أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 372

جلسة 3 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(67)
الطعن رقم 469 لسنة 37 القضائية

(1) شركات.
اندماج عدة شركات في شركة أخرى. مؤداه. انقضاء الشركات المندمجة وبقاء الشركة الدامجة محتفظة بشخصيتها.
(2) إعلان. بطلان. "بطلان الإجراءات".
توجيه الإعلان إلى الشركة باسمها السابق قبل تعديله. احتواء ورقة الإعلان على بيانات لا تجهل بهذه الشركة. لا بطلان.
(3) نقض "السبب الجديد". إعلان. بطلان.
التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة ببطلان إعلان الاستئناف. غير جائز.
(4) عقد "تكييف العقد". عمل. "الأجر". شركات. نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن".
العبرة في تكييف العقد هي بما عناه العاقدان. تكييف العقد بأنه عقد عملي لا عقد شركة لقيام عنصر التبعية. لا ينال منه تحديد أجر العامل بنسبة من الأرباح.
الأسباب الزائدة. النعي عليها بفرض صحته. غير منتج.
(5) محكمة الموضوع "تقدير الدليل". خبرة.
رأي الخبير لا يقيد المحكمة. حسبها أن تقيم قضاءها على أسباب كافية لحمله.
(6) نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن". عقد. عمل.
النعي على الحكم في تكييفه لشرط من شروط العقد. عدم تأثير هذا التكييف على نتيجة الحكم الصحيحة غير منتج. مثال في عمل.
(7) التزام. "انقضاء الالتزام". "المقاصة القانونية".
المقاصة القانونية. شرطها. أن يكون الدين معلوم المقدار خالياً من النزاع.
(8) عمل. "الأجر".
تحديد أجر العامل بنسبة مئوية من الأرباح. عدم تحقيق المنشأة أي ربح. وجوب تقدير الأجر وفقاً للأسس المحددة بالمادة 682/ 1 مدني.
(9) نقض. "السبب الجديد". عمل. التزام. "حق الحبس". تأمينات عينية.
تمسك رب العمل لأول مرة أمام محكمة النقض بحقه في حبس التأمين المدفوع له من العامل تبعاً للرهن الحيازي المقرر له عليه. سبب جديد. غير مقبول.
1 - متى كان يبين من الرجوع إلى قرار مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للصناعات الهندسية المودعة صورته الرسمية ملف الطعن أنه نص على ضم الشركة المصرية لأعمال الصلب وشركة المنشآت المعدنية المصرية والشركة المصرية للتعدين والإنشاءات إلى شركة المشروعات الهندسية والتجارية في شركة واحدة تحت اسم "شركة المشروعات الهندسية لأعمال الصلب" وهو اسم الشركة الطاعنة، ومؤدى ذلك هو اندماج الشركات الثلاث الأولى في "شركة المشروعات الهندسية والتجارية" باعتبارها الشركة الدامجة. فإنه يترتب على الاندماج بهذه الطريقة انقضاء الشركات المندمجة وأما الشركة الدامجة فتبقى لها شخصيتها وتظل قائمة باسمها المعدل.
2 - إذ كان ما وقع في إعلان صحيفة الاستئناف من خطأ في اسم الشركة الطاعنة يتمثل في توجيه الإعلان إليها باسمها السابق قبل تعديله، ليس من شأنه - مع ما حوته الورقة المعلنة من بيانات - التجهيل بالطاعنة واتصالها بالخصومة، ولا يؤدي بالتالي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى بطلان هذه الورقة، فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضى برفض الدفع ببطلان تلك الصحيفة يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون.
3 - متى كانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن الطاعنة سبق لها التمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلان الاستئناف استناداً إلى أن صورته لم تسلم إلى ممثلها القانوني، وكان لا يقبل منها التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
4 - المناط في تكييف العقود وإعطائها الأوصاف القانونية الصحيحة هو ما عناه العاقدان فيها، وإذ كان ما انتهت إليه المحكمة من تكييف العقد بأنه ينطوي على عقد عمل وليس شركة لا خروج فيه على نصوص هذا العقد وتؤدي إليه عباراته وما استخلصته المحكمة منها من قيام عنصر التبعية الذي يتمثل في خضوع العامل لرب العمل وإشرافه ورقابته، مما يتعارض وطبيعة عقد الشركة، وكان لا يتنافى مع هذا التكييف تحديد أجر المطعون ضده بنسبة مئوية من صافي الأرباح، إذ ليس ثمة ما يمنع من تحديد أجر العامل على هذه الصورة دون أن يغير ذلك من طبيعة عقد العمل، وكان ما ورد في أسباب الحكم الأخرى التي عيبتها الطاعنة لم يكن إلا استطراداً زائداً من الحكم يستقيم بدونه، مما يكون معه النعي على ما تضمنته هذه الأسباب الزائدة غير منتج، فإن النعي على الحكم المطعون فيه - بأنه أخطأ في تكييف العقد بأنه عقد عمل - يكون على غير أساس.
6 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى أن الخسارة التي لحقت بالشركة الطاعنة في مدة عمل المطعون ضده لم تنشأ عن خطئه أو تقصيره، فإنه لا يجدي الطاعنة تعييب الحكم في اعتباره الشرط الوارد في البند الثالث عشر من العقد شرطاً جزائياً يمنعها من خصم الخسارة تلقائياً من حصة المطعون ضده في الأرباح ثم من التأمين، طالما أن هذا الخصم يقتصر طبقاً للعقد على الخسارة الناشئة عن خطأ أو تقصير المطعون ضده، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب غير منتج.
7 - المقاصة القانونية على ما تقضي به المادة 362 من القانون المدني، تستلزم في الدين أن يكون خالياً من النزاع محققاً لا شك في ثبوته في ذمة المدين، وأن يكون معلوم المقدار، ولابد من اجتماع الشرطين لأن المقاصة تتضمن معنى الوفاء الإجباري، ولا يجبر المدين على دفع دين متنازع فيه أو دين غير معلوم المقدار.
8 - من المقرر إعمالاً لالتزام رب العمل بأن يدفع للعامل أجراً مقابل ما أداه من عمل، أنه يجب في حالة تحديد أجر العامل بنسبة مئوية من الأرباح وثبوت أن المنشأة التي يعمل بها لم تحقق أي ربح أن يقدر للعامل أجره وفقاً للأسس الواردة في المادة 682/ 1 من القانون المدني.
9 - إذا كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بحقها في حبس التأمين - المدفوع لها من العامل بمقتضى عقد العمل - تبعاً للرهن الحيازي المقرر لها عليه حتى تبرأ ذمة المطعون ضده العامل من المسحوبات، لأن هذا الدفاع يكون سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 907 سنة 1961 تجاري كلي القاهرة ضد "شركة المشروعات الهندسية والتجارية" التي سميت فيما بعد باسم الشركة الطاعنة، وطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 6000 ج، وقال بياناً لها إن الشركة أنشأت قسماً لأعمال النجارة بمصانعها واتفقت معه بتاريخ 16 مارس سنة 1954 على أن تسند إليه إدارة هذا القسم لقاء النصف في صافي أرباحه على أن يكون له الحق في سحب 50 جنيه شهرياً من حساب هذه الحصة، وألزمه الاتفاق بأداء مبلغ 6000 ج للشركة كتأمين، ونص البند الثالث عشر منه أن يكون المطعون ضده مسئولاً عن الخسارة الناشئة عن خطئه وتقصيره وعلى خصمها من حصته في الأرباح فإن لم تكف فمن رصيد التأمين وأضاف المطعون ضده أن الشركة أنهت خدمته وحرمته من التأمين بإنذار وجهته إليه في 2 أكتوبر سنة 1956 ادعت فيه أنه كبدها خسارة جسيمة بسبب خطئه في إدارة ذلك القسم، مع أنه لم يخطئ ولم يقصر في إدارته، بل كان ينفذ أوامر الشركة وتعليماتها، وإذ كانت علاقته بها هي علاقة عمل يحكمها القانون رقم 317 سنة 1952، وكانت أحكام هذا القانون لا تجيز لرب العمل مساءلة العامل عن الخسارة إلا في أحوال معينة وبإجراءات خاصة لم تتبعها الشركة، ولا يسوغ لها بالتالي حرمانه بناء على ذلك الشرط الباطل من مبلغ التأمين فقد انتهى إلى طلب الحكم له به. وبتاريخ 24 نوفمبر سنة 1963 قضت المحكمة الابتدائية بصحة البند الثالث عشر من الاتفاق المؤرخ 16 مارس سنة 1953 وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 27 نوفمبر سنة 1966 برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 52 سنة 84 ق وبتاريخ 6 يونيه سنة 1967 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 6000 ج. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
حيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت في المذكرة المقدمة لمحكمة الاستئناف ببطلان صحيفة الاستئناف لأنها لم توجه إليها، بل وجهت إلى "شركة المشروعات الهندسية والتجارية" التي انقضت وزالت شخصيتها باندماجها مع شركات أخرى في شركة جديدة باسم الشركة الطاعنة فعدت وحدها صاحبة الصفة في تمثيلها في التقاضي، وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع مستنداً في ذلك إلى أن ما وقع في الإعلان من خطأ في اسم الطاعنة لا يعدو أن يكون خطأ مادياً، وأن الطاعنة تسلمت صورة هذا الإعلان وحضرت في أول جلسة لنظر الاستئناف مما يزيل ما شاب تلك الصحيفة من بطلان، وهو من الحكم خطأ في القانون، ذلك أن اختصام هذه الشركة بعد أن انقضت لا يعتبر خطأ مادياً بل خطأ في توجيه الخصومة إلى صاحب الصفة في تمثيلها بالإضافة إلى أن صورة الإعلان لم تسلم إلى الممثل القانوني للشركة الطاعنة اتباعاً لنص المادة 14/ 5 من قانون المرافعات السابق وإنما سلمت إلى إحدى العاملات فيها، وأن البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه عملاً بالمادة 140 من قانون المرافعات السابق هو البطلان الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة، وأما البطلان الناشئ عن عيب جوهري في ذات الصحيفة والذي تتمسك به الطاعنة فلا يسري عليه حكم هذه المادة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الرجوع إلى قرار مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للصناعات الهندسية الصادر بجلسته المنعقدة في 29 ديسمبر سنة 1962 والمودعة صورته الرسمية ملف الطعن أنه نص على ضم الشركة المصرية لأعمال الصلب وشركة المنشآت المعدنية المصرية والشركة المصرية للتعدين والإنشاءات إلى شركة المشروعات الهندسية والتجارية في شركة واحدة تحت اسم "شركة المشروعات الهندسية لأعمال الصلب" وهو اسم الشركة الطاعنة، ومؤدى ذلك هو اندماج الشركات الثلاث الأولى في "شركة المشروعات الهندسية والتجارية" باعتبارها الشركة الدامجة. ويترتب على الاندماج بهذه الطريقة انقضاء الشركات المندمجة، وأما الشركة الدامجة فتبقى لها شخصيتها وتظل قائمة باسمها المعدل. لما كان ذلك، وكان ما وقع في إعلان صحيفة الاستئناف من خطأ في اسم الشركة الطاعنة يتمثل في توجيه الإعلان إليها باسمها السابق قبل تعديله ليس من شأنه - مع ما حوته الورقة المعلنة من بيانات - التجهيل بالطاعنة واتصالها بالخصومة، ولا يؤدي بالتالي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إلى بطلان هذه الورقة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع ببطلان تلك الصحيفة يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ويكون النعي على بعض ما ورد في أسبابه من تقريرات قانونية أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج. لما كان ما تقدم، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن الطاعنة سبق لها التمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلان الاستئناف استناداً إلى أن صورته لم تسلم إلى ممثلها القانوني، وكان لا يقبل منها التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تكييف العقد المؤرخ 16 مارس سنة 1953 بأنه عقد عمل، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم استند في هذا التكييف إلى القول بأن العلاقة التي قامت بين المطعون ضده وبين الشركة بمقتضى هذا العقد تتوافر فيها عناصر عقد العمل من تبعية وإشراف ورقابة، فضلاً عن حق الشركة في فصله وبأنه لا يخل بهذا التكييف أن يكون أجر المطعون ضده حصة في صافي الأرباح، وبأنه لا يتصور عقلاً أو قانوناً أن تعقد الطاعنة وهي شركة مساهمة شركة مع الغير، وهذا الذي ذهب إليه الحكم غير صحيح، لأن العقد لم ينص على إلحاق المطعون ضده بخدمة الشركة، وإنما عهد إليه بإدارة قسم النجارة، كما لم ينص على حق الشركة في فصله، بل نص على حقها في إلغاء العقد بالإضافة إلى أن المطعون ضده لا يتقاضى مقابل عمله سوى حصة في صافي الأرباح، في حين أن أجر العامل طبقاً للمادة الرابعة من قانون العمل رقم 317 سنة 1952 والمادتين 683 و684 من القانون المدني يجب أن يكون ثابتاً وأن يتقاضاه العامل في حالتي الربح والخسارة على السواء، كما أن بنود العقد التي استند إليها الحكم لا تفيد قيام التبعية، إذ لم يقصد بها سوى توزيع الاختصاص بين الشريكين والمحافظة على أموال الشركة، ولذلك يكون التكييف الصحيح للعقد هو أنه مشاركة بالعمل مقابل حصة في الأرباح لا يمنع القانون من قيامها بين الطاعنة كشركة مساهمة وبين المطعون ضده.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه باعتبار العقد المؤرخ 16 مارس سنة 1953 عقد عمل على قوله "إن الواضح من نصوص العقد المبرم بين الطرفين في 16/ 3/ 1953 أنها حوت في القسم الأول منها الاتفاق على قيام الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) بشراء عدد وآلات نجارة من المستأنف (المطعون ضده) بمبلغ 7935 ج وحوت في القسم الثاني منها الاتفاق على التحاق المستأنف (المطعون ضده) بخدمة الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) كمدير لقسم النجارة لقاء أجر معين هو النصف في صافي أرباح ذلك القسم بعد خصم جميع المصاريف، وعلى أن يلتزم المستأنف (المطعون ضده) في إدارته باتباع جميع الأوامر والتعليمات التي تصدر إليه من الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) ولا يجوز له الارتباط بأي عمل خاص بالبيع أو الشراء أو الاستثمار أو التوريد أو غير ذلك إلا عن طرق عرض الأمر على الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) التي لها الحق المطلق في الموافقة أو الرفض بحسب ما تراه في صالح العمل، وأنه لا يجوز للمستأنف (المطعون ضده) أن يعمل أو يشترك في أي عمل آخر إلا بإذن كتابي صريح من الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) وأن من حق هذه الأخيرة الاستغناء عن خدماته إذا بلغت الخسائر في أي سنة نصف التأمين المدفوع منه وهو 6000 ج فشروط القسم الثاني من العقد آنف الذكر هي شروط عقد عمل وليست شروط عقد مشاركة، وعلى ذلك فإن العلاقة بين الطرفين هي علاقة عمل، وليس علاقة مشاركة لتوفير عناصر عقد العمل من تبعية وإشراف ورقابة وحق فصل لرب العمل "المستأنف عليها" على العامل "المستأنف" هذا فضلاً عن أنه لا يتصور عقلاً أو قانوناً أن الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) وهي شركة مساهمة يدخل فيها المستأنف كشريك بناء على عقد يبرمه معه عضو مجلس الإدارة المنتدب، وعلى ذلك فإن المحكمة تقطع بأن عقد 16/ 3/ 1953 هو عقد عمل وليس عقد شركة، ولا يغير من طبيعته أن يكون الأجر حصة معينة من صافي الأرباح"، ومن ذلك يبين أن محكمة الموضوع كيفت العقد بأنه عقد عمل بناء على ما استظهرته من نصوص العقد الدالة على تبعية المطعون ضده للطاعنة وتقاضيه أجراً عن عمله فضلاً عن حق الطاعنة في فصله، ولما كان المناط في تكييف العقود وإعطائها الأوصاف القانونية الصحيحة هو ما عناه العاقدان فيها، وكان ما انتهت إليه المحكمة من تكييف العقد بأنه ينطوي على عقد عمل وليس شركة لا خروج فيه على نصوص هذا العقد وتؤدي إليه عباراته، وما استخلصته المحكمة منها من قيام عنصر التبعية الذي يتمثل في خضوع العامل لرب العمل وإشرافه ورقابته مما يتعارض وطبيعة عقد الشركة، وكان لا يتنافى مع هذا التكييف تحديد أجر المطعون ضده بنسبة مئوية من صافي الأرباح، إذ ليس ثمة ما يمنع من تحديد أجر العامل على هذه الصورة دون أن يغير ذلك من طبيعة عقد العمل، لما كان ذلك، وكان ما ورد في أسباب الحكم الأخرى التي عيبتها الطاعنة لم يكن إلا استطراداً زائداً من الحكم يستقيم بدونه مما يكون معه النعي على ما تضمنته هذه الأسباب الزائدة غير منتج فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم إذ قرر أن الخسارة التي لحقت بالشركة في مدة عمل المطعون ضده لم تنشأ عن تقصيره بل نشأت عن سوء إدارة الشركة وطبيعة الاستغلال التجاري والصناعي فقد أطرح بذلك ما انتهى إليه الخبير في تقرير من إسناد هذه الخسارة إلى خطأ المطعون ضده، وقال الحكم تبريراً لذلك إن إدارة المطعون ضده خلال هذه المدة كانت مقيدة بنصوص العقد التي تمنعه من أن يبرم بيعاً أو شراء أو تصرفاً قبل موافقة الشركة، في حين أن اشتراط هذه الموافقة يقتصر على الأعمال المشتركة مع الغير دون الأعمال المنوطة بالمطعون ضده في البند السادس من العقد والتي لا يتصور أن تصدر الشركة بشأنها أمراً يرتب الخسارة، فضلاً عن أن مثل ذلك الأمر لا يفترض بل يجب ثبوت حدوثه فعلاً، وهي ما لم يقل به المطعون ضده أو يعالجه الحكم مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتفاء مسئولية المطعون ضده عن الخسارة التي لحقت بالشركة في مدة عمله على قوله "وبما أنه بالنسبة للخسائر التي منيت بها المستأنف عليها (الطاعنة) مدة عمل المستأنف (المطعون ضده) وما إذا كانت ناشئة عن خطأ المستأنف (المطعون ضده) الشخصي أم ناشئة عن طبيعة العمل الصناعي والتجاري فإن الثابت من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة أن المستأنف (المطعون ضده) عمل بالشركة المستأنف عليها (الطاعنة) كمدير لقسم النجارة خلال المدة من سنة 1953 إلى سنة 1956 وأن المستأنف عليها (الطاعنة) قد حققت أرباحاً في سنة 1953 مبلغ 2586 ج و811 م ولحقتها خسائر في باقي السنوات مبلغ 625 ج و794 م، 4423 ج و637 م، 12711 ج و182 م على التوالي، وأنها قد نزعت الإدارة من يد المستأنف (المطعون ضده) في أواخر سنة 1955 وعينت بدله السيد/ علي توفيق بموجب الأمر الإداري الصادر منها في 29/ 10/ 1955 وذلك على أثر الشكاوى المتكررة المقدمة من المستأنف (المطعون ضده) ضد بعض العمال بالنسبة لما يجرى عليه العمل داخل قسم النجارة، ومن ذلك يبدو واضحاً أن الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) قد لحقتها خسائر في سنة 1956 التي أبعد فيها المستأنف عن الإدارة تبلغ ثلاثة أضعاف الخسائر التي لحقتها في سنتي 1954 و1955 التي كان يضطلع فيهما المستأنف (المطعون ضده) بأعباء الإدارة، فإذا ما أضيف إلى ذلك أن إدارة المستأنف (المطعون ضده) كانت مقيدة بنصوص العقد المؤرخ 16/ 3/ 1953 على نحو يجعله لا يبرم أمراً يتعلق بالبيع والشراء أو الاستثمار أو التوريد أو التعاقد مع الغير أو تعيين عمال إلا بعد الرجوع إلى المستأنف عليها (الطاعنة) وأخذ موافقتها مقدماً فإن المستفاد من كل ذلك أن الخسائر التي لحقت المستأنف عليها (الطاعنة) مدة عمل المستأنف (المطعون ضده) لم تكن ناشئة عن خطئه الشخصي أو تقصيره أو إهماله في العمل المنوط به وإنما هي ناشئة عن سوء إدارة المستأنف عليها (الطاعنة) وطبيعة الاستغلال الصناعي والتجاري ولهذا لا يكون مسئولاً عن تلك الخسائر وبالتالي يكون على حق في المطالبة بقيمة التأمين المدفوع منه وتلزم المستأنف عليها (الطاعنة) بأدائه له". ولما كان يبين مما أورده الحكم أن الأسباب التي ساقها للقول بانتفاء مسئولية المطعون ضده عن الخسارة التي لحقت بالشركة الطاعنة خلال مدة عمله سائغة ومستمدة من بنود العقد المبرم بين الطرفين وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكانت محكمة الموضوع غير مقيدة برأي الخبير في هذا الخصوص لأنها لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وبحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب كافية لحمله على النحو المتقدم. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم تأسيساً على ما انتهى إليه من تكييف العلاقة بينها وبين المطعون ضده بأنها علاقة عمل اعتبر الشرط الوارد في البند الثالث عشر من العقد الذي يقضى بأن يكون المطعون ضده مسئولاً عن الخسارة الناشئة عن تقصيره في تنفيذ التزاماته وبحق الشركة في خصمها من حصته في الأرباح ثم من التأمين شرطاً جزائياً، ورتب على ذلك أنه لا يحق للشركة أن تجري هذا الخصم قبل تقدير التعويض المستحق لها قبل المطعون ضده قضائياً، في حين أن التزام المطعون ضده الوارد بالبند الثالث عشر من العقد هو تقدير فعلي وواقعي للضرر الذي يلحق بالشركة ينأى به عن معنى الشرط الجزائي ويكفي أن تدفع الشركة دعوى مطالبتها بالتأمين بحقها في خصم تلك الخسارة طبقاً للعقد فتجري المحكمة تحقيقها سبباً وقيمة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى أن الخسارة التي لحقت بالشركة الطاعنة في مدة عمل المطعون ضده لم تنشأ عن خطئه أو تقصيره على ما سبق بيانه في الرد على السبب السابق فإنه لا يجدي الطاعنة تعييب الحكم في اعتباره الشرط الوارد في البند الثالث عشر من العقد شرط جزائياً يمنعها من خصم الخسارة تلقائياً من حصة المطعون ضده في الأرباح ثم من التأمين، طالما أن هذا الخصم يقتصر طبقاً للعقد على الخسارة الناشئة عن خطأ أو تقصير المطعون ضده، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب غير منتج.
وحيث إن حاصل السببين الخامس والسادس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه استلزم لخصم مسحوبات المطعون ضده النقدية من التأمين المطالب به أن تقيم الطاعنة دعوى فرعية بشأنها، وأشار في أسبابه إلى أن المحكمة تحفظ للطاعنة الحق في الرجوع على المطعون ضده بما يزيد من مسحوباته على أجره مستنداً في ذلك إلى أنه بصدد مقاصة قضائية يجب على الطاعنة أن تسلك سبيلها، في حين أن العقد يقضي بإجراء ذلك الخصم ولم يكن الأمر يتطلب سوى تصفية الحساب بين الطرفين ولا يقتضي الادعاء بهذه المقاصة بالإضافة إلى أن القضاء للمطعون ضده بكامل التأمين فيه إهدار لحق الرهن الحيازي المقرر للشركة على هذا التأمين فضلاً عن حقها في حبسه حتى تبرأ ذمة المطعون ضده من تلك المسحوبات التي قدرها الخبير بمبلغ 9837 ج و470 م وأقر المطعون ضده في صحيفة الاستئناف بجزء منها قدره 3463 ج و405 م مما تقع به المقاصة وجوباً، كما أخطأ الحكم حين قرر في أسبابه استحقاق المطعون ضده أجراً يخصم من مسحوباته، في حين أنه لا يتقاضى أجراً بل حصة في الربح فإن لم يتحقق ربح لا يستحق شيئاً قبل الشركة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المقاصة القانونية على ما تقضي به المادة 362 من القانون المدني تستلزم في الدين أن يكون خالياً من النزاع، محققاً لا شك في ثبوته في ذمة المدين، وأن يكون معلوم المقدار، وكان لابد من اجتماع الشرطين، لأن المقاصة تتضمن معنى الوفاء الإجباري، ولا يجبر المدين على دفع دين متنازع فيه أو دين غير معلوم المقدار، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده قد نازع في تقدير الخبير لمسحوباته النقدية ولخسائر الشركة في مدة عمله، وكان من المقرر إعمالاً لالتزام رب العمل بأن يدفع للعامل أجراً مقابل ما أداه من عمل أنه يجب في حالة تحديد أجر العامل بنسبة مئوية من الأرباح وثبوت أن المنشأة التي يعمل بها لم تحقق أي ربح أن يقدر للعامل أجره وفقاً للأسس الواردة في المادة 682/ 1 من القانون المدني، وكان مؤدى ذلك تخلف الشرطين المقررين لتلك المقاصة القانونية فيما يكون للشركة الطاعنة من دين قبل المطعون ضده نتيجة لتلك المسحوبات كما قدرها الخبير أو بالقدر الذي أقر به المطعون ضده، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر واقتضى لخصم هذا الدين من التأمين المطالب به الادعاء بالمقاصة القضائية لا يكون قد خالف القانون، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بحقها في حبس التأمين تبعاً للرهن الحيازي المقرر لها عليه حتى تبرأ ذمة المطعون ضده من تلك المسحوبات، مما يكون معه هذا الدفاع سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.