مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1960 إلى آخر ديسمبر سنة 1960) - صـ 379

(53)
جلسة 24 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 848 لسنة 5 القضائية

( أ ) عمدية - النصاب المالي - بحث ملكية المرشح للعمدية للتحقق من توافر النصاب المالي - كيفية إثبات الملكية في هذا الصدد أمام القضاء الإداري.
(ب) قسمة - ليس ما يمنع من أن تقتصر القسمة على الفرز والتخصيص الجزئي لواحد أو أكثر مع بقاء الآخرين في حالة شيوع.
1 - إن بحث ملكية المرشح للعمدية وغيرها من المناصب التي يشترط فيها توافر نصاب مالي يختلف عن بحث الملكية أمام المحاكم المدنية فليس من شأن القضاء الإداري أن يفصل في موضوع هذه الملكية ولا تحوز أحكامه قوة الشيء المحكوم به في هذا الصدد وحسب المحكمة استظهار الأدلة والقرائن والتعويل على ما تستخلصه منها ويكفي أن تقوم دلائل ظاهرة على الملكية وأن العقود ولو كانت غير مسجلة تصلح لإقامة هذا الدليل الظاهر متى كانت جدية واقترنت بالحيازة ودفع المال.
2 - إن ما ينعاه الطعن على الإقرار المحرر في 26 من أكتوبر سنة 1957 من أنه لم يسجل تقسيم أعيان التركة وتحديد نصيب كل وارث، هذا النعي لا يستند إلى أساس سليم من القانون إذ المدعي وقد خصص بنصيب معين في التركة بإقرار الورثة وهو بهذا يدفع عن هذا القدر النصاب المالي طبقاً للقانون فلا يشترط والحال هذه حصول القسمة بين الجميع إذ القسمة رضائية كانت أو قضائية كما قد تكون بتقسيم جميع الأطيان الشائعة فإنها قد تقتصر على الفرز والتخصيص الجزئي لواحد أو أكثر مع بقاء الآخرين في حالة شيوع.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14 من مايو سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر بجلسة 17 من مارس سنة 1959 من المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارة الداخلية والخارجية والعدل في القضية رقم 83 لسنة 5 القضائية المرفوعة من عبد الجواد علي أبو شناف ضد وزير الداخلية ومدير المنيا ومأمور المنيا والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
ويطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في صحيفة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات".
أعلنت صحيفة الطعن للحكومة في 29 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 22 من أكتوبر سنة 1959 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2 من أكتوبر سنة 1960 - وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 19 من نوفمبر سنة 1960 وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما هو ثابت من أوراق الطعن في أن المدعي عبد الجواد علي أبو شناف رفع هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل ضد وزير الداخلية ومدير المنيا ومأمور مركز المنيا وقال بياناً لدعواه إن منصب العمدية في قرية صفط الغربية مركز المنيا شغر طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1957 الصادر في 5 من مايو سنة 1956 فتقدم للترشيح في هذا المنصب مثبتاً توافر شروط الترشيح فيه، ولما علقت كشوف المرشحين بالمركز بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1957 لم يجد اسمه مدرجاً بالكشوف تأسيساً على عدم امتلاكه للنصاب المالي، ولما كان حائزاً للنصاب المالي المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون، كما هو ثابت من ملفه الخاص بالمركز إذ أنه يمتلك ملكية خاصة بعقد مسجل في سنة 1929 - 3 أفدنة و16 قيراطاً بحوض الأشناف ضريبة الفدان منها 2 جنيه و800 مليماً، 18 قيراطاً بحوض عيسى إبراهيم قسم ثان ضريبة الفدان فيها 2 جنيه و520 مليماً ويمتلك بالميراث عن والده في 14 من أغسطس سنة 1954 - 13 فداناً و16 قيراطاً بحوض الأشناف ضريبة الفدان منها 2 جنيه و800 مليم فيكون مجموع ما يدفعه سنوياً من ضرائب عن الأرض الزراعية التي يمتلكها 52 جنيهاً و170 مليماً فتقدم للمركز طبقاً للمادة 5 من القانون وفي الميعاد المنصوص عليه فيه بطعن بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1957 بإيصال رقم 8 أردفه بطعن آخر بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1957 بإيصال رقم 34 ولما عرض الأمر على لجنة الطعون أصدرت في 9 من ديسمبر سنة 1957 قراراً أخطر به المدعي في 28 من ديسمبر سنة 1957 برفض الطلب لعدم توافر شرط النصاب المالي تأسيساً على أن الإقرار الذي تقدم به في 26 من أكتوبر سنة 1957 كان بعد خلو الوظيفة، ويقول المدعي أن هذا القول من جانب اللجنة غير سليم لأن الإقرار الذي تقدم به لم يكن منشئاً لوضعه بل هو مقرر لهذا الوضع الذي اتفق عليه الشركاء منذ وفاة مورثهم في 14 من أغسطس سنة 1953 وعلى أساس هذا التراضي بينهم وضع يده على الحصة المقررة المبينة بالإقرار من وفاة المورث وظل واضعاً اليد عليها قبل خلو الوظيفة وبعدها حتى الآن وهذا الأمر يعرفه كل من في القرية ولا سيما صرافها ولأنه كان استجابة طبيعية لواقع الحال فمورثه كان هو العمدة والمدعي نائبه والمرشح الطبيعي لخلافته عليها فمن الطبيعي أن يتحدد وضعه فور الوفاة من حيث توفر الشروط فيه وأولها النصاب المالي ولا يتصور أن يرجأ ذلك الأمر إلى تاريخ الإقرار لأنه مخالفة للمألوف في هذه الظروف. وقد خالفت اللجنة القانون إذ أنه طبقاً لنص المادة 835 من القانون المدني التي تنص على أن للشركاء إذا انعقد إجماعهم أن يقسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها. وإذ تراضى الشركاء على القسمة منذ وفاة مورثهم ووضع كل يده على حصته مفرزة ومن بينهم المدعي فإنهم لم يفعلوا ما يخالف القانون وهذا الإقرار المقدم في أكتوبر سنة 1957 لم يكن إلا كاشفاً لحالة قائمة بالفعل وأن أثره هذا الكاشف كان بتحكم الواقع الصحيح الذي يمثله وأنه طبقاً لنص المادة 843 من القانون المدني يعتبر المتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع وأنه لم يملك غيرها شيئاً في بقية الحصص وأنه حتى مع الافتراض الجدي الذي لا يسلم به المدعي لو اعتبر هذا الإقرار اتفاقاً مبتدأ على التقسيم فإن نصوص القانون تجعل أثره راجعاً لتاريخ الاستحقاق وبذلك يكون المدعي مالكاً لحصته منذ استحقاقه وبالتالي حائزاً للنصاب منذ ذلك التاريخ وهو سابق على خلو الوظيفة ونهائية الكشوف وقد نصت المادة الثالثة من القانون رقم 106 لسنة 1957 على أنه يشترط في النصاب المالي أن يكون متوافراً عند خلو الوظيفة إلا إذا كان نتيجة استحقاق إرث أو وصية أو معاش أو دخلاً دائماً مدى الحياة قبل صيرورة كشوف الترشيح نهائية. وهذا يتحقق حتى ولو تقاسم الورثة استحقاقهم بعد خلو الوظيفة لأن النصاب المالي هنا لا يعدو أن يكون نتيجة الاستحقاق في الإرث. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم (أولاً) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من لجنة الطعون الخاصة بمركز المنيا والمشكلة طبقاً للمادة 6 من القانون رقم 106 بشأن العمد والمشايخ في 9 من ديسمبر سنة 1957 فيما قضى به من رفض طلب الطاعن درج اسمه في كشوف الترشيح الخاصة بعمدية صفط الغربية مركز المنيا وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات والأتعاب و(ثانياً) بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات والأتعاب.
أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي لم يدرج بالكشف لثبوت عدم توافر شرط النصاب المالي إذ ثبت من التحقيق الذي أجري في هذا الشأن أن المدعي يمتلك خمسة أفدنة باسمه يدفع عنها أموالاً قدرها 9 جنيهات و676 مليماً من واقع الجرائد وأقوال الصراف وأنه يرث هو وإخوته البالغ عددهم خمسة ذكور وثلاث إناث 110 أفدنة و13 قيراطاً و9 أسهم يدفعون عنها أموالاً 151 جنيهاً و160 مليماً يخص المدعي منها حسب الميراث الشرعي وحسب ما يدفعه فعلاً 22 جنيهاً و252 مليماً فيكون جملة ما يدفعه من أموال أميرية 31 جنيهاً و940 مليماً وهو قدر لا يخوله القيد في الكشف إذ مدرج به العدد الكافي ممن يملكون النصاب القانوني، أما كشف التخارج الذي قدمه المدعي بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1957، فإنه لم يصدر في الواقع إلا بعد تنفيذ القانون رقم 106 لسنة 1957 وعند البت في إعداد الكشوف والقصد منه التحايل على القانون بزيادة مقدار الضريبة حتى تصل للقدر الذي يخول القيد. وتحرير هذا التراضي بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1957 قبل البدء في تحرير الكشوف يدل دلالة قاطعة على أنه اصطنع خصيصاً للتحايل على مواد القانون يؤيد ذلك ما جاء بإقرار الصراف بأن ما يدفعه المدعي هو 31 جنيهاً و930 مليماً ولو سلم جدلاً بأن الصراف انقص ضريبة الخمسة أفدنة إلى الفئة السابق ذكرها فإن الفرق لن يصل به إلى الضريبة المطلوبة لإدراجه، وقول المدعي بأن الاتفاق على التخارج كان قد حصل شفاهة سنة 1954 حسب عرف الأعراب وتقاليدهم، وأن الإقرار للتدليل على صحة ذلك أمر غير مقبول لعدم وجود ما يثبت صحته ومخالف للأموال التي تدفع فعلاً إذ كان من الواجب أن يقدم إقراراً مؤرخاً عقب الوفاة في سنة 1954 أو عقوداً عرفية أو ما يثبت أنه يدفع أموالاً تجيز له القيد. أما عن المادة الثالثة من القانون رقم 106 لسنة 1957 فإن الغرض منها هو تيسير القيد لمن يتوفى مورثه وقت تحرير الكشوف إذ أن إجراءات نقل الملكية والتسجيل تستغرق وقتاً أقصر من وقت تحرير الكشوف فلا داعي لتفويت الفرصة على مثل هذا الشخص ما دام حقه في الإدراج يثبت بما يئول إليه بالميراث بكشف توريث يعتمد من رجال الإدارة وهو ما لم يقدمه المدعي أو يقدم به فقد كان لديه الفرصة وأفلتها منه باستخراج كشف تخارج صوري للتحايل على القانون ولم يقم بأي إجراء صحيح في خلال المدة من وفاة المورث إلى وقت تحرير الكشوف. وخلصت الجهة الإدارية من ذلك إلى عدم أحقية المدعي في دعواه كما طلبت رفض طلب وقف التنفيذ لعدم توافر شروطه.
وبجلسة 9 من مارس سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل برفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المدعي بمصروفاته ثم أصدرت بجلسة 17 من مارس حكمها المطعون فيه وهو يقضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن بحث ملكية المرشح للعمدية وغيرها من المناصب التي يشترط فيها توافر نصاب مالي يختلف عن بحث الملكية أمام المحاكم المدنية فليس من شأن القضاء الإداري أن يفصل في موضوع هذه الملكية ولا تحوز أحكامه قوة الشيء المحكوم به في هذا الصدد وحسب المحكمة استظهار الأدلة والقرائن والتعويل على ما تستخلصه منها ويكفي أن تقوم دلائل ظاهرة على الملكية وأن العقود ولو كانت غير مسجلة تصلح لإقامة هذا الدليل الظاهر متى كانت جدية واقترنت بالحيازة ودفع المال وأن ملكية المدعي لمقدار 13 فداناً و16 قيراطاً مصدرها نصيبه الشرعي بالميراث عن والده وقد اتفق مع شركائه في الميراث بعد وفاة مورثهم على قسمة الأرض الآيلة إليهم على أن يختص المدعي بمقدار نصيبه الشرعي في حوض أبو شناف وهذه قسمة اتفاقية كاشفة لملكية المدعي لنصيب لا يجاوز نصيبه الشرعي في الحوض المذكور وكشف عنها الإقرار المقدم من المدعي وشركائه والذي يعتبر سند إثبات لحالة واقعية قانونية موجودة وليس سنداً للتمليك وأنه لم يظهر من الأوراق مانع في هذه القسمة الاتفاقية أو يزيل أثرها القانون أو أن هناك منازعة ما في هذا الوضع من باقي الورثة الشركاء بل على العكس من ذلك لم يعترض عليها أحد منهم وأيدها بهذا الإقرار المؤرخ 26 من أكتوبر سنة 1957. وأنه لا اعتداد بما ذهبت إليه جهة الإدارة أخذاً بتحديد الصراف لنصيب المدعي الشرعي من مقدار الضريبة لأن هذا التحديد يستند إلى مقدار الضريبة المدفوعة عن الأرض جملة واحدة وأنه لا يدحض حقيقة الحالة القانونية التي كانت موجودة وكشف عنها إقرار الورثة جميعاً والتي على مقتضاها وكما يبين من الأوراق تعتبر أن حقيقة ما يدفعه المدعي عن نصيبه الشرعي نتيجة للقسمة الاتفاقية أكثر مما قدره الصراف. ولا حجاج بقول الإدارة بصورية هذا الاتفاق بقصد التحايل على القانون لأنه فضلاً عن أن أحداً من الورثة لم يعترض عليها ولم يأخذ المدعي أكثر من نصيبه الشرعي فإنه لم يقم دليل من الأوراق على هذا القول وأن التحقيقات التي أجرتها الإدارة لم تكن منتجة في دحض ما احتواه وكشف عنه الإقرار من قيام هذه القسمة الاتفاقية قانوناً وأنه لما كان القدر المملوك للمدعي بالميراث عن والده واقعاً جميعه في حوض أبي شناف طبقاً لإقرار الورثة والمدعي واضع يده عليه منذ وفاة مورثه وأنه يدفع الضريبة المقررة التي حددها ولم تدخل الحكومة مقدارها وهو 38 جنيهاً و370 مليماً بأي دليل يهدر مقدارها الحسابي فيكون مجموع الضريبة عن هذا المقدار من الأطيان بالإضافة عما يملكه خاصة غير هذا النصيب ما يجاوز النصاب المالي الذي نص عليه القانون لدرج اسم المدعي في كشف المرشحين لعمدية الناحية وأن هذا النصاب المالي كان متوافراً في المدعي عند خلو الوظيفة والتي اعتبرت كذلك في 5 من مايو سنة 1957 طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1957 فيكون قرار اللجنة برفض إدراج المدعي في كشف المرشحين للعمدية بدعوى عدم توافر شرط النصاب المالي عند خلو الوظيفة على غير أساس من الواقع والقانون وأن القول بأن الإقرار الكاشف عند القسمة قدم بعد خلو الوظيفة فمردود بأنه لما كان القانون يتطلب أن يكون النصاب المالي متوافراً قبل نهائية الكشوف إذا كان نتيجة استحقاق إرث وكان الإقرار فيما لو اعتبر قسمة مبتدأة لأطيان موروثة عند تحريره وتقديمه في 26 من أكتوبر سنة 1957 وقد قدم قبل نهائية الكشوف والبت فيها كما هو واضح من المرفق 3 من مستندات الحكومة فيكون النصاب المالي متوافراً في المدعي طبقاً لنص عجز الفقرة 4 من المادة 3 من القانون 106 لسنة 1957.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه وإن كان لا نزاع بين طرفي الخصومة في شأن استحقاق المدعي لميراث قدره 13 قيراطاً و16 سهماً في تركة والده قبل خلو الوظيفة إلا أن النزاع ينصب على مدى حجية الورقة المؤرخة 26 من أكتوبر سنة 1957 والصادرة من شركاء المدعي في الميراث والتي يستند إليها المدعي في التدليل على أن الضرائب التي يدفعها عن حصته في التركة تزيد عن الحد الذي يشترطه القانون - فإذا اعتبرت الورقة عقداً تضمنت قسمة أعيان التركة بين الورثة لأصبح المدعي مالكاً لأطيان تزيد ضرائبها عن النصاب وفي الحالة العكسية فإن المدعي لا يكون مالكاً إلا لنصيب شائع في التركة ويتعين حساب الضرائب الخاصة به على أساس نصيبه الشرعي في مجموع التركة وهو ما يترتب عليه قلة الضرائب التي يدفعها عن النصاب القانوني المقرر وأنه بالرجوع إلى تلك الورقة "صفحة 14 من حافظة مستندات الحكومة" يتضح أنها لم تشمل تقسيم أعيان التركة وتحديد نصيب كل وارث فيها وإنما جاءت مقصورة على موافقة الورثة على ارتفاع نصيب المدعي في التركة في أحد الأحواض فإذا أضيف إلى ذلك أن الإقرار قد حرر بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1957 أي بعد خلو الوظيفة في حين أن مورث المدعي قد توفي بتاريخ 14 من أغسطس سنة 1954 وقدم المدعي ذلك الإقرار إلى الإدارة لإثبات أحقيته في أن يدرج اسمه في كشف المرشحين للعمدية لأمكن الاستدلال على أن تلك الورقة لا تمثل قسمة حقيقية تمت بين الورثة وإنما هي وسيلة قصد المدعي الاستناد إليها في التحايل على أحكام القانون في شأن مقدار الضرائب التي يدفعها فضلاً عن حصته في التركة. ومما يؤيد القول بعدم إجراء قسمة حقيقية بين الورثة ما أقر به المدعي في محضر التحقيق المؤرخ 6 من نوفمبر سنة 1957 (صفحة 8 من حافظة مستندات الحكومة) من أنه يضع اليد على جميع أطيان التركة ويديرها لحساب الورثة جميعاً وما ذكره الصراف عند سؤاله من أن الأموال تدفع عن التركة جملة واحدة (صفحة 16) وأنه من هذا يتضح أنه لم تتم قسمة حقيقية بين الورثة وأن الورقة المؤرخة 26 من أكتوبر سنة 1957 لم يقصد بها إلا التحايل على أحكام القانون فلا يعتد بها وإنما يتعين حساب حصة المدعي في الأموال الأميرية التي تدفع عن التركة على أساس نصيبه الشرعي ثم يضاف إليها الأموال الأميرية التي تدفع عن الأطيان التي يملكها ملكية خاصة ولما كان الثابت من الأوراق أن جملة الضرائب التي يدفعها المدعي على هذا الأساس لا تجاوز 31 جنيهاً و930 مليماً وهو قدر يقل عن النصاب المالي الذي اشترطه القانون وبذلك لا تتوافر في المدعي الشروط التي تؤهله للترشيح لوظيفة العمدية ويكون القرار الصادر من لجنة الطعون برفض إدراج اسمه في كشف المرشحين للعمدية لعدم توافر النصاب المالي قراراً صحيحاً مطابقاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء هذا القرار مخالفاً للقانون وطلبت الطاعنة القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.
ومن حيث إن ما ينعاه الطعن على الإقرار المحرر في 26 من أكتوبر سنة 1957 من أنه لم يسجل تقسيم أعيان التركة وتحديد نصيب كل وارث - هذا النعي لا يستند إلى أساس سليم من القانون؛ إذ المدعي وقد خصص بنصيب معين في التركة بإقرار الورثة وهو بهذا يدفع عن هذا القدر النصاب المالي طبقاً للقانون، فلا يشترط - والحالة هذه - حصول القسمة بين الجميع إذ القسمة رضائية كانت أو قضائية كما قد تكون بتقسيم جميع الأطيان الشائعة فإنها قد تقتصر على الفرز والتخصيص الجزئي لواحد أو أكثر مع بقاء الآخرين في حالة شيوع.
ومن حيث إنه عن باقي أوجه الطعن فقد ورد في الحكم المطعون فيه الرد عليها بما تقره هذه المحكمة وتؤيده.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه صحيحاً للأسباب التي قام عليها ويكون الطعن فيه على غير أساس سليم من القانون ومن ثم يتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.