أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1093

جلسة 4 من يونيو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

(163)
الطعن رقم 300 لسنة 34 القضائية

( أ ) إجارة. الدعاوى الناشئة عن عقد الإيجار. "النزاع حول قيام العلاقة الإيجارية". قانون. "القانون الواجب التطبيق". استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها".
النزاع حول قيام العلاقة الإيجارية يحكمه قواعد القانون المدني. الطعن في الأحكام الصادرة فيه من حيث جوازه أو عدمه - يخضع للقواعد العامة.
(ب) حكم. "الطعن في الأحكام الجائز الطعن فيها". استئناف.
الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة المؤسس على المنازعة في قيام علاقة تأجيرية حاسم للنزاع في هذا الشق. وجوب الطعن فيه بالاستئناف على استقلال في الميعاد.
(جـ) نقض. "أسباب الطعن". حكم. "الطعن في الأحكام". دعوى. "إغفال الفصل في بعض الطلبات".
إغفال الحكم في الفصل في بعض الطلبات الموضوعية لا يعتبر وجهاً للطعن بالنقض. علاج ذلك بالرجوع إلى محكمة الموضوع لنظر هذه الطلبات والفصل فيها.
(د) استئناف. "التدخل في الاستئناف".
التدخل الانضمام في استئناف غير جائز أو مرفوع بعد الميعاد. لا يقبل. علة ذلك.
1 - النزاع حول قيام العلاقة الإيجارية وحجتها على الطاعنين - المالكين - يخضع الفصل فيه لأحكام القانون المدني وتعتبر مسألة أولية يتوقف على الفصل فيها تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 والقوانين المعدلة أو عدم تطبيقها ويكون الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية خاضعاً للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه وفقاً لما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة عشر من القانون رقم 121 لسنة 1947.
2 - متى كان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لبطلان العلاقة التأجيرية في حق الملاك الأصليين أساسه المنازعة في قيام العلاقة الإيجارية. وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت برفض الدفع وحسمت بذلك النزاع بشأنه وأنهت الخصومة في شق من الموضوع فإنه كان يتعين رفع الاستئناف عن هذا القضاء استقلالاً في الميعاد.
3 - مؤدى نص المادة 368 مرافعات أن إغفال محكمة الاستئناف الفصل في بعض الطلبات الموضوعية لا يعتبر وجهاً للطعن بطريق النقض وإنما هو سبيل للرجوع إلى تلك المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه [(1)].
4 - لا يقبل التدخل بطلب الانضمام إلى أحد الخصوم في استئناف غير جائز أو مرفوع بعد الميعاد لأنه طلب يرتبط بموضوع الاستئناف ولا ينفك مستقلاً عنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 4387 سنة 1960 كلي القاهرة ضد الطاعنين الأول والثاني طلب فيها الحكم بتخفيض أجرة العين المبينة بصحيفة الدعوى إلى مبلغ 7 ج و200 م في الشهر. وقال بياناً للدعوى إنه بموجب عقد مؤرخ 31/ 8/ 1959 استأجر من هذين الطاعنين الشقة المبينة بصحيفة الدعوى بأجرة قدرها 11 ج و730 م في الشهر لمدة سنة تبدأ من أول سبتمبر سنة 1959 ونظراً لأن الأجرة القانونية في السنة السابقة لشهر يونيه سنة 1958 هي تسعة جنيهات في الشهر ولأن العين أنشئت قبل 30/ 10/ 1954 حسب الثابت بالمستخرج الرسمي من سجلات البلدية وتخضع بذلك للتخفيض بنسبة 20% طبقاً لأحكام القانون رقم 55 سنة 1958 فقد أقام دعواه بطلب التخفيض السالف بيانه. دفع الطاعن الأول بعدم قبول الدعوى بالنسبة له لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أنه ليس مالكاً للمنزل الذي يقع فيه المسكن وقد باعه لأولاده وهم باقي الطاعنين وأنه ليس مؤجراً لهذا المسكن لأنه لم يوقع على عقد الإيجار وإنما وقعه الطاعن الثاني الذي لا يملك إلا حصة شائعة في المنزل لا تخوله حق تأجير المسكن. والمحكمة قضت في 23/ 1/ 1961 برفض الدفع وبقبول الدعوى بالنسبة للطاعن الأول وبندب خبير لتقدير أجرة العين في شهر يونيه سنة 1958 وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 14/ 10/ 1963 بتخفيض أجرة الشقة محل النزاع إلى مبلغ ثمانية جنيهات في الشهر ابتداء من تاريخ التعاقد. استأنف الطاعنان الأول والثاني هذا الحكم في 20/ 11/ 1963 بالاستئناف رقم 1859 سنة 80 ق القاهرة. طلب باقي الطاعنين تدخلهم في الاستئناف منضمين إلى المستأنفين في الدفع بعدم قبول الدعوى واستندوا إلى أنهم هم المالكون للعين المؤجرة ولم يصدر منهم عقد الإيجار. دفع المطعون عليهم بعدم جواز الاستئناف لرفعه عن حكم غير قابل للطعن طبقاً لنص المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 والمحكمة قضت في 10/ 3/ 1964 بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون - ويقولون في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف على مجرد القول بأن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في منازعة إيجارية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 يكون غير قابل لأي طعن ولو كان قد فصل في منازعة متعلقة بشكل الدعوى وبجواز قبولها. وفات الحكم أن المنازعة في قيام العلاقة التأجيرية هي مما يخرج عن النطاق المحظور الطعن فيه وأن الطاعنين الأول والثاني دفعا أمام المحكمة الابتدائية ببطلان العلاقة التأجيرية بينهما وبين المطعون عليه باعتبار أن الطاعن الأول غير مالك في المنزل وأن الطاعن الثاني شريك مشتاع بحصة لا تخوله تأجير مسكن مفرز فيه فلا يعتبر تأجيره للمطعون عليه حجة على المالكين، ولو أن الحكم المطعون فيه تنبه إلى أن الدفع وارد على بطلان العلاقة التأجيرية ذاتها وأن الفصل فيه يستوجب بحث هذه العلاقة لتبين أن النزاع يخرج عن نطاق تطبيق القانون الاستثنائي وأن الحكم الصادر فيه من المحكمة الابتدائية قابل للطعن فيه بالاستئناف. هذا إلى أن الحكم اعتبر الدفع المشار إليه فرعاً يتبع الأصل في قابلية الحكم الصادر فيه للطعن، في حين أنه مسألة أولية مما ينطبق عليها قواعد القانون العام ويتوقف على الفصل فيها الفصل في الطلب الأصلي ولا تختص المحكمة الابتدائية بنظرها طبقاً للقانون الاستثنائي وإنما تختص بها طبقاً للقواعد العامة في الاختصاص فيكون حكمها في هذه المسألة خاضعاً لهذه القواعد في قابليته للطعن بالاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه أقام الدعوى أمام المحكمة الابتدائية بطلب تخفيض أجرة عن المسكن المؤجر له وأن الطاعنين الأول والثاني دفعا الدعوى بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أن العلاقة التأجيرية المدعى بقيامها علاقة باطلة ولا تعتبر حجة على الملاك الأصليين وأن الطاعن الأول لا يملك شيئاً في المنزل الكائن به العين المؤجرة كما لا يملك الطاعن الثاني إلا حصة شائعة لا تخوله حق تأجير العين مفرزة. ولما كان النزاع حول قيام العلاقة الإيجارية وحجيتها على الطاعنين يخضع الفصل فيه لأحكام القانون المدني ويعتبر مسألة أولية يتوقف على الفصل فيها تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 والقوانين المعدلة له أو عدم تطبيقها ويكون الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بالفصل فيه - وعلى ما يجرى به قضاء هذه المحكمة - خاضعاً للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه وفقاً لما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 121 لسنة 1947، ولئن كان الحكم المطعون فيه قد قرر أن الدفع المقدم من الطاعنين الأول والثاني هو من الدفوع الشكلية يسري عليه ما يسري على الأصل وأن الحكم الصادر فيه من المحكمة الابتدائية غير قابل لأي طعن طبقاً لنص المادة 15 المشار إليها، وكان الحكم قد أخطأ في هذا الذي قرره إذ أن الدفع بعدم القبول أساسه منازعة هذين الطاعنين في قيام علاقة إيجارية بينهما وبين المطعون عليه، إلا أن هذا الخطأ من الحكم غير مؤثر في نتيجة قضائه ذلك أن الثابت أن المحكمة الابتدائية قضت بحكمها الصادر في 23/ 1/ 1961 برفض الدفع بعدم القبول المشار إليه وحسمت بذلك النزاع بشأنه وأنهت الخصومة في شق من الموضوع مما كان يتعين رفع الاستئناف عنه استقلالاً في الميعاد، وإذ رفع الطاعنان الأول والثاني الاستئناف بصحيفة قدمت إلى قلم كتاب محكمة الاستئناف في 20/ 11/ 1963 بعد مضي الميعاد المحدد من تاريخ العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1962، فإن حقهما في الطعن بالاستئناف يكون قد سقط طبقاً لنص المادة 381 مرافعات وتكون مصلحتهما في النعي على الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف مصلحة نظرية بحتة لا تصلح أساساً للطعن مما يكون معه النعي بهذين السببين غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقولون في بيان ذلك إن الطاعنين من الثالث للأخير طلبوا تدخلهم الانضمامي في استئناف الطاعنين الأول والثاني بشأن الدفع بعدم القبول واستندوا إلى أن الطاعن الأول باع إلى باقي الطاعنين المنزل الذي به المسكن المؤجر للمطعون عليه بموجب عقد مسجل قبل عقد الإيجار وأصبح الطاعن الأول لا يملك شيئاً في المنزل، ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على طلب التدخل مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادة 368 مرافعات أن إغفال محكمة الاستئناف الفصل في بعض الطلبات الموضوعية لا يعتبر وجهاً للطعن بطريق النقض وإنما هو سبيل للرجوع إلى تلك المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، وكان لا يقبل التدخل بطلب الانضمام إلى أحد الخصوم في استئناف غير جائز أو مرفوع بعد الميعاد لأنه طلب يرتبط بموضوع الاستئناف ولا ينفك مستقلاً عنه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف المرفوع من الطاعنين الأول والثاني، فإن النعي عليه بهذا السبب في شأن التدخل الانضمامي من باقي الطاعنين فوق أنه غير مقبول يكون غير منتج.


[(1)] نقض 27/ 4/ 1967 - الطعن رقم 362 لسنة 33 ق مجموعة المكتب الفني السنة 18 رقم 137 ص 896.