أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1088

جلسة 4 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام، وعثمان زكريا.

(162)
الطعن رقم 291 لسنة 34 القضائية

إثبات. طرق الإثبات. "الإثبات بالكتابة". "حجية الأوراق العرفية".
صورة الأوراق العرفية. لا حجية لها ولا قيمة لها في الإثبات. علة ذلك.
مفاد نص المادة 390/ 2 من القانون المدني - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه لا حجية لصور الأوراق العرفية ولا قيمة لها في الإثبات إلا بمقدار ما تهدي إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذ هي لا تحمل توقيع من صدرت منه والتوقيع بالإمضاء أو بصحة الختم أو ببصمة الإصبع هو المصدر القانوني الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 485 سنة 1957 مدني كلي الزقازيق ضد المطعون عليه الأول وطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد الابتدائي المؤرخ أول أكتوبر سنة 1956 المتضمن بيعه له 160 متراً مربعاً مبينة بالعقد بما هو قائم عليها من مبان وأخشاب مقابل الثمن وقدره 300 ج وعند نظر الدعوى تدخل المطعون عليه الثاني خصماً فيها وطلب القضاء برفضها وتثبيت ملكيته إلى هذا العقار استناداً إلى أنه يملكه بالميراث عن والدته التي آل إليها هذا العقار بمقتضى عقد قسمة مسجل في سنة 1923 وأنه قد اختص بمقتضى حكم قسمة صادر في الدعوى رقم 162 سنة 1955 مدني جزئي فاقوس المسجل بتاريخ 6/ 6/ 1957، وتمسك الطاعن بأن البائع له وهو المطعون عليه الأول قد تملك العقار موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة ورد المتدخل - المطعون عليه الثاني - بأن البائع للطاعن يضع اليد على الدكان القائم على هذا العقار بطريق التأجير من المرحوم الشيخ علي مصطفى الطاروطي الذي كان يستأجره بدوره من والد المطعون عليه الثاني المرحوم سليمان عبدون. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 16/ 5/ 1956 بقبول تدخل المطعون عليه الثاني خصماً في الدعوى وبندب مكتب الخبراء بوزارة العدل بالزقازيق لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة لمعرفة ما إذا كانت العين موضوع النزاع تدخل ضمن مستندات الطرفين أو أحدهما ومن الواضع اليد عليها وسبب وضع اليد ومدته، وبعد أن قدم الخبير تقريره وبتاريخ 13/ 11/ 1961 قضت محكمة أول درجة برفض دعوى الطاعن وبتثبيت ملكية المطعون عليه الثاني إلى العين موضوع النزاع. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 278 سنة 5 ق مأمورية الزقازيق وبتاريخ 4 مارس سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظره التزمت هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه انتهى إلى أن المطعون عليه الأول - البائع للطاعن - يحوز العين موضوع النزاع كلها بطريق التأجير من المرحوم علي مصطفى الطاروطي الذي كان يستأجرها بدوره من والد المطعون عليه الثاني واستند الحكم في ذلك إلى صور فوتوغرافية لعقد إيجار محرر بين والد المطعون عليه الثاني والمرحوم علي مصطفى الطاروطي ولإيصالين بوفاء المطعون عليه الأول الأجرة إلى ورثة المرحوم علي مصطفى الطاروطي، هذا في حين أن الطاعن والمطعون عليه الأول كانا قد تمسكا بأن هذا الأخير لا يستأجر العين موضوع النزاع من المرحوم علي مصطفى الطاروطي وأن الصور الفوتوغرافية المقدمة من المطعون عليه الثاني لعقد الإيجار ولإيصالي وفاء الأجرة السالفة البيان لا تصلح دليلاً لإثبات قيام العلاقة التأجيرية بينه وبين المرحوم علي مصطفى الطاروطي لأنه لا يوجد أصل لهذه الصورة الفوتوغرافية، كما تمسكا بأن صورة العقد لم ترد على جميع المساحة المبيعة من المطعون عليه الأول إلى الطاعن بل على 50 متراً منها فقط، وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول أنه قد تملك عين النزاع جمعيها بالتقادم، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الطلب استناداً إلى أن حيازته لأرض النزاع حيازة عرضية بطريق التأجير من المرحوم علي مصطفى الطاروطي الذي كان يستأجرها بدوره من والد المطعون عليه الثاني وأن هذه الحيازة لا تكسب المطعون عليه الأول الملك على خلاف سنده ورتب الحكم على ذلك القضاء برفض دعوى الطاعن وتثبيت ملكية المطعون عليه الثاني لجميع أرض النزاع مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم الابتدائي بين المستندات التي قدمها المطعون عليه الثاني لإثبات أن المطعون عليه الأول يحوز أرض النزاع بطريق الإيجار من المرحوم علي مصطفى الطاروطي ووصفها بأنها صورة فوتوغرافية من عقد الإيجار الصادر من سليمان عبدون إلى علي مصطفى الطاروطي بتاريخ أول أكتوبر سنة 1924 عن تأجير 50 متراً مربعاً وصورة فوتوغرافية من إيصال مؤرخ 5/ 2/ 1953 باستلام محمد فريد الطاروطي مبلغ 20 جنيهاً من أجرة المكتب من المطعون عليه الأول تحمل توقيعاً منسوباً له وصورة فوتوغرافية من إيصال مؤرخ 5/ 1/ 1955 تحمل توقيعاً منسوباً للمطعون عليه الأول باستلام وكيل المطعون عليه الثاني من الأستاذ محمد فريد الطاروطي والدكتور مصطفى الطاروطي مبلغ 750 قرشاً قيمة أجرة الدكان والمخزن المؤجرة لوالدهما من المرحوم سليمان عبدون والد المطعون عليه الثاني وذلك عن ثلاث سنوات ابتداء من سنة 1952 حتى آخر سنة 1954 وذكر الإيصال أن المبلغ مناولة المطعون عليه الأول من أصل الأجرة المطلوبة منه للسيد محمد فريد الطاروطي والدكتور مصطفى الطاروطي، وقد اتخذ الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من المستندات المشار إليها أساساً لقضائه برفض طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ملكية المطعون عليه الأول للعقار المتنازع عليه بالتقادم وذلك في قوله "ثبت أن المدعى عليه (المطعون عليه الأول) هو الذي يضع يده على العين موضوع النزاع وأن وضع يده عليها هو بطريق الاستئجار من ورثة الشيخ علي مصطفى الطاروطي الذي كان يستأجرها من المرحوم سليمان عبدون والد الخصم الثالث (المطعون عليه الثاني) هذا ولما كان كل من المدعي (الطاعن) والمدعى عليه (المطعون عليه الأول) قد ركنا في إثبات ملكيتهما للعين موضوع النزاع إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وطلبا إثبات ذلك بالبينة وترى المحكمة أنه لا يجدي المدعي والمدعى عليه الاستناد في طلب الملكية إلى وضع اليد طالما أن وضع يدهما على العين كان بسبب معلوم هو الإيجار وليس بنية الملك ومن ثم فإن يدهما تكون يداً عارضة لا تكسب صاحبها الملك مهما طال أمدها وذلك طبقاً لأحكام المادة 972 مدني وعلى ذلك يكون طلب الإحالة للتحقيق لإثبات وضع اليد المدة الطويلة غير منتج في النزاع ويتعين الالتفات عنه وبذلك تكون دعوى المدعي (الطاعن) على غير أساس حيث تبين أن البائع غير مالك للعقار المبيع". ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن والمطعون عليه الأول قد تمسكا بأن هذا الأخير لا يستأجر عين النزاع وأنه يضع اليد عليها بنية التملك وقد تملكها بالقادم وأنهما يعترضان على صلاحية الصور الفوتوغرافية لعقد الإيجار وللإيصالين السالفي البيان لإثبات قيام العلاقة التأجيرية بين المطعون عليه الأول والمرحوم علي مصطفى الطاروطي وورثته، وكانت المادة 390/ 2 من القانون المدني لا تقيم للورقة العرفية قيمة في الإثبات إلا إذا كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو أختامهم أو ببصمات أصابعهم مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا حجية لصور الأوراق العرفية ولا قيمة لها في الإثبات إلا بمقدار ما تهدي إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذ هي لا تحمل توقيع من صدرت منه والتوقيع بالإمضاء أو ببصمة الختم أو ببصمة الإصبع هو المصدر القانوني الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن والمطعون عليه الأول قد تمسكا أيضاً في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن الصورة الفوتوغرافية لعقد الإيجار السالف البيان لا تشمل إلا مساحة 50 متراً فقط من العين موضوع النزاع، وكانت هذه الصورة على ما سلف بيانه مما حصله الحكم في وصف المستندات لا تشمل سوى هذه المساحة، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه رغم ذلك بالصور الفوتوغرافية المشار إليها بأن استند إليها فيما قرره من أن المطعون عليه الأول وهو البائع للطاعن يضع اليد على عين النزاع بطريق الإيجار، وكان الحكم قد رتب على ذلك رفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات أن وضع يد المطعون عليه المذكور كان بنية التملك وأنه تملكها فعلاً بالتقادم، كما رتب الحكم على الصورة الفوتوغرافية للعقد أن الإيجار خاص بعين النزاع جميعها رغم أن هذه الصورة - بفرض حجيتها في الإثبات - لا تنصب إلا على خمسين متراً فقط من العين موضوع النزاع البالغ مساحتها 160 متراً مما كان يتعين معه بحث سبب وضع يد المطعون عليه الأول على الفرق بين المساحتين، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.