيام علاقة بين الطرفين عن مدة سابقة وإشراف المطعون عليه على إصلاح الأرض وقيامه بالإنفاق على هذا الإصلاح من ماله خلال تلك المدة التي صفى حسابها بين الطرفين من شأنه أن يجعل استمرار المطعون عليه في الإنفاق في السنة التالية أمر قريب الاحتمال وهو ما لا يتعارض مع المدون في الورقتين المشار إليهما، ولما كانت الاعتبارات التي أوردها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها وكان الثابت من هذا الحكم أنه قد اعتمد على دفتر الحساب الذي كان تحت نظر المحكمة لا على صورة شمسية منه، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ويقول في بيان ذلك إن الحكم ذهب إلى أن أقوال شهود المطعون عليه التي اعتمد عليها تقوي احتمال ثبوت الواقعة موضوع النزاع في حين أن هذه الأقوال جاءت قاصرة على إحداث هذا الأثر لأن المطعون عليه هو مصدر أقوالهم التي أدلوا بها في الوقت الذي رفض الحكم فيه الأخذ بأقوال شهود الطاعن قولاً منه بأنها مقبولة عنه، هذا بالإضافة إلى أن الحكم قد استخلص من أقوال أحد شهود الطاعن وهو "عبد الملك جرجس" أن ما صرف على إصلاح الأرض إنما كان من مال المطعون عليه مع أن أقواله لا تؤدي إلى ذلك وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع وهي لا تلتزم ببيان أسباب ترجيحها شهادة شاهد على آخر ما دامت هي لم تخرج عن الثابت في أقوالهم، ولما كان ما أورده الحكم بشأن شهادة شهود المطعون عليه التي اطمأن إليها وأخذ بها لا تخرج عن الثابت بمحضر التحقيق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون إذ اعتبر ناظراً الزراعة وكيلاً عن الطاعن ينصرف إقراره إليه عملاً بالمادة 105 من القانون المدني، في حين أن هذا الإقرار ليس من أعمال الإدارة مما يستلزم وجود وكالة خاصة طبقاً للمادة 702 من ذلك القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من وجود مبدأ ثبوت بالكتابة استكمله بالتحقيق بشهادة الشهود ثم بتوجيه اليمين المتممة وعلى ما ساقه في أسبابه من قرائن أخرى فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بشأن سريان إقرار ناظر الزراعة بالدين على الطاعن يعد استطراداً زائداً عن حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير منتج أياً كان وجه الرأي فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الحكم لم يأخذ بتقرير الخبير الذي قدر نفقات إصلاح الأرض بمبلغ 866 ج و937 م عن سنة 1953 وقضى بالمبلغ المحكوم به دون أن يستند في ذلك إلى دليل آخر ولا يكفي في إثبات مقدار تلك النفقات اليمين المتممة التي وجهتها المحكمة إذ لم يؤد تحقيق الدعوى بالشهود إلى الكشف عن مقدار ما أنفقة المطعون عليه حتى تستكمله المحكمة باليمين المتممة وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت اليمين المتممة إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه رغبة منه في تحري الحقيقة ليستكمل به دليلاً ناقصاً في الدعوى، وأن هذه اليمين وإن كانت لا تحسم النزاع إلا أن للقاضي بعد حلفها أن يقضي على أساسها باعتبارها مكملة لعناصر الإثبات الأخرى القائمة في الدعوى ليبني على ذلك حكمه في موضوعها أو في قيمة ما يحكم به، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بالمبلغ المحكوم به على أساس تلك اليمين التي أداها المطعون عليه فإن النعي على الحكم بالخطأ في القانون يكون على غير أساس. وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 19/ 1/ 1971 مجموعة المكتب الفني س 22 ص 62.