مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1960 إلى آخر ديسمبر سنة 1960) - صـ 413

(55)
جلسة 31 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 773 لسنة 5 القضائية

( أ ) دعوى - إعادة تعيين الموظف المفصول في نفس الوظيفة السابقة بمرتب أقل - رفعه دعوى طعناً في قرار الفصل - التكييف الصحيح لها أنها منازعة في راتب - عدم تقيدها بميعاد رفع دعوى الإلغاء.
(ب) موظف - سن الإحالة إلى المعاش - أئمة المساجد بوزارة الأوقاف وخطباؤها ومدرسوها - عدم خضوعهم لقاعدة إحالة الموظف إلى المعاش لبلوغ سن معينة وبقاؤهم في الخدمة مدى الحياة - تأكيد لائحة النذور الصادرة سنة 1928 لهذا الحكم - استمرار العمل بهذا الحكم بعد صدور قرار مجلس الأوقاف الأعلى في 16/ 5/ 1951 بالنسبة لمن لا يقدم إقراراً كتابياً بقبول أحكامه - صدور القانون رقم 269 لسنة 1953 بشأن إنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار لموظفي وزارة الأوقاف لا يغير من هذا الحكم [(1)].
(ج) موظف - سن الإحالة إلى المعاش - تحديد هذه السن في القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة - عدم خضوع شاغلي وظائف مشايخ المساجد لهذا التحديد - بقاؤهم في الخدمة مدى الحياة - أساس ذلك - مثال.
(د) وظيفة - وظيفة شيخ مسجد ذات الربط الثابت - عدم اندراجها ضمن الوظائف الخارجة عن هيئة العمال - أساس ذلك - مثال.
1 - لئن كان المدعي قد طلب في صحيفة دعواه إلغاء قرار فصله وما يترتب على ذلك من آثار وصرف مرتبه إليه من تاريخ فصله مما يشعر بأنها دعوى بإلغاء قرار الفصل مما يسري في شأنها المواعيد المنصوص عليها في المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 الذي رفعت في ظله الدعوى إلا إنه لما كان الثابت مما سلف بيانه أن قسم المساجد طلب في مذكرته المؤرخة 17 من فبراير سنة 1957 إلغاء قرار فصل المدعي للأسباب المبينة بتلك المذكرة وقد استجابت الوزارة لهذا الطلب فأعادت تعيين المدعي في 7 من مايو سنة 1957 في نفس وظيفته السابقة إلا أنها خفضت راتبه من 25 جنيهاً شهرياً إلى 10 جنيهات شهرياً، ومن ثم فإن المدعي - وقد أجيب إلى طلبه وأعيد إلى وظيفته السابقة إنما كان يستهدف في عموم طلباته إعادة مرتبه إلى ما كان عليه دون أن يقصد إلى إلغاء قرار الفصل إذ هو قد أعيد فعلاً إلى عمله السابق ولكن بمرتب أقل وهو ما يطالب المدعي بإعادته إلى أصله.
ومتى كان الأمر كذلك فإن الدعوى والحالة هذه إنما هي في حقيقتها منازعة في راتب وبهذه المثابة لا تخضع للمواعيد المبينة بالمادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 وهي الخاصة بطلبات الإلغاء.
2 - إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن أحكام كل من القانونين رقم 5 لسنة 1909 ورقم 37 لسنة 1929 بشأن المعاشات الملكية لا تسري على أئمة المساجد بوزارة الأوقاف وخطبائها ومدرسيها تلك الأحكام التي تضمنت إحالة الموظف أو المستخدم الدائم إلى المعاش متى بلغ سن الستين ورفت المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال متى بلغوا الخامسة والستين وأن مفاد ذلك أنه ليس هناك سن معينة لانتهاء خدمة الطائفة المذكورة وأن هذا هو ما جرت عليه وزارة الأوقاف من إبقاء هذه الطائفة في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالتهم الصحية تمكنهم من أداء عملهم وأنه في أول إبريل سنة 1928 أصدر مجلس الأوقاف الأعلى لائحة النذور للمساجد والأضرحة التابعة للوزارة على أن يعمل بها من أول يناير سنة 1928 ثم أصدرت الوزارة المنشور العام رقم 36 لسنة 1928 في 15 من إبريل سنة 1928 متضمناً أحكام اللائحة المذكورة وأنه واضح من اللائحة والمنشور أن ليس ثمة سن معينة تنتهي عندها خدمة الإمام أو الخطيب وإنما تنتهي خدمته بوفاته أو لعجزه عن أداء عمله، وأنه في 16 من مايو سنة 1951 أصدر المجلس الأعلى لوزارة الأوقاف القرار رقم 228 بشأن السن الذي يفصل فيه أئمة المساجد وعلماؤها وخطباؤها ومدرسوها الذين يعينون على درجات بميزانية الأوقاف الخيرية والحرمين الشريفين وبشأن مقدار المكافأة التي تمنح عند الفصل وشروط منحها وقد جاء بالبند الأول من هذا القرار ما يأتي: ( أ ) يفصل المذكورون من الخدمة لبلوغ السن في الخامسة والستين (ب) يعامل المذكورون عند الفصل بالنسبة لمقدار المكافأة التي تمنح لهم هم وورثتهم وكذلك بالنسبة لشروط منح هذه المكافأة بمثل ما يعامل به الموظفون المؤقتون المعينون على ميزانية الإدارة العامة أو ورثتهم، ونص في البند الثالث من القرار المشار إليه على أن الأئمة والعلماء والخطباء والمدرسين الحاليين تسري عليهم القواعد التي نص عليها في البند أولاً إذا أعطوا إقراراً كتابياً بقبولهم إياها ومن لم يعط منهم هذا الإقرار الكتابي يستمر في معاملته بالنسبة للمكافأة طبقاً لأحكام لائحة النذور الصادرة في 25 من إبريل سنة 1928. وأنه في 8 من ديسمبر سنة 1952 صدر القانون رقم 316 لسنة 1952 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للمعاشات لموظفي الحكومة المدنيين ولم يشمل هذا القانون موظفي وزارة الأوقاف وإنما صدر لهؤلاء قانون مماثل هو القانون رقم 269 لسنة 1953 وقد نص في مادته الأولى على أنه "تنشأ في مصلحة صناديق التأمين والادخار بوزارة المالية والاقتصاد صندوق للتأمين للموظفين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة ضمن الباب الأول في ميزانية وزارة الأوقاف (الإدارة العامة والأوقاف الخيرية وأوقاف الحرمين الشريفين والأوقاف الأهلية) ولو كانوا معينين قبل العمل بأحكام هذا القانون وصندوق آخر للادخار يخصص لغير المثبتين من هؤلاء الموظفين ولا تسري أحكام هذا القانون على الموظفين الذين تزيد سنهم عند العمل به على السن المعينة لتقاعد موظفي الحكومة". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لذلك القانون في صدر الفقرة الأخيرة من تلك المادة "نظراً لما تبين من دراسة حالات الموظفين في الوزارة المذكورة من أنه توجد طائفة من أئمة المساجد وخطبائها ومدرسيها أجازت لهم الأنظمة المالية أن يستمروا في الخدمة مدى حياتهم وهو نظام لا يتفق والأحكام الخاصة بصندوق التأمين والادخار فقد نصت هذه المادة في فقرتها الثانية على عدم سريان أحكامه على الموظفين الذين تزيد سنهم عند العمل به على السن المعينة لتقاعد موظفي الحكومة". ومؤدى ذلك أن الموظفين الموجودين بالخدمة حالياً من ذوي الأعمار التي تزيد على سن التقاعد لا يتمتعون بنظام الادخار أما من تقل أعمارهم عن هذه السن فإنهم يتمتعون بأحكام هذا القانون بشرط أن يتركوا الخدمة في سن التقاعد المقررة قانوناً وذلك ما لم يقرر مجلس الأوقاف الأعلى حرمانهم من الاشتراك في هذين الصندوقين طبقاً للمادة 28 منه.
ولما كان المدعي - قبل تعيينه شيخاً لمسجد السلطان الحنفي من طائفة أئمة المساجد ومدرسيها فإنه يعامل من حيث انتهاء مدة خدمته بالقواعد التي تطبق في شأن هذه الطائفة والتي تقضي ببقائهم في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالتهم الصحية تمكنهم من أداء عملهم إلا إذا أعطوا إقراراً كتابياً بقبولهم المعاملة بأحكام القرار رقم 228 الصادر في 16 من مايو سنة 1951 على ما سلف تفصيله فيما تقدم، ولما كان المدعي لم يعط إقراراً كتابياً بقبوله المعاملة بأحكام القرار سالف الذكر، ومن ثم فمن حقه البقاء في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالته الصحية تمكنه من أداء عمله.
3 - في 25 من نوفمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 264 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة ونص في المادة الأولى منه على أنه "ينشأ صندوق للتأمين والمعاشات لجميع موظفي الدولة المدنيين غير المثبتين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية..... كما ينشأ صندوق آخر للتأمين والمعاشات يخصص للموظفين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة إلى درجات في الميزانيات المستقلة وهي ميزانية الجامعات وميزانية الجامع الأزهر والمعاهد الدينية وميزانية وزارة الأوقاف وميزانية المجالس البلدية ومجالس المديريات...." ونصت المادة 17 منه على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة 108 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 27 لسنة 1954 المشار إليهما تنتهي خدمة الموظفين المنتفعين بأحكام هذا القانون عند بلوغهم سن الستين فيما عدا الوزراء ونواب الوزراء ويستثنى من ذلك العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف فيجوز بقاؤهم حتى سن الخامسة والستين" ويتضح من مطالعة أحكام هذا القانون أن مناط الإفادة من أحكامه أن يكون الموظف مربوطاً مرتبه على وظيفة دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة إلى درجات وأن يكون موجوداً في الخدمة وقت صدوره وإن كان قد جاوز وقتذاك السن المحددة في المادة 17 للإحالة إلى المعاش. ولما كان يبين من الاطلاع على ميزانية وزارة الأوقاف أن وظائف مشايخ المساجد ليست من الوظائف الدائمة أو المؤقتة أو من وظائف خارج الهيئة وإنما هي وظائف ذات مربوط ثابت على غير درجة ومن ثم فلا تسري أحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 سالف الذكر على المدعي ولا يفيد منه كما أفاد من توافرت فيهم شروط المادة الأولى من موظفي مراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف ومن ثم فإنه يعامل من حيث انتهاء مدة خدمته بالقواعد السابقة التي تقضي ببقائه في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالته تمكنه من أداء عمله.
ولا يغير من هذا الحكم - وهو بقاء المدعي في وظيفته مدى الحياة - نقل المدعي من وظيفة إمام وخطيب مسجد محمد بك المدبولي إلى وظيفة شيخ مسجد السلطان الحنفي، ذلك أنه وقد ثبت له الحق في المعاملة بنظام معين من حيث انتهاء مدة خدمته فمن حقه أن تستمر معاملته طبقاً لهذا النظام ما دامت الوظيفة الجديدة المنقول إليها ليس لها نظام آخر يغاير هذا النظام، بل على العكس من ذلك فإن الوظيفة الجديدة تتفق والوظيفة السابقة في هذا الشأن ذلك أنه يبين من مطالعة مذكرة قسم المساجد إلى قسم قضايا الوزارة المؤرخة 17 من نوفمبر سنة 1949 بمناسبة ترشيح المدعي شيخاً لمسجد السلطان الحنفي، أن مشايخ المساجد السبع الوارد ذكرها بالمذكرة على وجه التحديد يبقون في وظائفهم مدى الحياة، ويؤكد ذلك أيضاً ما ورد بالمذكرة من أنه عند وفاة شيخ مسجد السيدة نفيسة (وكان من غير العلماء) عين مكانه نجله (وهو من غير العلماء) وعند وفاة شيخ مسجد الإمام الشافعي (وهو من غير العلماء) عين مكانه نجله (وهو من غير العلماء) أي أن من بين هذه الوظائف ما هو وراثي يتوارثه الأبناء دون التقيد بشرط الحصول على مؤهل معين أو أي شرط آخر، وهذا وضع ليس له مثيل في الوظائف الحكومية ولا يتأتى إلا إذا كانت خدمة الشيخ لا تنتهي إلا بالوفاة مما يقطع بأن هذه الوظائف ذات طابع خاص لا تخضع فيه للأوضاع الوظيفية المقررة بالقوانين واللوائح، يؤيد ذلك أيضاً ما جاء بالمذكرة التي رفعها قسم المساجد إلى السيد السكرتير العام للوزارة في 17 من فبراير سنة 1957 بمناسبة فصل المدعي وتظلمه من ذلك الفصل فقد جاء بها أن المدعي قد ظلم ظلماً بيناً "فلا هو أبقي في عمله الحالي ما بقى له من العمر ولا هو عومل كزملائه في الترقيات واستحقاق المعاش" مما يستفاد منه أن نظام بقاء مشايخ المساجد السبع والأئمة وخطباء المساجد ومدرسيها في وظائف مدى الحياة نظام قائم ومعمول به في الوزارة طبقاً لما جرى عليه العرف ونصت عليه اللوائح والأوامر السابقة حسبما سلف تفصيله.
4 - إن وظائف خارجي الهيئة - وهي تنتظم صناعاً وغير صناع - وهي أدنى الدرجات في السلم الوظيفي ويعين فيها عادة من غير ذوي المؤهلات ولها درجات معينة تتناسب وحالة هذه الطائفة تبدأ من الدرجة الثانية وراتبها من 36 - 72 جنيهاً سنوياً وتنتهي بالدرجة العالية ومرتبها من 84 - 108 جنيهاً سنوياً وليس هذا شأن المدعي الحاصل على شهادة العالمية والذي كان يشغل الدرجة السادسة بمرتب 21 جنيهاً شهرياً ثم نقل إلى وظيفة شيخ مسجد السلطان الحنفي بمرتب 25 جنيهاً شهرياً وهي وظيفة لها من الأهمية والمكانة ما استلزم صدور أمر ملكي بالتعيين فيها ومثل هذه الوظيفة لا يستطيع العقل نعتها بأنها من وظائف خارج الهيئة وأغلب الظن أن مرد هذا الاستناد إلى فهم خاطئ سقيم لما ورد بميزانية وزارة الأوقاف قسم 2 فرع 1 مصروفات المساجد ومكافحة الأمية (أنظر على سبيل المثال ص 225 من ميزانية الوزارة عن السنة المالية 1955/ 1956) فقد ورد في تفصيل بند 1 - ماهيات وأجر ومرتبات ما يأتي: (ب) الوظائف المؤقتة - وهي تنتظم وظائف أئمة وخطباء ومدرسي المساجد وخصصت لهم الدرجات من السادسة إلى الرابعة ثم (ج) الوظائف الخارجة عن هيئة العمال وتنتظم وظائف ملاحظي المساجد وغيرهم وخصص لهم الدرجة الثانية سايرة. ثم (ج) وظائف ومكافآت ذات ربط ثابت وهي تنتظم مشايخ المساجد وعددها سبع وشيخ المقارئ ثم بعض الوظائف الأخرى. وواضح من هذا البيان أن الوظائف ذات الربط الثابت لا تندرج في ضمن الوظائف الخارجة عن هيئة العمال وإنما في صنف آخر ونوع مختلف عن وظائف خارج الهيئة وإن كانت قد وردت تحت (ج) أسوة بالوظائف الخارجة عن هيئة العمال وهي ليست منها.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25 من إبريل سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر بجلسة 23 من فبراير سنة 1959 من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في القضية رقم 302 لسنة 5 القضائية المرفوعة من الشيخ أحمد عبد الله مهدي ضد وزارة الأوقاف والقاضي بعدم قبول طلب المدعي الأصلي وبرفض طلبه الاحتياطي وإلزامه بالمصروفات ويطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار فصل المدعي الصادر في 5 من فبراير سنة 1957 واستحقاقه ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها المصروفات.
أعنت صحيفة الطعن للوزارة المدعى عليها في 28 من يونيه سنة 1958 وللمدعي في 4 من يوليه سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26 من يونيه سنة 1960 وأخطر بها الطرفان وفيها أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة أول أكتوبر سنة 1960 وبعد تداوله في الجلسات وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما هو ثابت من الأوراق - في أن المدعي رفع هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية ضد السيد وزير الأوقاف بصحيفة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 8 من مايو سنة 1957 قال فيها إنه عين بوزارة الأوقاف في وظيفة إمام وخطيب ومدرس بمساجدها ابتداء من 6 فبراير سنة 1926 وطبقت عليه قواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944 واعتبر في الدرجة السادسة ابتداء من تاريخ تعيينه وبلغ بتدرج راتبه في هذه الدرجة 21 جنيهاً في أول مايو سنة 1949 وكان وقتذاك يشغل وظيفة إمام وخطيب مسجد محمد بك المدبولي بعابدين وقد اختارته وزارة الأوقاف دون علمه وموافقته ليكون شيخاً لمسجد السلطان الحنفي وصدر أمر ملكي بذلك في أول ديسمبر سنة 1949 ومنح راتباً شهرياً قدره 25 جنيهاً وهو مربوط ثابت مقرر لهذه الوظيفة بدون درجة ويظل صاحبه بها لحين وفاته.
وفي 5 من فبراير سنة 1957 صدر قرار إداري من مراقب عام المستخدمين بوزارة الأوقاف بفصله من الخدمة اعتباراً من أول مارس سنة 1957 بزعم تجاوزه السن القانونية للتقاعد.
ويقول المدعي في صحيفة دعواه إن هذا القرار مخالف للقانون لأنه صدر من غير ذي اختصاص فضلاً عن أنه مخالف للقواعد التنظيمية الثابتة بالنسبة لمشايخ المساجد الكبيرة من بقائهم في الخدمة لحين وفاتهم وأنه تقدم بتظلمات عديدة انتهت بالرفض فتقدم بطلب لمعافاته من رسوم الدعوى وطلب المدعي الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع أصلياً بإلغاء القرار الصادر في 5 من فبراير سنة 1957 بفصله وجميع ما ترتب عليه من آثار وصرف مرتبه من تاريخ فصله واحتياطياً إلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
قدمت الوزارة في ردها على طلب المعافاة مذكرة بدفاعها قالت فيها إنه حاصل على شهادة العالمية المؤقتة سنة 1923 وعين بخدمة الوزارة في 6 من فبراير سنة 1926 وطبقاً لقواعد الإنصاف اعتبر في الدرجة السادسة من تاريخ تعيينه وتدرج راتبه الشهري حتى بلغ 21 جنيهاً في أول مايو سنة 1949 ثم صدر الأمر الملكي رقم 45 لسنة 1949 بتعيينه شيخاً لمسجد السلطان الحنفي ثم صدر قرار وزاري تنفيذاً للأمر الملكي بتعيينه شيخاً مع منحه راتباً قدره 25 جنيهاً شهرياً من أول ديسمبر سنة 1949. وبتاريخ 3 من فبراير سنة 1957 رفعت مراقبة المستخدمين مذكرة إلى السيد وكيل الوزارة أوضحت بها أن المذكور من مواليد 4 من يونيه سنة 1890 وأصبح عمره 66 سنة و7 أشهر ولما كان المذكور من المستخدمين خارجي الهيئة الذين يفصلون في سن الخامسة والستين فقد طلبت مراقبة المستخدمين الموافقة على فصله اعتباراً من أول مارس سنة 1957 وقد وافق السيد وكيل الوزارة على ما جاء بمذكرة مراقبة المستخدمين. وصدر قرار بفصله اعتباراً من أول مارس سنة 1957 وقد قدم المدعي تظلماً إلى السيد الوزير بتاريخ 27 من إبريل سنة 1957 يطلب فيه إلغاء قرار فصله وإعادته للخدمة وأرسل التظلم للسيد المفوض لإبداء رأيه بتاريخ 12 من يونيه سنة 1957 فرد بأنه لما كان المذكور من مواليد 4 من يونيه سنة 1890 فإنه يكون قد بلغ سن الخامسة والستين في 4 من يونيه سنة 1955 وعلى ذلك فقد صدر قرار بانتهاء مدة خدمته في أول مارس سنة 1957 لتجاوزه السن القانونية وبمراجعة ميزانية وزارة الأوقاف للسنة المالية 1956/ 1957 تبين أن وظائف مشايخ المساجد قد جاءت في الباب الأول بند ( أ ) حرف (جـ) الخاص بالوظائف الخارجة عن هيئة العمال وذات المربوط الثابت ومن ثم فإنه ينطبق على شاغل هذه الوظائف أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 ورأى المفوض رفض التظلم وقد أخطر المدعي بهذا الرأي في 6 من أغسطس سنة 1957.
ودفعت الوزارة في مذكرتها بعدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على أن المدعي قرر في طلب الإعفاء المؤرخ 15 من أغسطس سنة 1957 أنه علم بقرار الفصل بتاريخ 5 من فبراير سنة 1957 وأنه تظلم إلى السيد الوزير بتاريخ 27 من إبريل سنة 1957 أي بعد فوات أكثر من ستين يوماً على تاريخ علمه بقرار الفصل. وفي الموضوع قالت الوزارة أن المدعي كان يشغل وظيفة إمام وخطيب ومدرس من الدرجة السادسة اعتباراً من 6 من فبراير سنة 1926 وذلك بعد تطبيق قواعد الإنصاف عليه في 30 من يناير سنة 1944 وبتاريخ أول ديسمبر سنة 1949 صدر أمر ملكي بتعيينه شيخاً لمسجد السلطان الحنفي براتب شهري قدره 25 جنيهاً وهو المربوط الثابت المقرر للوظيفة وهي من الوظائف المدرجة في الباب الأول من ( أ ) حرف (جـ) الخاص بالوظائف الخارجة عن هيئة العمال ومعنى ذلك أنه فصل من وظيفته الأولى وعين في وظيفة أخرى هي من الوظائف الخارجة عن هيئة العمال حسب وصفها الوارد في الميزانية ووجب فصله عند بلوغه سن الخامسة والستين وهي السن المقررة لترك الخدمة طبقاً للقانون رقم 5 لسنة 1909 وقد صدر قرار بإنهاء خدمته طبقاً لأحكام هذا القانون وعلى ذلك يكون قرار فصله مطابق للقانون.
ومن حيث إن المدعي قدم مذكرة فصل فيها أوجه دفاعه فقال إن تعيينه بأمر ملكي شيخاً لمسجد السلطان الحنفي في أول ديسمبر سنة 1949 لم يكن تأديباً له وإنما ميزة هي دوام الوظيفة ما دام صاحبها على قيد الحياة طبقاً للعرف الذي جرت عليه وزارة الأوقاف بالنسبة لمشايخ المساجد الرئيسية وهي قاعدة استقرت حتى أصبحت قاعدة تنظيمية مما كان يعوض صاحبها عن التدرج في سلك الكادر ولكن فصله على هذه الحالة حرمه من الميزتين وقد أشار إلى هذا المراقب العام للشئون الدينية بالوزارة في مذكرته المرفقة بملفه الشخصي فقد جاء فيها ومعنى هذا أن فضيلته ظلم ظلماً بيناً لأنه لا بقى في عمله الحالي ما بقي له من العمر ولا هو بالذي عومل كزملائه في الترقيات واستحقاقه المعاش. ونعى المدعي على قرار فصله أنه معيب من وجهين أولهما أنه صدر من غير مختص إذ أنه صدر من مراقب عام مستخدمي وزارة الأوقاف ولم يتجاوز أن طلب موافقة وكيل الوزارة والقاعدة أنه ما دام التعيين قد صدر بموجب أمر إداري من درجة معينة فإن نقصه وإلغاءه لا يكون إلا بأمر إداري من نفس الدرجة. ولما كان قد عين بأمر ملكي نفذ بقرار من الوزير فما كان يصح إنهاء خدمته إلا بأمر جمهوري ينفذ بقرار من الوزير، والوجه الثاني من أوجه طعن المدعي على القرار الصادر بفصله أنه استند إلى أن المدعي وقد أصبح بالتعيين المذكور في وظيفة خارجة عن هيئة العمال وذات المربوط الثابت فتنطبق عليه أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 التي تقضي بانتهاء الخدمة لهؤلاء في سن الخامسة والستين. وهذا التأسيس مردود لسببين: أولهما أن ثمة قاعدة تنظيمية مستقرة بالوزارة بالنسبة لمشايخ المساجد الرئيسية مثل مسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب وأبو العباس ومحمد علي والإمام الشافعي والسيدة نفيسة وغيرها من المساجد الرئيسية ومنها مسجد السلطان الحنفي - هذه القاعدة تقضي ببقاء شاغل هذه الوظيفة مدى الحياة وهي قاعدة تنظيمية استثناء من النص القانوني المذكور بدليل تطبيقها باستمرار وهذه القاعدة ثابتة من الفتوى التي أبداها مدير المساجد بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1949 بمناسبة اختيار المدعي شيخاً للمسجد المذكور وهي الورقة 37 من الملف الشخصي للمدعي وقد جاء فيها تعداد لهذه المساجد الرئيسية وما جرى عليه العمل بخصوص تعيين مشايخها وثابت فيها أن كل هؤلاء المشايخ كانت تنتهي خدمتهم بالوفاة كما جاء فيها أن شيخ المسجد إن كان من العلماء فيعين بأمر ملكي وإذا كان من غير العلماء فيعين بنطق ملكي، وقد طبقت هذه القاعدة باستمرار على جميع مشايخ المساجد الرئيسية فلم تنته خدمتهم إلا لوفاتهم وعدد المدعي في مذكرته أسماءهم. والسبب الثاني من أسباب رد المدعي على السند الذي بني عليه القرار الصادر بفصله أنه ليس من الخدمة الخارجين عن الهيئة فيجوز أن يكون الداخل في الهيئة بمربوط ثابت طبقاً لقانون الموظفين والمادة الأولى من قانون الموظفين صريحة في أن الموظف المعين بمرسوم أو أمر جمهوري أو قرار من وزير يكون داخلاً في الهيئة والمادة 4 تجعل الوظائف الداخلة في الهيئة إما دائمة أو مؤقتة ونتيجة ما تقدم أنه طبقاً للمادة 107 التي تقضي بأن تنتهي خدمة المعين على وظيفة دائمة لأسباب أولها بلوغ السن المقررة لترك الخدمة دون تحديد لهذه السن فإنه تطبيقاً للقاعدة التنظيمية المذكورة يكون فصل المدعي من الخدمة لبلوغه لسن الخامسة والستين مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية أصدرت في 23 من فبراير سنة 1959 حكمها المطعون فيه وهو يقضي بعدم قبول طلب المدعي الأصلي وبرفض طلبه الاحتياطي وإلزامه بالمصروفات. وأقامت قضاءها بالنسبة للطلب الأصلي على أن الثابت من الأوراق أن القرار الصادر بفصل المدعي قد صدر بتاريخ 5 من فبراير سنة 1957 بفصله من الخدمة اعتباراً من أول مايو سنة 1957 (صحته أول مارس سنة 1957) فقدم تظلماً إلى وزير الأوقاف بتاريخ 28 من إبريل سنة 1957 وبتاريخ 25 من أغسطس سنة 1957 تقدم بطلب لإعفائه من رسوم الدعوى فصل فيه بالرفض بتاريخ 28 من أكتوبر سنة 1957 وكان يجب إقامة الدعوى خلال الستين يوماً التالية ولكنه أقامها في 8 من مايو سنة 1958 وبذلك يكون قد فوت على نفسه المواعيد المقررة. وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للطلب الاحتياطي بالتعويض على أن شيخ المسجد والإمام والخطيب والمدرس يعتبرون كسائر موظفي وزارة الأوقاف العمومية من موظفي الحكومة فيما يتعلق بجميع الحقوق والمزايا الممنوحة لهم بمقتضى القوانين واللوائح وذلك عملاً بالمادة 31 من القانون رقم 36 لسنة 1946 الخاص بلائحة إجراءات وزارة الأوقاف ومن ثم يسري في شأنهم ما يسري على سائر الموظفين من قواعد تنظيمية عامة بما فيها تلك التي تحكم سن الفصل من الخدمة وأنه لا وجه للاعتداد في هذا الشأن بالقرار الوزاري رقم 8 الصادر في 30 من مايو سنة 1951 بناء على قرار مجلس الأوقاف الأعلى الصادر في 16 من مايو سنة 1951 بالموافقة على مذكرة المراقبة العامة للمستخدمين رقم 228 بتعديل المادتين 312، 334 من اللائحة الداخلية للوزارة التي تضمنها القرار الوزاري رقم 19 الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1946 تنفيذاً للمادة 32 من القانون المشار إليه وذلك فيما تضمنه هذا القرار من تعديلات من شأنها وضع قواعد تنظيمية خاصة بسن إحالة أئمة المساجد وعلمائها وخطبائها ومدرسيها الموجودين في الخدمة من شأنها تقرير بقائهم في الخدمة مدى الحياة متى ثبت أنهم قادرون على العمل بعد إحالتهم إلى قومسيون طبي الوزارة لتقدير صلاحيتهم لخدمة؛ إذ أن الوزارة أو مجلس الأوقاف الأعلى لا يملك أيهما أن يعدل في اللائحة الداخلية تعديلاً من شأنه مخالفة المادة 30 من القانون رقم 36 لسنة 1946 المشار إليه آنفاً ذلك أنه وإن قضت المادة 32 من هذا القانون على أنه في خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به يصدر وزير الأوقاف لائحة داخلية بتنظيم أقسام الوزارة وتحديد اختصاصاتها تنفيذاً لأحكام هذا القانون فإن ذلك مقصور الأثر فيما يختص بوضع كادر خاص بهم دون أن يتعداه إلى غير ذلك من الشروط العامة لتولي لوظيفة. وخلصت المحكمة من ذلك إلى القول بأن الثابت من الأوراق أن المدعي من مواليد 4 من يونيه سنة 1950 (وصحته سنة 1890) وعين اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1949 شيخاً لمسجد السلطان الحنفي بمرتب ثابت قدره 25 جنيهاً شهرياً خارج الهيئة وبلا درجة فإنه يخضع في شأن تحديد سن تقاعده للفقرة الثانية من المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1909 التي تقضي بتحديد سن الخامسة والستين لفصل المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وعلى ذلك فإن قرار فصله اعتباراً من أول مارس سنة 1957 وقد جاوز سن الخامسة والستين يكون قد صدر صحيحاً ومطابقاً للقانون فلا وجه للمطالبة بالتعويض عنه لعدم ارتكانه على أي خطأ موجب لمسئولية الوزارة ولا يجدي المدعي المحاجة بأن قرار فصله من الخدمة صدر من مراقب عام المستخدمين بالوزارة وهو غير مختص بإصداره ذلك أن عيب الاختصاص هو عيب شكلي لا يترتب عليه في هذه الحالة مسئولية الإدارة بالنسبة لقضاء التعويض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه طبقاً للمادة 312 من اللائحة الداخلية لوزارة الأوقاف الصادر بها القرار الوزاري رقم 8 في 30 من مايو سنة 1951 وقرار مجلس الأوقاف الأعلى رقم 228 بجلسة 16 من مايو سنة 1951 تطبق القواعد العامة على من يعينون مستقبلاً من أئمة المساجد وعلمائها وخطبائها ومدرسيها ومن إليهم من خدمة الشعائر الدينية، أما المعينون منهم من قبل فقد نصت الفقرة الثالثة من هذه المادة بعد تعديلها على أن تطبق عليهم القواعد المذكورة (أي يفصلون في سن الخامسة والستين) متى أعطوا إقراراً كتابياً بقبولهم، ومن لم يعط الإقرار الكتابي يستمر في معاملته بالنسبة للمكافأة طبقاً لتعليمات الوزارة تنفيذاً لأحكام لائحة النذور على أن من يبقى منهم بالخدمة بعد سن الخامسة والستين يحال على قومسيون طبي الوزارة للكشف عليه طبياً لتقرير صلاحيته للخدمة أو عدمها. والمدعي ممن تنطبق عليهم أحكام هذه الفقرة ولم يقدم إقراراً بقبول القواعد العامة. ويذهب تقرير الطعن إلى أنه لا يجوز القول بأن المدعي من الموظفين المؤقتين أو الخارجين عن هيئة العمال الذين قصدتهم المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1909 ونصت على أن تنتهي خدمتهم ببلوغهم سن الخامسة والستين ذلك أنه ليس معيناً على درجة من درجات الكادر العام داخل الهيئة أو خارجها وهي الدرجات التي نظمتها الكادرات المختلفة والقانون رقم 210 لسنة 1951. بل إن لوظيفته وضعاً خاصاً وأحكاماً خاصة بها اقتضتها الصفة الخاصة لها والاعتبارات التي تتمثل فيها، فهذه الوظيفة تتطلب نوعاً من الصفات الخاصة الذاتية في شاغلها ولذلك فكان مثله يعين بأمر ملكي واقتضى وضع هذه الوظيفة أن تتجدد حالة شاغلها فلا يرقى ولا يزاد راتبه ولا يحال على المعاش لبلوغه السن ولا تدخل هذه الوظيفة في الوظائف التي تدخل في المضمون العام للأحكام الواردة في قانون المعاشات. وعلى ذلك فلا سند للقول بأن مجلس الأوقاف الأعلى لا يملك أن يصدر قراراً ينظم به أحكام هذه الوظيفة ولا يقال أن قرار وزير الأوقاف رقم 8 الصادر في 30 من مايو سنة 1951 وقرار مجلس الأوقاف الأعلى رقم 228 بجلسة 16 من مايو سنة 1951 بتعديل اللائحة الداخلية غير منتج لأثره لمخالفته لقواعد قررها القانون، فهذا القرار لا يخالف أحكام قانون المعاشات إذ أنه يعالج وضعاً خاصاً لا يتعرض له قانون المعاشات ولا يعارض حكم المادتين 30، 31 من القانون رقم 36 لسنة 1946 بلائحة إجراءات وزارة الأوقاف اللتين تقضيان بأن تتبع وزارة الأوقاف في شئون موظفيها القوانين واللوائح والقواعد التي تسري على الحكومة ويفيدون من المزايا الممنوحة لهم. ويقول الطاعن في تقرير طعنه أن المقصود بذلك الأوضاع العامة العادية للموظفين. أما طوائف الموظفين الذين يكون لهم نظام خاص والتي تحيط بها اعتبارات خاصة لظروف خاصة وفي وزارة الأوقاف ووزارات الحكومة منها الكثير فلا تطبق عليها هذه الأحكام العامة، فهذا النص العام لا يغير الأوضاع الخاصة ولا يرد عليها حكمه. وعلى ذلك فإن لمجلس الأوقاف الأعلى بمقتضى السلطة الممنوحة له بالمادة 5 من القانون رقم 36 لسنة 1946 أن ينظم حالتهم ويكون قراره في هذا الشأن منتجاً لأثره واجب التطبيق.
ويقول الطاعن في طعنه إن فصل المدعي كان بقرار من مراقب عام المستخدمين وليس له أصل اختصاص في اتخاذ مثل هذا القرار وكل عمله يقتصر على الأعمال التنفيذية البحتة دون إصدار قرارات إدارية كما أنه لم يراع الإجراءات الواجبة في هذا الفصل فقد عين المدعي بأمر ملكي فلا يجوز إحالته إلى المعاش إلا بعد عرضه على القومسيون الطبي؛ ومن ثم فإنه يكون قد اغتصب السلطة في إصدار هذا القرار وكان تصرفه غير مستند إلى قانون أو لائحة فهو قرار منعدم مجرد من أثره القانوني فيجوز رفع الدعوى في أي وقت دون التقيد بمواعيد الطعن وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبإلغاء قرار فصل المدعي الصادر في 5 من فبراير سنة 1957 واستحقاقه ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها المصروفات.
قدم المدعي مذكرة انضم فيها إلى هيئة المفوضين في طلب إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم له بطلباته.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي حصل على شهادة العالمية في سنة 1924 وعين في 6 من فبراير سنة 1926 إماماً ومدرساً بزاوية بشير أغا بمرتب 1 جنيه و800 مليم شهرياً ثم نقل إماماً ومدرساً بمسجد الخازندار من 15 من فبراير سنة 1927 ومنح مرتباً شهرياً قدره 4 جنيهات. وفي سنة 1933 نقل إماماً ومدرساً بمسجد محمد بك المدبولي وقد سويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف فاعتبر في الدرجة السادسة الشخصية من بدء تعيينه في 6 من فبراير سنة 1926 بماهية قدرها 18 جنيهاً شهرياً من أول مايو سنة 1942 ثم منح علاوة في أول مايو سنة 1946 فبلغ راتبه 19 جنيهاً و500 مليم شهرياً.
وفي 2 من نوفمبر سنة 1949 رفع قسم المساجد مذكرة إلى السيد وكيل الوزارة جاء بها ما يأتي: "خلت وظيفة شيخ مسجد السلطان الحنفي بالقاهرة بوفاة شاغلها المرحوم الشيخ محمد إبراهيم الغزاوي في 21 من سبتمبر سنة 1949، وقسم المساجد يقترح ترشيح فضيلة الشيخ أحمد عبد الله المهدي إمام وخطيب ومدرس مسجد محمد بك المدبولي بالقاهرة لهذه الوظيفة لما يتصف به من التقوى والصلاح والعلم ومكارم الأخلاق وفضيلته حاصل على الشهادة العالمية سنة 1342 هـ والتحق بخدمة الوزارة في 6 من فبراير سنة 1926 وبلغ مرتبه 19 جنيهاً و500 مليم وهو في الدرجة الشخصية فنرجو الموافقة على تشريحه واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك". وقد وافق السيد وكيل الوزارة على ذلك ورفع الأمر للسيد الوزير ليأذن في اتخاذ الإجراءات تمهيداً للعرض على القصر الملكي، وفي 14 من نوفمبر سنة 1949 أعد قسم المساجد مذكرة للعرض على قسم قضايا الوزارة لمعرفة ما إذا كان هناك مانع من استصدار أمر ملكي بتعيين المدعي شيخاً لمسجد السلطان الحنفي وقد جاء بهذه المذكرة ما يأتي: "مدرج بميزانية قسم المساجد عدد 7 وظائف لشيوخ مساجد سيدنا الحسين - السيدة زينب - الإمام الشافعي - السيدة نفيسة - السلطان الحنفي - محمد علي باشا بالقلعة - أبي العباس المرسي بإسكندرية منهم العلماء وغير العلماء، ولما توفي شيخ مسجد السيدة نفيسة (وكان من غير العلماء) استصدرت الوزارة نطقاً ملكياً سامياً بتعيين نجله (وهو من غير العلماء) شيخاً للمسجد، ولما توفي شيخ مسجد الإمام الشافعي (وكان من غير العلماء) استصدرت الوزارة نطقاً ملكياً سامياً بتعيين نجله (وهو من غير العلماء) شيخاً للمسجد، ولما توفي شيخ مسجد محمد علي باشا (وكان من العلماء) استصدرت الوزارة أمراً ملكياً سامياً بتعيين إمام للمسجد (وهو من العلماء أيضاً)، وقد توفي شيخ مسجد السلطان الحنفي (وكان من غير العلماء) وتريد الوزارة تعيين عالم بدله أسوة بالعلماء الآخرين شيوخ المساجد. فهل هناك مانع من استصدار أمر ملكي بتعيينه" وقد أشر مدير قسم القضايا على هذه المذكرة في 16 من نوفمبر سنة 1949 باستصدار أمر كريم بالتعيين نظراً لأن المطلوب تعيينه من العلماء. وقد اتخذت بعد ذلك إجراءات العرض على القصر الملكي لاستصدار أمر بتعيين المدعي شيخاً لمسجد السلطان الحنفي وصدر الأمر رقم 45 لسنة 1949 في أول ديسمبر سنة 1949 بتعيين المدعي شيخاً لمسجد السلطان الحنفي. وفي 18 من ديسمبر سنة 1949 أصدر السيد وزير الأوقاف قراراً بتعيين المدعي شيخاً لمسجد السلطان الحنفي مع منحه مرتباً قدره 25 جنيهاً شهرياً ابتداء من أول ديسمبر سنة 1949. وفي 2 من فبراير سنة 1957 رفع مراقب مستخدمي الوزارة مذكرة إلى السيد وكيل الوزارة جاء بها ما يأتي "الشيخ أحمد عبد الله المهدي شيخ مسجد السلطان الحنفي بتفتيش ثالث من مواليد 4 من يونيه سنة 1890 وأصبح عمره الآن 66 سنة و7 أشهر، ولما كان المذكور من المستخدمين خارجي الهيئة الذين يفصلون في سن الخامسة والستين، فنرفع الأمر لسيادتكم رجاء الموافقة على فصله اعتباراً من أول مارس سنة 1957" وقد وافق السيد وكيل الوزارة على ذلك وصدر القرار بفصله في 4 من فبراير سنة 1957، وفي 16 من فبراير سنة 1957 تظلم المدعي من قرار فصله وطلب إلغاءه وإعادته إلى عمله، وفي 17 من فبراير سنة 1957 رفع قسم المساجد مذكرة إلى السيد السكرتير العام للوزارة في هذا الشأن جاء بها ما يأتي: "عين الشيخ أحمد عبد الله المهدي بوظائف الإمامة والخطابة والتدريس بالمساجد الخيرية من 6 من فبراير سنة 1926 في الدرجة السادسة وقد بلغ راتبه 21 جنيهاً شهرياً من أول مايو سنة 1949، ولما كان هذا العالم الفاضل قد أمضى حياته في خدمة بيوت الله وكان موضع الرضاء والتقدير من الجميع لذلك صدر الأمر الملكي رقم 45 لسنة 1949 بتعيينه شيخاً لمسجد السلطان الحنفي بمرتب ثابت قدره 25 جنيهاً شهرياً اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1949، إلا أن مراقبة المستخدمين استصدرت قراراً بفصله من أول مارس سنة 1957 لبلوغه السن القانونية، ومعنى هذا أن فضيلته ظلم ظلماً بيناً لأنه لو بقي في الإمامة لوصل إلى الدرجة الرابعة ومنح معاشاً شهرياً على هذا الوضع، فلا هو أبقى في عمله الحالي ما بقي له من العمر ولا هو الذي عومل كزملائه في الترقيات واستحقاق المعاش؛ لذلك ترى المراقبة إلغاء قرار فصله وإعادته إلى الخدمة كما كان..." وبناء على ذلك صدر قرار في 7 من مايو سنة 1957 بإعادة تعيين المدعي في نفس وظيفته السابقة مع منحه مكافأة قدرها عشرة جنيهات شهرياً، وقد تظلم المدعي من وضعه الجديد ووالى التظلمات وأخيراً أقام هذه الدعوى طالباً إلغاء قرار فصله وما يترتب على ذلك من آثار وصرف مرتبه إليه من تاريخ فصله، وطلب احتياطياً تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه. وقد قضت المحكمة في الدعوى بعدم قبول طلب المدعي الأصلي وبرفض طلبه الاحتياطي وأقامت قضاءها بعدم قبول الدعوى على أن المدعي أقام دعواه بعد انقضاء المواعيد المقررة باعتبارها من دعاوى الإلغاء.
ومن حيث إنه ولئن كان المدعي قد طلب في صحيفة دعواه إلغاء قرار فصله وما يترتب على ذلك من آثار وصرف مرتبه إليه من تاريخ فصله مما يشعر بأنها دعوى بإلغاء قرار الفصل مما يسري في شأنها المواعيد المنصوص عليها في المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 الذي رفعت في ظله الدعوى، إلا أنه لما كان الثابت مما سلف بيانه أن قسم المساجد طلب في مذكرته المؤرخة 17 من فبراير سنة 1957 إلغاء قرار فصل المدعي للأسباب المبينة بتلك المذكرة. وقد استجابت الوزارة لهذا الطلب فأعادت تعيين المدعي في 7 من مايو سنة 1957 في نفس وظيفته السابقة إلا أنها خفضت راتبه من 25 جنيهاً شهرياً إلى 10 جنيهات شهرياً؛ ومن ثم فإن المدعي - وقد أجيب إلى طلبه وأعيد إلى وظيفته السابقة إنما كان يستهدف في عموم طلباته إعادة مرتبه إلى ما كان عليه دون أن يقصد إلى إلغاء قرار الفصل إذ هو قد أعيد فعلاً إلى عمله السابق ولكن بمرتب أقل وهو ما يطالب المدعي بإعادته إلى أصله.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن الدعوى والحالة هذه إنما هي في حقيقتها منازعة في راتب؛ وبهذه المثابة لا تخضع للمواعيد المبينة بالمادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 وهي الخاصة بطلبات الإلغاء ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد قد جاء مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت (في الطعن رقم 562 لسنة 5 القضائية) بأن أحكام كل من القانونين رقم 5 لسنة 1901 ورقم 37 لسنة 1929 بشأن المعاشات الملكية لا تسري على أئمة المساجد بوزارة الأوقاف وخطبائها ومدرسيها تلك الأحكام التي تضمنت إحالة الموظف أو المستخدم الدائم إلى المعاش متى بلغ سن الستين ورفت المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال متى بلغوا الخامسة والستين وأن مفاد ذلك أنه ليس هناك سن معينة لانتهاء خدمة الطائفة المذكورة وأن هذا هو ما جرت عليه وزارة الأوقاف من إبقاء هذه الطائفة في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالتهم الصحية تمكنهم من أداء عملهم، وأنه في أول إبريل سنة 1928 - أصدر مجلس الأوقاف الأعلى لائحة النذور للمساجد والأضرحة التابعة للوزارة على أن يعمل بها من أول يناير سنة 1928 ثم أصدرت الوزارة المنشور العام رقم 36 لسنة 1928 في 15 من إبريل سنة 1928 متضمناً أحكام اللائحة المذكورة وأنه واضح من اللائحة والمنشور أن ليس ثمة سن معينة تنتهي عندها خدمة الإمام أو الخطيب، وإنما تنتهي خدمته بوفاته أو لعجزه عن أداء عمله، وأنه في 16 من مايو سنة 1951 أصدر المجلس الأعلى لوزارة الأوقاف القرار رقم 228 بشأن السن الذي يفصل فيه أئمة المساجد وعلماؤها وخطباؤها ومدرسوها الذين يعينون على درجات بميزانية الأوقاف الخيرية والحرمين الشريفين وبشأن مقدار المكافأة التي تمنح عند الفصل وشروط منحها وقد جاء بالبند الأول من هذا القرار ما يأتي: (1) يفصل المذكورون من الخدمة لبلوغ السن في الخامسة والستين (ب) يعامل المذكورون عند الفصل بالنسبة لمقدار المكافأة التي تمنح لهم هم وورثتهم وكذلك بالنسبة لشروط منح هذه المكافأة بمثل ما يعامل به الموظفون المؤقتون المعينون على ميزانية الإدارة العامة أو ورثتهم، ونص في البند الثالث من القرار المشار إليه على أن الأئمة والعلماء والخطباء والمدرسين الحاليين تسري عليهم القواعد التي نص عليها في البند أولاً إذا أعطوا إقراراً كتابياً بقبولهم إياها ومن لم يعط منهم هذا الإقرار الكتابي يستمر في معاملته بالنسبة للمكافأة طبقاً لأحكام لائحة النذور الصادرة في 25 من إبريل سنة 1928" وأنه في 8 من ديسمبر سنة 1952 صدر القانون رقم 316 لسنة 1952 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للمعاشات لموظفي الحكومة المدنيين ولم يشمل هذا القانون موظفي وزارة الأوقاف وإنما صدر لهؤلاء قانون مماثل هو القانون رقم 269 لسنة 1953 وقد نص في مادته الأولى على أنه "تنشأ في مصلحة صناديق التأمين والادخار بوزارة المالية والاقتصاد صندوق للتأمين للموظفين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة ضمن الباب الأول في ميزانية وزارة الأوقاف (الإدارة العامة والأوقاف الخيرية وأوقاف الحرمين الشريفين والأوقاف الأهلية) ولو كانوا معينين قبل العمل بأحكام هذا القانون، وصندوق آخر للادخار يخصص لغير المثبتين من هؤلاء الموظفين ولا تسري أحكام هذا القانون على الموظفين الذين تزيد سنهم عند العمل به على السن المعينة لتقاعد موظفي الحكومة" وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لذلك القانون في صدد الفقرة الأخيرة من تلك المادة "نظراً لما تبين من دراسة حالات الموظفين في الوزارة المذكورة من أنه توجد طائفة من أئمة المساجد وخطبائها ومدرسيها أجازت لهم الأنظمة المالية أن يستمروا في الخدمة مدى حياتهم وهو نظام لا يتفق والأحكام الخاصة بصندوق التأمين والادخار فقد نصت هذه المادة في فقرتها الثانية على عدم سريان أحكامه على الموظفين الذين تزيد سنهم عند العمل به على السن المعينة لتقاعد موظفي الحكومة؛ ومؤدى ذلك أن الموظفين الموجودين بالخدمة حالياً من ذوي الأعمار التي تزيد على سن التقاعد لا يتمتعون بنظام الادخار أما من تقل أعمارهم عن هذه السن فإنهم يتمتعون بأحكام هذا القانون بشرط أن يتركوا الخدمة في سن التقاعد المقررة قانوناً وذلك ما لم يقرر مجلس الأوقاف الأعلى حرمانهم من الاشتراك في هذين الصندوقين طبقاً للمادة 28 منه.
ومن حيث إنه لما كان المدعي - قبل تعيينه شيخاً لمسجد السلطان الحنفي - من طائفة أئمة المساجد ومدرسيها فإنه يعامل من حيث انتهاء مدة خدمته بالقواعد التي تطبق في شأن هذه الطائفة والتي تقضي ببقائهم في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالتهم الصحية تمكنهم من أداء عملهم إلا إذ أعطوا إقراراً كتابياً بقبولهم المعاملة بأحكام القرار رقم 228 الصادر في 16 من مايو سنة 1951 على ما سلف تفصيله فيما تقدم، ولما كان المدعي لم يعط إقراراً كتابياً بقبوله المعاملة بأحكام القرار سالف الذكر؛ ومن ثم فمن حقه البقاء في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالته الصحية تمكنه من أداء عمله.
ومن حيث إنه في 25 من نوفمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة ونص في المادة الأولى منه على أنه "ينشأ صندوق للتأمين والمعاشات لجميع موظفي الدولة المدنيين غير المثبتين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية...... كما ينشأ صندوق آخر للتأمين والمعاشات يخصص للموظفين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة إلى درجات في الميزانيات المستقلة وهي ميزانية الجامعات وميزانية الجامع الأزهر والمعاهد الدينية وميزانية وزارة الأوقاف وميزانية المجالس البلدية ومجالس المديريات...." ونصت المادة 17 منه على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة 108 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 27 لسنة 1954 المشار إليهما تنتهي خدمة الموظفين المنتفعين بأحكام هذا القانون عند بلوغهم سن الستين فيما عدا الوزراء ونواب الوزراء ويستثنى من ذلك العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف فيجوز بقاؤهم حتى سن الخامسة والستين" ويتضح من مطالعة أحكام هذا القانون أن مناط الإفادة من أحكامه أن يكون الموظف مربوطاً مرتبه على وظيفة دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة إلى درجات وأن يكون موجوداً في الخدمة وقت صدوره وإن كان قد جاوز وقتذاك السن المحددة في المادة 17 للإحالة إلى المعاش. ولما كان يبين من الاطلاع على ميزانية وزارة الأوقاف أن وظائف مشايخ المساجد ليست من الوظائف الدائمة أو المؤقتة أو من وظائف خارج الهيئة وإنما هي وظائف ذات مربوط ثابت على غير درجة، ومن ثم فلا تسري أحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 سالف الذكر على المدعي ولا يفيد منه كما أفاد من توافرت فيهم شروط المادة الأولى من موظفي مراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف؛ ومن ثم فإنه يعامل من حيث انتهاء مدة خدمته بالقواعد السابقة التي تقضي ببقائه في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالته تمكنه من أداء عمله.
ومن حيث إنه لا يغير من هذا الحكم - وهو بقاء المدعي في وظيفته مدى الحياة - نقل المدعي من وظيفة إمام وخطيب مسجد محمد بك المدبولي إلى وظيفة شيخ مسجد السلطان الحنفي، ذلك أنه وقد ثبت له الحق في المعاملة بنظام معين من حيث انتهاء مدة خدمته فمن حقه أن تستمر معاملته طبقاً لهذا النظام ما دامت الوظيفة الجديدة والمنقول إليها ليس لها نظام آخر يغاير هذا النظام، بل على العكس من ذلك فإن الوظيفة الجديدة تتفق والوظيفة السابقة في هذا الشأن؛ ذلك أنه يبين من مطالعة مذكرة قسم المساجد إلى قسم قضايا الوزارة المؤرخة 17 من نوفمبر سنة 1949 بمناسبة ترشيح المدعي شيخاً لمسجد السلطان الحنفي، أن مشايخ المساجد السبع الوارد ذكرها بالمذكرة على وجه التحديد يبقون في وظائفهم مدى الحياة؛ يؤكد ذلك أيضاً ما ورد بالمذكرة من أنه عند وفاة شيخ مسجد السيدة نفيسة (وكان من غير العلماء) عين مكانه نجله (وهو من غير العلماء) وعند وفاة شيخ مسجد الإمام الشافعي (وهو من غير العلماء) عين مكانه نجله (وهو من غير العلماء) أي أن من بين هذه الوظائف ما هو وراثي يتوارثه الأبناء دون التقيد بشرط الحصول على مؤهل معين أو أي شرط آخر، وهذا وضع ليس له مثيل في الوظائف الحكومية ولا يتأتى إلا إذا كانت مدة خدمة الشيخ لا تنتهي إلا بالوفاة مما يقطع بأن هذه الوظائف ذات طابع خاص لا تخضع فيه للأوضاع الوظيفية المقررة بالقوانين واللوائح، يؤيد ذلك أيضاً ما جاء بالمذكرة التي رفعها قسم المساجد إلى السيد السكرتير العام للوزارة في 17 من فبراير سنة 1957 بمناسبة فصل المدعي وتظلمه من ذلك الفصل، فقد جاء بها أن المدعي قد ظلم ظلماً بيناً "فلا هو أبقى في عمله الحالي ما بقي له من العمر ولا هو عومل كزملائه في الترقيات واستحقاق المعاش" مما يستفاد منه أن نظام بقاء مشايخ المساجد السبع والأئمة وخطباء المساجد ومدرسيها في وظائف مدى الحياة نظام قائم ومعمول به في الوزارة طبقاً لما جرى عليه العرف ونصت عليه اللوائح والأوامر السابقة حسبما سلف تفصيله.
ومن حيث إنه لا وجه لما تستند إليه الوزارة في فصل المدعي من أنه من المستخدمين خارجي الهيئة الذين يفصلون في سن الخامسة والستين ذلك أن وظائف خارجي الهيئة - وهي تنتظم صناعاً وغير صناع - هي أدنى الدرجات في السلم الوظيفي ويعين فيها عادة من غير ذوي المؤهلات ولها درجات معينة تتناسب وحالة هذه الطائفة تبدأ من الدرجة الثانية وراتبها من 36 - 72 جنيهاً سنوياً وتنتهي بالدرجة العالية ومرتبها من 84 - 108 جنيهاً سنوياً وليس هذا شأن المدعي الحاصل على شهادة العالمية والذي كان يشغل الدرجة السادسة بمرتب 21 جنيهاً شهرياً ثم نقل إلى وظيفة شيخ مسجد السلطان الحنفي بمرتب 25 جنيهاً شهرياً وهي وظيفة لها من الأهمية والمكانة ما استلزم صدور أمر ملكي بالتعيين فيها ومثل هذه الوظيفة لا يستسيغ العقل نعتها بأنها من وظائف خارج الهيئة وأغلب الظن أن مرد هذا الاستناد إلى فهم خاطئ سقيم لما ورد بميزانية وزارة الأوقاف قسم 2 فرع 1 مصروفات المساجد ومكافحة الأمية (انظر على سبيل المثال ص 225 من ميزانية الوزارة عن السنة المالية 55/ 1956) فقد ورد في تفصيل بند 1 - ماهيات وأجر ومرتبات ما يأتي: (ب) الوظائف المؤقتة - وهي تنتظم وظائف أئمة وخطباء ومدرسي المساجد وخصصت لهم الدرجات من السادسة إلى الرابعة ثم (ج) الوظائف الخارجة عن هيئة العمال - وتنظم وظائف ملاحظي المساجد وغيرهم وخصص لهم الدرجة الثانية سايرة ثم (ج) وظائف ومكافآت ذات ربط ثابت - وهي تنتظم مشايخ المساجد وعددها سبع وشيخ المقارئ ثم بعض الوظائف الأخرى. وواضح من هذا البيان أن الوظائف ذات الربط الثابت لا تندرج في ضمن الوظائف الخارجة عن هيئة العمال وإنما هي صنف آخر ونوع مختلف عن وظائف خارج الهيئة وإن كانت قد وردت تحت (ج) أسوة بالوظائف الخارجة عن هيئة العمال وهي ليست منها.
ومن حيث إن وزارة الأوقاف وقد سحبت قرار الفصل لمخالفته للقانون على الوجه السابق إيضاحه لما ثبت من استحقاق المدعي البقاء في الخدمة مدى الحياة ما دامت حالته الصحية تمكنه من أداء عمله فإنه كان يتعين على الوزارة أن يكون إعادة المدعي بذات الراتب الذي كان يتقاضاه عند الفصل ما دام أن قرار الفصل وقع باطلاً وما دام أن الوزارة سحبته وأعادت المدعي إلى عمله مما كان يجب أن يكون مقروناً بإعادته براتبه عند إصدار قرار الفصل المسحوب دون المساس بهذا الراتب إذ أن إعادته لم تكن تعييناً جديداً بل هي إعادة بالحالة التي كان عليها المدعي ترتيباً للآثار القانونية المرتبة على سحب قرار الفصل المخالف للقانون.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الطعن الأصلي وبرفض الطلب الاحتياطي قد جاء مخالفاً للقانون ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء باستحقاق المدعي راتباً قدره 25 جنيهاً في الشهر من تاريخ قرار الفصل المسحوب، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى، وباستحقاق المدعي مرتبه على أساس 25 جنيهاً في الشهر اعتباراً من تاريخ القرار الصادر بفصله اعتباراً من 5 من فبراير سنة 1957 وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات.


[(1)] راجع بشأن هذا المبدأ الحكم الصادر بجلسة 26 من مارس سنة 1960 في القضية رقم 562 لسنة 5 القضائية، المنشور بالسنة الخامسة ص 599 بند 65.