أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1083

جلسة 4 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

(161)
الطعن رقم 145 لسنة 34 القضائية

استيلاء. "الاستيلاء المؤقت على عقارات الأفراد اللازمة لأغراض التعليم".
الاستيلاء المؤقت على عقارات الأفراد اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها. قرار إداري يتم جبراً عن أصحاب هذه العقارات. العلاقة بين هؤلاء ووزارة التربية والتعليم لا تعد علاقة إيجارية على إطلاقها في مفهوم قواعد الإيجار في القانون المدني.
مفاد نص المادة 558 من القانون المدني أن عقد الإيجار من العقود الرضائية وأنه إذا انتفع شخص بشيء بغير رضاء من مالكه لا يعد مستأجراً. ولما كان القرار الذي يصدر بالاستيلاء مؤقتاً على عقارات الأفراد طبقاً للقواعد التي أوردها المشرع في القانون رقم 521 والتي خول بها وزير التربية والتعليم حق الاستيلاء المؤقت على عقارات الأفراد اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم يعد قراراً إدارياً يتم جبراً عن أصحاب هذه العقارات وهو ما يمتنع معه القول بأن العلاقة التي تنشأ بين الوزارة وبين أصحاب هذه العقارات علاقة إيجارية، وكان غير صحيح ما تقول به الطاعنة من أن المشرع قد أفصح عن مراده باعتبار علاقة الوزارة بأصحاب العقارات المستولى عليها مؤقتاً علاقة إيجارية بما نص عليه في المادة السابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 من أن "الأماكن الصادر في شأنها قرارات الاستيلاء تعتبر فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها" - ذلك أنه وقد وردت عبارة هذا النص صريحة في أن الأماكن المستولى عليها تعتبر مؤجرة في خصوص تطبيق أحكام هذا القانون، فقد دلت بذلك على أن المشرع لم يقصد أن يغير من طبيعة العلاقة المترتبة على هذا الاستيلاء ويجعل منها علاقة إيجارية على إطلاقها في مفهوم قواعد الإيجار الواردة في القانون المدني على الرغم من انعدام رضاء أحد طرفيها بقيامها بما مؤداه أنه فيما خلا أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 يتعين عدم تطبيق قواعد الإيجار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة التربية والتعليم - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 807 سنة 1958 مدني جزئي فاقوس على المطعون ضده وطلبت الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 179 ج و315 م، وقالت بياناً لدعواها إنه بتاريخ 28/ 12/ 1949 أصدر وزير التربية والتعليم قراراً بالاستيلاء على عقار مملوك للمطعون ضده بفاقوس ليشغله مدرسة روضة للأطفال وأقامت الوزارة في هذا العقار بعض المنشآت من المباني وغيرها لاستكمال الغرض الذي من أجله صدر قرار الاستيلاء ولما أزمعت الوزارة إخلاء العقار في غضون سنة 1955 طلبت من المطعون ضده الإفصاح عما إذا كانت يرغب في الاحتفاظ بهذه المنشآت فأجابها بالموافقة بالخطاب الصادر لها من وكيله في 16 يونيه سنة 1955، وإذ امتنع المطعون ضده رغم ذلك عن الوفاء بقيمة هذه المنشآت أو ما زاد في قيمة العقار طبقاً لما تقتضي به المادة 592 الواردة ضمن أحكام عقد الإيجار في القانون المدني فقد أقامت الدعوى بالمبلغ المطالب به. وقد عدلت الطاعنة طلباتها بعد ذلك إلى مبلغ 815 ج و590 م باعتبار أنه يمثل القيمة الحقيقية للمنشآت المشار إليها وحكمت محكمة فاقوس في 15/ 12/ 1959 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الزقازيق الابتدائية للاختصاص حيث قيدت في جدولها برقم 748 سنة 1960. وفي 22/ 5/ 1961 قضت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى مكتب الخبراء بمحافظة الشرقية لتقدير قيمة المنشآت السالفة الذكر مستحقة الهدم وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى تقدير قيمة هذه المنشآت على هذا الأساس بمبلغ 100 ج حكمت المحكمة بتاريخ 28 من إبريل سنة 1962 بإلزام المطعون ضده بأن يدفع هذا المبلغ للطاعنة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 155/ 5 مأمورية استئناف الزقازيق، وبتاريخ 6 يناير سنة 1964 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيها الرأي برفض الطعن وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن القرار الذي يصدر من جهة الإدارة بالاستيلاء مؤقتاً على عقار مملوك لأحد الأفراد استناداً إلى أحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 بتخويل وزير التربية والتعليم سلطة الاستيلاء المؤقت على العقارات للوزارة ومعاهد التعليم من شأنه أن ينشئ علاقة إيجارية تجعل للوزارة الحق في أن تنتفع بهذا العقار خلال المدة التي حددها القانون بالأجرة التي عينها ولا يغير من طبيعة هذه العلاقة حصول الاستيلاء بغير رضاء مالك العقار لأن المشرع أصدر قوانين استثنائية للإيجار فرضت قيوداً على الحقوق التي تخولها القواعد العامة في القانون المدني للمؤجر بحيث أصبحت شخصية المستأجر غير ذات اعتبار في العقد وقد أكد المشرع ذلك بما نص عليه في المادة السابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 من اعتبار الأماكن التي تصدر قرارات بالاستيلاء عليها فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها، غير أن الحكم المطعون فيه انتهى في تكييف هذه العلاقة إلى أن استيلاء الطاعنة على العقار موضوع النزاع لا ينشئ بينها وبين المطعون ضده علاقة إيجارية وقضى بإلزام هذا الأخير بأن يدفع لها مبلغ 100 ج قيمة المنشآت التي أقامتها في العقار مستحقة الهدم تطبيقاً للمادة 924 الواردة ضمن أحكام الالتصاق في القانون المدني باعتبار أنها أقامتها بسوء نية في ملك الغير في حين أنه كان يجب إلزام المطعون ضده بأن يدفع قيمة هذه المنشآت التي قبل الاحتفاظ بها أو ما زاد في قيمة العقار المذكور أيهما أقل وذلك بالتطبيق لأحكام المادة 592 الواردة ضمن أحكام عقد الإيجار في القانون المذكور، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 558 من القانون المدني إذ تنص "على أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم" فقد أفادت أن عقد الإيجار من العقود الرضائية وأنه إذا انتفع شخص بشيء بغير رضاء من مالكه لا يعد مستأجراً. ولما كان القرار الذي يصدر بالاستيلاء مؤقتاً على عقارات الأفراد طبقاً للقواعد التي أوردها المشرع في القانون رقم 521 والتي خول بها وزير التربية والتعليم حق الاستيلاء المؤقت على عقارات الأفراد اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم - يعد قراراً إدارياً يتم جبراً عن أصحاب هذه العقارات وهو ما يمتنع معه القول بأن العلاقة التي تنشأ بين الوزارة وبين أصحاب هذه العقارات علاقة إيجارية، وكان غير صحيح ما تقول به الطاعنة من أن المشرع قد أفصح عن مراده باعتبار علاقة الوزارة بأصحاب العقارات المستولى عليها مؤقتاً علاقة إيجارية بما نص عليه في المادة السابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 من أن "الأماكن الصادر في شأنها قرارات الاستيلاء تعتبر فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها" - ذلك أنه وقد وردت عبارة هذا النص صريحة في أن الأماكن المستولى عليها تعتبر مؤجرة في خصوص تطبيق أحكام هذا القانون، فقد دلت بذلك على أن المشرع لم يقصد أن يغير من طبيعة العلاقة المترتبة على هذا الاستيلاء ويجعل منها علاقة إيجارية على إطلاقها في مفهوم قواعد الإيجار الواردة في القانون المدني على الرغم من انعدام رضاء أحد طرفيها بقيامها بما مؤداه أنه فيما خلا أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 يتعين عدم تطبيق قواعد الإيجار لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر وانتهى إلى أن استيلاء الوزارة الطاعنة على عقار المطعون ضده جبراً عليه لا ينشئ بينهما علاقة إيجارية بما يمتنع معه تطبيق المادة 592 الواردة ضمن أحكام عقد الإيجار في القانون المدني على واقعة الدعوى ورتب على ذلك تطبيق أحكام الالتصاق المنصوص عليها في المادة 924 من هذا القانون، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.